أثار إعلان قناة “i24NEWS” التابعة للاحتلال الإسرائيلي أن القوات الروسية المتواجدة في سوريا تبحث عن رفات إيلي كوهين -الذي أعدمته دمشق في عام 1965- بناءً على طلب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، عاصفة من الجدل.

ونقلت القناة عن مصدر لم تذكره ادعت انتمائه إلى النظام السوري، أن الأخير سلم “غرضا شخصيا” تعود ملكيته للجاسوس الإسرائيلي إلى الروس، الذين نقلوا بدورهم هذا “الغرض” إلى تل أبيب حيث يجري فحصه.

في حين نفى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ما نسبته القناة إليه، من تعاون مع الروس في البحث عن رفات كوهين.

وقال المكتب: “لم أقل ولن أقول هنا أننا نفعل ذلك من خلال روسيا، المساعي مستمرة حاليا أيضا، هناك جهد مستمر وأتمنى أن يسفر عن نتائج”، كما نفى تسليم أي غرض شخصي يعود إلى كوهين من خلال قوات موسكو في دمشق.

وخلال الفترة الأخيرة تداول الإعلام العبري تقارير حول عمليات بحث يقوم بها الروس عن رفات كوهين في سوريا، كما سبق أن طالبت “إسرائيل” مرارا دمشق بإعادة رفات كوهين، لكن الأخيرة كانت ترد بالقول إنهم “لا يعرفون مكان دفنه”.

ومن قبل أثار الكشف الروسي عن تفاصيل جديدة متصلة بالجاسوس “الإسرائيلي” إيلي كوهين، المعروف باسم “كامل ثابت أمين”، وبينها صور نادرة له في أحد شوارع دمشق.

“كامل أمين ثابت”

إيلي كوهين أو “رجلنا في دمشق” كما تحب دولة الاحتلال أن تلقبه، ولد في الإسكندرية بمصر في 26 ديسمبر عام 1924، لأسرة هاجرت إلى مصر من حلب السورية.

التحق في طفولته بمدارس دينية يهودية ثم درس الهندسة في جامعة القاهرة ولكنه لم يكمل تعليمه، كما أجاد العبرية والعربية والفرنسية بطلاقة

انضم للحركة الصهيونية وهو في العشرين من عمره كما التحق بشبكة تجسس إسرائيلية في مصر بزعامة ابراهام دار المعروف بـ جون دارلنغ، وهاجر من مصر نهائيا عام 1957 بعد حرب السويس.

بعد وصوله دولة الاحتلال عمل كوهين في البداية في ترجمة الصحافة العربية للعبرية ثم التحق بالموساد، بعد أن اختير لزرعه في سوريا، فتم إعداد قصة مختلقة، وذهب إلى الأرجنتين عام  1961.

تقمص كوهين دور عربي مسلم اسمه كامل أمين ثابت، ونجح في بناء سمعته كرجل أعمال ناجح متحمس لوطنه الأصلي سوريا، وفي بوينس آيرس أيضا توثقت صداقته بالملحق العسكري أمين الحافظ الذي أصبح رئيسا لسوريا لاحقا.

انتقل كوهين لدمشق عام 1962 حيث وصلت علاقاته لأعلى المستويات وخاصة بين كبار ضباط الجيش ورجال السياسة والتجارة وسكن بحي أبو رمانة المجاور لمقر قيادة الجيش السوري.

ظل كوهين في دمشق، يمارس نشاطه التجسسي عبر أربع سنوات، وتشير تقارير إلى أنه أمد “إسرائيل” بمعلومات بالغة السرية، كما تقول تقارير غير مؤكدة ترشحه لمنصب نائب وزير الدفاع آنذاك.

أسباب الكشف عن كوهين (روايات)

تعددت الروايات حول أسباب كشف ايلي كوهين، والقبض عليه، إذ ذكر الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل إن المخابرات المصرية هي التي كشفته بعد رصد أحد ضباطها لكوهين ضمن المحيطين بأمين الحافظ في صور خلال تفقده مواقع عسكرية

وفي أعقاب ذلك خضع كوهين لمراقبة المخابرات السورية التي اعتقلته وصدر حكم بإعدامه شنقا في ساحة المرجة في دمشق في 18 مايو عام 1965

في حين يتمسك “الموساد” بروايته حتى اليوم، الزاعمة أن اعتقال كوهين في سوريا جاء بسبب عدم حذره، فيما يسود أيضا اعتقاد آخر بأن اعتقال كوهين جاء نتيجة وجود جاسوس أجنبي داخل الموساد.

صورة لكوهين في دمشق

فيما أثار رأي الموساد غضب أسرة كوهين خاصة ابنته صوفي بن دافيد، التي شعرت أن الدولة تلقي خطأها على رأسه، مرددة لقد أرادوا استخدامه حتى النهاية.

وخلال السنوات الأخيرة برزت نظرية أخرى، تستند إلى حقائق لم يُسمح حينذاك بنشرها في “إسرائيل” ففي الشهر نفسه الذي تم فيه اعتقال كوهين، ألقي القبض في مصر على كبير عملاء الموساد، وولفغنغ لوتس، وبذلك تم اعتقال عميلي الموساد 565 و566.

ويقول وولفغنغ في أحد البرامج الوثائقية “وفقا للرواية الرسمية، قالوا إنهم التقطوا بثي بواسطة وسائل تقنية، وهذا لغز، إذ لم يكونوا قادرون على القبض علي، وكان يجب أن يكشف لهم ذلك أحد ما.

وتابع الجاسوس: “الاستنتاج المنطقي، هو أن أحد ما في المخابرات الإسرائيلية سرّب معلومات”.

كما أشار فيلم حول إيلي كوهين، عرض في تل أبيب، احتمال تورط عنصر من الموساد في التعامل مع الجهات السورية، وتسليمهم معلومات حول الجاسوس الإسرائيلي ساعدت في إلقاء القبض عليه.

وأظهر الفيلم رسالة بعث بها الجاسوس، قبل اعتقاله بقليل، إلى جهاز الموساد عبر الجهاز الذي استخدمه في التواصل معهم، وبحسب ما ورد في الفيلم، فإن هذه الرسالة لا يمكن لأحد الحصول على نسختها الأصلية، إلا جهاز الاستخبارات نفسه.

وكان مسؤولون في المخابرات السوفيتية سبق وأن اكدوا وجود عميل لهم في الموساد من خلال فترة الستينات، ووثقوا الأمر في عدد من الكتب.

كما أن إعدامه تصادف مع وجود عميل لجهاز الاستخبارات السوفياتي في العاصمة السورية، ومغادرته إياها سنة إعدام كوهين في 1965، ما يثير التساؤل حول الدور الذي تلعبه موسكو في إعادة رفات الجاسوس الاسرائيلي، كما تردد.

وتتهم أسرة كوهين المسؤولين الإسرائيليين بإهمال ملفه، وحتى تحملهم مسؤولية مصيره والتخلي عنه.

ومنذ سنوات قليلة تسلمت أسرة الجاسوس متمثلة في زوجته -قبل وفاتها هي أيضا- الساعة الخاصة به، في حفل تكريم، والتي استرجعتها “إسرائيل” من سوريا من دون الكشف عن تفاصيل.

كما أن الشبكة العالمية “نتفليكس” سبق وأن عرضت مسلسلا قصيرا حول قصته، قوبل باستهجان، نتيجة تشويهه للعرب، والنظام السوري بشكل خاص.