في خطوة وصفها المراقبون بالاستقصائية، استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الخميس، رئيس الحكومة الليبية الجديدة عبد الحميد دبيبة. وهي أول زيارة رسمية له بعد تكليفه برئاسة الحكومة عقب انتخابه من قبل ملتقى الحوار السياسي الليبى فى جنيف.
زيارة دبيبة تأتي بعد أيام من زيارة وفد دبلوماسي مصري إلى العاصمة الليبية طرابلس لبحث إمكانية إعادة فتح السفارة المصرية هناك، في إطار احتواء مصر للأوضاع الساخنة منذ سنوات طويلة في الجارة الغربية.
ومن المقرر أن تدير حكومة رئيس الوزراء الليبي الجديد فترة انتقالية لنحو عام، تجري بعدها انتخابات عامة في ديسمبر المقبل.
وحدة التراب الليبي
وأكد رئيس الوزراء الليبي الجديد عقب انتهاء مقابلة بالرئيس المصري، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أبدى دعمه لحكومة الوحدة الوطنية.
وذكر عبر حسابه الرسمي على “تويتر” أن الرئيس السيسى أكد على أهمية وحدة التراب الليبي ووقف جميع أشكال الحرب بين الليبيين، معربا عن تطلعه إلى علاقة استراتيجية بين البلدين الشقيقين والاستفادة من الخبرات التي تتمتع بها مصر.
وأعرب رئيس الوزراء الليبي عن تقدير بلاده للجهود المصرية الفعالة في مختلف مسارات حل الأزمة الليبية خلال الفترة الماضية، والتي نتج عنها تقريب وجهات النظر بين الليبيين وإنهاء حالة الانقسام، فضلاً عن دعم مصر لمؤسسات البلاد في مكافحة الإرهاب والجماعات المتطرفة.
تهنئة من السيسي
وبنفس الدرجة، كتب الرئيس السيسي على حسابه الرسمي على “تويتر”: “شرفت اليوم باستقبال أخي عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة الليبية الجديدة، وقد تشاورنا سويًا حول أهم القضايا المشتركة بين مصر وليبيا وحرص مصر الدائم على دعم الشعب الليبي لاستكمال آليات إدارة بلاده، وتثبيت دعائم السلم والاستقرار لصون مقدراته وتفعيل إرادته”.
كما هنأ السيسي الحكومة الليبية الجديدة بحصولها على ثقة أعضاء ملتقى الحوار السياسي ممثلي الشعب الليبي، بما يعد بداية مبشرة لمرحلة جديدة تعمل فيها كافة مؤسسات الدولة الليبية بانسجام وبشكل موحد على نحو يرفع المصلحة الوطنية فوق أي اعتبارات.
كما أكد تطلع حكومته إلى إقامة شراكة شاملة مع مصر، بحسب ما أفاد بيان صادر عن مكتب الرئاسة المصرية.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية بسام راضي أن اللقاء شهد استعراض الجهود الليبية خلال الفترة المقبلة لقيادة المرحلة الانتقالية، وآفاق التعاون والتنسيق بين البلدين الشقيقين لمساندة الجانب الليبي في المسئولية التاريخية في تلك الفترة.
وخلال المباحثات تم التوافق على تبادل الزيارات على مستوى المسؤولين التنفيذيين لنقل الخبرة والتجربة إلى الجانب الليبي والتشاور بشأن كافة القطاعات التي سيتم التعاون فيها، خاصةً على مستوى الخدمات واستعادة الأمن، إلى جانب التعاون الاقتصادي وكذا تأهيل الكوادر الليبية في مختلف المجالات، وفقا لراضي.
يذكر أن رئيس الوزراء الليبي الذي انتخب 5 فبراير الماضي، تعهد بتشكيل حكومة جامعة لا تستبعد أحدا. ومع انتخابه فتحت ليبيا صفحة جديدة، وباب أمل من أجل السعي لتوحيد المؤسسات في البلاد، والعودة بالدولة التي غرقت لسنوات في الفوضى إلى المسار الطبيعي والقانوني.
كان الملتقى السياسي الليبي، قد صوت في وقت سابق من الجمعة، خلال الجولة الثانية من الاقتراع لاختيار سلطة تنفيذية جديدة تتولى مرحلة انتقالية قبيل إجراء الانتخابات نهاية العام الجاري، لصالح محمد المنفي رئيسًا للمجلس الرئاسي، وعبد الحميد دبيبة رئيسًا للوزراء.
اقرأ أيضا:
ملامح المستقبل الليبي بعد انتخاب المنفي والدبيبة
زيارة استقصائية
يقول الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربى للدراسات السياسية، إن زيارة الدبيبة سبقها اتصالات رسمية بين الحكومة الجديدة التي تم تشكيلها داخل الساحة الليبية ومصر، مشيرا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي قام بفتح حلقة توصل كبيرة بين الإخوة الليبين، نظرا لقيمة مصر في المنطقة العربية، وبحكم العلاقات التاريخية بين البلدين.
ووصف غباشي زيارة الجانب الليبي بالاستقصائية للحديث والتشاور عن اختيار الوزراء والتشاور مع مصر حول بعض الشخصيات في تلك المرحلة الانتقالية.
وذكرت تقارير صحفية أن الحديث قد بدأ بشأن المرشحين لشغل المناصب السيادية من إيجاد صيغة توافقية بشأن المختارين لتلك المناصب، وأيضا الحقائب الوزارية.
مؤشر جيد
“مبادرة مهمة في هذا التوقيت بالذات”، يقول الدكتور صالح زوبيك، المحلل السياسي الليبي، مما يؤكد على أن المهندس عبدالحميد دبيبة يقوم بالتشاور مع جميع الأطراف الداخلية الاجتماعية والسياسية قبل أن يتم اعتماد الحكومة من البرلمان، مثنيا على اختياره لمصر لإدراكه دورها في حفظ الاستقرار الليبي.
وأضاف الزوبيك، لـ مصر 360، أن تلك الزيارة ستكون نقطة مفصلية مهمة يبنى عليها لإدراكه بأهمية مصر، وعمق العلاقات التاريخية والتعاون الكبير بين الأمن القومي المصري والليبي.
ويلفت إلى أن تلك الزيارة ستساهم في مراجعة الاتفاقيات الأربعة بين مصر وليبيا والتي تتعلق بحق التملك والإقامة والنقل والاستثمارات المشتركة بين البلدين وتقديم التسهيلات، التي وقعت عام 2011 بين الرئيسين الراحل معمر القذافي وحسني مبارك، فالرجوع لها وتفعليها سيعود بالخير على الشعبين.
وفيما يتعلق بالشأن الأمن القومي، شدد الزوبيك على أن مصر وليبيا في خندق واحد وتحاربان عدوا واحدا، لذا لابد من الحفاظ على العلاقات المشتركة للتصدي للأفكار المتطرفة وقطع الطريق على الجماعات المسلحة.