نشرت مدونة البنك الدولي تقريرًا حول الإصلاحات الهادفة لتمكين المرأة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في إطار المساواة بين الجنسين.

ركز التقرير على الخليج كنموذج لهذه الإصلاحات، بعد أن طبقت الإمارات نظام عطلة الوالدين مدفوعة الأجر لموظفي القطاع الخاص، كجزء من حزمة إصلاحات واسعة سنَّتها الإمارات لدعم مشاركة النساء في القوى العاملة.

كما قال التقرير: “رغم أن معدل مشاركة النساء في القوى العاملة في الإمارات البالغ 57.5% في 2020 من أعلى المعدلات في المنطقة. فإنه يقل كثيرًا عن معدل مشاركة الرجال الذي بلغ 92% في العام نفسه”.

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، جعلت حكومة الإمارات المساواة بين الجنسين والتمكين الاقتصادي للمرأة أولوية على صعيد السياسات.

إصلاحات تاريخية

ووفق التقرير في عام 2019، وتحت قيادة مجلس التوازن بين الجنسين في الإمارات، سنَّت الحكومة إصلاحات تاريخية لتعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة. من بينها: المساواة بين النساء والرجال في إجراءات استصدار جوازات السفر. والإقرار بدور النساء في إعالة أسرهن مثل الرجال. وإصدار تشريع لمكافحة العنف الأسري، وتطبيق عقوبات جنائية للتحرش الجنسي في مكان العمل، وحظر التفرقة في التوظيف على أساس نوع الجنس وفصل المرأة العاملة الحامل، وإزالة القيود المفروضة على النساء لشغل وظائف في قطاعات مثل التعدين.

كما لاقت هذه الإصلاحات دعمًا قويًا من الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء في الإمارات، ومجلس التوازن بين الجنسين ووزارة الموارد البشرية والتوطين، ووزارة تنمية المجتمع.

كما أشاد التقرير بالالتزام القوي من جانب الحكومة، والتعاون الفعال فيما بين مختلف الوزارات، والخبرة الفنية لمجموعة البنك الدولي عوامل محورية في نجاح مساعي الإصلاح.

وفي محاولتها مساندة التنفيذ الفعال لهذه الإصلاحات في المحاكم، وضمان التفسير الدقيق للأحكام الجديدة من جانب القضاة، عدلت حكومة الإمارات المذكرة الإيضاحية لقانون الأحوال الشخصية، كما تركز جهود التنفيذ أيضًا على حملات التواصل والنشر.

ورصَد تقرير مجموعة البنك الدولي هذه الإصلاحات، حيث تحسُّن التصنيف العام للإمارات من 30 نقطة في 2019 إلى 82.5 نقطة على مقياس من 100 نقطة في 2021.

فجوات قانونية والتجربة السعودية

يشير التقرير إلى فجوات قانونية تتعلق بحركة المرأة وتنقلها، وحقوقها في إطار الزوجية والأبوة وقدرتها على التصرف في ممتلكاتها. ولمعالجة هذه الفوارق القانونية العميقة طلبت حكومة الإمارات من البنك الدولي المساندة في سن مزيد من الإصلاحات التشريعية.

كما لا تزال منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في أدنى درجات التصنيف على مؤشر التقرير. إذ تحظى النساء بأقل من نصف الحقوق التي يتمتع بها الرجال في المجالات التي شملها القياس.

ومن الضمن الدول التي أشار إليها التقرير في طريق الإصلاحات الطموحة بهدف تمكين المرأة، كانت المملكة العربية السعودية، في إشارة إلى قرارات يوليو عام 2019. إذ اتخذت المملكة مجموعة من التدابير التاريخية التي غيرت أدوار المرأة في المجتمع، ومنحتها حريات اقتصادية غير مسبوقة.

كذلك تضمَّنت هذه التدابير طائفة واسعة من تخفيف القيود على حرية المرأة في التنقل داخل البلاد وخارجها، وحرية اختيار مكان إقامتها.

كما أشار التقرير للإصلاحات في ديناميات العلاقات الأسرية. على سبيل المثال، تتيح الإصلاحات للنساء القيام بدور في إعالة أسرهن مثل الرجال. وإلغاء الأحكام التي تُلزِم النساء بطاعة أزواجهن.

إلى جانب ذلك، وفَّرت مجموعة من الإصلاحات سبلاً أكبر لحماية النساء في مكان العمل وفي الحصول على الخدمات المالية.

كما يُحظَر على أرباب العمل الآن التمييز على أساس نوع الجنس في التوظيف، وإعلانات الوظائف. والمؤسسات المالية ممنوعة أيضًا من التمييز على أساس نوع الجنس في تقديم الخدمات المالية.

وفي العام اللاحق، صدرت تعديلات لقانون العمل رفعت القيود على حق المرأة في العمل ليلًا. كذلك فتحت جميع الصناعات للمرأة، بما في ذلك العمل في مجال التعدين.

الأردن وتونس على طريق الإصلاح

وبحسب التقرير، جلبت الإصلاحات في الإمارات مزيدًا من المساواة أمام القانون للنساء في البلاد. وتدعم مشاركتها في الأنشطة الاقتصادية من أجل الأجيال القادمة، ومن الآثار المتعاقبة للإصلاحات فيها أنها مبعث إلهام في بلدان أخرى.

أقرت الأردن المساواة بين الرجل والمرأة في إجراءات استخراج جوازات السفر. بينما حظر البنك المركزي الأردني التمييز على أساس نوع الجنس في الحصول على الخدمات المالية.

وشرعت تونس الآن في جهود إصلاح مماثلة لسن أحكام تتسم بالحيدة والتجرد فيما يتعلق بمعاملة الجنسين في قانون العمل. وقانون الأحوال الشخصية، وفي التشريعات المصرفية.

كما أشار التقرير إلى أهمية تبادل تجارب الإصلاح، وعوامل النجاح، والدروس المستفادة من هذه الجهود، على أمل أن تلهم هذه المجموعة التاريخية من الإصلاحات حكومات أخرى لتُعطي أولوية لإصلاح التشريعات من أجل تقليص التفاوتات بين الجنسين وتعزيز الفرص الاقتصادية للنساء.