في كل مرة تحدد فيها الكنيسة القبطية موعدًا لدورة جديدة للمجمع المقدس، وهو الهيئة العليا فيها، تنطلق حرب التسريبات، شكاوى وأوراق وحرب إلكترونية محمومة تستهدف البابا تواضروس الثاني وتياره الإصلاحي.

تسريبات 2021.. مقطع صوتي للأنبا إرميا

غير أن تسريبات تلك المرة قد ظهرت في صورة مقطع صوتي للأنبا إرميا رئيس المركز الثقافي القبطي والمحسوب أيضا على التيار التقليدي المعادي للبابا، وقد كان الأسقف يروي لمن يتحدث إليه في جلسة خاصة أن البابا تواضروس قد أمر بإيقاف برنامج الأنبا زوسيما أسقف أطفيح على قناة مي سات الفضائية التي يترأسها الأنبا إرميا دون أن يوضح البابا أسبابه لذلك بينما يتمتم الأنبا إرميا قائلًا: “ناس معندهاش دين”.

التسريبات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي قد راجت من خلال نفس الحسابات التي عرف عنها محاربة البابا تواضروس وتياره، وقد سبق لنفس الصفحات والحسابات الإلكترونية قيادة حملة مماثلة قبل انعقاد المجمع المقدس عام 2019 حيث تم نشر خطاب موقع من مطران وثلاثة أساقفة هم عصب التيار التقليدي المتشدد كنسيا يطلبون فيه التصدي لمخالفات في التعليم اللاهوتي وبعض الأخطاء العقائدية التي رأى هؤلاء إنها تهدم الإيمان القبطي المسلم من آباء الكنيسة.

تسريبات 2019.. مذكرة بـ85 خطأ في العقيدة 

وقد اشتملت المذكرة _التي حملت اسم الأنبا بنيامين مطران المنوفية والأنبا موسى أسقف الشباب والأنبا مايكل أسقف فرجينيا والأنبا اغاثون أسقف مغاغة_ 85 ملاحظة حول الإيمان والتعليم ومن أمثلتها: هناك ملاحظات على بعض فروع الإكليريكيات، والمراكز التعليمية الحديثة، ومناهجها، وبعض الأساتذة الذين يقومون بالتدريس فيها، سواء داخل مصر أو خارجها، وخاصة ما يسمى “بمدرسة الأسكندرية”. وهذا يحتاج لمواجهة وعلاج، واتباع اللاهوت الجديد، من البيزنطيين المحدثين، ورفض التعليم اللاهوتى الأرثوذكسى لكنيستنا القبطية،و الهجوم على تاريخ الكنيسة، وأبطال الإيمان، وكل آباء ومعلمى الكنيسة المعاصرين، المشهود لهم أمثال: قداسة البابا شنودة الثالث، نيافة الأنبا غريغوريوس، والأرشيدياكون حبيب جرجس وأمثالهم، و الهجوم على الرهبنة القبطية ومؤسسيها، والأديرة والأباء الرهبان، بصورة مهينة غير مسبوقة، بكل وسائل الإعلام المتنوعة، عدم الالتزام بكل الثوابت، وما تسلمناه من الإيمان”.

بعد هذه المذكرة ثار الأنبا دانيال سكرتير المجمع المقدس مؤكدا أن أصحاب تلك المذكرة لا يمثلون غالبية الآراء في المجمع المقدس، منتقدا لجوئهم إلى مواقع التواصل الاجتماعي لتسريب المذكرة بديلا عن إتباع الطرق الرسمية في التقدم بها من خلال سكرتارية المجمع المقدس.

اللافت للنظر أن الحرب التي تندلع في موسم المجمع المقدس كل عام، ويتصور أصحابها أن هدفها النيل من شعبية البابا تواضروس وتياره الإصلاحي تؤدي إلى نتائج عكسية وتزيد من شعبية البابا خاصة بين صفوف الشباب القبطي المستنير بينما لا تعكر صفو علاقته بشعب الكنيسة ولا يتجاوز تأثيرها مساحات مواقع التواصل الاجتماعي.

تدريب الأساقفة الجدد… خطوة جديدة في الإصلاح الكنسي

وعلى صعيد آخر، فإن البابا تواضروس الثاني يواصل بجرأة وشجاعة برنامجه الإصلاحي الذى بدأه منذ أن اعتلى سدة كرسي مارمرقس، إذ أعلن القس بولس حليم المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية أن معهد التدبير الكنسي والتنمية قد اختتم منذ أيام دورة متخصصة ومكثفة في علوم الإدارة الكنسية والتفكير شارك فيها الرهبان المرشحين للترقية كأساقفة في دورة المجمع المقدس المقبل.

تدريب الرهبان المرشحين لنيل درجة الأسقفية تقليد قديم كانت الكنيسة القبطية تتبعه في عهد البابا كيرلس السادس من خلال معهد للتدبير الكنسي بحلوان يتلقي فيه الرهبان بعض العلوم الإدارية اللازمة قبل مغادرة أديرتهم لمقر إيبراشياتهم الجديدة وهي مرحلة جديدة على الخدمة الكنسية لا عهد للراهب بها من قبل، وقد أعلن البابا تواضروس الثاني العام الماضي عزمه على إعادة هذا التقليد بهدف دفع الناحية الإدارية في الكنيسة إلى الأمام.

كذلك فإن الرسامات (تكليف بدرجة الأسقف) الجديدة التي خاطب بها قداسة البابا تواضروس أعضاء المجمع المقدس تتضمن تقسيم إيبراشية المنيا وأبو قرقاص إلى ثلاثة إيبراشيات الأولى في المنيا والثانية في أبو قرقاص والثالثة في شرق النيل، إذ كانت الإيبراشية الضخمة تخضع لإدارة الأنبا إرسانيوس مطران المنيا الذى توفي قبل ثلاثة سنوات تاركا الإيبراشية الضخمة لمعاونه الأنبا مكاريوس الأسقف العام بالمنيا، فأعلن البابا تواضروس أن تلك الإيبراشية سوف تخضع للتقسيم وهو نهج اتبعه البابا منذ توليه سدة الكرسي المرقسي إذ حرص على ذلك بسبب التنامي في أعداد الكنائس وعدد السكان ومن ثم ظهرت الحاجة إلى التقسيم لقطاعات أصغر بالشكل الذى يحسن الخدمة من ناحية، ويمنح البابا فرصة لرسامة أساقفة جدد من ناحية أخرى يغير بهم التركيبة الحالية للمجمع المقدس والتي ورثها عن سلفه البابا شنودة الثالث.

تقسيم إيبراشية المنيا.. قرار باباوي تأخر سنوات

خضع تقسيم إيبراشية المنيا إلى الكثير من القيل والقال في ظل الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها الأنبا مكاريوس أسقف المنيا الذى يلقبه الأقباط بأسد الصعيد بعد تصديه مرارا للأحداث الطائفية التي تقع في المحافظة الملغومة، مما تسبب في تأخير القرار الباباوي فترة طويلة حتى حانت لحظته الآن، بينما قرر البابا ترك دير الأنبا مقار الذى قتل أسقفه الأنبا إبيفانيوس بلا رئيس على أن يخضع لسلطته شخصيا تجنبا للأزمات التي يعيشها الدير اللاهوتي.

من المنتظر أن يترأس قداسة البابا تواضروس الثاني اجتماعات المجمع المقدس في الأول من مارس المقبل وذلك بكاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة، وهي المرة الأولى التي يقدم فيها البطريرك على تلك الخطوة خارج الكاتدرائية المرقسية بالعباسية أو دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون.