ينتظر المتهم تحديد موعد جلسته للقاء محاميه، والدفاع عن نفسه أمام القاضي. لكن مع بداية أزمة كورونا، تغير الحال وأصبح تجديد حبس العديد من المتهمين يجرى ورقيًا دون الحضور للمحكمة. أو لقاء المحامي أو الدفاع عن نفسه، وهو حق أصيل للمتهم وفقًا للقانون.
المحامي ممدوح جمال قال إنه في جلسة 1 مارس الماضي، نظرت الدائرة الثالثة جنايات المنعقدة في غرفة المشورة بمعهد أمناء الشرطة. جلسة تجديد الحبس الأولى لصديقه وموكله أحمد ماهر وشهرته “ريجو” دون حضوره. وطلب الدفاع تأجيل نظر الجلسة حتى حضور المتهم، وجاء الرد بالموافقة. بينما فوجئت هيئة الدفاع بتجديد حبسه ورقيًا، دون حصوله على حقه في الدفاع عن نفسه.
حقوق دستورية
خلال عام كامل مضى لم ير “جمال” موكله سوى مرتين فقط، وهو ما يخل بحقوقه الدستورية، وحقوق الدفاع أيضًا. فمن حق المتهم الدفاع عن نفسه أمام القاضي، ومن حق الدفاع أيضًا الدفاع عنه. وهو ما لا يحدث. فيتم تجديد حبس المتهمين ورقيًا، أو حضورهم وانتظارهم في “الحبسخانة”. وهي غرفة ينتظر فيها المتهمون، دون الصعود لقاعة المحكمة.
متهمون كثر يواجهون المصير نفسه، سواء في جلسات نظر حبسهم في النياية، أو جلسات نظر تجديد الحبس في المحكمة. ومنهم المترجمة “مروة عرفة” التي قررت محكمة جنايات القاهرة الدائرة الثالثة إرهاب، في جلسة 1 مارس، تجديد حبسها 45 يومًا. في القضية 570 لسنة 2020 حصر أمن الدولة العليا، وفقًا لمحامي مؤسسة حرية الفكر والتعبير.
كما أوضحت المؤسسة أن الباحث أحمد سمير سنطاوي أيضًا تم تجديد حبسه بالطريقة نفسها.
قرارت باطلة
كذلك قالت المفوضية المصرية للحقوق والحريات إن أي قرارات بتجديد حبس المتهمين دون حضورهم من محبسهم أمام القاضي. تعتبر قرارات باطلة بطلانًا مطلقًا، ويستوجب معها إطلاق سراح المتهمين فورًا.
كما أضافت أن المشرع المصري، سد الحبس الاحتياطي كإجراء من إجراءات التحقيق غايته ضمان سلامة التحقيق الابتدائي. من خلال وضع المتهم تحت تصرف المحقق وتيسير استجوابه أو مواجهته كلما استدعى التحقيق ذلك. كذلك الحيلولة دون تمكنه من الهرب أو العبث بأدلة الدعوى أو التأثير على الشهود أو تهديد المجني عليه. كذلك وقاية المتهم من احتمالات الانتقام منه وتهدئة الشعور العام الثائر بسبب جسامة الجريمة.
وبموجب المادة 136 من قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 والمعدلة بالقانون 145 لسنة 2006. يجب على قاضي التحقيق قبل أن يصدر أمرًا بالحبس أن يسمع أقوال النيابة العامة ودفاع المتهم”. بينما قالت المادة 142 من ذات القانون إنه ينتهي الحبس الاحتياطي بمضي 15 يومًا على حبس المتهم. ومع ذلك يجوز لقاضي التحقيق قبل انقضاء تلك المدة، وبعد سماع أقوال النيابة العامة والمتهم. أن يصدر أمرًا بمد الحبس مددًا مماثلة بحيث لا تزيد مدة الحبس في مجموعه على 45 يومًا.
واستكمل تنظيم هذا العرض في المادة 143 من ذات القانون فقرر أنه إذا لم ينته التحقيق ورأى القاضي مد الحبس الاحتياطي. زيادة على ما هو مقرر في المادة السابقة. وجب قبل انقضاء المدة السالفة الذكر إحالة الأوراق إلى محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة. لتصدر أمرها بعد سماع أقوال النيابة العامة والمتهم بمد الحبس مدداً متعاقبة لا تزيد كل منها على 45 يومًا.
نظر توافر مبررات الحبس
بينما اشترط المشرع لنظر أمر الحبس سماع أقوال النيابة ودفاع المتهم حول هذه الأقوال. فقرر المشرع هذه الضمانة المهمة وهي ضمانة نظر توافر مبررات الحبس من عدمه في وجود المتهم. كما أكد ضرورة حضور المتهم لجلسة نظر أمر حبسه ليرد ويدفع عن نفسه مبررات النيابة لمد حبسه.
المحامية هالة دومة، والتي تتولى الدفاع عن الصحفي معتز ودنان في إحدى قضايا نشر الأخبار الكاذبة والانضمام لجماعات إرهابية. قالت إنه من حق المتهم الدفاع عن نفسه أمام القاضي، فهو حق أصيل له. كما أشارت إلى أن ودنان لم يحضر سوى جلسة واحدة فقط. وجاءت بعدها 4 جلسات تجديد حبس دون حضوره. بالإضافة لأن هذا حق أصيل له بالدفاع عن نفسه، إلا أن تلك الجلسات تعتبر أيضًا المتنفس الوحيد للمتهم. بعد فترة كبيرة من منع الزيارات بسبب وباء كورونا، وبعد عودتها أصبحت مرة واحدة شهريًا.
كذلك تكرر الأمر مع الصحفي محمد صلاح. فبعد نقله لسجن طرة تحقيق في 10 يناير الماضي، لم يحضر جلسات تجديد حبسه وتم التجديد له ورقيًا. كما قالت شقيقته صفاء: “من أول نقل محمد لسجن طرة، وإحنا مش عارفين نشوفه ولا محاميه كمان وبيتجدد حبسه ورقيًا”.
تخوفات على صحة الصحفي محمد صلاح
لدى أسرة صلاح تخوفات عدة زادت بعد المنع من الزيارة وتجديد حبسه ورقيًا. كما قالت شقيقته: “محمد تعرض لاعتداء بدني وقدمنا بلاغات للتحقيق في الواقعة. ومحصلش واتنقل بعدها لسجن طرة، ومن وقتها مراحش المحكمة وبيتجدد حبسه على الورق. وإحنا خايفين يكون ده سببه إن عنده مشكلة صحية. ده بيخوفنا أكتر عليه وعلى صحته. وكمان عاوزينه ياخد حقوقه كاملة وحقه في العرض على القاضي والدفاع عن نفسه”.
يؤكد محامون أن توقف الجلسات لفترة طويلة بسبب كورونا، وعودتها مجددًا، تسبب في عودة العديد من القضايا. ومعها العديد من المتهمين. فمن الممكن أن يتم عرض أكثر من 500 متهم في يوم واحد، ما يقلل فرص عرض المتهمين جميعهم على القاضي. ونظر ورقهم جيدًا، ويعرضهم لضياع فرصهم في الحصول على إخلاء السبيل، أو حقوقهم القانونية.
ووفقًا لما قاله محامون، هناك نوعين من تجديد الحبس ورقيًا. الأول من خلال نقل المتهمين للمحكمة أو النيابة، دون صعودهم لقاعة المحكمة أو النيابة، وبقائهم في “الحبسخانة”. ومن الممكن انتقاء عدد منهم لصعود قاعة المحكمة دون الباقي. أما النوع الثاني فيتمثل في عدم مبارحة المتهم محبسه، وإرسال أوراقه فقط، وتجديد حبسه ورقيًا دون حضروه أو انتقاله من محبسه.
كذلك يشير محامون إلى أن انتقال المتهمين للمحكمة فرصة أو أمل لإخلاء سبيله، عن دفاعه عن نفسه ودفاع محاميه عنه أمام القاضي. كما أنه المتنفس الوحيد لإمكانية رؤيته الشارع، وفرصة خروجه من محبسه ولو لفترة قليلة ثم العودة له مجددًا.