اقرأ أيضا:
“مكتبات مصر العامة”.. كنز ثقافي خارج اهتمام المصريين
في هذا الإطار، أشارت ورقة قانونية بعنوان تراخيص الأماكن الفنية في مصر: بيروقراطية وفساد لقتل الإبداع، إلى أن لكي يتم فتح أو إقامة عرض فني بأي نوع سواء “موسيقيي، تمثيلي، سينمائيي”، تتمثل في تأسيس شركة، ثم استخراج ترخيص وزارة الثقافة لإقامة المكان الفني كخطوة تالية والتي تعتمد في الأساس في الحصول على موافقة الوزارة، لافتة إلى وجود مكتب غير رسمي، لا تمر ورقة دون مراجعته لها، على الرغم من أن الأوراق المطلوبة لاستخراج الترخيص لا يوجد بها تصريح أمني.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن أوراق اعتماد أي حفلة، يجب أن تحصل على تصاريح الفنانين من نقابة المهن الموسيقية، تصريح المحتوى من المصنفات الفنية، فضلًا عن سماح القانون المصري للمواطنين بالإبلاغ عن ما يرونه خادشًا للحياء العام، استنادًا لما صرح به رئيس المجلس الأعلى للإعلام عام 2017 من جائزة لمن يقوم بالتبليغ عن أي عمل فني خادش للحياء العام قدرها 10% مما سيتم تحصيله كغرامة، ولم يتم إلغاء القرار حتى الآن وبالتالي فهو ساري.
تداعيات القانون الجديد على الفرق الفنية
محمود عثمان، محامي متخصص في الأعمال الفنية Entertainment lawyer، تحدث لـ مصر 360 عن تداعيات القانون على الفرق الفنية. يقول:”اتحاد النقابات الفنية هو المشرف العام على النقابات الفنية الثلاث وهي “التمثيلية، السينمائية، الموسيقية”، وبالقانون هذه النقابات لها الحق بأن تُصبح المنظم الوحيد للمهن وإلزامها بحماية أعضائها، ورعاية مصالحهم، من خلال متابعة تنفيذ العقود، وتمثيل الفنان أمام القضاء في حالة المنازعات حول المقابل المالي، وفي حالة كون الفنان غير عضو يكون له الحق في أخذ تصريح مؤقت بالعمل مقابل مبلغ لا يتعدى 10 آلاف جنية مصري لو كان أجنبيا فتزيد لـ20 ألف جنية مصري، وذلك مقابل كل عمل يقوم به.
وبالتالي رسم القضاء دور النقابات الفنية في كونها غير مختصة سوى بتحصيل الرسوم المالية لمنح التصريح المؤقت بممارسة العمل الفني، وليس لها الحق في الرقابة على المحتوى الذي يقدمه الفنان، فهو اختصاص أصيل للرقابة على المصنفات الفنية وحدها.
ويضيف أن هناك ثغرات متعلقة بتعديلات قانون 154، تؤثر على حركة الفنون المستقلة بشكل خاص، وقانون المحال العامة الجديد الصادر في عام 2019 يتم تطبيقه حاليا على مستويات واسعة ضد الأماكن الفنية والثقافية في القاهرة، لافتًا أن القانون يعتبر الأماكن الثقافية هي مجرد محال عامة يستلزم وجودها ترخيص وإجراءات بيروقراطية لا ترقى لمستوى معاملة الفن، بجانب ذلك فإن القانون زاد من الحد الأدنى للغرامة في حالة العمل بدون ترخيص، وهي 20 ألف جنية وتصل الغرامة إلى 50 ألف جنيه.
كما يعتبر القانون الجديد أن كل منشأة تقدم الخدمات الترفيهية، التسلية، الاحتفالات للمواطنين هي من المحال العامة وبالتالي يندرج تحتها الأماكن الفنية والثقافية.
ويشير كذلك إلى أن القانون يعتبر الفنان مجرما جنائيا يستحق الحبس في حالة تكرار الأمر، أي في حالة تكرار العمل الفني بدون ترخيص، يعتبره القانون مجرما يستحق عقوبة بحد أدنى الحبس لمدة 6 أشهر وتصل الى عام، وهو ما يخالف الدستور الذي يمنع تطبيق أي عقوبة سالبة للحرية ضد المبدعين بسبب أعمالهم الإبداعية.
القانون الجديد يعاقب من يقوم بتشغيل المكان الفني وبالتالي فهو يستهدف العامل وهو الفنان، على عكس القانون القديم كان يعتبر مدير المكان هو المسئول، وبالتالي سيكون على الفنان دفع من 20 الى 50 الف جنية مصري في حالة عدم وجود ترخيص.
يعلق عثمان على هذه الثغرة بأنها أدت لوجود تشوهات في أحكام القضاء عند تطبيق القانون ومنها القبض على فنان لمجرد لكونه في مكان فني، واتهامه بكونه من يقوم بالتشغيل، وتغريمه 50 ألف جنيه، وفي الاستئناف رأفت به المحكمة لتقوم بخفض الغرامة إلى 20 ألف، وهو أمر بالتأكيد مجحف ضد أي فنان.
ويوضح أن التعديلات الجديدة في القانون ستحدث حالة من النفور للعاملين في المجال الثقافي والفني في مصر وخاصة الشباب، وبعدهم عن فتح مشاريع فنية وإدارتها بسبب البيروقراطية في إصدار التراخيص، وبسبب العقوبات القاسية والمبالغ فيها.
الحل الأمثل لمعالجة هذا الأمر بالنسبة لعثمان هو إصدار تشريع من البرلمان بوقف كل الأحكام الصادرة ضد الفنانين وتتضمن حبس بسبب أعمالهم الفنية، وبعدها يتم تشكيل لجنة تضم قانونيين مهتمين بحرية التعبير الفني، وفنانين، لإعادة صياغة جميع القوانين المتعلقة بالفن في مصر، ووضع تسهيلات للأماكن الفنية وإعفاءات ضريبية، ودعم الدولة للأماكن الفنية ماليا.