إلى كل الزميلات المرشحات لمجلس نقابة الصحفيين.. النساء في عضوية النقابة بلغت نسبتهن قرابة 40% أي أقل قليلا من نصف قوة العمل الصحفي. وبالتالي يجب أن يكون تمثيلهن مقارب لتلك النسبة في المجالس النقابية المختلفة. شكرا لاتخاذكن زمام المبادرة وقرار خوض الانتخابات لكن هناك رسالة أرغب في توجيهها إلى كل واحدة منكن.

المطلوب الآن هو الانتباه إلى مشكلات النساء في عالم الصحافة. أتمنى أن تكون المرأة حاضرة دوما في برامجكن وألا تكون البرامج التي تطرحها الزميلات على نفس شاكلة برامج الزملاء الرجال. يجب أن يكون في القلب من برامجكن مشكلات النساء في المهنة وهو ما لم أراه بوضوح حتى الآن للأسف.. لو لم نحمل نحن عبء الدفاع عن أنفسنا وعن حقوقنا ستظل الانتهاكات مستمرة وسيبقى التمييز ضدنا قائما وسنبقى بعيدات عن مواقع اتخاذ القرار في المؤسسات وفي النقابة أيضا.

الصحفيات يواجهن مشكلة حقيقية فيما يتعلق بالتحرش والاستغلال الجنسي في مواقع العمل. جميعا نعلم هذا لكن الغالبية ترفض الحديث عن الأمر. وهنا أقول لمن يحاولون تجميل الصورة ورفض الحديث عن التحرش والانتهاكات الجنسية في أماكن العمل الصحفية “كفوا عن دفن رؤوسكم/رؤوسكن في الرمال”. الصحفيون ليسوا من المريخ لكنهم من مصر من هذا البلد الذي استشرى فيه التحرش حتى أصبح ظاهرة يتحدث عنها العالم ويجري تحذير النساء منها لدى زيارتهم مصر للسياحة.

اليوم لدينا قوانين لمكافحة هذه الظاهرة وعلينا العمل على تفعيلها داخل مؤسساتنا الصحفية. وفي دراسة لمنظمة “الصوت الحر” صدرت عام 2015 اتضح أن 52% على الأقل من الصحفيات المصريات تعرضن للتحرش الجنسي، وأن 30% منهن تعرضن لاتهامات بسوء السمعة، ورغم ذلك تمسكت الغالبية العظمى من الصحفيات بمهنة الصحافة وعبرت 86% من عينة الدراسة أنهن حتما سيخترن المهنة نفسها إذا عاد بهن الزمن مرة ثانية.

والآن بعد سبعة أعوام من إقرار المساواة وعدم التمييز في الدستور المصري، لا تزال الصحفيات يعانين التمييز. على الصحفيات أن يتقدمن الجميع بخطوات على طريق المساواة وحرية النساء ليثبتن جدارتهن بقيادة الرأي والفكر. ولكي يتمكن من هذا يجب أن يعملن في بيئة عمل آمنة ومناسبة تراعي احتياجاتهن ومشكلاتهن. الصحفيات يواجهن العديد من المشكلات لكونهن نساء وبسبب عملهن. نواجه التحرش والإهانات لدى التعامل مع المصادر سواء كانت أهلية أو رسمية. انتهاك الخصوصية للنساء مصيبة أخرى لا يتم التركيز عليها رغم أهميتها بالنسبة للعمل الصحفي على وجه الخصوص. فالرغبة في الانتقام من امرأة عادية قد تتضاعف حين تكون تلك المرأة صحفية وقدمت موضوعات فضحت انتهاكات يرتكبها بعض الرجال.

أيضا عانت الكثير من الصحفيات التمييز في التعيين فكثيرا ما تم تفضيل الرجال على النساء بزعم أن الرجال أولى بالتعيين وبزعم أن الرجال أكثر قدرة على العمل بمرونة مقارنة بالنساء. كثيرات منا واجهن مشكلة تفضيل الرجال على النساء في الترقي داخل المؤسسات وشغل مناصب قيادية داخل هيئات تحرير الصحف. وكثيرات يعانين مشكلات تتعلق بنيل حقوقهن القانونية المتعلقة بدورهن الإنجابي فأغلب العاملات في الصحف الخاصة لم يتمكن من الحصول على أجازة رعاية طفل بعد الولادة.

اقرأ أيضا:

كورونا وشقق بملايين وأزمة “التكويد”.. ماذا قدم مجلس “الصحفيين” في عامين؟

 

زميلاتي العزيزات للأسف حتى الحقوق التي يكفلها لنا قانون العمل لا يتم تفعيلها في المؤسسات الصحفية. هل تلتزم كل مؤسسة بها 50 امرأة بتخصيص دار حضانة لرعاية أبناء العاملات؟ هل تلتزم كل المؤسسات بمنح النساء إجازات رعاية الطفل؟ هل تجد الصحفيات دعما من مؤسساتهن أو من النقابة فيما يتعلق بالابتزاز الإلكتروني الذي يتعرضن له كنساء؟  لا أعرف كم من الصحفيات هي امرأة معيلة تتكفل بأسرتها دون مساندة زوج لكنني على يقين من وجود الصحفيات المعيلات اللاتي يتحملن عبء أسرهن بمفردهن, هل تنظر النقابة بمجالسها المتعددة السابقة إلى هؤلاء؟ هل تنتبه المرشحات إليهن؟

كلي أمل في أن المرأة المصرية إن آجلا أو عاجلا ستنتزع حقها كاملا. فالمرأة التي تلعب دورا في المجتمع أكبر من دور مثيلاتها في المجتمعات الأوروبية والعربية تستحق الكثير. وما يمكن أن يدفع نحو تسريع نيل تلك الحقوق هو الإعلام. وعلينا مواجهة الأخطاء التي تنتهك النساء في التغطيات الإعلامية والأخبار التي تستغل المرأة كسلعة وتستغل جسدها لتشويهها وتقزيم دورها في الحياة. وهنا يجب أن تلعب النقابة دورا ويجب أن تقود الزميلات المرشحات النضال من أجل فرض هذا الدور.

على الجميع أن يدرك أن قضايا النساء ليست أقل أهمية من المهنة بل هي جزء جوهري منها. كما أنها جزء جوهري من سياسات التنمية الشاملة والسياسات العامة للدولة وإصلاح التعليم وتجديد الخطاب الديني. هي جزء من كل قضية عامة تشغل أي فئة من فئات الوطن. وبالتأكيد إذا لم تدافع الصحفيات عن قضايا المرأة فستظل معاناتهن المزدوجة طويلا بين مقاومة الضغوط المجتمعية عليهن بسبب طبيعة عملهن من جانب ورؤية أصحاب العمل للنساء باعتبارهن أقل كفاءة وأقل قدرة على الأداء والالتزام من جانب آخر.

زميلاتي العزيزات، بكن يمكننا النجاح، فنحن ندرك مصالحنا ونفهم تعقيدات وضعنا ومشكلاتنا. وإذا تركنا مصالحنا في أيدي غيرنا فسيتغلونها حسب رؤاهم وحسب مصالحهم وبدلا من مراعاة حقوقنا سيتم التكريس لاستمرار الوضع على ما هو عليه. ليس منطقيا أن ننتظر أن تهبط علينا حقوقنا من السماء أو أن يتفضل الزملاء الرجال بها علينا. ينبغي التحرك لانتزاع تلك الحقوق.. فلن نكون قوة تصويتية فاعلة في قضايانا دون أن نؤمن بقدراتنا وقوتنا.. يجب أن ينتهي الوقت الذي يعمد الجميع لاستغلال أصواتنا دون الانتباه لحقوقنا. والخطوة الأولى هي أن نقتنع نحن بأننا قوة تصويتية لا يستهان بها وبأننا قادرات على التغيير وعلى التصدي لمشكلاتنا.

عار علينا أن نظل نستجدي حقوقنا من الزملاء الرجال تلك الحقوق التي يقرها الدستور والقانون. ما فائدة القوانين والدستور إذا لم يتم تطبيقها وما فائدة أي توجهات رسمية من السلطة التنفيذية إذا لم يتم تطبيقها؟ والأهم من هذا وذاك كيف يمكن أن تتأخر الصحفيات إلى هذا الحد بينما هن من يجب عليهن قيادة نضال النساء في مصر.

نحن نفهم قضايانا ومشكلاتنا أكثر من الرجال وبالتالي علينا انتزاع حقوقنا بأنفسنا بدلا من المطالبة بها يمكننا وضع آليات ومقترحات ويمكننا تفعيل تطبيق تلك المقترحات من خلال دعم فوز مرشحات يدعمن قضايانا. حينها سيكون على الزملاء الرجال الالتزام بتطبيق القانون والامتثال له. إذا دافعنا عن قضايانا وحقوقنا سنكون أكثر قوة ومعنى أن يكون 40% من القوة التصويتية في النقابة أكثر قوة سيعود حتما بالنفع على الجميع لأن التنظيم النقابي سيكون بدوره أكثر قوة منه حاليا.

نقطة هامة أخرى علينا الانتباه إليها, فيما يتعلق بحقوقنا كنساء علينا وضع الاختلافات السياسية والانتماءات المتنوعة جانبا والاتحاد في سبيل حقوقنا التي يقرها القانون والدستور بدلا من الانهماك في الصراعات التي تفتت قوتنا وتزيد من انقساماتنا. لسنا ضعيفات ولا ساذجات لكن كلما سمحنا للاختلافات السياسية بتفريقنا لن نتمكن من انتزاع حقوقنا. وسيتعامل معها الزملاء بعدم اكتراث ولا مبالاة كما هو الحال. علينا الاهتمام بمشكلاتنا المهنية التي نواجهها كنساء وإعلان تصميمنا على إيجاد حلول لها حينها فقط سيضطر الزملاء إلى الانتباه لوضعها على قائمة الأولويات المهنية والانتخابية.