في اليوم العالمي للمرأة أبت نساء أفريقيا إلا أن تحكي قصة نضال بدأ منذ عهود الاستقلال، وإن لم يتم تسليط الضوء عليه لاعتبارات كثيرة، أهمها التركيز على القضايا الوطنية الكلية. ومنها قضية التحرر والاستقلال والتنمية. وتنحية القضايا الفئوية الجزئية المتعلقة بحقوق النساء وما شابهها. وبغض النظر عن مدى نجاح هذا الطريق من عدمه؛ فإن مساهمات النساء في قضايا التحرر الوطني والاستقلال والتنمية كانت متواجدة وبقوة. ومن ثم ما يحدث اليوم على الخريطة الأفريقية لا يعد استحداثًا من عدم. بل هو استمرار لماض مشرف من العمل، وزهور على شجرة النضال الإنساني ليس النسوي فسحب.
نساء قاومن التمييز في العمل بزيمبابوي
من زيمبابوي اختارت امرأتان رفضتا تعريفهما وفقًا للنوع. فاختارتا العمل كسائقات للشاحنات الكبيرة. أولى المرأتان مولي ماناتسي البالغة من العمر 31 عامًا والتي تعد سائقة النقل الوحيدة في شركة توظف 80 سائقًا. ترى مولي إن النساء مثلها مثل الرجال “نقوم بنفس عمل الرجال. لذا لا تقيدي نفسك، فالسماء هي سقف الجميع. إذا كنت شغوفة بأي شيء، أي وظيفة يهيمن عليها الرجال، فلا تقيدي نفسك”. وكانت آخر رحلة لها هي 1700 كيلومتر (1056 ميلاً) عبر الحدود إلى مدينة ديربان الساحلية في جنوب أفريقيا المجاورة لزيمبابوي. وكعادة الأفريقيات التاريخية في إعالة الاسرة؛ ساعد راتب مولي في رعاية الأقارب الذين فقدوا وظائفهم بسبب جائحة الفيروس كوفيد -19.
أما ميموري موكابيتا البالغة من العمر 37 عامًا، والتي أيضًا أعالت أفراد عائلتها الممتدة الذين تضرروا بسبب القيود التي فرضها فيروس كورونا، فهي تدير ورشة لإصلاح السيارات. تلك المهنة التي يُنظر إليها تقليديًا على أنها ذكورية في المقام الأول. وهو أمر رأت فيه ميموري تحديًا كبيرًا، يبرز في كل لحظة تجيب فيها على الهاتف، ويتشكك من هو على الطرف الآخر في قدراتها. هذا أمر يتطلب أن تبذل جهدًا في إقناع العملاء بمدى مهارتها، كما تقول ميموري.
كل من موكابيتا وماناتسي تخشيان أن يكون طريق تعافي الأعمال المملوكة للنساء أصعب. خاصة في القطاعات التي يهيمن عليها الذكور بسبب التحيز المتأصل في الثقافة. فعلى الورق زيمبابوي بها قوانين تقدمية تضمن حقوق المرأة في مكان العمل والمنزل. حيث تشكل النساء 52٪ من السكان البالغ عددهم 15 مليون نسمة. وهي إحدى الدول الموقعة على المعاهدات الدولية التي تدعم المساواة بين الجنسين. ومع ذلك، فإن الافتقار إلى التنفيذ فضلاً عن الممارسات الثقافية التي تعزز عدم المساواة تعني أن المرأة لا تزال متخلفة. وأن العديد من النساء تعانين من صعوبة تحقيق المساواة أو الاعتراف المهني بهن وغالبًا ما يتم تذكيرهن بالدور التقليدي للمرأة.
نساء عالجن الروح بالفن في ليبيا
من ليبيا ظهر شعاع مساهمات النساء الليبيات في قطاع الفنون بقوة وخاصة التشكيلية منها. ذلك عبر ظهور منصات تقوم بعرض أعمال التشكيليات الليبيات عالميًا. وهو ما كن محرومات منه بسبب النظام التقليدي الحاكم سابقًا. وقد تغير الأمر بفعل ثورة 2011 التي قضت على نظام الصمت وفتحت آفاقًا جديدة للتعبير الفني. ليس عرضًا فحسب بل وتوفير قاعدة بيعية لهذه الأعمال توفر فرصًا لاستمرار التشكيليات في ممارست شغفهن. ذلك باستخدام الفن كقوة لتعزيز تمكين المرأة والتواصل الثقافي.
منصة De-Orientalizing Art عرضت لأعمال فنانات ليبيات كثر. كانت من بينهن فايزة رمضان من مواليد 1988 في طرابلس، لأب ليبي وأم من غانا. وما تتمير به فايزة أنها علمت نفسها فن الرسم، فقامت بتسجيل وترجمة ما حدث في ثورة 2011، وما تلى ذلك من تصاعد حالة الخوف من الموت وعدم اليقين بشأن النتيجة النهائية للثورة، وتأثير ذلك على المرأة والمجتمع.
منهن أيضًا الطبيبة المعالجة التي قررت أن تمارس علاج الروح مع علاج البدن؛ الفنانة مروة توميم، التي تقيم في طرابلس، وقد ولدت عام 1988 لأب ليبي وأم تونسية.
وقد بدأت مروة الرسم منذ كانت طفلة صغيرة تستخدم الفن كوسيلة للتعبير عن نفسها. وهي ترى في الرسم أداة للتعبير عن أفكارها ومشاعرها دون قيود. تقول: “كطبيب أستخدم الدواء لمساعدة الناس وعلاجهم. وكفنانة أفعل الشيء نفسه، لكن من أجل الروح. فنّي هو دواء للروح”.
نساء الملح في غينيا بيساو
في غينيا بيساو هن نساء الملح يسقين أسرهن بالأموال القادمة من العمل في استخراج الملح. قد لا تدرك نساء مجتمع بونتا زي هنريكي في غينيا بيساو أن يوم الإثنين 8 مارس هو يوم المرأة العالمي؛ لكنهن يعرفن أنهن إذا لم ينتجن الملح، فستخلوا البطون من الطعام.
نساء بونتا زي هنريكي يعملن يومًا بعد يوم لإنتاج الملح. حيث يباع الكيلو مقابل 50 سنتًا في بيساو أو كوينهاميل، وذلك بعد أن ينتهين من موسم جمع الكاجو.
هنا، تجد سالومي دوس سانتوس المحامية وعضوة البرلمان طريقًا للكفاح من أجل المرأة في بلدها. فتوفر التدريب للنساء المجتهدات، تعلمهن كيفية إنتاج المزيد من الملح بطرق أكثر فاعلية وأقل جهدًا. تقول: “قررت دعم هؤلاء النساء لأنني كنت أسير في مجتمعي ورأيت أنهن يواجهن صعوبات كبيرة في العمل الذي يقمن به. علاوة على أنهن يعلن أسرهن كليًا”.