أثار مقطع فيديو انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي في مصر مؤخرًا، غضبًا واستياءً كبيرًا لدى قطاعات كبيرة من المواطنين. ذلك لما تضمنه من رصد شخص بالغ استدرج طفلة (6 سنوات) بهدف الاعتداء الجنسي والتحرش بها في مدخل عقار بمنطقة المعادي جنوبي القاهرة. والذي تصاعدت دعوات المطالبة بالقبض على المتهم وتوجيه أشد عقوبة له. بينا بعد ساعات من تداول الفيديو تمكن مستخدمو مواقع التواصل من تحديد هوية مرتكب تلك الجريمة (م. ج – موظف)، الذي رصدته كاميرات المراقبة. وتبين إنه متزوج وأب لطفلين، ووصم إعلاميًا بـ”متحرش المعادي”.

هتك عرض.. هذه العقوبة تنتظر متحرش المعادي

يقول محمد عيسى المحامي بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ما رأيناه في الفيديو المتداول يرتقي إلى جريمة هتك العرض. ذلك لأنه مس أجزاءً من جسدها. موضحًا أن عقوبة مثل هذه الجرائم تتراوح بين 3 و7 سنوات.

تنص عقوبة هتك العرض الذي يقع لمن هم أقل من 18 عامًا -وفق المادة (269) من قانون العقوبات- على “كل من هتك عرض صبى أو صبية لم يبلغ سن كل منهما ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة بغير قوة أو تهديد يعاقب بالسجن، وإذا كان سنه لم يجاوز اثنتي عشرة سنة ميلادية كاملة أو كان من وقعت منه الجريمة ممن نُص عليهم في الفقرة الثانية من المادة (267) تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنوات”.

تشير مديرة مركز القاهرة للتنمية المحامية انتصار السعيد، إلى أنه طبقًا للواضح من المقطع المصور فإننا أمام جريمة هتك عرض. وقد توافرت بها الظروف المشددة للعقوبة، التي قد تصل بها للسجن 15 سنة. وتلك الجريمة نص عليها قانون العقوبات. فالطفلة التي ظهرت في الفيديو أقل من 15 سنة، وقد تم استدرجها في مدخل منزل.

لكن السعيد لفتت أيضًا إلى ضرورة أن تتقدم أسرة الطفلة ببلاغ. مضيفةً أنه في حال عدم تقدمها ببلاغ، يجوز أن يتقدم أي من شاهد الفيديو ببلاغ. كما يجوز للمجلس القومي للأمومة والطفلولة أن يختصم مرتكب الفعل، كما يجوز لأي منظمة حقوقية تتعلق بشؤون المرأة أو الأطفال، أن تتقدم أيضًا ببلاغ.

وعن إمكانية تحرك النيابة دون بلاغ، قالت السعيد إن ذلك جائز ضمن واجبات وحدة الرصد والتحليل بمكتب النائب العام. وهي إدارة جديدة استحدثها المستشار حمادة الصاوي. وهي مختصة برصد كافة ما ينشر في مواقع التواصل، وما يتم تداوله من منشورات أو فيديوهات أو شكاوى، تعرض على النائب العام، وبناءً عليه يأمر بالتحقيق الفوري.

قانون الطفل يضاعف عقوبة متحرش المعادي

أوضحت مديرة مركز القاهرة للتنمية، أن المادة 116 من قانون الطفل، نصت على أن “يزاد بمقدار المثل الحد الأدنى للعقوبة المقررة لأي جريمة إذا وقعت من بالغ على طفل. أو إذا ارتكبها أحد والديه أو من له الولاية أو الوصاية عليه أو المسؤول عن ملاحظته وتربيته أو من له سلطة عليه، أو كان خادمًا عند من تقدم ذكرهم”.

قانونيًا أيضًا، لفتت السعيد إلى أن المتهم المذكور يتميز بظروف اجتماعية جيدة وخلفية لشخص متعلم. مضيفةً أن الدفع قانونيًا بكونه قد يكون مصابًا بـ”البيدوفيليا – اشتهاء الأطفال” لن يخفف عنه العقوبة. “فنحن أمام شخص ميوله الجنسية سيئة”.

جواهر الطاهر، محامية ومديرة برنامج الوصول للعدالة بمؤسسة قضايا المرأة، تقول إنه وفقًا لما جاء بالفيديو -المشار إليه سلفًا- فإن المتهم لامس موضع العفة لدى الطفلة، وهذا يجعلنا أمام جناية هتك عرض وليس تحرش. وعليه فالعقوبة تكون السجن المشدد مدة لا تقل عن 7 سنوات ولا تتجاوز 15 عامًا. مضيفةً أنه طبقًا للمادة 267 والمادة 116 من قانون الطفل، تتم مضاعفة العقوبة.

وينص القانون في المادة 267 على أن من واقع أنثى بغير رضاها يُعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد. ويُعاقب الفاعل بالإعدام إذا كانت المجنى عليها لم يبلغ سنها ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة أو كان الفاعل من أصول المجنى عليها أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها أو كان خادمًا بالأجر عندها أو عند من تقدم ذكرهم، أو تعدد الفاعلون للجريمة.

وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة أو كان مرتكبها أو أحد مرتكبيها ممن نُص عليهم فى الفقرة الثانية من المادة (267) تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنوات. وإذا اجتمع هذان الظرفان معًا يُحكم بالسجن المؤبد.

إحصائيات التحرش

تشير دراسة عن حوادث التحرش بالأطفال في مصر إلى أن الاعتداء الجنسي على الأطفال يمثل 18% من إجمالي الحوادث المتعلقة بالطفل. وهذه الدراسة الأولى من نوعها أعدتها الدكتورة فاتن عبد الرحمن الطنباري. وهي أستاذة الإعلام المساعد في معهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس.

وفيما يتعلق بصلة مرتكب الحادث بالطفل الضحية، تشير الدراسة إلى أن نسبة 35% من الحوادث يكون الجاني فيها له صلة قرابة بالطفل الضحية. بينا في 65% من الحالات لا توجد بينهما صلة قرابة. وبالنظر إلى القصص المذكورة عن أناس تعرضوا للتحرش وهم صغار وُجد أن متوسط الأعمار يتراوح بين 25 وإلى 30 عامًا.

وفي دراسة أجرتها الدكتورة فضيلة محروس عام 2001 تبين أن 90% من الاعتداءات الجسدية، و82% من الاعتداءات جنسية، حصلت في أماكن يفترض أن تكون آمنة للطفل. وحصلت من أناس الطفل يثق بهم. كما بينت الدراسة أن 77% من المعتدين أشخاص يفترض أن يكونوا في موضع الثقة من الطفل.

هنا تلفت السعيد إلى ضرورة الاهتمام بالعلاج النفسي للطفلة، التي عايشت لحظات من الخوف، وكذلك لأسرتها، حتى يتمكن أفرادها من تجاوز تلك الواقعة المؤسفة.

الطفلة الضحية أنقذت في اللحظات الأخيرة

مقطع فيديو الواقعة سالفة الذكر عرض أيضًا لنساء ظهرن في وقت فاصل قبل وقوع الاعتداء على الطفلة مباشرة. وهو أمر منع المتهم المذكور من ارتكاب جريمته. قالت إحدى السيدات اللاتي نشرن الفيديو لأول مرة معلقة على ذلك: “الواقعة حدثت في ميدان الحرية بمنطقة المعادي داخل العمارة”. موضحة أن “المتحرش نده على البنت الصغيرة، وحين مواجهته بالكاميرا جري”. بينما طالبت بسرعة إلقاء القبض عليه ومحاكمته.

تشير السعيد إلى ضرورة تكريم السيدات اللاتي ظهرن بمقطع الفيديو لتمكنهن من إنقاذ الطفلة الضحية. بينما علق الفنان محمد هنيدي، على الواقعة عبر صفحته الرسمية على “فيسبوك”. وقال: “الفيديو المنتشر لكائن بيتحرش بطفلة بريئة مرعب لدرجة مخيفة، وما أنصحش حد يشوفه، والحسنة الوحيدة إنه أظهر وحش من وسط وحوش كتير بتعيش بينا ورا وش بلاستيك بيخفي صفات أبشع مما نتصور.. أتمنى القبض على المتحرش ده فورًا أيا كان هو فين.. وربنا يحفظنا ويحفظكوا”. ذلك بينما لا يزال مقطع الفيديو يلقى تفاعلاً واسعًا وردة فعل غاضبة داخل المجتمع المصري.