أربكت قرارات وزارة التربية والتعليم الأخيرة الخاصة بمستقبل “التيرم الثاني” من العام الدراسي الحالي في ظل وباء كورونا، قطاعا كبيرا من الأسر المصرية، خصوصا أن الرئيس عبدالفتاح السيسي وجه بمنح الطلاب حرية الاختيار في العودة إلى المدارس أو استكمال ما تبقى من العام بنظام التعليم عن بعد. 

وأعلن وزير التريية والتعليم الدكتور طارق شوقي تعديل مواعيد الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجاري 2020/2021 واستكمال العام الدراسي وبدء اختبارات الفصل الدراسي الأول يوم السبت الموافق ٢٧ فبراير ٢٠٢١، بهدف منح الطلاب الفرصة الكافية لمراجعة مناهج الترم الأول، مع استئناف الدراسة 10 مارس. وبخصوص الصفوف الأول والثاني الثانوي، ستكون الامتحانات في شهر فبراير وإلكترونية في لجان بالمدرسة، مع عقد اختبار شهري إلكتروني، وامتحانات الشهادة الإعدادية ستكون في يونيو.

وتقرر ترك عودة الحضور بدون غياب (اختياري) بدءا من الأربعاء ١٠ مارس ٢٠٢١ مع إعادة تشغيل مجموعات التقوية في المدارس، امتحانات ورقية مجمعة في آخر كل شهر في المدرسة من مارس إلى مايو للصفوف من الرابع الابتدائي وحتى الثاني الإعدادي بديلاً عن امتحانات الترم الثاني، فضلاً عن امتحانات إلكترونية (من المنزل) شهريًا للصفين الأول والثاني الثانوي، و امتحان تجريبي للصف الثالث الثانوي في شهر إبريل القادم من المنزل.

ومنذ الإعلان عن الخطة الجديدة طفت تساؤلات عدة على السطح عن كيفية التعليم عن بعد في ظل وجود عدد من المشاكل التقنية يجب أن توضع في الحسبان مثل ضعف الإنترنت الذي لا يتماشى مع رؤية وزير التربية والتعليم، وتدريب أولياء الأمور على النظام الجديد وأيضًا تدريب المدرسين على التقنينات الحديثة.

“اللي معه فلوس يعلم هيقدر واللي مش معه مش هيعلم”، هكذا علقت هالة صلاح، إحدى أولياء الأمور، والتي لديها طفلين في المرحلة الابتدائية على قرارات الوزير طارق شوقي الجديدة، وتواصل:”إذا كان في نهاية الأمر سيتم منح الطلاب الاختيار سؤال أو اثنين في كل مادة وهو أشبه ببحث مصغر لماذا ندفع طوال العام في الدروس الخصوصية و تتكلف ما يقرب من 500 جنية أسبوعيًا، وعلى أي أساس سيكون تقيم الطلاب لم يوضح الأمر”.

“تجربة مريرة نعيشها كأولياء أمور، لا أستطيع أن أترك أبنائي دون تعليم ودروس حتى يتم تأسيسها، ولا أعلم كيف سيطبقون ما يتعلمونه في هذا الوضع الجديد”، متوقعة أن يفشل النظام الجديد كما حدث مع الأبحاث التي كانت تبُاع في المدارس مقابل نجاح الطلاب.

فتح الباب أمام الحضور الاختياري تسبب في انزعاج كثير من الأسر، إذ تقول مها عمر، والدة طالب في الابتدائية أيضا، إن القرار ترك أولياء الأمور فريسة للدروس والتعليم المنزلي، وعندما تتحدث الوزارة عن المجموعات المدرسية التي تحولت  تكلفتها من 40 جنيها في الشهر إلى 40 في الحصة الواحدة ضمن عشرات الطلاب، فلم يختلف كثيرًا عن التكلفة الخاصة.

مستقبل ضبابي للتعليم في مصر

الدكتور كمال مغيث، الخبير والباحث في المركز القومي للبحوث التربوية، تحدث لـ مصر 360 عن مستقبل التعليم في مصر بعد القرارات الأخيرة، معتبرا أن الحديث عن عدم وجود امتحانات للطلبة حتى مرحلة الصف الثالث الابتدائي، شيء كارثي. مفهوم ألا يوجد امتحانات حتى لا نعرضهم للخطر لكن ماذا عن التقييم، حتى نتجنب أن يصل الطلبة للمرحلة الإعدادية والثانوي الفني دون معرفة بالقراءة والكتابة.

“كنت أتمنى أن يكون هناك تقيم شفوي أو تحريري وليس بالضرورة متحانات حتى نساعد أولياء الأمور في معرفة مستوى أبنائهم وماذا يحتاجون”.

أما أمتحان في ورقة واحدة لكل المواد في يوم واحد، يمثل ضغطا رهيبا على كل عناصر المنظومة التعليمية من أولياء أمور، وطلبة، ومعلمين، متسائلًا هل سؤال واحد قادر على كشف استيعاب الطالب للمادة؟

ويكشف عن القدرات المختلفة للطلبة ربما كان يمكن في ظل وجود آليات حقيقية للتدريس والتقيم طوال العام مثل النظم الحديثة، لكن في وضعية كهذه فسؤال واحد هو كارثة.

ويشير إلى أن الحديث عن أمتحانات من المنزل، دون تقديم أي ضمانات للتأكد من أن الطلبة هم من يجيبون وليس أولياء الأمور أو المدرسيين الخصوصيين، فهو يُعني عدم جدية ولا يستوفي الشروط الحقيقية في الخصوصية وكشف القدرات ومراعاة أسس العدالة وتكافؤ الفرص بين الطلبة”.

وأخيرًا، فيما يتعلق بالمرحلة الثانوية، لم يتحدث الوزير عن تجاوز العقبات التي واجهتنا في العامين الماضيين مثل ضعف الشبكات، الأمر الذي وصل إلى تظاهرات في عشر محافظات وإعلان الوزير أن النتيجة لم تتجاوز ال20 %، وحديثه عن انخفاض الدروس الخصوصية على أي أساس فليس هناك سبب يحجمها إلا وجود تعليم في المدارس فقط: “نحن أمام ضبابية حقيقية لمستقبل التعليم في مصر وترك الحضور اختيار في ملعب الأهالي، هو تنصل الدولة من مسؤوليتها في تعليم الناس”.