“ماما أنا هموت” بتلك العبارة ودعت ميار والدتها، بعد جراحة لشد ترهلات البطن أودت بحياتها. ليعاد ملف عيادات التجميل للواجهة مرة أخرى. فبدلًا من أن تذهب إليها النساء لإجراء جراحات تجميلية يخرجن منها أحيانًا قتلى.

عملية شفط دهون تفقد صاحبتها الحياة

والدة ميار، قالت إن ابنتها 26 سنة، ذهبت لإجراء جراحة شفط دهون بعد زيادة وزنها. وكانت تستعد للعودة لعملها مجددًا في إحدى الشركات بعد إنقاص وزنها. ورغم أن الأم رفضت الأمر في البداية لكن تصميم الابنة انتصر في النهاية. ودخلت غرفة العمليات لـ7 ساعات متواصلة، وخرج الطبيب ليؤكد أن العملية نجحت وعليه الإنصراف.

عقب انصراف الطبيب، خرجت ميار ولم تقو على الآلام التي كانت تشعر بها. كما قالت لوالدتها إنها تشعر بالموت، قبل أن تفارق الحياة بالفعل. لكن الأم رفضت الأمر، وذهبت بجثة ابنتها لمستشفى آخر، الذي أكد الأطباء فيه أنها ابنتها ماتت.

مراكز التجميل بدأت في الانتشار بكثرة خاصة في الآونة الأخيرة. ومعها بدأ انتشار إزالة الشعر بالليزر للسيدات، فكل مركز يعلن عن نفسه وأنه يتعامل مع أمهر الأطباء. كما يقدم خصومات على الأسعار لجذب عدد أكبر من السيدات. لتزداد في المقابل الشكاوى. كما حدث مع فاتن متولي، والتي ذهبت لأحد المراكز لإزالة الشعر بالليزر، وخرجت بحروق في الجلد.

عروض خادعة لإزالة الشعر بالليزر

فاتن قالت إنها تلقت عبر هاتفها المحمول رسالة من أحد مراكز التجميل، يعلن فيه عروضًا لإزالة الشعر باليزر. “العرض كان مغري أوي، ولاقيت الموضوع منتشر وناس كتير بتعمله، فقلت أجرب ليه لأ. رحت فعلًا، وطلبوا مني الأول أمضي على إقرار إنه لو حصل لي حروق أو التهابات ده مش عيب في الجهاز. لكن مني أنا، فسألت اللي في الريسبشن قالتلي ده إجراء روتيني ومحدش بيحصل له حاجة. وأكدت إن المركز بيستخدم أفضل أنواع الأجهزة”.

“فاتن” وقعت الأوراق، ودخلت للحجرة التي جمعتها مع الطبيبة التي أجرت لها الجلسة. “في الأوضة كان في دكتورة زي ما قالوا لي لابسة بالطوا، وعملت لي الجلسة. أنا وقتها كنت حاسة بألم فظيع كأن روحي بتطلع، وطلبت منها توقف. قالت لي عادي مقلقش، أنا كنت عارفة من صحابي إنه الليزر بيألم بس مش للدرجة. كنت بموت وحاسة جلدي بيتحرق”.

كذلك تابعت: “لما خلصت الجلسة طلبت مني أدهن مرهم لمدة 3 أيام. ومسافة مروحت البيت لاقيت جلدي محروق ومسلوخ ومتبهدل. طلبت المركز قالوا لي معلش يمكن علشان أول مرة وأحط المرهم وبعد 3 أيام أتابع. كل يوم كان الألم والإحمرار والحرق بيزيد، ورحت المركز في اليوم التالت، قالوا لي إن دي مش غلطتهم. وإن أنا مضيت على إقرار في الأول يعفيهم من المسؤولية، وإن جلدي مكنش يستحمل الليزر”.

كذلك تواصلت “فاتن” مع أحد المحامين لرفع دعوى على المركز. “المحامي قالي إن الإقرار اللي مضيت عليه ده يعفيهم من المسؤولية. وأنا مضيت عليه بسلامة نية، وروحت لدكتور تاني قالي إن الجهاز حرارته كانت عالية على جلدي وسبب لي حرق فعلًا. وفضلت في علاج لمدة شهرين لحد ما آثار الحرق تروح، والغريب إن المركز لسة شغال. لسة بيبعتلي رسايل بالعروض ولا كأن في حاجة حصلت”.

ضوابط ترخيص مراكز التجميل

تحدد وزارة الصحة ممثلة في الإدارة المركزية للعلاج الحر والتراخيص سلسلة من الضوابط المهمة لترخيص مراكز التجميل بالليزر. منها شهادة صلاحية الجهاز من المعهد القومي لعلوم الليزر، وشهادة صلاحية مركز طبي وعيادات من المعهد القومي لعلوم الليزر. كذلك شهادة اجتياز دورة تدريبية في أمان الليزر من المعهد القومي لعلوم الليزر. وشهادة إجازة استخدام أجهزة الليزر الطبية. أيضًا شهادة تسجيل مركز من نقابة الأطباء. كما اشترطت ترخيص تشغيل منشأة طبية، رسم كروكي للمركز، وشهادة تخصص طبيب، وترخيص مزاولة مهنة للطبيب.

“آية إسماعيل” كانت ترى صور الممثلات ونجمات السينما بشفايف ممتلئة، تمنت الحصول على شفاه مماثلة. بحث عن مركز تجميل قريب منها، ووجدت واحدًا شهد له الكثير بالكفاءة.

“آية” ذهبت للطبيبة وأخبرتها أنها ستحتاج لجلستين، حصلت على الحقنة الأولى في الجلسة الأولى. وبعد شهرين ذهبت لأخذ الحقنة الثانية. “في الجلسة الثانية الحقنة كانت مؤلمة بشكل بشع، وقعدت أصوت منها، وده محصلش في أول جلسة. الدكتورة قالت لي معلش هي الإبرة بتوجع”.

“غرغرينا” في الشفاه

عادت الفتاة إلى منزلها لتلقي عبارات التهنئة من المحيطين بمظهرها الجديد، إلا أنهم تباروا في تعازيها. “شكل شفايفي أول مروحت البيت أزرق ووارم بشكل بشع، وبقى اللي يشوفني بيستغرب وعاوز يعرف إيه اللي حصل”.

“آية” تواصلت في اليوم التالي مع المركز، الذي أكد أن الجلسة تمت بنجاح وما تعاني منه أعراض عادية ستختفي خلال أيام. لكنها لم تختف أبدًا. ذهبيت لطبيب آخر، وبعد توقيع الكشف وجد أنها تعاني من غرغاينا في الشفاه.

احتاجت الشابة العشرينية لتدخل جراحي لإزالة الجزء الميت في الشفاه. “دوامة عشت فيها، بدل مطلع بشكل حلو، شيلت جزء من شفايفي. الدكتور اللي رحت له قالي إنه من خلال التقارير والآشعة اللي معايا ممكن أرفع قضية على المركز. هأعمل كدة فعلًا علشان محدش يتأذي تاني ولا يحصل له اللي حصل لي”.

حسب ما هو معلن، تشن وزارة الصحة حملات دورية على مراكز وعيادات التجميل، لضبط غير المرخص منها وإغلاقها.

ووفق مصدر بالوزارة تتلقى الوزارة العديد من الشكاوى حول وجود مواد كيميائية منتهية الصلاحية. تسبب أمراضًا عند حقنها بالجسم. وهنا يجب أن يتأكد الشخص من المادة التي سيحقن بها، حتى لو كانت مادة للتجميل مثل البوتكس والفيلر.

ليست مصر فقط

الإحصائيات المنشورة وفقًا لوزارة الصحة كان آخرها عام 2017، لكن في آخر 48 ساعة على سبيل المثال. أغلق 5 مراكز و7 عيادات و3 مستشفيات في القاهرة والمحافظات.

مخالفات مراكز وعيادات التجميل، أو المراكز غير المرخصة، ليست في مصر فقط، لكن هناك العديد من الدول العربية تشهد نفس الأمر. كذلك في 2019، تم ضبط 10 مراكز نسائية مخالفة برأس الخيمة، وتخضع تلك المراكز لنفس الضوابط التي تخضع لها في مصر. بينما حددت السعودية غرامة مالية قدرها 100 ألف ريال للمراكز المخالفة.

وفي تحقيق استقصائي، نشرته شبكة أريج، حول مراكز التجميل غير المرخصة بفلسطين. رصدت وجود عاملات غير مؤهلات يستخدمن آشعة ليزر بدون إشراف طبي. بينما تتضرر قرابة 700 امرأة سنويًا وسط غياب القانون وضعف الرقابة. كما تضمن التقرير، إصابة فتاة 16 سنة خرجت من مركز تجميل بقدم مشوهة نتيجة سوء استخدام ليزر لإزالة الشعر. فتعرضت لحروق في كاحلها الأيمن بمركز تجميل في رام الله.

كما أوضح التقرير أن من بين عشرات المراكز التي تستخدم الليزر في الضفة الغربية، ثلاثة منها فقط مرخصة. لكنّها تتحايل على شروط الترخيص؛ ومنها التعاقد مع طبيب مختص مقيم للإشراف على التجميل بالليزر.

مراكز غير مرخصة

الدكتور محمد عبدالحميد، أمين صندوق نقابة الأطباء سابقًا يقول لـ”مصر 360″، هناك العديد من المراكز تضم عاملين غير أطباء. ومن يفعل ذلك يتعرض للعقوبة أمام القانون، لأن عمليات التجميل بدء من إزالة الشعر بالليزر يجب أن تتم تحت إشراف طبي كامل.

كذلك تابع أن أجهزة إزالة الشعر بالليزر، وهي من أكثر الأجهزة التي تصيب المواطنين حاليًا، منها أجهزة كثيرة تستورد بشكل غير قانوني. وتستخدم بطريق خاطئ يصيب البشرة، ويعرضها للحروق من الممكن أن تصل للدرجة الثالثة. كما شدد عبدالحميد، على ضرورة عدم الانسياق وراء الدعاية، وإعلانات خصومات الأسعار، لأنها ستؤدي لكوارث.

وائل منصور طبيب أمراض جلدية، يشير في تصريحات خاصة إلى أن عيادته تستقبل حالات يومية لمصابات من مراكز وعيادات تجميل غير مرخصة. كذلك غير معتمدة.

“اللي بيشتغل في المراكز دي مش دكاترة، ناس عادية خدوا كورس أسبوع ولا أسبوعين. ودي كارثة وممكن تؤدي للوفاة، مش بس التشوهات ولا الحروق” يختم الطبيب.