ناقش مؤتمر دولي، عقد في القاهرة على مدار يومين، الآليات القانونية والسياسية لملاحقة إسرائيل دوليًا على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني. جاء ذلك في ختام فاعليات مؤتمر “تعزيز المساءلة والمحاسبة الجنائية الجرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة.. فلسطين نموذجًا”.
نُظّم المؤتمر يومي22 و23 مارس، بالشراكة بين المنظمة العربية لحقوق الإنسان، والهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان والشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان. كما حضر المؤتمر 70 مشاركًا، ممثلون لنخبة من السياسيين، والقضاة، والخبراء العرب والفلسطينيين والدوليين في القانون الدولي والجنائي. بالإضافة إلى أكاديميين في العلوم السياسية وممثلين عن وزارة الخارجية الفلسطينية، وجامعة الدول العربية. واتحاد المحامين العرب، ومنظمات غير حكومية مصرية وعربية، وقيادات لمنظمات فلسطينية رائدة في مجال حقوق الإنسان، وإعلاميين.
دعم تحقيقات الجنائية الدولية
وفي إطار مناقشة “سبل تعزيز الجهود لدعم تحقيقات الجنائية الدولية“، قال الدكتور محمد الطراونة، القاضي بمحكمة التمييز الأردنية، إن الطرف الإسرائيلي يتسلح بفرض الأمر الواقع وشبكة علاقات دولية. مضيفا: “نحن نريد الإنجاز والبناء على ما سبق”.
وقال إن “الاجتماع بالقاهرة له دلالة على أن مصر لن تتخلي عن القضية الفلسطينية. فلسطين معترف بها من 138 دولة حول العالم. المعركة طويلة ولنا عبرة في التجربة المصرية في استرداد طابا كاملة”.
وشدد على أن لمصر والأردن دورا محوريا في القضية الفلسطينية، مطالبًا بإنشاء “تحالف عربي”، وتقديم الدعم لوفد الفلسطيني في إعداد المرافعات.
وأوضح أن إسرائيل تخشي المحكمة الجنائية، مدللاً على ذلك بأنّ لدى تل أبيب قائمة بنحو 250 اسمًا تحذرهم دائمًا من السفر إلى دول أعضاء بالمحكمة الجنائية الدولية. كما تعمل على شطب أسمائهم من القوائم.
وشدد الطراونة على أهمية إبعاد المحكمة عن محاولات التسيس التي تتعرض لها. وتابع: “نحن معركتنا قانونية بحتة دفاعًا عن الحق” مع التأكيد على أهمية تفعيل النشرات الدولية والإنتربول على الصعيدين العالمي والعربي.
ضرورة مراجعة تشكيل اللجنة الوطنية الفلسطينية لمتابعة انضمام فلسطين للاتفاقيات الدولية وتفعيل دورها خصوصا بعد وفاة الدكتور صائب عريقات، وهو ما يستوجب تدريب وتأهيل القضاة وأعضاء النيابة
في الإطار نفسه، أكد عمار دويك مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان – فلسطين، في كلمته، أن التحرك الفلسطيني في الإطار الدولي ليس حديثًا. لذلك دعا إلى ضرورة مراجعة تشكيل اللجنة الوطنية الفلسطينية لمتابعة انضمام فلسطين للاتفاقيات الدولية وتفعيل دورها خصوصا بعد وفاة الدكتور صائب عريقات. كما طالب بتدريب وتأهيل القضاة وأعضاء النيابة.
مراجعة التشريعات الفلسطينية
وطالب دويك بضرورة مراجعة التشريعات الفلسطينية بما يتوائم مع قوانين المحكمة الجنائية الدولية، وميثاق روما. وطالب بتشكيل لجنة متابعة المحكمة الجنائية الدولية، وتسليط الضوء على اعتداءات تقع على المدافعين عن حقوق الإنسان المتعاونين مع المحكمة.
كما دعا سمير زقوت مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان بفلسطين، إلى ضرورة بناء تحالف عربي حاضن، لتوفير الدعم المالي للمحكمة إذا جففت منابعها المالية. بالإضافة إلى توفير الخبرات ومحاولة التصدي للضغوط التي تتعرض لها المحكمة.
وتطرق معتز قفيشة، ممثل نقابة المحامين الفلسطينية، إلى صعوبة التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية، خاصة أن إعداد المذكرة سيستغرق أكثر من ثلاثة أشهر. وقال إن ما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة هو “جريمة تطهير عرقي”.
مساعدة المدعي العام وتشكيل فريق متابعة
أما الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الجنائي في مصر، رأى ضرورة استغلال السوشيال ميديا لتوثيق الانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون. وطالب بالتواصل مع الدول الأعضاء بالمحكمة الدولية ومساعدة المدعي العام في إجراءات التحقيقات.
واقترح سلطان الجمالي، المدير التنفيذي للشبكة العربية للمؤسسات، تشكيل فريق متابعة. اقترح أن يتكون من مركز الميزان ومركز الحق والمجلس القومي والشبكة العربية للمؤسسات الوطنية والمنظمة العربية لحقوق الإنسان والهيئة المستقلة الفلسطينية. وقال إن مهمته توزيع الأدوار وخطة عمل لدعم الجهود أمام المحكمة الجنائية.
البيان الختامي
ورحب البيان الختامي للمؤتمر بقرار المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية بدء التحقيقات بشأن الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني.
وأكد المجتمعون أن “الصراع العربي مع الاحتلال لا ينتهي بتسويات أو ترضية مالية أو معنوية على نحو ما طرحته مبادرات مشبوهة. والتأكيد على أن الاصطفاف الوطني في مواجهة الاحتلال هو السبيل الأول، ووضع المجتمع العربي والدولي أمام مسئولياته تجاه القضية الفلسطينية”.
أي خطوات فردية من الدول الكبرى تخالف قرارات الشرعية الدولية لا قيمة لها على المستوى الدولي بصرف النظر عن مدى تأثيرها في غير أصحاب القضية
وأشارت التوصيات إلى “أهمية التأكيد على أن أي خطوات فردية من الدول الكبرى تخالف قرارات الشرعية الدولية لا قيمة لها على المستوى الدولي، بصرف النظر عن مدى تأثيرها في غير أصحاب القضية، على غرار قرار الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال. والتأكيد على أن ولاية المحكمة الجنائية الدولية هي مكملة للولاية القضائية الجنائية الوطنية، مع أهمية أن تمارس الدول اختصاصها الجنائي على الأشخاص المسؤولين عن ارتكاب الجرائم الدولية”.