“رامز مريض نفسي أصلًا” هكذا وصف جمهور التواصل الاجتماعي البوستر المسرب لبرنامج رامز الجديد، المنتظر عرضه شهر رمضان. وبالرغم من نفي القناة المنتجة للبرنامج على صفحتها الرسمية للواقعة، انتشر البوستر تحت عنوان “رامز مريض نفسي”، ما أثار عاصفة من الجدل حول طبيعة الموسم الجديد المنتظر.
وخلال العام الماضي قدم جلال برنامجه تحت عنوان “رامز مجنون رسمي”، وهو ما دعا الأمانة العامة للصحة النفسية ومستشفى العباسية، آنذاك، إلى المطالبة بوقف البرنامج، لاعتبارات تخص تأثيره السلبي على الصحة النفسية للمواطنين.
وفي العام الماضي أيضًا دعا المجلس الأعلى للإعلام إلى وقف البرنامج، عبر مناشدة وزير الإعلام السعودي. حيث يعرض البرنامج على قناة سعودية. طبقًا لرئيس لجنة الشكاوى بالمجلس جمال شوقي.
ويبدو أن الجدل، والمشكلات القانونية، أصبح جزءا من الدعاية للبرنامج، خاصة مع تنامي وتيرة المخاطرة بحياة الأشخاص، والضغط على نفسية المشاهدين.
وينزع القائمون على البرنامج إلى تقديمه على النسق الغربي، وبرغم قدم برامج المقالب في تاريخ الدراما الرمضانية. إلا أنها عادة ما تقدم بشكل كوميدي طريف، بشكل يناسب أفراد العائلة المصرية كافة.
ومع ذلك يحظى البرنامج المثير للجدل بأعلى نسب مشاهدة. كما أن حلقاته تظل “تريند” مواقع التواصل الاجتماعي لفترة طويلة. إلى الدرجة التي جعلت رامز يتخلى عن دوره كفنان بالأساس، ويتفرغ لتلك النوعية من البرامج.
اقرأ أيضًا.. الكراسي المتحركة في تشكيل الهيئات الإعلامية.. هل تنجح في نهوض الإعلام؟
فما تفسير ذلك؟
خبراء علم النفس قالو إن الأمر مركب، فمن ناحية يميل الجمهور إلى فكرة المقالب نفسها، حتى في المواقف الحياتية العادية. كذلك كأحد أنواع التسلية، إلى جانب تركيزه على نزعات الشر، والعنف داخل النفس البشرية.
وطبقًا لعالم النفس الشهير فرويد فإن كل إنسان لديه غرائز عدوانية، ورغبة بدائية دائمة في العنف، فرضتها طريقة الحياة القديمة. عندما كان الإنسان يصارع من أجل البقاء ضد الحيوانات المفترسة وظروف الطبيعة القاسية.
ربما تكون تلك النزعة اختفت بفعل التطور والمدنية والقانون الذي يجرم العنف. لكن الرغبة لا تزال موجودة، وتظهر في متابعة الجماهير لأفلام الرعب والرياضات العنيفة.
تأثيرات بالجملة
ذكرت بعض الدراسات أن هذه النوعية من البرامج تحث على العنف والكراهية. كذلك تعمل على ترسيخ السادية وفكرة التعذيب المفرط للآخرين.
أما تكرار تلك المواقف على مدار 30 يومًا فيجعل من تعذيب الآخرين والصراخ والعويل أمرًا طبيعيًا. ما يصيبهم بالبلادة الحسية وبرود الانفعالات المتباينة.
كما أن تقبل الضيف للإساءة، والانتهاك في مقابل مبلغ من المال، يحرص صانعو البرنامج على إبرازه. يعلي من قيمة الربح والمادة، على حساب كرامة الإنسان، في نفوس الجمهور.
يعد برنامج رامز من البرامج المسيئة للمرض النفسي، عبر اعتباره مادة لإثارة السخرية والمرح، فيما ويمتد التأثير السلبي لذلك على المرضى، والمعالجين في آن واحد.
اقرأ أيضًا.. “هيكل” والهيئات الثلاث.. بداية حرب التصريحات والإعلام محلك سر
من الكاميرا الخفية إلى برامج الرعب
تعود برامج المقالب إلى عام 1983، حين قدم الراحل الفنان فؤاد المهندس أول برنامج من هذه النوعية “الكاميرا الخفية”. كما اعتمد على المواطن كبطل للعمل، من خلال تعرضه لموقف كوميدي يعتمد في إضحاكه على رد الفعل.
البرنامج استمر عدة سنوات، حتى قدمه الفنان محمود الجندي. ولكنه لم يلاق النجاح المطلوب. كذلك أعاد الفنان إسماعيل يسري تقديم الفكرة من خلال برنامج يحمل اسم “مافيناش زعل”، ليوسف معاطي عام 1995.
وفي نهايات التسعينيات كان برنامج الراحل إبراهيم نصر “زكية زكريا” هو أشهر برامج المقالب والأعلى مشاهدة. كما استمر لعدة سنوات، من خلال تقمص نصر، لشخصية امرأة تعتمد على استفزاز المواطنين.
وحفرت عبارات البرنامج الطريفة في ذاكرة الجمهور، إلى حد استمرار تداولها حتى الآن مثل “يا نجاتي انفخ البلالين” “أما أقولك بخ يعني تبخ”، “قفل علب، فتح علب”.
حسين على الهوا والطريق إلى رامز
كان الفنان الراحل حسين الإمام، أول من بدأ في تحويل دفة برامج المقالب من الجمهور إلى الفنانين عام 2003. من خلال برنامج حسين على الهوا، والذي تم استثمار نجاحه سنوات، بشكل طريف ومحبب إلى الفنان والجمهور.
كذلك تطور الأمر لاحقًا إلى برامج “الرعب” الحالية والتي منها رامز جلال بمواسمه العشرة. ومحاولات الفنان هاني رمزي لاتباع نفس التقليد عبر 3 مواسم، افتتحها بـ”هاني في الأدغال”.
وفي حين تتصاعد قيمة المبالغ الضخمة المرصودة لبرنامج رامز الشهير، التي تعوضها العوائد المالية الناتجة عن كم مبالغ فيه من الإعلانات، فيما تمهد قيم مثل العنصرية والتنمر الطريق لإنجاح مثل هذه البرامج.