يستعد المحامون في مصر للتخلص من كابوس كبير يحاصر عملهم اليومي منذ عقود طويلة، بعدما أعلنت النيابة العامة كتابة تحقيقات القضايا إلكترونيا على مستوى الجمهورية بدلا من تدوينها يدويا، وهي الخطوة التي رآها عدد من المحامين حلا لفك طلاسم الكتابة اليدوية التي تسببت في العديد من الأخطاء.
ويعتبر الدكتور رمسيس النجار، محامي أحوال شخصية، أن كتابة التحقيقات إلكترونيا سيمنح الحق للقاضي أن يتصفح الموقع وكذلك الأمر بالنسبة لمحامي الدفاع والخصم، كما أن التحقيقات على الكمبيوتر ستكون مقروءة بشكل أفضل وكذلك منطوق الحكم أيضًا، إلا أن هذا القرار يحتاج إلى توافر أجهزة مؤمنة بشكل كامل. كما أعطى هذا القرار فرصة بزيادة التباعد الاجتماعي في ظل الظروف الراهنة ومع تفشي فيروس كورونا، وفرصة للعمل ليلًا ونهارًا وإيداع المذكرات كما يحدث في بعض الدول مثل الإمارات.
أما فيما يتعلق بعلانية قضايا الرأي العام، يعتقد رمسيس أن هناك آلية ستسير بها النيابة العامة بخصوص إتاحة التحقيقات، لكن طبقًا للقانون فعلانية الجلسات والحكم تصدر باسم الشعب، وبالتالي: “نأمل أن يكون هناك رأي استشاري من هيئة المحلفين مع النيابة العام”، لافتًا أن تداعيات القرار ستخلق حالة من الردع العام لأن إصدار الأحكام المُرضية للمجتمع ستردع الباقين.
فلك الطلاسم اليدوية
يتفق مهاب سعيد، المحامي بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، بأن القرار سينقذ المحامين من مجهود كبير كان يهدر في فك طلاسم المحاضر اليدوية، حيث إن محاضر التحقيقات هي من الأجزاء الهامة والجوهرية في دراسة أي قضية، وبالتالي القرار يساهم بشكل كبير في القراءة الجيدة للقضية ودراستها بشكل مفصل أكثر، مستدركا: “لكن نظل في انتظار تفاصيل تطبيق القرار من حيث توقيع المتهم على أقواله وإثبات حضور المحامي واطلاعهم على الأقوال”.
وتحدث سعيد عن أهمية تدريب للسكرتارية والموظفين المختصين بكتابة التحقيقات، خاصة أن وكلاء النيابة في بعض الأوقات كانوا يلجأون إلى كتابة التحقيق بأنفسهم على الكمبيوتر، وسعيد حضر وقائع مشابهة لذلك، خاصة بعد قرار النيابة العامة فى 26 أغسطس الماضى بتعميمه على القائمين بأعمال المحامين العموم الأول لنيابات الاستئناف والنيابات المتخصصة، بوضع خطة زمنية لتدريب كتاب التحقيق بالنيابة العامة على كتابة التحقيقات إلكترونيا لبرنامج “العدالة الجنائية”.
وأعلنت النيابة بعد ذلك أنه تم تدريب شباب الموظفين بالقدرة على كتابة التحقيقات إلكترونيا على أجهزة الحاسب الآلي، كما تم عقد الجهاز القومي للتنظيم والإدارة اختبارات إلكترونية لتقييم قدرات الموظفين الذين تم ندبهم للعمل بالنيابة العامة، لافتًا أن التحقيق هو عبارة عن أقوال إذا كان مُختلف عليها يتم تعديلها بناء على طلب الخصم المعترض.
اقرأ أيضا:
تحقيق العدالة وعرقلة سير التقاضي
حينها اعتقد البعض أن هذا القرار قد يساهم بشكل ما في إمكانية إطلاع المهتمين بالشأن العام من المواطنين، إلا أنه وفقًا لـ سعيد، هذا الأمر يمكن أن يتم التحكم فيه من خلال قرارات حظر النشر كما يحدث في بعض القضايا مثل القضايا السياسية، خاصة أن الفكرة الأساسية بكتابة التحقيقات أون لاين من وجه نظره هو تجاوز مشاكل الكتابة اليدوية ولا علاقة بعلانية التحقيقات بالتالي الاطلاع يكون للأطراف المعنية سواء هيئة قضائية أو محامي أو صاحب الشأن.
هذا القرار يتماشى مع إجراءات أخرى في منظومة التقاضي، حيث سبق أن أصدرت محكمة العدل قرارًا ببدء تطبيق المرحلة الأولى من مشروع تجديد الحبس الاحتياطي للمتهمين عن بُعد وذلك بالربط ما بين محكمة القاهرة الجديدة وسجون «طرة» العمومي و«15 مايو والنهضة» المركزيين، عبر شبكات تليفزيونية مغلقة ومؤمنة في حضور محاميهم، وهو الأمر الذي واجه اعتراضات من عدد من المحامين الحقوقيين لتناقضه مع ضمانات المحاكمة العادلة، وضرورة التواصل المباشر بين المتهم و قاضيه الطبيعي، وإبلاغه بأي اعتداء يتعرض له وجهًا لوجه بدون مخاوف من التنكيل به من القائمين على السجن.
وفي 13 أغسطس من العام الماضي، صدّق الرئيس عبد الفتاح السيسي على تعديل قانون المحاكم الاقتصادية، ليشمل: استحداث ثمان مواد لتنظيم قواعد تنظيم التقاضي الإلكتروني أمام المحاكم الاقتصادية. وقد بدأت الوزارة مؤخرًا تجربة التقاضي عن بعد باستخدام الفيديو كونفرانس في المحاكم الاقتصادية في القاهرة الجديدة والإسماعيلية وبعض محاكم شمال القاهرة.