ربة منزل وليست طبيبة، تقيم بمفردها، ألقت بنفسها من الرعب والترهيب، ولم يقم أحد بإلقائها، فيما تظل هوية الشخص الذي كان داخل الشقة مجهولة حتى الآن، ربما هو بائع أنابيب كما زعم شقيقها وربما شخص آخر جاء لزيارتها. كل هذه المعلومات خرجنا بها من بيان النيابة العامة عن جريمة حي السلام التي أثارت الجدل في الساعات القليلة الماضية، لكن يبقى السؤال قائما: ما هي عقوبة الثلاثي الذي اقتحم الشقة خصوصا أن النيابة تركت الباب مفتوحا أمام لائحة الاتهام؟

النيابة العامة قالت في بيانها، حول واقعة مقتل سيدة بحي السلام، إن جارة المجني عليها رأت من نافذة شُرفة مسكن المجني عليها تقييد المتهمين الثلاثة شخصًا بوثاق داخل المسكن، وإسراع المجني عليها وقتئذٍ نحو الشرفة وإلقاء نفسها منها لتسقط مفارقة الحياة. وشهد الذي قيده المتهمون بالوثاق -في التحقيقات- باقتحامهم المسكن بعدما فتحت لهم المجني عليها الباب، وتعديهم عليه بالضرب بالأيدي وبعِصِيٍّ خشبية وتقييدهم إياه بوثاق، وأنه فوجئ خلال ذلك بإسراع المجني عليها نحو شرفة المسكن فألقت بنفسها منها، نافيًا تعدي أيٍّ من المتهمين عليها.  

بدا أن النيابة تؤمن بهذه الرواية خصوصا أنها جاءت على لسان شهود خارج الواقعة، فلم يشهد البيان توجيه اتهام القتل إلى أحد، بل تقرر حبس الثلاثي على ذمة التحقيق لاتهامات متعلقة بالترويع واقتحام مسكن آمن وربما يصل الأمر إلى جرائم أخرى.

المحامي محمد عبد الرحيم، قال لـ”مصر 360″ إن البيان ينفى عن المتهمين تهمة القتل العمد، ويوجه لهم تهمة القتل الخطأ الذي تصل عقوبته للحبس 7 سنوات، فوفقا للمادة 238 من قانون العقوبات تنص على أنه من تسبب خطأ فى موت شخص بأن كان ذلك ناشئًا عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تتجاوز مائتى جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.

 

اقرأ أيضا:

جريمة طبيبة السلام.. ضحية جديدة للوصاية المجتمعية وقوانين “قيم الأسرة”

عقوبات متوقعة في جريمة السلام

وتكون العقوبة هى الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 5 سنوات وغرامة لا تقل عن مائة ولا تجاوز 500 جنيه، أو بإحدى العقوبتين إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجانى إخلالاً جسيمًا بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو كان متعاطيًا مسكرًا أو مخدرًا عند ارتكابه الخطأ الذى نجم عنه الحادث، أو امتنع وقت الحادث عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك .

كما تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 7 سنوات إذا نشأ عن الفعل وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص، فإذا توافر ظرف آخر من الظروف الواردة فى الفقرة السابقة كانت العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على عشر سنوات.

استجواب المتهمين

استجوبت النيابة العامة المتهمين الثلاثة الذين اقتحموا الشقة فأقرُّوا بارتكابهم جرائم حجز المجني عليها والشخص الذي كان في رفقتها بدون وجه حقٍّ وتعذيب الأخير بدنيًّا، واستعراضهم القوة والتلويح بالعنف واستخدامهما ضد المجني عليهما بقصد ترويعهما وتخويفهما بإلحاق الأذى بهما، وكان من شأن ذلك إلقاء الرعب في نفسيهما وتعريض حياتهما وسلامتهما للخطر، ودخولهم مسكن المجني عليها بقصد ارتكاب هاتين الجريمتين، وحيازتهم أدوات ممَّا تستخدم في الاعتداء على الأشخاص، وأكد المتهمون أن المجني عليها ألقت بنفسها من شرفة المسكن بعدما أرهبوها والشخصَ الذي كان معها واعتدوا على الأخير وقيدوه بوثاق، وقد أمرت النيابة العامة لذلك بحبس المتهمين أربعة أيامٍ احتياطيًّا على ذمة التحقيقات، وجارٍ استكمالها”.

3 شهادات أمام النيابة العامة

القضية التي شهدت متابعة مستمرة، جاءت بها 3 شهادات أمام النيابة العامة، الأولى من خلال جارة للمجني عليها، والثانية من خلال استجواب المتهمين، أما الثالثة فمن خلال الشخص الذي قيده المتهمون، بعد اقتحام الشقة.

الواقعة بدأت باستضافة السيدة أحد الأشخاص في منزلها بمنطقة دار السلام، وأشارت تحريات المباحث الأولية إلى أنه “أثناء تواجد المجني عليها في شقتها برفقة صديقها، قام المتهمون بكسر باب المنزل، والتعدي عليها بالضرب المبرح، واتهموها بممارسة الرذيلة، ما تسبب في سقوطها من شرفة شقتها بالدور السادس، فلفظت أنفاسها الأخيرة في الحال. ولم تكشف التحقيقات عن مصير الصديق الذي تواجد بالشقة.

كما كشفت المعاينة أن صاحب العقار وزوجته وأحد السكان وراء الواقعة، وفي أولى اعترافات المتهمين بادروا بالقول “كنا فاكرينها بتغفلنا.. وطلعنا نمسكهم متلبسين”، مبررين الأمر بشكهم في إقامتها علاقة محرمة مع صديقها، نظرا لوجودها معه بمفردها.

عقوبة البلطجة

يرى عبد الرحيم أن النيابة عليها إصدار بيان جديد لتوضيح التهم الموجهة للمتهمين بشكل دقيق، وأيضا وصف القضية، مشيرا إلى أن البيان بصيغته الحالية أيضا يمكن أن يوجه للمتهمين تهمة وقوع الفعل التعدي على أنثي لأكثر من شخص باستخدام أدوات، وفقا للمادة 375 مكرر من قانون العقوبات الخاصة بالبلطجة.

 تنص هذه المادة على أنه مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد واردة في نص آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، كل من قام بنفسه أو بواسطة الغير باستعراض القوة أو التلويح بالعنف أو التهديد بأيهما، أو استخدامه ضد المجني عليه أو مع زوجه أو أحد أصوله أو فروعه، وذلك بقصد ترويعه أو التخويف بإلحاق أي أذى مادي أو معنوي به، أو الإضرار بممتلكاته، أو سلب ماله، أو الحصول على منفعة منه، أو التأثير في إرادته لفرض السطوة عليه، أو إرغامه على القيام بعمل أو حمله على الامتناع عنه، أو لتعطيل تنفيذ القوانين أو التشريعات أو مقاومة السلطات أو منع تنفيذ الأحكام، أو الأوامر أو الإجراءات القضائية واجبة التنفيذ، أو تكدير الأمن أو السكينة العامة، متى كان من شأن ذلك الفعل أو التهديد إلقاء الرعب في نفس المجني عليه أو تكدير أمنه أو سكينته أو طمأنينته أو تعريض حياته أو سلامته للخطر أو إلحاق الضرر بشيء من ممتلكاته أو مصالحه أو المساس بحريته الشخصية أو شرفه أو اعتباره.

تنص المادة 58 من الدستور  على أن “للمنازل حرمة، وفيما عدا حالات الخطر، أو الاستغاثة، لا يجوز دخولها ولا تفتيشها ولا مراقبتها أو التنصت عليها إلا بأمر قضائى مسبب، يحدد المكان والتوقيت والغرض منه، وذلك كله فى الأحوال المبينة فى القانون، وبالكيفية التى ينص عليها، ويجب تنبيه من فى المنازل عند دخولها أو تفتيشها، وإطلاعهم على الأمر الصادر فى هذا الشأن”.

كما تنص المادة رقم 59 من الدستور  على أن”الحياة الآمنة حق لكل إنسان، وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها ولكل مقيم على أرضها”.