عاد ملف الانتهاكات في السجون إلى الواجهة مع توارد شهادات جديدة بشأن ما أفاد به الناشط والمدون علاء عبدالفتاح في الجلسة الأخيرة لإعادة نظر محاكمته. وهي الإفادة التي تقدم على إثرها محامي الدفاع الحقوقي خالد علي ببلاغ إلى النائب العام بالتجمع الأول حمل رقم 10579، مطالبا بفتح تحقيق عاجل فيما كشفه شهادات عبدالفتاح، بالإضافة إلى سماع أقواله كمبلغ ومجني عليه في الوقائع المذكورة بأقواله في تحقيقات نيابة أمن الدولة بأول جلسة تجديد حبسه على ذمة تحقيقات القضية 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة.
من قبل أصدرت منظمة “هيومن رايتس” تقرير لها بينت فيه “أن التعذيب الواسع من قبل قوات الأمن قد يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية”. بينما دأبت السلطات المصرية على إنكار مثل هذه التقارير، ووصفها بالمغالطة وغير الدقيقة، وتنطوي على قدر من التحريض.
شهادة أحمد سعيد
الناشط الطبيب أحمد سعيد، المحتجز السابق في سجن شديد الحراسة 2، أكد ما أورده علاء في شهادته، مشيرا إلى تكرار تلك الانتهاكات خلال فترة سجنه لمدة عام بدأت في نوفمبر 2015 وانتهت في الشهر ذاته من العام اللاحق.
يروي سعيد لـ مصر 360: “كنت في التريض بالدور الثاني، عندما حضرت قوة أمنية ضخمة من قوات التدخل السريع بصحبة مجموعة من المدنيين، الذين ظهروا في حالة ذعر وبملابس المنزل”.
يضيف: “لاحقا تم تسكين المحتجزين في عنبر مجاور للعنبر الذي كنت أنزل فيه، وبدأنا في سماع أصوات استغاثة، وصراخ عالية الارتفاع، كما أن أصوات الصعق بالكهرباء، يمكنك التقاطها بسهولة خاصة في فترة الليل”.
كما قال سعيد لـ”مصر 360″: “كنت نزيلا في أحد عنابر سجن شديد الحراسة 2، حين بدأنا في سماع أصوات استغاثة، وصراخ. كما سمعنا أصوات صعق بالكهرباء، يمكنك التقاطها بسهولة في سكون الليل”.
بحسب سعيد، تسببت أصوات التعذيب في سوء الحالة النفسية للمحتجزين: “حاولنا اكتشاف أمرهم من خلال مسيري السجن. الذين شرحوا لنا أن هؤلاء نزلاء جدد لم يتم عرضهم على النيابة بعد”.
لفت سعيد إلى أن العنبر الذي سكنت فيه المجموعة، هو نفسه العنبر الذي شهد احتجاز “سيد مشاغب”. عضو رابطة وايت نايتس التي تنتمي لنادي الزمالك، لمنعه من الاختلاط بباقي المساجين. كذلك المكان نفسه الذي نقل إليه حين تم الإفراج عنه.
يحكي سعيد: “بعد فترة قصيرة تقابلت نفس المجموعة مع زملاء له كانوا في طريقهم للعرض على المحكمة. وقالوا إنهم كانوا مخطوفين في مكان مجهول منذ 3 أشهر. حيث تم تعذيبهم بهدف استجوابهم على خلفية قضية النائب العام، وأن ترحيلهم إلى السجن بالتزامن مع بدأ جلسات محاكمتهم”.
سعيد كان أحد المحتجزين في أعقاب الوقفة الصامتة التي أقيمت بمناسبة ذكرى محمد محمود الرابعة في نوفمبر 2015. وأسفرت عن الحكم عليه بالسجن لمدة عامين بتهمة تكدير السلم العام، وأخلي سبيله بعد عام من الحكم بعفو رئاسي.
خلال فترة سجنه، اشتكت عائلة الناشط أحمد سعيد من تعرضه للضرب، ومنعه من الزيارات، والتريض لأكثر من مرة.
شهادة سعيد تزامنت مع أكثر من شهادة امتنع أصحابها عن ذكر أسمائهم خوفًا على حياتهم. لكنهم أجمعوا على سماع أصوات التعذيب خلال فترة احتجازهم.
الداخلية ترفض ادعاءات التعذيب
في السياق ذاته، نشرت الناشطة منى سيف شقيقة علاء فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي. تتساءل فيه عن مآل البلاغات التي تقدمت بها الأسرة إلى النائب العام. كما أنهم لم يحصلوا على أي رد بشأنها، بما فيها بلاغ شقيقها حول شبهات التعذيب بالكهرباء داخل أسوار سجن شديد الحراسة 2.
من ناحية أخرى، قالت الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية على موقع “فيسبوك”: “لا صحة للادعاءات. التي نشرتها المدعوة منى سيف، شقيقة المتهم المحبوس علاء عبدالفتاح سيف. حول وجود تعذيب داخل السجون باستخدام الكهرباء. كذلك جاري اتخاذ الإجراءات القانونية حيال تلك الادعاءات”.
وحتى الساعة لم يصدر النائب العام أي بيانات تخص هذه البلاغات، بما فيها مزاعم تعرض نزلاء السجون للتعذيب.
من ناحيتها، أعلنت مجموعة من مؤسسات المجتمع المدني تضامنها مع شهادات ومطالب أسرة علاء. كذلك قالت: “ننضم إلى السؤال الذي طرحته منى سيف: أين النائب العام من كل هذه البلاغات”. كذلك انتقدوا بيان الداخلية. تعليقًا على مطالبات الأسرة للنائب العام، من منطلق موقعها كسلطة لإنفاذ القانون، لا التحقيق في الوقائع.
بلاغ عبدالفتاح جاء بالتزامن مع إعراب منظمات حقوقية، إقليمية ودولية، عن دعمها الكامل والصريح للإعلان المشترك الصادر عن 31 دولة. أمام “مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة”. الذي أعربت فيه الدول عن “القلق العميق” إزاء انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات المصرية في ظل إفلات مستمر من العقاب.
وبحسب تقرير مشترك أعدته مجموعة من المنظمات المصرية والدولية، حول ممارسات التعذيب في السنوات الماضية. والمقدم للأمم المتحدة وفق القواعد المنظمة لعملية الاستعراض الدوري. لم تكتف السلطات المصرية باستخدام التعذيب كوسيلة لنزع الاعترافات الملفقة من المختفين قسريًا في أماكن الاحتجاز غير الرسمية فقط. بينما توسعت في توظيف التعذيب في أماكن الاحتجاز الرسمية.
وخلال الفترة ما بين 2014 وحتى نهاية 2018، توفي 449 سجينًا في أماكن الاحتجاز، من ضمنهم 85 نتيجة التعذيب، وفقا للتقرير.