يصنّف نقاد رياضيون، إيهاب جلال، المدير الفني الجديد للنادي الإسماعيلي، كواحد من أفضل مدربي الكرة المصرية بالعقد الأخير. وذلك بفضل نجاحاته التي حققها والمستوى الكروي الذي قدمته كل الأندية تحت إشرافه. رغم عدم حصوله على أي بطولات خلال مسيرته التدريبية، لكنه وصل لأعلى المستويات المحلية. حتى كان قريبا من تدريب منتخب مصر الأول، قبل عام ونصف العام لولا فشل المفاوضات والإتيان بحسام البدري بدلاً منه.
ورغم أنه يعيبه بعض الشيء التمسك بأفكاره الهجومية البحتة في بعض المباريات الكبيرة وينتج عن تلك المخاطرة تلقي فريقه هزائم كبيرة. مثلما حدث بالموسم الحالي عندما خسر من الزمالك برباعية مقابل هدف ثم الاتحاد السكندري بعدها مباشرة برباعية أخرى دون رد. لكنه مدرب جيد وله بصمة واضحة في الكرة المصرية بالسنوات الأخيرة ولا أحد ينكر ذلك، وتقدم الفرق تحت قيادته لأداء هجومي واضح وكرة قدم ممتعة.
الآن تولى جلال فريق جديد بمسيرته التدريبية وهو النادي الإسماعيلي الذي عمل به من قبل مديرًا للكرة، يعود له ثانية في منصب المدير الفني للمرة الأولى بعد رحيله عن مصر المقاصة بدفع الشرط الجزائي في عقده مقابل 2 مليون جنيه بالساعات الأخيرة. فهل ينجح جلال في انتشال الدراويش من محنته التي يعاني منها؟، سواء من نتائج سيئة أو أداء ضعيف وصل به للمركز قبل الأخير في ترتيب الدوري الممتاز وهو موقع مهين للإسماعيلي وتاريخه الكبير بالمسابقة المحلية، وهو ما نعرضه في النقاط الآتية.
أسلوب فني مختلف
يتميز إيهاب جلال بالنزعة الهجومية في فلسفته التدريبية، حيث سجل فريق مصر المقاصة أبرز محطاته تحت قيادته 191 هدفًا بمعدل 1.58 هدف في المباراة الواحدة. بينما اهتزت شباكه 139 مرة بمعدل 1.15 هدف في المباراة الواحدة. وتحت قيادته نجح المقاصة في تحقيق لقب أقوى هجوم ولقب هداف المسابقة والتي نالها اللاعب أحمد الشيخ سابقًا، كما انضم الفريق للفرق التي تجاوزت العشرين فوزًا في موسم واحد.
ويعتمد جلال في فكره التدريبي على خطة (4-2-3-1) وتتحول الخطة في الحالة الدفاعية إلى (4-5-1)، وفي الحالة الهجومية تتحول الطريقة إلى (4-1-4-1). وبهذا النهج التكتيكي صنع كل شهرته التدريبية، كما تميز أسلوب باللعب على الاستحواذ على الكرة وبدء الهجمات من الخلف بداية من حارس المرمى وبتناقل الكرات على الأرض وصولاً لشباك الخصم. كما يعتمد على الأطراف الهجومية ومداورة الكرة والاختراقات منها ومن العمق كذلك. وبالتالي يقدم نموذج تدريبي مختلف على الكرة المصرية اختص هو به فقط، متشابهًا مع ما يقدمه المدرب الإسباني الشهير بيب جوارديولا مع فرقه العالمية.
ولكن أبرز نقاط ضعفه هو الشق الدفاعي بأسلوبه حيث يعتمد على الدفاع المتقدم واللعب في بعض الأحيان على مصيدة التسلل. ومع المجهود الهجومي الأكبر في نهجه التدريبي يعاني فريقه كثيرًا عندما يواجه فريقا لديه هجوم مرتد قوي. وهنا تكون الكارثة على أسلوبه وفريقه مثلما حدث في أول مباراة له مع الزمالك عندما دربه من قبل أمام الأهلي وخسر بثلاثية نظيفة.
هل ينجح مع الإسماعيلي؟
إجابة هذا السؤال تبدو معقدة نوعًا ما، لأنها متعلقة بظروف شديدة الصعوبة إداريًا وفنيًا ببرازيل العرب. فالنادي يمر بأسوأ مراحله الإدارية وكذلك الفنية. وصعوبات كثيرة على مستوى صرف مستحقات لاعبيه والانضباط بالفريق وشبهات فساد إداري وسمسرة. وهو ما يجعل المناخ غير مناسب لأي مدير فني للنجاح. كما وصف ذلك طلعت يوسف الذي تولى المهمة 48 ساعة فقط ثم اعتذر، بعدما فوجئ بأمور وأجواء مستحيلة للعمل بالنادي الأصفر الشهير.
لكن بعيدًا عن كل هذا يمتلك جلال القدرة على إعادة أي فريق لطريق الانتصارات بجودته الكبيرة كمدرب وخبراته العريضة في عالم الكرة. أولا كلاعب ثم مدير كرة وأخيرًا كمدرب صريح. وربما لسابق عمله بالإسماعيلي ولدرايته الكاملة بالأدواء يستطيع عزل الفريق عن أي أزمات خارجية. ومن ثم يحقق نتائج جيدة تسعد جماهير الدراويش الغاضبة على المستوى والنتائج بالفترة الأخيرة.
كما أن الفريق لديه مجموعة من اللاعبين الجيدين الذين يستطيع جلال تطويعهم وتطويرهم لمساعدة النادي على تقديم أداء جيد ومستويات ونتائج أفضل. لاعبون أمثال مروان الصحراوي وحسين السيد ومحمد صادق وعمر الوحش وعبد الرحمن مجدي ومحمد الشامي وأحمد مدبولي وبابل وفخر الدين بن يوسف وشيلونجو وشكري نجيب وباقي القائمة. هؤلاء لديهم جودة مع مدير فني كبير واستقرار إداري ولو قليلاً لتحقيق نتائج جيدة وجمع نقاط بالفترة القادمة وتحسين مركزهم بالدوري العام.
ووضع جلال برنامجا فنيا وبدنيا لاستغلال فترة التوقف الدولية الحالية لتحسين وضع الفريق واللاعبين مع عدة وديات تساعده على إحداث ثورة فنية.
عاشر محطة لجلال في عالم التدريب
بدأ جلال حياته عقب اعتزال الكرة في منصب مدير الكرة بنادي المصري ثم الإسماعيلي. وبعد ذلك خاض تجربة تدريبية منفصلة مع نادي كهرباء الإسماعيلية ثم فريق الحمام. ثم عاد كمدير كرة مرة أخرى، قبل أن ينطلق في عالم التدريب بشكل واضح مع الحمام ثانيًا لموسم واحد فقط من عام 2010 حتى عام 2011. ثم من عام 2012 حتى عام 2014 عمل مديرًا فنيًا لنادي كفر الشيخ. ومع منتصف الموسم عين كمدير فني لنادي تليفونات بني سويف عام 2014. وبعد هذه الفترة قضى أحلى مواسم له بالتدريب من عام 2014 حتى عام 2017 بنادي مصر المقاصة.
وحقق مع النادي ولأول في تاريخه التأهل لدوري أبطال أفريقيا وقدم نتائج جيدة وعروضا مميزة في البطولة المحلية. ثم توجه بعدها لتدريب فريق إنبي خلفاً لطارق العشري، ولكنه لم يستمر طويلاً فقط أدار 13 مباراة. ورحل لقيادة نادي الزمالك خلفًا للمدرب المونتنجري نيبوشا، ولكن ما هي إلا ثلاثة أشهر التي تولى خلالها تدريب الزمالك ليرحل بعدما قاد الفريق في 17 مباراة.
وبعد الزمالك سافر إلى ليبيا لتدريب فريق أهلي طرابلس في يوليو 2018، ولكنه لم يستمر سوى 6 أشهر ليعود بعدها لقيادة فريق المصري. وقضى ثانِ أطول فترة له مع ناديه منذ مصر للمقاصة، حيث تولى القيادة الفنية له في 49 مباراة خلال الفترة من ديسمبر 2018 حتى فبراير 2020. بعد وداع بطولة كأس مصر على يد المقاولون العرب، ليعود المدرب صاحب 53 عاماً مرة أخرى لناديه الذي أبرزه في الساحة الرياضية مصر للمقاصة.
ولكن لم يستمر إيهاب جلال مع مصر للمقاصة طويلاً كالمرة الأولى له فتولى قيادة الفريق في 11 مباراة خاضها الفريق خلال الفترة من مارس حتى سبتمبر 2020، قبل أن يرحل ويعود في نوفمبر 2020 حتى مارس 2021؛ إذا أعلن مسؤولو المقاصة رحيله للإسماعيلي صباح الأحد.
ثامن مدرب للإسماعيلي هذا الموسم
بات إيهاب جلال المدرب الثامن للإسماعيلي هذا الموسم وهو رقم قياسي للدراويش ويوضح مدى الأزمات التي وقع بها النادي الكبير هذا الموسم. إذ تولى تدريبه مع بداية الموسم، البرازيلي ريكاردو فيريرا ثم طلعت يوسف ثم محمد وهبة وبعدهم أبو طالب العيسوي ثم خالد القماش وتلاه أحمد العجوز ثم البوسني دراجان يوفيتش آخر مدربي القلعة الصفراء وأخيرًا إيهاب جلال.
فهل يستطيع جلال تغيير الشكل والصورة والأداء مع الإسماعيلي بعد زمرة المدربين تلك التي تسببت في الوضع الصعب للدراويش مع الجانب الإداري المترهل؟. أم يفشل مثلما حدث مع من سبقوه في المهمة ويرحل هو الآخر بعد فترة بخفي حنين من المهمة الأصعب لنادٍ بالدوري المصري الممتاز على الإطلاق؟!