دفعت حوادث التنمر والعنف التي يتعرض لها ذوو الإعاقة في مصر، النائب البرلماني محمد مطصفى سلاب، للتقدم بمشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2018، لتغليظ عقوبة التنمر على الأشخاص ذوى الإعاقة.
سلاب تحرك بعد انتشار مقاطع مصورة تظهر شباب يعتدون على شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة. كما ظهر بمقطع فيديو آخر شاب يستخدم “كلب” لإخافة وترهيب شخص آخر من ذوي الاحتياجات، مما عرضه للإصابة بأحد قدميه جراء عضه من الكلب، وسط تهكم من الشباب.
كما تم تداول مقطع آخر على مواقع التواصل الاجتماعي لاعتداء 6 أشخاص على شاب ذي إعاقة ذهنية بمحل حلاقة بمحافظة الشرقية متناوبين على ضربه والسخرية منه، ثم يظهر الشباب يبكي جراء ما حدث له.
في تلك الواقعة تمكنت الشرطة بالقبض على المتهمين وهم مالك محل الحلاقة بتهمة الاعتداء وتصوير وتشهير وتعذيب شاب معاق وتم تحرير محضر لصاحب المحل، وتشميعه بسبب إدارة المحل بدوت ترخيص وسرقة التيار الكهربائي، لكن الأسرة تنازلت عن المحضر دون تحديد السبب.
محاولات متفرقة للاعتداء دون الحصول على حكم واضح رادع لهؤلاء المعتدين من التهكم والسخرية من الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وأصحاب الهمم، رغم وجود تشريع قانوني، لذا تحمس السلاب لتغليظ عقوبة التنمر على الأشخاص ذوى الإعاقة.
وأحال المستشار حنفي الجبالي رئيس مجلس النواب المشروع إلى لجنة مشتركة من الشئون الدستورية والتشريعية، والتضامن الاجتماعي والأشخاص ذوي الإعاقة.
التعديلات المضافة
تضمن مشروع القانون بأن تضاف مادة جديدة برقم 50 مكررًا إلى قانون حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2018، نصها بأن يعاقب المتنمر على الشخص ذى الإعاقة بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنية أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على 200 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا وقعت الجريمة من شخصين أو أكثر، أو كان الجانى من أصول المجنى عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه أو كان مسلما إليه بمقتضى القانون أو بموجب حكم قضائى أو كان خادما لدى الجانى، أما إذا اجتمع الطرفان يضاعف الحد الأدنى للعقوبة.
ونصت اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة فى المادة 16 منها على أن “تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية وغيرها من التدابير المناسبة لحماية الأشخاص ذوى الإعاقة، داخل منازلهم وخارجها على السواء من جميع أشكال الاستغلال والعنف والاعتداء”.
ضحايا للتنمر
أوضح السلاب في مذكرته الإيضاحية المتعلقة بمشروع القانون،إنه لما كان التنمر هو سلوك عدوانى متعمد قائم على اختلال توازن القوى بين المتنمر ومن وقع عليه التنمر، إذ يقصد الأول من سلوكه تعمد تخويف الثاني أو وضعه موضع السخرية أو الحط من شأنه، ومن حيث إنه قد يكون جميع أفراد المجتمع عرضة للتنمر إلا أن الأشخاص ذوى الإعاقة يعدون أهدافا سهلة للوقوع ضحايا للتنمر بحسبان الكثير منهم لا يكون لديه القدرة على رد هذا العدوان أو حتى معرفة مصدره كما هو الحال فى شأن الإعاقة البصرية.
وقالت المذكرة الإيضاحية: التنمر يكون وقعه أشد سوءا على أى من الأشخاص ذوى الإعاقة، إذ ينتج عنه فى أغلب الأحيان مخاطر اجتماعية وعاطفية تصل إلى حد شعور الشخص ذوى الإعاقة الواقع ضحية للتنمر بالاكتئاب أو رغبته فى الزلة أو فقدانه الثقة بالنفس، وهذا كله من شأنه أن يعيق جهود الدولة الرامية إلى إدماج الأشخاص ذوى الإعاقة بالمجتمع.
وذكرت المذكرة الإيضاحية أن الأصل فى العقوبة هو معقوليتها فلا يكون التدخل بها إلا بقدر، نأيا بها عن أن تكون إيلاما غير مبرر يؤكد قسوتها فى غير ضرورة، حيث حكم المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 28 لسنة 17 قضائية دستورية بجلسة 2ديسمبر سنة 1995، ورغبة فى تضيق الخناق على ظاهرة التنمر ضد الأشخاص ذوى الإعاقة.
وأعد مشروع القانون المعروض ليتضمن عقوبة على التنمر وفق تعريفها الوارد بقانون العقوبات تجاه الأشخاص ذوى الإعاقة وقد روعى فيه تناسب العقوبة مع الجريمة وتفريدها وأن تكون العقوبة مغلظة عن المقررة للتنمر فى المادة 309 مكررا “ب” من قانون العقوبات بحسبان جريمة التنمر تجاه الأشخاص المذكورين ضرورة اجتماعية أولى بالرعاية نظرا لما ينتج عنها من آثار جانبية وأضرار يفوق مداها فى كثير من الأحيان، حيث رؤى إجراء التعديل بقانون ذوى الأشخاص ذوى وليس قانون العقوبات لوحدة الموضوع وتجانس أحكامه وهو الأمر المستحب من حيث الصياغة التشريعية.
للتنمر أوجه أخرى
أميرة شوقي، مؤسسة فريق الشكمجية لذوي الاحتياجات الخاصة، قالت باعتبارها والدة لأحد الأبناء من ذوي الهمم، أنها تشجع على تغليظ عقوبة التنمر على الشخص ذوي الإعاقة باعتبارها الأداة التي ستجبر المجتمع والأشخاص للتوقف عن التهكم والسخرية من الغير: ” أولادنا عرضه لكل حاجة التنمر موجود في كل مكان في المكتب والشارع والعائلة”.
الغرامة توقف التنمر
“الناس بدأت تلبس الكمامة بعد القانون لخوفهم من الغرامة، فالتنمر لن يقف إلا بنفس الطريقة، ووقتها لن يستطيع أحد أن ينظر لنا بنظرة دانية”، تقول أميرة.
وتروي مؤسسة الشكمجية أن أصحاب الإعاقات الذهنية لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم، بينما الحركية من الممكن أن يقاموا الاعتداء والتنمر الواقع عليهم، ولكن ذلك سيجعلهم أشخاص فاقدين للثقة بالنفس.
اقرأ أيضا:
في يومهم العالمي.. الحكومة تستعرض جهودها في حماية حقوق ذوي الإعاقة
التنمر بالمواصلات العامة
أوجه التنمر لا تنتهي عن حد الأطفال ولكن يتعرض لها أيضا الكبار، أميرة عبد الله 41 عاما والمصابة بإعاقة حركية، لا تنسى ما تعرضت له منذ سنوات فتقول: ” كنت بتعرض للتنمر في الشارع بعبارات العبيطة أهيه والمجنونة أهيه ولم أستطع الرد”.
من الشارع إلى المواصلات العامة التي تستخدمها أميرة للانتقال بصحبة عكازها، دون مساعدة أحد لها بالجلوس: “تعرضت للتنمر في الأتوبيس من إحدى السيدات قالت ليس لنا صلة باللي وسطها مقسوم اللي يقف يقف”.
تؤيد أميرة قرار تغليظ عقوبة التنمر، كمحاولة لتحسين المجتمع من حولها حتى لا تحصل على حقوقها في بيئة متزنة.
تعرضت جيهان السيد، المصابة بشلل أطفال، للتنمر في عملها بطريقة أخرى، تحكي: “كان بيتم الضغط علي لأحمل أشياء ثقيلة دون النظر لحالة ساقي حتى تركت العمل”.
عزة سيدة أخرى قررت الانخراط في سوق العمل بعدما أحيل زوجها على المعاش، فأسست مشروع خاص بها: “فتحت محل خياطة ولما كنت بروح اشتري احتياجات المنزل نظرا لأن زوجي من ذوي الإعاقة أيضا كان بيتم توجيه كلمات “أمال لو مش قادرة تمشي” وحين كنت أقع لم أجد من يساعدني بل كان يتم السخرية بي”.
ترفض عزة التقليل من منها كونها سيدة ضعيفة: “بروح البيت دموعي على خدي وإحساس بإني مكسورة”.
ويقول صالح الشاذلي، والد طفل من أصحاب الهمم، إنه يؤيد وبشدة تغليظ العقوبة خاصة أنها تتعلق بالتنمر على أصحاب الهمم، داعما مشروع القانون.
ويوضح الشاذلي الأمر زاد عن حده والاعتداءات المتواصلة التي يتم نشرها على الإنترنت قليل من كثير لا ينشر: “نرى مهازل ولا يوجود من يتحرك لوقفها”.
يخشى الشاذلي أن يتعرض ابنه لاعتداءات مماثلة: “أبكي حين أرى تلك المواقف، بشوف فيها أبني لما يكبر”.