في بيان مشترك جديد، دعت 31 دولة بينها الولايات المتحدة، مصر إلى رفع القيود عن الحريات والتوقف عن “اللجوء إلى قوانين مكافحة الإرهاب لتكميم أفواه المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين وإبقاء المنتقدين في الحبس الاحتياطي إلى أجل غير مسمى”.

البيان ألقته ممثلة فنلندا كريستي كاوبي بالأمم المتحدة، أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في دورته السادسة والأربعين. وقد أشار إلى إدراك الدول الـ 31 لدور مصر في دعم الاستقرار الإقليمي وإدارة الهجرة ومكافحة الإرهاب.

وقد نجحت مصر في احتواء أزمة الهجرة غير الشرعية إلى دول أوروبا. وفق تصريحات رسمية في يناير من العام الماضي، لأنطونيو فيتورينو مدير عام المنظمة الدولية للهجرة. والذي أكد في لقاء مع وزيرة الهجرة نبيلة مكرم إلى أهمية الدور المصري في هذا الملف. وقد أضاف – آنذاك- أن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والتي تبنتها مصر منذ 2016 جعلتها من أوائل الدول التي تتبنى اقترابًا نشطًا وفعالاً للتعامل مع ظاهرة الهجرة غير الشرعية. وانعكس ذلك في انخفاض معدل الهجرة غير الشرعية من مصر إلى أوروبا “إلى ما يقرب من الصفر”.

أيضًا، أثنت الدول الأعضاء في المجلس الدولي لحقوق الإنسان -في العام قبل الماضي- ما حققته من تقدم على مستوى تمكين المرأة والحق في السكن وحياة كريمة. وكذلك على الدور المصري في محاربة الإرهاب.

تشريعات الإرهاب أداة للتضييق

إلا أن البيان الجديد شدد على ضرورة أن تحافظ مصر في مكافحتها الإرهاب على الاحترام الكامل للقانون الدولي لحقوق الإنسان. وفي هذا الشأن أعربت الدول الـ 31 عن “قلق عميق” إزاء مسار حقوق الإنسان بمصر. وأضاف أن الدول الـ 31 تتشاطر المخاوف التي أعرب عنها المفوض السامي لحقوق الإنسان والمكلفون بولايات الإجراءات الخاصة. ولفت الانتباه -بشكل خاص- إلى “القيود المفروضة” على حرية التعبير والحق في التجمع السلمي. وأيضًا المساحة المحدودة للمجتمع المدني والمعارضة السياسية. وكذلك تطبيق تشريعات الإرهاب ضد المنتقدين السلميين.

وتنتقد منظمات حقوقية محلية ودولية التضييق الذي يتعرض له المدافعون عن حقوق الإنسان في مصر. خاصة فيما يتعلق بالحبس الاحتياطي، وإدراج المحبوسين ممن قضوا السنتين حبسًا رهن التحقيق -وهي المدة المحددة قانونًا- على ذمم قضايا أخرى تتعلق بالإرهاب ونشر الشائعات. وهو ما تعتبره هذه المنظمات “تدويرًا لسجناء الرأي”، يضمن بقاءهم مددًا أطول داخل السجون. ذلك في الوقت الذي تؤكد فيه الحكومة المصرية أن هؤلاء يواجهون محاكمات عادلة في جرائم جنائية لا سياسية.

اقرأ أيضًا: إخلاء سبيل 3 صحفيين في تهم دعم الإرهاب والأخبار الكاذبة.. وتوقعات بالمزيد

الجمعيات الأهلية.. قانون أكثر ملاءمة ولكن

أشار بيان الدول الـ 31 أيضًا إلى قانون المنظمات غير الحكومية الجديد (قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلية). واصفًا إياه بأنه يضع إطارًا قانونيًا جديدًا أكثر ملاءمة لعمل منظمات المجتمع المدني. لكنه شدد على ضرورة “أن يتم استخدام هذا القانون لتمكين الجهات الفاعلة في المجتمع المدني والعاملة في جميع المجالات”.

في يناير 2021، أصدر مركز التنمية والدعم والإعلام (دام) ورقة بحثية، حاول خلالها طرح وسيلة لصناع السياسات في مصر. فقدم ما وصفه بمحاولة فهم الأزمات الرئيسية التي تتعلق بالحقوق والحريات العامة في البلاد.

وضمن 15 توصية قدمها “دام” كمحاولة للخروج من النفق المظلم للعلاقة بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني. أوصت الورقة البحثية بضرورة تطبيق قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلية رقم 149 لسنة 2019 ولائحته التنفيذية، بما يراعي حرية العمل الأهلي في مصر، ويحترم متطلبات الأمن القومي، ويحقق المعايير الدولية لحرية العمل الأهلي. وأهمها: حرية التأسيس والانضمام – حرية العمل في مختلف الميادين دون وصاية من السلطة – حرية تنفيذ الأنشطة دون تدخل من السلطة – حرية تلك المنظمات في إدارة شؤونها دون تدخل من السلطة – حرية الحصول على تمويل محلي وأجنبي دون قيود تعسفية – حماية الفاعلين في هذه المنظمات من الملاحقات القضائية والتجريم بشكل تعسفي.

هذا إلى جانب التمهيد لصياغة مشروعات قوانين جديدة لتنظيم العمل الأهلي في مصر، من خلال مراقبة تطبيق التشريع الحالي واستكشاف المشاكل التي من الممكن أن يسببها على أرض الواقع عند تطبيقه، وفتح حوار مجتمعي حقيقي وجاد لصياغة هذه المشروعات وتقديمها للسلطة التشريعية.

للاطلاع على الورقة البحثية كاملة.. اضغط هنا

رفع الحظر وتجميد الأصول.. المبادرة المصرية وغيرها

كذلك، حثت الدول الموقعة على البيان مصر على ضمان مساحة للمجتمع المدني. بما في ذلك المدافعون عن حقوق الإنسان “للعمل دون خوف من الترهيب أو المضايقة أو الاعتقال أو الاحتجاز أو أي شكل آخر من أشكال الانتقام”. وذكر أن ذلك يتطلب رفع حظر السفر وتجميد الأصول ضد المدافعين عن حقوق الإنسان. بمن فيهم موظفو المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

وقد واجهت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أزمة كبرى في نوفمبر من العام الماضي بالقبض على 3 من ممثليها. ذلك بعد أيام قليلة من إعلانها استقبال سفراء ألمانيا والدنمارك وإسبانيا وإيطاليا وبلجيكا وسويسرا وفرنسا وفنلندا وهولندا والقائمين بأعمال سفراء كندا والسويد والنرويج ونائب سفير المملكة المتحدة وممثلين عن المفوضية الأوروبية في القاهرة، لمناقشة أوضاع الحالة الحقوقية في مصر.

وقد ألقي القبض -في أعقاب ذلك- على محمد بشير المدير الإداري. ثم كريم عنارة مدير وحدة العدالة الجنائية. وأعقبهما القبض على المدير التنفيذي جاسر عبد الرازق. قبل أن يتم إخلاء سبيلهم مع عودة مؤسسها (تأسست سنة 2002) الناشط بالمجتمع المدني والصحفي حسام بهجت، لقيادة إدارتها. ومطالبات دولية بالإفراج عنهم. وهو ما تطور إلى قرار بمنعهم من التصرف في أموالهم الشخصية.

رفع القيود عن الحريات الإعلامية

وقد دعت الدول الـ 31 مصر إلى رفع القيود المفروضة على الحريات الإعلامية والرقمية. وأيضًا إنهاء ممارسة حجب المواقع الإلكترونية لوسائل الإعلام المستقلة. فضلاً عن الإفراج عن جميع الصحفيين الذين تم اعتقالهم أثناء مزاولة مهنتهم.

ومؤخرًا شهدت أزمة الصحفيين المحبوسين على المحبوسين على ذمة قضايا مختلفة. بتهم نشر الأخبار الكاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والانضمام لجماعة إرهابية، انفراجة بإخلاء سبيل ثلاثة منهم. هم: مصطفى صقر رئيس مجلس إدارة جريدة البورصة الاقتصادية، والصحفي بموقع درب إسلام الكلحي، وحسن القباني. وكان ثلاثتهم وآخرون من زملائهم عددهم نحو 17 صحفيًا، متهمون في قضايا متعلقة بنشر أخبار كاذبة. إلى جانب اتهامهم بدعم جماعة الإخوان.

أضاف الدول الموقعة على البيان أيضًا: “إننا نشعر بقلق بالغ إزاء تطبيق قانون الإرهاب ضد نشطاء حقوق الإنسان، والمثليين، والصحفيين، والسياسيين، والمحامين”. كما “نحث مصر على إنهاء استخدام تهم الإرهاب لاحتجاز المدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء المجتمع المدني في الحبس الاحتياطي المطول، وممارسة إضافة محتجزين إلى قضايا جديدة بتهم مماثلة بعد انتهاء الحد القانوني للاحتجاز السابق للمحاكمة”. كما نطالب مصر بالتوقف عن استخدام قائمة الكيانات الإرهابية للتضييق على الحريات ومعاقبة الأفراد على ممارسة حقهم في حرية التعبير.

ودعت الدول الـ 31 مصر إلى المشاركة البناءة مع مكتب المفوض السامي، والتعاون بشكل كامل مع ولايات الإجراءات الخاصة. بينما أعربت أيضًا عن قلق إزاء الانتهاكات المتعددة للإجراءات القانونية الواجبة. بما في ذلك القيود المفروضة على رؤية المحامين للأدلة أو الاتصال بموكلهم. ودعت إلى المساءلة والإنهاء الفوري للإفلات من العقاب. وأكدت استعدادها للعمل مع مصر لتحقيق هذه الغاية.