قبل 3 سنوات عرفت الحاجة إيمان إصابتها بمرض الفشل الكلوي لتبدأ رحلة طويلة مع العلاج. أصبحت المرأة الستينية زائرة دائمة في المستشفيات، خلال فترة علاجها التي امتدت لسنوات أصيبت بفيروس سي. ليضاف إلى قائمة طويلة من الأمراض المزمنة.
مع بداية جائحة كورونا شعرت أسرة الحاجة إيمان (نجل وحيد مصاب بأمراض مزمنة وحفيد في سنة أولى جامعة) بالخوف الشديد على الجدة. كذلك خصص لها الحفيد وقته ليؤدي المهام المنزلية. فكان “أحمد” الرفيق الدائم لجدته، والمشرف على الذهاب إلى المستشفى لتلقي جلسة الغسيل الكلوي ثم العودة إلى المنزل وتحضير الطعام.
اقرأ أيضًا.. بعد التأجيل 45 يومًا.. المسارات المتوقعة لدعوى مجانية لقاح كورونا
حكاية الجدة إيمان
أحمد يقول: “منذ ولادتي وأنا مرتبط بجدتي كثيرًا. تربيت في منزلها، كان والداي يذهبان إلى العمل ويتركاني لديها. استمع إلى حكاياتها وقصصها القديمة. أشعر أنني نجلها وليس حفيدها، ومع بداية أزمة فيروس كورونا نذرت وقتي كله من أجل جدتي. لا شيئ يكفيها فهي الطيبة في صورتها الأولى”.
حلت الجائحة وبالًا على عائلة الحاجة إيمان، بجانب مرضها الذي يحتاج رعاية يومية أضيف إلى عائلتها عبء حمايتها من كورونا.
مع بداية 2021، وظهور لقاحات الفيروس أعلنت وزيرة الصحة هالة زايد، توقيع الوزارة عدد من الاتفاقات مع الشركات المنتجة. على أن يتم توفير عدد كاف من اللقاحات خلال الأشهر القليلة المقبلة.
قبل أيام، أطلقت وزارة الصحة موقعها الإلكتروني لتسجيل المواطنين الراغبين في الحصول على لقاح كورونا. ليبدأ عدد قليل في التقدم للحصول على اللقاح في الوقت الذي شعر البعض بالخوف. على خلفية حقائق علمية لا تقبل الشك في أن اللقاحات في تجربتها الأول. وأن الطريق ما زال طويلًا في التأكد من صحة وفاعلية اللقاحات التي شهدت انتشارًا واسعًا.
مجرد تكسير في العظام
الحاجة إيمان تقول: “عرفت من أصدقاء وأقارب أن اللقاحات لم يتم اعتمادها بشكل كامل. هناك تخوفات من جدوى تلك اللقاحات، كما أشيع وجود أعراض جانبية لا يتحملها الجميع. استخرت الله وقررت أن أخوض التجربة، فأنا إمرأة ستينية وتوقفت حياة عائلتي بسببي. شعرت أنني أتحمل جزء كبير من حالة الفوضى التي وضعت عائلتي داخلها”.
أحضرت الجدة إيمان حفيدها وطلبت منه أن يأتي بجهاز اللاب توب الخاص به. وفور أن دلف بقدميه إلى منزلها طالبته بفتح موقع الوزارة للتسجيل في قوائم الحصول على لقاح فيروس كورونا.
الجدة إيمان تروي ما جرى فور علم حفيدها: “حفيدي خشي على حياتي. صاحبة اللقاحات سمعة سيئة، الأعراض التي قرأها علي زادت من حيرتي, إلا أن ثقتي في الرئيس السيسي كان كافية لأن أتوكل على الله وانضم إلى قوائح اللقاح”.
حددت وزارة الصحة بشكل واضح الفئات المستحقة للحصول على اللقاح في المرحلة الأولى، وشملت القائمة مرضى الأورام والفشل الكلوي. كذلك أصحاب عمليات القلب المفتوح أو القساطر المخية. كذلك المرضى الذين سبق لهم إجراء عمليات ذرع الكُلى والكبد.
اقرأ أيضًا.. أقرته دول وأوقفته أخرى.. ما نعرفه عن لقاح كورونا الصيني
نوعان من اللقاح
حتى كتابة هذه الكلمات، وفرّت وزارة الصحة نوعين من اللقاحات الأول اللقاح الصيني “سينوفارم”، والثاني “أسترازينيكا”. كذلك سجل عبر موقع الصحة 152 ألفًا و892 من الفئات المستحقة للحصول على اللقاح.
عودة للجدة إيمان، التي استطاعت أن تقنع حفيدها بضرورة تسجيلها على الموقع الرسمي للوزارة، على مضض وافق الحفيد وفي حلقه غصة.
الجدة تقول: “لم يطل الأمر كثيرًا. لم يمر سوى يوم وفي اليوم الثاني تلقى حفيدي ما يفيد بقبولي وتحديد موعد للذهاب والحصول على اللقاح. لم يكن الأمر سهلًا، علمت أسرتي بالأمر لم استطع أن أخفي عليهم. وقعت مشادات وكان العائلة تهاجم حفيدي لولا تدخلي وشرحي لهم أنني من أصريت على التسجيل والحصول على اللقاح”.
الجرعة الأولى
في اليوم المحدد أول أمس، ذهبت الجدة إيمان برفقة حفيدها أحمد الذي قال: “لم ننتظر كثيرًا. مرت الدقائق سريعة تم استدعاء جدتي للحصول على اللقاح. رفضوا دخولي معها، فوقفت دقائق في انتظارها مرت علي كأيام طوال”.
كذلك حصلت الحاجة إيمان على الجرعة الأولى، إذ ينص بروتوكول لقاحات كورونا على أخذ اللقاح على جرعتين يفصل بينهما أسبوعان.
أما عن مرور 48 ساعة على الجرعة الأولى تقول الجدة إيمان: “لا أشعر بإرهاق شديد، فقط تكسير في العظام. لكن أعتقد أن الأمر يستحق. لم يحدث مثلما أشيع عن أعراض خطيرة تبدأ بسخونة حادة في الجسم ورشح ورغبة في القيء. أحمد الله على كل شيء وأنا انتظر لحين حصولي على الجرعة الثانية”.
رفقي على قوائم الانتظار
أحمد رفقي، في منتصف الأربعينيات، يعمل مهندس اتصالات، مصاب بأمراض مزمنة إذ أجرى عملية قلب مفتوح في أعوام سابقة. مع بداية الجائحة شعر بالخطر يحيطه من كافة الجوانب. اتخذ عددًا من الاجراءات الاحترازية الشديدة عليه وعلى عائلته.
فور انتشار الفيروس في مصر، عقد رفقي العزم على إجازة عمل والتقوقع في المنزل. كذلك شمل الأمر عائلته الصغيرة زوجته وأطفاله. لازمه شعور دائم بالخوف من كل خطوة في حياته، ما أثر على حالته النفسية.
الحالة الصحية لـ”رفقي” تسببت في ذعر وصل صداه للعائلة. كانت هناك حالة من الخوف مسيطرة على الجميع، مرت الموجة الأولى بسلام وبدأت الموجة الثانية تعلن قرب حضورها. وعاد الخوف ليسيطر على عائلة المهندس رفقي من جديد.
اقرأ أيضًا.. لقاح كورونا| المتشككون يزدادون.. هل نحن بحاجة للتطعيم ضد المرض؟
اللقاح بدلًا من العزل
فور إعلان توزيع اللقاح على المواطنين، كان رفقي واحدًا من الأوائل الذي عمدوا إلى تسجيل أسمائهم للحصول على اللقاح بدلًا من العزل المستمر.
يقول رفقي: “فور انتشار الأخبار حول وجود لقاحات وإن كانت ليست حلًا نهائيًا فضلت أن أكون أول من يقف في الصف. بالفعل سجلت اسمي في قائمة الانتظار إلا أن الدور لم يصبن بعد”.
عائلة المهندس رفقي فضلوا التريث قليلًا. بدا أنه من الجيد وجود اسم الوالد على قوائم الانتظار لمعرفة الأعراض الجانبية التي تصاحب اللقاح.
كذلك تابع رفقي كل ما نشر عن اللقاح وتأثيره والأعراض الجانبية، الأمر ليس كبيرًا بالنسبة له. البعض لم يصبه سوى أعراض طفيفة ومازال متمسكًا برأيه: “أتواجد الآن على قوائم الانتظار. وبالفعل انتظر دوري وسأكون أول الحاصلين على اللقاح”.