تامر أمين إعلامي (قدير) لا نسمع عنه إلا عندما يتفوه بكلام عنصري أو طائفي أو ذكوري. ويبدو أن هذه هي طريقته حتى لا ننساه، ويثبت أنه ما يزال موجودًا في الوجود، وقادر على إثارة الجدل أو الشفقة أو الاشمئزاز. والوقائع أكثر من أن يتم سردها، فكثير من الإعلاميين يفضلون أن ترتبط شهرتهم بفضائحهم المهنية على أن ترتبط بتناولهم الجاد لقضايا المجتمع.

هواية تامر أمين في جذب الأنظار بالتصريحات المعادية للإنسان وحقوقه تجعل منه “ترند” على وسائل التواصل الاجتماعي. وهو ما يعود عليه بالأموال وزيادة دخله بسبب زيادة نسبة المشاهدة. وفي المقابل يتم تسطيح قضايا مصيرية كقضايا (الزيادة السكانية – تحديد النسل – الهجرة من الريف إلى المدينة – عمل الأطفال).

قضايا تحتاج من الإعلام تناولها بطريقة تليق بخطورتها. تناول علمي بالأرقام والإحصائيات والمعلومات والدراسات والخطط والاستراتيجيات، يساهم فيه المتخصصين من كل المجالات. لكن للأسف طريقة تامر أمين في التناول الإعلامي لتلك القضايا تدفع الحديث في اتجاه السباب والتلاسن وخطابات الكراهية والتحريض على العنف والتمييز واحتقار طوائف ومكونات المجتمع.

لقد كان حديث الرئيس السيسي عن الزيادة السكانية وتحديد النسل فرصة جيدة لوضع القضية محور للنقاش العام وللتناول الإعلامي الجاد أفسدها تامر أمين برغبته في ركوب “الترند” ولتحقيق مصلحته الشخصية بما يضر بمصلحة المجتمع، وبما يسطح ويسفه من قضية طرحها رئيس الدولة.

هذه الأنانية لابد أن نواجهها بتجاهل تصريحات تامر أمين واعتذاره وأخبار محاكمته ومنعه من الظهور الإعلامي ووضع القضايا المهمة محل النقاش والحوار والتناول الإعلامي.

فمثلاً، قضية عمل الأطفال كان يجب أن يتم تناولها إعلاميًا بما يليق بحجمها وأهميتها وخطورتها. تناول إعلامي يدفع بمجهودات الدولة المصرية والمجتمع المصري في القضاء على تلك المشكلة التي لا تواجه مصر فقط. فمن بين أعظم الأخطار التي تواجه المجتمعات النامية ظاهرة عمل الأطفال، حيث أنها تحرمهم من التعليم وتكوين الشخصية في هذه المرحلة من العمر.

بحسب الخطة الوطنية لمكافحة أسوأ أشكال عمل الأطفال في مصر ودعم الأسرة (2018-2025)، فإن عمل الأطفال لا يهدد حقوق الأطفال ورفاههم فقط. وإنما يترتب عليه أيضًا عواقب اجتماعية واقتصادية وصحية. فعلى المستوى الوطني، يتسبب عمل الأطفال في خفض جودة نوعية رأس المال البشري بشكل كبير. كما يؤدي إلى تباطؤ التنمية الاقتصادية، حيث يعرقل تحقيق الأهداف الوطنية الخاصة بالتعليم، والتنمية الاقتصادية، والحد من الفقر والقضاء على التهميش الاجتماعي. ما يعيق بالتالي تحقيق مصر لأهداف التنمية المستدامة. حيث يميل الأشخاص الذين كانوا عمالاً في طفولتهم، بحكم فقرهم وضعف تعليمهم، إلى دفع أطفالهم إلى العمل في المستقبل، ما يكرر إنتاج الظاهرة في الجيل الثاني.

ووفقًا للمسح القومي لعمل الأطفال في مصر -أجراه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء والبرنامج الدولي للقضاء على عمل الأطفال ( IPEC ) في 2010- هناك 1.6 مليون طفل مابين  12-17 سنة يعملون في مصر. أي ما يوازي 9.3% وهو ما يمثل طفل من بين كل عشرة أطفال 82.2% منهم يتعرضون لظروف عمل سيئة وغير آمنة. وكانت النسبة أعلى بين الأطفال الذكور وتمثل 83.5% مقارنة بالإناث التي تمثل نسبتهن 77.6%

هذه هي المعلومات التي كان يجب أن يطرحها تامر أمين ويتناولها إعلاميًا مع متخصصين في المجالات المختلفة لإدارة حوار مجتمعي للقضاء على هذه الظاهرة التي تحصد مستقبل الأطفال قبل مجيئه.

كان لابد أن يطرح السؤال الأهم، وهو لماذا يعمل الأطفال في مصر؟ وكيف نحميهم ونوفر لهم حياة كريمة بدلاً من حديثه الطبقي والعنصري الذي بدلاً أن يثير الجدل المجتمعي حول القضية آثار الاشمئزاز.