يبدو أن الأمور تتغير كرويًا في إيطاليا بعد 8 سنوات من السيطرة التامة للكبير يوفنتوس على لقب الدوري الإيطالي، حيث يشاهد الجميع هذا العام تألق لإنتر ميلان وتصميمه على الفوز بلقب الاسكوديتو الغائب عن خزائنه منذ أكثر من عقد كامل مضى.

بات ذلك واضحًا بعد الفوز العريض للأفاعي في ديربي الغضب بميلانو على غريمه الروسونيري ميلان بثلاثية نظيفة مساء الأحد، لينفرد بصدارة ترتيب الكالتشيو بواقع 53 نقطة بفارق 4 نقاط عن ملاحقه ميلان وبنفس العدد من المباريات 23 لقاءً.

ورغم أفضلية وتوقع الجميع لليوفي مع بداية هذا الموسم بمواصلة تربعه على صدارة الكالتشيو، لكن هناك من شكك في ذلك بعد تعيين أندريا بيرلو مدربًا للفريق والإطاحة بماوريسيو ساري صاحب الخبرات وبطل الموسم الماضي من البطولة، وكذلك ثورة الإنتر الفنية مع المدرب المتمرس أنطونيو كونتي وإصرارهم على تحقيق اللقب الغائب بعد سنوات عجاف على النيراتزوري في بلاد المافيا. فكيف وضع الإنتر يده على اللقب؟

كونتي يتفوق على بيولي فنيًا

تمكن كونتي من التفوق تكيتيكًا وفنيًا تمامًا على غريمه بيولي مدرب الروسونيري، ما جعله يدخل المباراة ويده العليا في اللقاء وساعده على ذلك الهدف المبكر الذي سجله لاوتارو مارتينيز بعد مرور خمس دقائق فقط، ليحكم المدرب الإيطالي قبضته تمامًا على سيناريو اللقاء، حيث تحرر لاعبو الإنتر وخاضوا اللقاء بأعصاب هادئة، وتفوقوا على مستوى الاستحواذ والانتشار في أرض الملعب بخطة 3-5-2.

على الجانب الآخر، لجأ بيولي لخطة 4-2-3-1 غير المجدية أمام الشكل التكتيكي لإنتر وكونتي، كما أنه ارتبكت حساباته بعد الهدف المبكر وعاب فريقه البطء الشديد خاصة ثنائي الوسط كيسي وتونالي، سواء على المستوى الدفاعي أو الهجومي، حيث فشلا في التخلص من ضغط الإنتر والصعود للأمام لينعزلوا تماما عن الثلاثي الهجومي وإبراهيموفيتش، ليجد الميلان نفسه في ورطة عظيمة.

أخيرًا كسب كونتي رهانًا تكتيكيًا آخر في هذا الديربي، حيث ترك ميلان يندفع للهجوم في الدقائق الأولى للشوط الثاني، وبالفعل انساق للفخ بيولي حيث اقترب إبرا وزملائه كثيرا من مرمى هاندانوفيتش، لكنه لم يضع في حساباته بطء فريقه في الارتداد للدفاع، وأغفل أيضًا تراجع اللياقة البدنية للاعبيه مع الوقت، لذا وجد لاعبو الإنتر مساحات واسعة سواء في العمق أو على جانبي الملعب، انطلقوا فيها بكل حرية بهجمات مرتدة بالغة الخطورة، مما أسفر عن هدفين بخلاف فرص أخرى أنقذها دوناروما، كما تأخر بيولي كثيرًا في التغييرات بينما كان تعامل كونتي مناسب وأكثر يقظة وصواب منه.

أرقام مميزة للأفاعي

بحسب شبكة “أوبتا” العالمية للإحصاءات، فإن إنتر بثلاثيته في ميلان وصل إلى الهدف رقم 57 في الدوري هذا الموسم بأول 23 جولة، وأضافت أن إنتر لم يسبق له الوصول لهذا الرقم، إلا في موسمين فقط “1949-1950″ و”1950-1951”.

فيما قدم الثنائي لاوتارو مارتينيز وروميلو لوكاكو مهاجما إنتر ميلان، موسمًا مميزًا مع النيراتزوري، ويقودان الفريق لاحتلال صدارة الكالتشيو، ونجح لاوتارو في تسجيل هدف التقدم لإنتر في شباك ميلان من صناعة لوكاكو، ليشترك الثنائي في 6 أهداف في الدوري هذا الموسم، بفارق هدفين على الأقل عن أي ثنائي آخر.

كما حقق البلجيكي لوكاكو، رقمًا تاريخيًا مع فريقه، بهدفه في شباك الفريق اللومباردي ليصبح أول لاعب من النيراتزوري يهز شباك الغريم في 4 ديربيات متتالية بالدوري، منذ 71 عامًا حيث يعتبر بينيتو لورينزي مهاجم إنتر السابق آخر لاعب حقق هذا الرقم عام 1950.

لقب شبه محسوم واليوفي خارج الخدمة

بخلاف تفوقه على خصمه المباشر على اللقب وغريمه التقليدي مساء الأحد، وجد الإنتر الطريق أمامه ممهدًا للفوز باللقب بعد غياب سنوات طويلة تصل لأكثر من 10 أعوام، بسبب ابتعاد البطل الأكثر تتويجًا باللقب يوفنتوس والحائز على الاسكوديتو آخر 8 مواسم تواليًا، عن المنافسة هذا الموسم، حيث يقدم مردود متوسط للغاية مع مدربه الشاب الجديد أندريا بيرلو غير المقنع مطلقًا حتى هذه اللحظة ولم يقدم أوراق اعتماده تمامًا مع البيانكونيري وقاب قوسين أو أدنى من الخروج من دوري أبطال أوروبا بعد الخسارة في ذهاب ثمن النهائي بهدفين نظيفين أمام بورتو البرتغالي.

كما أن وضعه لا يحسد عليه في الدوري الإيطالي، بعد أن أضاع العديد من النقاط بين تعادل وخسارة أمام فرق من وسط الجدول بالكالتشيو، ما جعل مكانه الدائم في الصدارة بعيد المنال وفي حوزة فرق أخرى وعلى رأسها غريمه الكبير الإنتر، الذي استغل الفرصة تمامًا وانفرد بصدارة الترتيب وبفارق جيد عن أقرب ملاحقيه ميلان 4 نقاط، وعن اليوفي بـ11 نقطة حيث يقبع بالمركز السادس برصيد 42 نقطة ولديه مباراتين أقل، وبدون تألق نجمه الأبرز البرتغالي كريستيانو رونالدو لكان وضعه أسوأ من ذلك كثيرًا.

ويبقى صاروخ ماديرا أمل الجماهير الوحيد بتألقه وأهدافه ليقود الفريق لانتصارات عديدة قادمة تحسن وضعه وربما تنقذ أمل ضياع الدوري لفريق كونتي ورجاله المركزين بشدة على الفوز باللقب هذا العام والخروج بلقب ثمين وغائب منذ زمن لإسعاد جماهيرهم العريضة.