تتوالى أزمات النائب محمد عبد العليم داوود. إذ لم ينته بعد من إحالته للتأديب متهمًا بإهانة بعض النواب، إلا وتعرض للفصل من حزب “الوفد”. وهو ما يهدد وضعه البرلماني طبقًا للمادة 6 من قانون المجلس. 

أمس الإثنين، تلقى رئيس مجلس النواب، المستشار حنفي جبالي، خطابًا من أبو شقة بصفته رئيس حزب الوفد. تضمن الخطاب فصل داوود من كافة تشكيلات الحزب. وبناءً عليه أحال رئيس المجلس الخطاب إلى اللجنة التشريعية بمجلس النواب لأعمال شؤونها.

وتنص المادة 6 من قانون مجلس النواب على أن “يشترط لاستمرار العضوية بمجلس النواب أن يظل العضو محتفظًا بالصفة التى تم انتخابه على أساسها”. فإن فقد هذه الصفة أو غير انتماءه الحزبي المنتخب على أساسه أو أصبح مستقلاً أو صار المستقل حزبيًا، تسقط عنه العضوية بقرار من مجلس النواب. ويكون ذلك بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس. وهذه المدة تأتي مفسرة للمادة 110 من الدستور.

ينص الدستور في مادته 110 على “لا يجوز إسقاط عضوية أحد الأعضاء إلا إذا فقد الثقة والاعتبار، أو فقد أحد شروط العضوية التي انتخب على أساسها، أو أخل بواجباتها، ويجب أن يصدر قرار إسقاط العضوية من مجلس النواب بأغلبية ثلثي أعضائه”.

عبد العليم داوود: أعاقب على إبداء الرأي

النائب محمد عبد العليم داوود نفسه يرى أن قرار الفصل من الحزب “فردي” لا ينفي عنه الصفة الحزبية. ويقول: “لا يجوز مسائلة عضو الهيئة البرلمانية إلا أمام لجنة تنظيمية”. بينما يوضح لـ”مصر 360″ أنه لم يغير صفته وأن ما تم جرى دون إرادته. ويشير إلى أن المادة 6 من قانون المجلس تحدد العضو المهدد بالفصل فيمن “غير انتمائه الحزبي”، وهو ما لم يحدث منه، على حد قوله.

يصف داود ما يحدث معه بأنه “عقاب على إبداء رأي”. ويضيف: “أنا حامل للدستور وذكرت بأن بيني وبينكم الدستور”. 

يذكر أن عبدالعليم طلب، خلال كلمته بالجلسة العامة، إعادة المصداقية للإعلام المصري. فقال: “لا يصح أن يسيطر الإعلام الإثيوبي على نظيره المصري خلال مفاوضات سد النهضة في الولايات المتحدة، ولم تكن هناك تغطية مصرية”. بينما انتقد خلال كلمته ما وصفها بأحزاب “الكراتين”. وهو الأمر الذي أثار غضب نواب الأغلبية، وأحدث اعتراضات واسعة، ليعقب عليه رئيس المجلس، بقوله: “سيادة العضو يجب عدم التعرض للدول الأخرى، وإذا ارتكب المتحدث ما يخالف اللائحة من المساس بمؤسسات الدولة أو هيبتها أو ما يمس كرامة المجلس أو نوابه، فيجب أن يتعرض للجزاء”.

تضمنت المادة 386 من لائحة المجلس، الحديث بشأن هذه الإشكالية أيضًا. ونصت على أنه في حال إخطار رئيس المجلس من السلطة المختصة بصدور أحكام قضائية أو تصرفات أو قرارات مما يترتب عليه قانونًا أن يفقد العضو أحد الشروط اللازمة للعضوية، أو الصفة التي انتخب على أساسها، والتي يترتب على فقدها إسقاط العضوية عنه طبقًا لأحكام المادة 110 من الدستور والمادة 6 من قانون مجلس النواب، يحيل رئيس المجلس الأمر إلى لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية خلال ثلاثة أيام من تاريخ إخطاره بالأحكام القضائية أو المستندات التي قد يترتب عليها الأثر المذكور.

ماذا بعد؟

الثلاثاء الماضي، وخلال مؤتمر صحفي عاجل، أعلن رئيس حزب الوفد المستشار بهاد الدين أبو شقة، فصل 9 من قيادات وكوادر الحزب. تضمنت الأسماء: ياسر الهضيبي – طارق سباق – محمد عبده – حسين منصور – نبيل عبد الله – حاتم رسلان – حلمي سويلم – حمدان الخليلي – محمد عبد العليم داوود.

تعقيبًا على قرار الفصل، علق داوود، فقال: في تدوينة عبر “فيسبوك” إن هذا القرار “يغتصب” قرار الهيئة العليا بانتخابه بالتزكية رئيسًا للهيئة البرلمانية بحزب الوفد. ويفصل قيادات وفدية أصيلة. 

وقد أعقب قرار رئيس الحزب إخطار تسلمه مجلس النواب باختيار النائب سليمان وهدان رئيسًا للهيئة البرلمانية بديلاً لداوود. على أن يكون النواب محمد خليفة، واللواء هاني أباظة، وأيمن محسن نائبين له.

وفق المادة 386 من لائحة المجلس، فإنه إذا انتهت اللجنة إلى أن ما ثبت لديها بشأن ضرورة إسقاط عضوية داوود، سيحال تقريرها إلى المجلس لنظره فى أول جلسة تالية. ويجوز لمكتب المجلس أن يحيل التقرير في ذات الوقت إلى لجنة القيم لدراسته وإعداد تقرير بشأنه. كما يجوز لمكتب المجلس أن يقرر عرض تقرير لجنة القيم على المجلس مع تقرير لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية.

يقول النائب محمود قاسم، عضو اللجنة التشريعية، سيكون على لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية رفع تقرير بهذا الشأن للمجلس. ويضيف في تصريحات لـ”مصر 360″، أنه لا بديل عن تطبيق اللائحة وفقًا للواقعة المنسوبة للنائب.

حالات مماثلة 

محمد عبد العليم داوود ليس الأول، إنما سبقته حالة مماثلة في حزب الوفد مع النائب محمد فؤاد عن دائرة العمرانية. بالإضافة إلى النائب محمد سليم عن محافظة القليوبية، والذي نجح على قائمة “في حب مصر” ممثلاً عن الوفد. ومن ثم تولى منصب قيادي في “إئتلاف دعم مصر”. ومن ثم حزب “مستقبل وطن”. وأعلن حزب الوفد التقدم بمذكرة لإسقاط عضويته.

مستشهدًا بحالة فؤاد، يتعجب داوود من عدم التعامل مع حالته بنفس منطق التعامل مع زميله البرلماني محمد فؤاد. 

أيضًا، شهد عام 2018، نزوح عدد من أعضاء البرلمان السابق إلى حزب “مستقبل وطن”. هنا يلفت الكاتب الصحفي محمد سعد عبد الحفيظ -في أحد مقالاته المنشورة بجريدة الشروق– إنه رغم النص الصريح على إسقاط عضوية النائب الذي يغير انتماءه الحزبي، إلا أنه تم غض المجلس النواب الطرف عن مناقشة تلك الوقائع المخالفة للقانون، ولم تتخذ بشأنها أية إجراءات. ذلك بدعوى أن المادة اشترطت أن يصدر قرار إسقاط العضوية بأغلبية ثلثي الأعضاء. وهو ما يستحيل بعد أن حاز الحزب الذي انتقل إليه النواب على الأغلبية المطلقة.

يقول عبد الحفيظ، في مقاله أيضًا، إن فصل داوود من “الوفد” قد يعفى أغلبية “النواب” من حرج توقيع عقوبة إسقاط العضوية عنه بتهمة الإساءة إلى حزب الأغلبية. فرئيس الوفد نفسه تكفل برفع الحرج عنهم، وسلم لهم “رأس دوواد على طبق من فضة” ليقرروا فيها ما يشاءون.

لا ظهير دستوري للمادة 6

يقول الدكتور صلاح فوزي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنصورة، إنه لا يوجد ظهير دستوري لما جاء في المادة 6 بشأن إسقاط العضوية. إن أن المادة 110 تنص على أن لا يجوز إسقاط عضوية أحد الأعضاء إلا إذا فقد الثقة والاعتبار. أو فقد أحد شروط العضوية التى انتخب على أساسها أو آخل بواجباتها.

ويشير الفقية الدستوري إلى أنه يجوز للنائب في حال سقوط العضوية إذا لم يتعلق سبب الفصل بفقدان الاعتبار والثقة، أن يترشح مرة أخرى على نفس المقعد وفي نفس الفصل التشريعي إذا كان مقعد فردي. ذلك طالما لم يرتب المشرع في مادة 8 من قانون مجلس النواب الحرمان من الترشح في ذات الفصل التشريعي بالنسبة لحالة إسقاط العضوية بسبب فقد شروط الترشح.

أما إذا كان خلو المقعد جراء إسقاط عضوية أحد المنتخبين بنظام القوائم فلن توجد انتخابات تكميلية. لأن المادة 25 من القانون رقم 46 لسنة 2014 نصت على أن يحل أحد المترشحين الاحتياطيين وفقًا لترتيب الأسماء الاحتياطية من ذات صفة من خلا مكانه، على حد قول الدكتور صلاح فوزي.

يوضح الدكتور صلاح فوزي أيضًا أن ذلك الأمر يبرز وجود إخلال في مبدأ المساواة بين الأعضاء. ويؤكد أن الانتماء الحزبي ليس صفة انتخابية. وأن عضو مجلس النواب، هو نائب الشعب وليس نائب دائرة أو حزب.

وعن عدم مناقشة البرلمان الأمر، يلفت إلى أن البرلمان لا تترتب عليه أي مسؤولية قانونية أو سياسية. ومن ثم إذا لم يُعمل البرلمان المادة 6 من قانون مجلس النواب فهو أعمل نصًا دستوريًا، والذي يعد أعلى مرتبة قانونية.