تحت عبارة “الولاية حقي”، دونت العديد من السيدات شهادات وشكاوى حول منعهن من الحصول على ولاية الأطفال. في استجابة للدعوة التي أطلقتها مؤسسة “قضايا المرأة”، للتدوين تحت هذا الوسم. ذلك رفضًا لمشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد. لما يتضمنه من انتقاص لحقوق النساء. خاصة فيما يتعلق بعدم ذكر الأم على الإطلاق في الولاية على الأطفال. وهو البند الذي يجعل الأم ليس لها علاقة قانونية بأطفالها.

الولاية التعليمية.. عبير لم تر طفلها منذ 10 سنوات

الولاية التعليمية كانت على رأس الشهادات التي تضمنها الوسم. فكثير من السيدات لا يستطعن تحويل أطفالهن إلى مدارس يرغبن فيها. أو التقديم لهم دون وجود الأب. وفي حال تقدم الأم للحصول على الولاية التعليمية، قد تطول إجراءات ونظر القضية في المحاكم. وربما لا ينتهي الأمر بالحكم لصالح الأم.

المادة 54 من قانون الطفل رقم 126 لسنة 2008 تنص على أن تكون الولاية التعليمية على الطفل للحاضن وعند الخلاف على ما يحقق مصلحة الطفل الفضلى يرفع أيا من ذوى الشأن إلى رئيس محكمة الأسرة بصفته قاضيا للآمور المستعجلة الوقتية ليصدر قراره  يأمرعلى عرضه دون المساس بحق الحاضن فى الولاية التعليمية.

يقول المحامي محمد حمزة، المختص في قضايا الأسرة، إن الولاية التعليمية تؤول للأم في حالة الخلافات الزوجية. ذلك بشرط إثبات نزاع قضائي بين الزوجين. وهنا يعود القرار لتقدير القاضي، الذي يرفض في حالات كثيرة حصول الأم على الولاية التعليمية. خاصة عند استمرار الزواج بين الطرفين، ربما يكون الأمر أكثر سهولة عند الطلاق، على حد قول حمزة.

أوضح حمزة أيضًا أن المقصود بالولاية التعليمية هو أن يختص الحاضن بكل الأمور التعليمية للمحضون من نقل الملفات وحضور مجلس الأمناء وخلافه.

قبل عشر سنوات بدأت الخلافات بين عبير صلاح وزوجها، الذي رفض تطليقها فاضطرت لمقاضاته رغبة في الحصول على الولاية التعليمية على طفلها. كان الطفل حينها يبلغ من العمر 7 سنوات. وقد رفض القاضي الدعوى، وظلت الولاية من حق الأب، حتى طلقها وسافر مع الطفل خارج البلاد. “دلوقتي بقالي 10 سنين مشفتش ابني، ومعرفش أصلاً هو عارف شكلي ولا لأ، وكل ده لأن القوانين بتسمح للأب بكل حاجة وأنا مش مسموح لي بأي حقوق، يعني لو كان أنا اللي سافرت مع ابني مكنتش خعرف أعدي من المطار أصلا، لأني مش معايا موافقة الزوج وهي قدر بكل سهولة يحرمني من ابني”.

مصير الأبناء المعلق بولاية حرمت منها الأم

سهام علي أم لطفلين، نشبت بينها وبين زوجها، فظلت على ذمته لكنه لم يكن مقيمًا معها. “من سنة تقريبًا معرفش عنه حاجة، وهو سابني وأنا معايا طفلين واحد منهم جه ميعاد دخوله المدرسة، أنا مكنش فارق معايا إنه يطلقتي ولا لأ لأني مش بفكر في الجواز تاني عاوزة أربي الطفلين وبس، ولما جه ميعاد دخول ابني المدرسة، ولأني مقدرش غير على مدرسة حكومية، روحت أقدم وأنا مش متخيلة اللي لسه مستنيني”.

لم تستطع “سهام” التقديم لطفلها في المدرسة، رغم حضورها وإثباتها أنها والدة الطفل. إذ طُلب منها حضور الأب بنفسه، أو حصولها على ولاية تعليمية للتقديم. “في المدرسة قالوا مينفعش أنا اللي أقدم ولازم باباه يجي واتكلمت معاهم بصراحة إن بينا خلافات وأنا معرفش مكانه أصلاً، قالوا إن ده مش شغلهم، وفضلت شهور بحاول لحد ما ميعاد التقديم راح عليه، وبعد وسايط عرفنا نقدم السنة اللي بعدها لما عم الولد جه معايا، ولحد دلوقتي أنا عايشة من غير أب لولادي وعارفة إني هقابل نفس المصير مع بنتي لما يجي ميعاد تقديم المدرسة الخاص بيها، أو لو فكرت أنقل لابني من المدرسىة مثلاً”.

حكاية أخرى ترويها مي أمير، التي عانت مع منعها الولاية على طفلها. “أنا قعدت 5 شهور بروح المحكمة كل أسبوعين عشان أطلع ورقة ولاية تعليمية أنقل بيها ابني من المدرسة القديمة اللى أبوه مدفعش مليم فيها لمدرسة جديدة أبوه مدفعش مليم فيها برضه، وأنا أمه بس عادي أنا مش معترف بيا في أي جهة حكومية”.

الولاية المالية.. رحلة لم يعرقلها الزوج بل القانون

رغدة صفوت، انفصلت عن زوجها، واتفقا بالتراضي على وضع مصلحة طفلتهما في المقام الأول. “كل حاجة كانت تمام بينا والبنت كانت بتزور أبوها في أوقات كتير، والعلاقة بينهم كانت كويسة حتى لو كنا انفصلنا علشان البنت متحسش إن في حاجة اتأثرت”.

هكذا دام الحال بين رغدة وزوجها حتى بدأت المشاكل في الظهور مع إصابة الزوج بمرض في العظام منعه من الحركة. “هنا كل حاجة اتبدلت، الأب مش قادر يتحرك علشان يروح المصالح الحكومية يثبت إن معندوش مانع إن أنا أتولى شؤون البنت، والمصالح الحكومية مش معترفة بيا كأم، البداية بدأت في إني مش عارفة أطلع للبنت جواز سفر ولا فيزا علشان تقدر تسافر معايا، وكل الردود كانت بتيحي إن الأب بس هو اللي المفروض يعمل كده”.

تحولت هذه الحكاية إلى القضاء رغم عدم ممانعة الأب في أن تكون الأم مسؤولة عن طفلتهما. وبعد رحلة طويلة في القضاء تم منح “رغدة” الولاية الخاصة بطفلتها من غير الولاية المالية. وكأنها غير أمينة على ابنتها، رغم أنها مصدر المال المنفق عليها.

توجه ذكوري يمنع المرأة من حقها في الولاية

على الرغم من أن وسم “الولاية حقي” يأتي في الأساس لمشاركة السيدات والأمهات. إلا أنه شهد مشاركات من الرجال أيضًا. وقد أكدت أغلب الشهادات على حق المرأة في الولاية على أطفالها. وكان عبد الله السعيد ضمن هؤلاء. يقول “أنا اللي ربتني واحدة ست. وهي اللي كانت بتجري عليا وأنا في السجن وشافت اللي محدش شافه معايا أنا واخواتي طول عمرها وضيعت عمرها علينا وفي الآخر طلعت من كل ده بولا حاجة حرفيًا، وست تانية اللي أنا مرتبط بيها كانت بتيجي تقف قدام السجن كل أسبوع بالساعات تتحايل ع الظباط يدخلوها تشوفني مع أمي وهي عارفة إنها مش هتدخل بس بتحاول كل أسبوع وتاخد جوابات وتجيب جوابات. وشيلاني في كل حاجة من ساعة ما خرجت”.

يصف عبدالله -في شهادته- الطبيبة النفسية التي يخضع لعلاجها بـ”واحدة من مناضلات النديم”. ويضيف: “في أزمة السجن كانت كأنها واحدة من العيلة في متابعتي ومتابعة حالتي واحتياجاتي حتى بعد ما خرجت للحظة كتابتي هذا الكلام، وهي صديقة وحيدة بس اللي فضلتلي من دايرة أصدقائي ومعارفي.

تقول المحامية الحقوقية عزيزة الطويل إن القضاه يتعاملون مع قضايا ولاية المرأة من منطلق “ذكوري” وحسب. “القاضي في النهاية بيحكم من منطق ذكوري اللي هو أنت عاوزة ولاية تعليمية ليه، مش الراجل بيصرف ويدفع”. وهو أمر يضر بالمرأة في النهاية ويجعلها عرضة لرحلة المحاكم التي تتواصل لشهور.