وافق مجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، على مشروع قانون مقدم من الحكومة بإنشاء “البوابة المصرية للعمرة” وتنفيذ الشركات السياحية رحلات العمرة، من حيث المبدأ.

يستهدف قانون “إنشاء البوابة المصرية للعمرة” إحكام الرقابة على الشركات المنظمة للعمرة، ومواجهة الشركات غير المرخصة المنظمة لهذا النوع من الرحلات، وذلك ضمن إجراءات القضاء على ظاهرة السماسرة وزيادة الأسعار المبالغ فيها لرحلات العمرة، من خلال وضع حد أقصى لأعداد المعتمرين، وحمايتهم من الوسطاء.

مشروع القانون يُلزم شركات السياحة بتسديد تأمين مؤقت عن الرحلات التي تُنظمها، فضلًا عن منح وزارة السياحة سلطة إيقاف نشاط الشركة السياحية عن ممارسة نشاطها بمدة لا تتجاوز سنة إذا خالف القواعد والإجراءات الواردة في القانون، خاصة بعد أن وصلت تكاليف الحج في مصر خلال الأعوام الأخيرة إلى أرقام غير مسبوقة.

تصل قيمة حج القرعة في مصر، والذي تنظمه الحكومة وتشرف على بعثته الرسمية، إلى ما يزيد عن 70  ألف جنيه مصري، بينما قد تصل تكلفة ما يعرف بالحج السياحي إلى أكثر من 120 ألف جنيه مصري، حسب الدرجة السياحية والخدمات المرتبطة بها.

يأمل القانون أن ربط بوابة العمرة بنظام الحجز سيحد من التلاعب في تذاكر الطيران، حيث إن تأشيرة العمرة، سيكون مدون بها موعد السفر والوصول، وفي حال تغيير تلك المواعيد، لابد من تغيير التأشيرة، وهو ما يقضي على تجارة السوق السوداء فى بيع تذاكر الطيران الخاصة برحلات العمرة

يوضح الخبير الاقتصاد رشاد عبده هذا القانون سيوفر ضمانات للحجاج والمعتمرين فيما يعرف بحجز الفنادق والطيران، بعد أن كان يتعرض عدد كبير من المسافرين إلى التضليل بعد الوصول إلى المملكة العربية السعودية يتفاجئوا بأن الفندق غير الذين اتفقوا عليه، لأن شركة السياحة تنتهج مبدأ -لما ترجع اشتكي، وبالتالي القانون يحمي المستهلك من الاستغلال وعدم الإساء لمصر، خاصة أنه لا يخفى عن الجميع ما يقوم به عدد من المسافرين لأداء العمرة والتهرب من الرجوع حتى معاد الحج.

ويرى إيهاب موسى، رئيس ائتلاف دعم السياحة، أنه من المتوقع أن يكون هناك عمرة في رمضان فقط ما لم تفعل الكورونا مفاجآت أخرى، لكن الأكيد الحج والعمرة هو أمر مشترك بين دولتين مصر والسعودية وبالتالي لابد من وجود تنظيم للسفر فيما بينهما وهو ما لم يحدث، وبات ذلك واضحًا بعد فرض السعودية فيزا الـ 2000 ريال على السفر.

ويعلق موسى على القانون بأن الأكيد أن شركات السياحة ليست الوحيدة التي تتحكم في سياحة الحج والعمرة، وإذا كان القانون يحجم السماسرة، ماذا عن الكوتة التي تحصل عليها بعض الوزارات ومجلس النواب حتى “لاعيبة الكورة في السفر بشكل سنوي لأداء الحج أو العمرة”.

ضوابط المملكة

في الوقت ذاته أعلنت ​وزارة الحج السعودية​، عن فرض ضوابط جديدة لتنظيم موسم العمرة المقبل، محذرة من معاقبة الوكالات المخالفة لهذه الضوابط، حرصا على صحة و​سلامة​ المعتمرين، من بينها الالتزام بإدخال بيانات الاستعداد المسبق قبل قدوم المعتمرين بـ 24 ساعة بحد أقصى، وضرورة التقيد بكافة الإجراءات الإحترازية والبروتوكولات التنظيمية، والاستعداد المسبق لأوامر التفويج سواء بين المنافذ أو المدن بشكل صحيح وفقا للبرنامج المعد للمعتمر في المحرك السعودي للحجز المركزي و المسار الإلكتروني للعمرة.

الاقتصاد الديني

 قدرت وكالة رويترز في تقرير لها، أنه قبل الوبا ، كان هناك أكثر من 1300 فندق ومئات من المتاجر تعمل على مدار الساعة لتلبية احتياجات الحجاج الذين يزورون مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة.، حيث يعتبر الحج هو العمود الفقري لخطة التوسيع السياحي ضمن حملة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان  للتنوع الاقتصادي، والتي كانت تهدف إلى زيادة عدد المعتمرين إلى 15 مليونًا بحلول عام 2020، وهو ما عطله فيروس كورونا وإلى 30 مليونًا بحلول عام 2030، حيث يصل حجم الاقتصاد الناتج عن  الحج الديني إلى 12 مليار دولار من عائدات إقامة المصلين ونقلهم وهداياهم وطعامهم ورسومهم، وفقًا للبيانات الرسمية.

بينما قدر الاقتصاديون أن قطاع الفنادق في مكة المكرمة قد خسر ما لا يقل عن 40٪ من الدخل الناتج عن الحج لعام 2020، بعد أن استقطبت المملكة العربية السعودية عام 2019، ما يقرب من  19 مليون زائر للعمرة.

“المصريون يمكن أن يحرموا أنفسهم من الأكل والشرب مقابل السفر لأداء فريضة الحج أو العمرة، لكن يمكن تنظيم المسألة بأن يقوم الشخص بالعمرة إذا كان مقتدرة كل 5 سنوات وليس بشكل سنوي، حتى أن هذا الأمر أقرته السعودية، خاصة أن ذلك يحقق مكاسب اقتصادية لمصر كبيرة جدًا فبعد فوقف السياحة لمدة عامين فقط يمكن أن يوفر للدولة ما يقرب من 6 مليارات جنية وذلك بعد  التعويم مباشرة” يقول عبده.

ويضيف أن الشركات السياحية اعتبرت السياحة الدينية طوق النجاة لهم بعدما ضربت السياحة بعد ثورة 25 يناير، وسرحت معظم العاملين، وبالتالي لابد من تنظيم العلاقة بين شركات السياحة الدينية والحكومة.

حجم الاقتصاد الديني في السعودية

خلال العقود الأخيرة نجحت حكومة المملكة في جعل صناعة السياحة الدينية مستمرة طول العام بفضل التوسعات الجديدة بالحرم المكي، فكشف تقرير إحصائي مؤخرًا أن الإنفاق السياحي على السياحة المحلية في مناطق المملكة بلغ 46.3 مليار ريال عام 2018، فيما بلغ الإنفاق على السياحة الوافدة إلى المملكة 75.2 مليار ريال في ذات العام.

ورصدت نشرة مؤشرات السفر والسياحة في المملكة الحركة السياحية المحلية خلال شهري يناير وفبراير 2019م الصادرة عن مركز المعلومات والأبحاث السياحية “ماس”  التابع للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، أن إجمالي الرحلات السياحية المحلية خلال عام 2018م وصل إلى 42.7 مليون رحلة سياحية، بينما وصل إجمالي الرحلات السياحية الوافدة إلى المملكة خلال العام الماضي إلى 15.3 مليون رحلة سياحية.

وقدّرت نشرة مركز المعلومات والأبحاث السياحية (ماس) أن إجمالي الإنفاق السياحي على السياحة المحلية في يناير وفبراير 2019م بلغ نحو 8.9 مليار ريال، بنسبة ارتفاع 2.9% عن الفترة ذاتها العام الماضي والتي بلغت 8.7 مليار ريال، مبينة أن الإنفاق السياحي على السياحة الوافدة في يناير وفبراير هذا العام بلغ 12.5 مليار ريال، بنسبة ارتفاع 13.6% عن الفترة ذاتها العام الماضي والتي بلغت 11 مليار ريال.

وكانت السعودية تتوقع وصول 2.7 مليون شخص إلى أراضيها في 2020 لأداء فريضة الحج، لكن وباء “كوفيد-19” غير كل شيء.

 

تأثير الإلغاء على الاقتصاد المصري

وبحسب جمعية وكلاء السفر المصرية (ETTA) فإن الغلق الذي أحدثه الوباء عام 2020 خاصة في قطاع السياحة الدينية دفع السعودية إلى تقليل نسبة الزوارة بشكل كبير فقط بعدما كانت تستضيف أكثر من 2.5 مليون حاج، له انعكاساته الاقتصادية على صناعة السياحة في مصر، خاصة أن شركات السياحة بالدولة تواجه خسائر تقدر بنحو مليار جنيه بسبب إلغاء مناسك الحج والعمرة، بجانب  خسائر شركات الطيران المصرية بسبب إلغاء التي وصلت بحسب الجمعية إلى حوالي 2.5 مليار جنيه حيث تستقبل حوالي 100 ألف مسافر سنويًا في موسم الحج.

وصرح العماري عبد العظيم، الرئيس السابق لقسم السياحة والطيران بالغرفة التجارية بالقاهرة، بأن موسم الحج يوفر دخلًا كبيرًا لشركات السياحة المصرية، وعلى الرغم من عدم معرفة إجمالي التكاليف بعد، فقد كشف عن مشاركة 1860 شركة مصرية في موسم الحج العام الماضي، مقدرًا أن شركات السياحة والطيران تخسر حوالي 90 ٪ إلى 95 ٪ من إيراداتها بسبب جائحة الصحة العالمي.

المصريون الأكثر انفاقًا

بحسب رئيس لجنة السياحة والفنادق بالغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة، عزيز أولياء، يتصدر المصريون قائمة الإنفاق يليهم العراقيون والجزائريون والأتراك، “الحاج ينفق ما معدله 700 دولار خلال فترة 10 أيام، خمسة أيام يقضيها في المدينة المنورة وخمسة أيام يقضيها في مكة”.

كما أظهرت بيانات وزارة الحج، التي صدرت في 2019، أن أكبر عدد من الحجاج هم من باكستان (1،353،625) تليها إندونيسيا (881،459) والهند (579،443) ومصر (405،750) وتركيا (279،038).