“اختلاف شكل وجه الأم الحامل يدل على جنس الجنين، زيت الخروع يساعد في الولادة الطبيعية، الأكل الكثير لأنك تأكلين لشخصين. كل هذه المعلومات وأكثر هي نتاج ثقافة اجتماعية خاطئة لا تمت للعلم بصلة أو التربية الإيجابية.
نجد عددا كبيرا من النساء يصبن بحالة من الهلع والرعب من فكرة الإنجاب والتربية، خاصة أن الثقافة السائدة في مصر هي ثقافة الأمهات والجدات وخبراتهن. من هذا المنطلق قررت “منة” و”يوستينا” الحديثات في عالم الأمومة اتباع مسار مختلف لتربية أبنائهن. كما أردن تعميمه على كل النساء في مبادرة “Mother comfort zone”.
“عندما بدأت شهور حملي الأولى لم أجد أي مصدر يمنحني المعلومات الخاصة بالمرحلة التي تعقب ما بعد الإنجاب. لذلك لجأت للبحث للحصول على المعلومات الموثقة بشكل علمي من خلال الأبحاث. كذلك علمت بوجود كورسات خاصة بالرضاعة والتي ساعدت بشكل كبير في زيادة معلوماتي”. تقول “منة رشدي” مؤسسة المبادرة.
قصة المبادرة.. 4 فتيات
تعمل “منة” باحثة مستقلة وهو ما ساعدها في الحصول على المصادر من أماكنها الموثوقة. كذلك عمدت إلى نشر معلومات عن التربية الإيجابية تحصل عليها عبر إنشاء صفحة خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة. في ذلك الوقت تعرفت إلى “يوستينا” سيدة حامل للمرة الأولى وواجهتها نفس الأزمة لتتحول مع مرور الوقت إلى شريكة في المبادرة.
تقول منة: “لم يكن لدينا أي أمال أن ينتشر هذا الجروب أو يتطور بهذه السرعة. ربما يكون سهولة طرح المعلومات وتبسيطها هو السبب الأساسي في نمو المجموعة بشكل كبير”. بعد ما يقرب من شهرين أصبح هناك ثقة في محلها بين عدد من الأمهات في بداية حملهن والجروب.
انضم لـ”منة، يوستينا” أثنان أخريات هم (شرين مصطفى، وسلمى طارق) ليكون فريق مكون من أربع سيدات يعملن بكل طاقتهن من أجل ترسيخ مفهوم التربية الإيجابية. كذلك أن تعم الفائدة ونشر كافة التفاصيل على الجروب الخاص بهن.
أما عن اختيار هذا الاسم، تقول منة: “إن الاسم يحمل معنى الجروب وهو شعور الأمهات بالأمان والمشاركة بالآراء والأفكار دون الخوف من اللوم بالسوء أو الجحود خاصة أنه من بين قواعد الجروب أنه مساحة آمنة للامهات لمشاركة نجاحتهن الصغيرة و اخفاقاتهن اليومية، ضد ثقافة العقاب و التعنيف ضمن اطار التربية الإيجابية ، حيث أنه من قواعد الجروب من غير المقبول تأنيب الأمهات أو مهاجمتها والتقليل من تعبهن أو مشاكلهن، أو الهجوم والإساءة لأي رآي مختلف لأي عضوة وبالطبع ممنوع ترشيح أدويه بدون مرجع طبي”.
انتقادات واجهت المبادرة
واجهت المبادرة بعض الانتقادات التي تساءلت حول قيمة المعلومات التي يتم نشرها ومرجعها العلمي وفي هذا الصدد. تقول يوستينا: “لم نتعرض للهجوم بشكل واضح ومكثف وإنما كان هناك تساؤلات في محلها. فضلًا عن عبارات شديدة الرتابة تم إطلاقها بشكل عشوائي. على شاكلة ما كلنا اتضربنا ومش معقدين. أو أننا أوفر، أو الجميع في النهاية لازم ينهار ويلجأ للضرب وهكذا”.
المبادرة تستهدف في الأساس الأمهات والمهتمين بالتربية. أو هؤلاء المقبلين على الزواج ومهتمين بالتربية. وتقول يوستينا: “يجب الإشارة هنا إلى أن التحكم الأكبر في التربية هو الموروث الثقافي والعادات والتقاليد. لكن يمكن الجزم أن هناك فئة كبيرة من الأمهات الآن تلجأ للعلم والأطباء في الاستشارات أكثر من العادات”.
عودة إلى منة: “المبادرة تأمل في أن تسأل الأمهات قبل الولادة وليس بعدها. أن يكون لديهن الوعي بأنه لابد من المعرفة بالرضاعة الطبيعية. كذلك من الضروري حضور جلسات للتدريب على الرضاعة خاصة لحل مشاكل أول 5 أيام بعد الولادة”.
كذلك قالت: “في الأيام الأولى بعد الولادة تواجه الأمهات الجدد صعوبة في أطعام أطفالهن. إذ تواجهن مشكلات في الرضاعة الطبيعية في الأيام الأولى. في الوقت ذاته لا ينبغي إطعام الأطفال لبن صناعي. لذا يجب التريث قليلًا وعدم الاعتماد على الصناعي”.
كما تابعت: “الهدف هو البحث وأخذ المعلومة من مصدرها الصحيح. وهذا ما نحاول أن نفعله نحث الأمهات على التعلم وتسهيل ذلك من خلال توفير المختصيّن ونشر الفيديوهات باللغة العربية. كذلك نعمل على تبسيط المعلوم، وترجمة الأبحاث لذلك لدينا كل أسبوع مختص يتحدث عن أزمة”.
المبادرة شارك فيها الدكتور ريما أخصائي النسا والتوليد، للحديث عن وسائل منع الحمل ولماذا لا تصلح في بعض الحالات والأخطاء المسببة لذلك، كما شارك الدكتور أحمد سويلم، دكتور الصحة النفسية، للحديث عن تحسين العلاقة بين الزوجين بعد الإنجاب، وهنا أصبح الأمهات تعي أهمية البحث والتدوير خلف المعلومة، مع الأخذ في الاعتبار أن كل ذلك تطوعي من الأطباء والمختصين بدون مقابل مادي.
معلومات مغلوطة وتقاليد بالية
تتابع منة: “نجهز لـ كورس أول مرة يحصل في مصر”Antenatal care” وهو عبارة عن متابعة مع السيدة أثناء الحمل ولكننا قررنا نجعله مكون من عدة محاور مثل، ترتيب وتهيئة الأمهات للإنجاب، ومساعدة الأم نفسيًا بعد الولادة ويتكون من أربعة أجزاء تتناول مراحل مختلفة في الزواج والولادة والعلاقة بين الزوجين بعد الانجاب وغير ذلك.
يواجه الأطفال والامهات في آن واحد العديد من التساؤلات (ماذا يفعلون للإنجاب بشكل طبيعي، ما هي احتياجات الطفل في هذه الفترة، وما هو واجب الزوج على الزوجة في تلك الفترة، مدى فائدة تمارين مثل اليوجا المخصصة للحوامل، وهل هناك ضرورة لوجود دكتور تغذية يوضح أزمة الأكل بشراهة تحت مسمى أكل شخصين، وغيرها من الأمور النفسية للنساء أثناء وبعد الإنجاب.
وعن أكثر الأسئلة المغلوطة التي يتم طرحها على جروب المبادرة، تقول منة: «تتعرض الأمهات لضغط كبير من الأشخاص في النصح لأنها لا تملك المعلومات الكافية فمثلًا أثناء بكاء الطفل تُنصح بإرضاع الطفل أو أن يدخل له لبن صناعي ويدخل لطفل أكل مبكرًا، وربما يكون الطفل في الأساس مصاب بحساسية ألبان أو لديه أزمة هنا نحن نتدخل بضرورة المتابعة بعد الحمل على الأقل لمدة عام مع الطبيب ويكون هناك جدول متابعة كما يحدث بعد الحمل، لأن هذه ثقافة غير منتشرة لدينا».
ومن المعلومات المغلوطة أيضًا استخدام الأم لزيت الخروع لتسهيل الولادة والانجاب طبيعي وهو خطر كبير على صحة وحياة الأمهات والاطفال، غير أن هناك أزمة متعلقة بالولادة الطبيعي والقيصري من خوف الناس واستسهال الأطباء، فضلا عن تطعيمات الطفل وما إذا كان في تطعيمات إضافية، ومن يوجهك في التطعيمات.
وتجمع يوستينا ومنة على أن المتحكم الرئيسي في منظومة التربية في مصر هي العادات والتقاليد، تُوضع المرأة في وضع الملام ولا تحصل على الدعم من الزوج أو الأم رغم أن هناك بعض الخبرات المفيدة لكن الجزء الأكبر علميًا كارثي، مختتمين الحديث بـ “احنا امهات مهتمة بتنشئة سليمة لأولادها و فى الوقت ذاته مهتمين بصحتنا النفسية و العقلية”
وثقت المبادرة كل الفيديوهات والمنشورات العلمية التي تم طرحها من خلال الصفحة الرسمية الجروب المغلق.