صنفت أزمة نزوح اللائجين في النيجر مؤخرًا من بين أكثر 10 أزمات إهمالًا في العالم وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوشا“.

“أوشا” أصدرت تقريرًا قالت فيه إن من بين عدد سكان يبلغ أكثر من 24 مليون نسمة؛ يزيد من يحتاجون للمساعدات الإنسانية في النيجر عن 60%.

النيجر تحتل المرتبة الأخيرة في مؤشر التنمية البشرية بواقع المركز الـ189 من أصل 189 دولة. بينما تواجه البلاد حالة طوارئ إنسانية معقدة تتميز بانعدام الأمن المستمر والفقر المستوطن وأثار تغير المناخ.

اقرأ أيضًا.. القمة الافتراضية لمنطقة التجارة | ملامح الحلم الأفريقي في التكامل الاقتصادي

كورونا يفاقم مشكلات النيجر

تلك الظروف تفاقمت بسبب انتشار فيروس “كورونا” ما أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني الهش بالفعل. ووفق التقرير، زاد عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية بأكثر من 60%، ليرتفع من 2.3 إلى 3.7 مليون بين عامي 2019 و2020.

وبحسب نتائج “كادر هارمونيز” وصل انعدام الأمن الغذائي في النيجر إلى مستوى الأزمة حيث بلغ العدد 1.2 مليون شخص من جميع أنحاء البلاد في الفترة بين أكتوبر وديسمبر 2020.

الصراعات المسلحة في النيجر

وتعاني المقاطعات الثماني الأكثر انعدامًا للأمن الغذائي من تحركات سكانية كبيرة وقيود على وصول المساعدات الإنسانية بسبب انعدام الأمن.

كما تم الإبلاغ عن ما مجموعه 993 حادثة أمنية في عام 2020، بما في ذلك هجمات ضد المدنيين التي ارتكبتها الجماعات المسلحة غير الحكومية ومنها بوكو حرام الخطر.

اقرأ أيضًا.. مشروعات التعاون المائي في أفريقيا.. طموح مصري لحماية مياه النيل

سكان النيجر يهربون.. والوضع الإنساني يتفاقم

من بين هذه الحوداث تم رصد 287 أثرت بشكل مباشر على العمل الإنساني، ما يثير الخوف في نفوس السكان الذين يفرون من منازلهم بحثًا عن ملجأ كإجراء وقائي. إذ تم رصد حوالي 564000 حالة لجوء بسبب العنف في عام 2020.

المتابع للوضع في النيجر سيجد أن كل الجهود الحكومية المبذولة للتخفيف من معاناة السكان؛ تأثرت بانعدام الأمن الغذائي لعقود طويلة. إذ يرجع ذلك جزئيًا إلى الصدمات المتكررة من أثار تغير المناخ، مثل الجفاف والفيضانات التي تعطل الموسم الزراعي.

فالأراضي الصالحة للزراعة تتناقص كل عام بما مقداره 100000 هكتار، بسبب جرف المياه بعد هطول الأمطار الغزيرة للتربة، ما يتسبب في خسارة المحاصيل وسبل العيش لآلاف المزارعين المتضررين.

كما أثر جائحة “كورونا” أيضًا على توافر الغذاء بسبب تباطؤ الأنشطة التجارية واستحالة الوصول إلى الأسواق.

اقرأ أيضًا.. معركة فرنسية -روسية على أرض أفريقيا الوسطى

مشكلات الأمن وسوء التغذية

وذكر كلا التقريين في عام 2020، ارتفاع نسبة الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية الحاد في النيجر إلى 12.7%، مع وجود 3مناطق وصلت النسبة فيها لـ15% أو أكثر متخطية المستوى الذي وضعته منظمة الصحة العالمية 10%.

بينما يقدر خبراء الصحة أن 457200 طفل تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و59 شهرًا سيعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم في عام 2021.

أدى استمرار انعدام الأمن وانتشار الهجمات الإرهابية من تنظيم الدولة الإسلامية في منطقة الساحل “ISGS” وجماعة بوكو حرام؛ إلى تدمير السياحة. حيث تميزت فيما مضى بسياحة السفاري وخاصة في بشكل خاص في منطقة تيلابيري نيامي حيث تم استهداف المدنيين.

كل ما سبق أدى إلى لجوء أكثر من نصف مليون شخص إلى الهروب من العنف عام 2020، بينما نزح أكثر من 632.000 شخص بعد تدمير منازلهم بسبب الأمطار الغزيرة.

معاناة السكان

عائلات مضيفة ومخيمات للمشردين

وليزداد الوضع سوء؛ يعيش معظم هؤلاء الأشخاص مع عائلات مضيفة أو في مخيمات للمشردين داخليًا. وبالتالي يتسبب هذا النزوح المتكرر إلى تعريض الفئات الأكثر ضعفًا خاصة النساء والأطفال، لخطر الاستغلال والانتهاك الجنسيين.

علاوة على ذلك يعيق انعدام الأمن وصول المساعدات الإنسانية إلى الفئات المستهدفة في النيجر الذين يحتاجون إلى المساعدة.

ففي الفترة من يناير إلى سبتمبر 2020 تم الإبلاغ عن 765 حادثة أمنية في النيجر، وقتل 10 من العاملين في المجال الإنساني، كما يتسبب توسط موقع النيجر بين غرب ووسط وشرق وشمال إفريقيا؛ في جعلها مركزًا لتدفقات الهجرة.

حيث تحولت النيجر مؤخرًا إلى بلد منشأ وعبور ووجهة رئيسية لآلاف المهاجرين كل عام، يتلقى أكثر من 64 ألف مهاجر في النيجر مساعدات إنسانية.

اقرأ أيضًا.. بين ناري الفقر والوباء.. التداعيات الاقتصادية لكورونا على القارة السمراء

مساعدات عاجلة

من هنا تسعى خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2021 لتوفير 516.1 مليون دولار أمريكي لتقديم المساعدة العاجلة إلى 1.8 مليون شخص في النيجر.

وتم توفير حوالي 306 ملايين دولار – بما يقدر بـ59.3% من المبلغ المطلوب – بحلول ديسمبر عام 2020.

وبالرغم من ذلك هناك حاجة ماسة إلى تمويل إضافي للنيجر للحفاظ على المكاسب التي تحققت حتى الآن ولمعالجة الاحتياجات المتزايدة، خاصة في ظل انتشار “كورونا”.