أطلقت مدونة البنك الدولي تقريرًا عن أزمة المناخ وتأثيرها على البلدان الأشد فقرًا، في ظل بلايين الأطنان من ثاني أكسيد الكربون التي ينتجها الغلاف الجوي جراء استخدام الوقود الأحفوري.
وبحسب الأمم المتحدة ينتج النشاط البشري مستويات قياسية من انبعاثات غازات الدفيئة، في وقت لا تلوح في الأفق أي أمارة على إمكانية حدوث تباطؤ في هذا الاتجاه.
كما أوردت مدونة البنك حادث أسراب الجراد الصحراوي العام الماضي، شمال كينيا كمثال على تغيّر المناخ. كذلك اعتبرته أسوأ انتشار للجراد تشهده البلاد منذ 70 عامًا.
كذلك التهمت الأسراب المحاصيل، وهددت الأمن الغذائي لثلاثة ملايين شخص. كما أحدثت دمارًا مماثلًا في بعض أشد البلدان فقرًا في أفريقيا والشرق الأوسط. حيث كانت الحكومات والمجتمعات المحلية تستجمع قواها للتصدي لجائحة فيروس كورونا.
لماذا حدث هذا الغزو النادر وواسع الانتشار (والمستمر) للجراد؟
كما ربط التقرير بين حجم غزو الجراد وشدته، وأزمة تغير المناخ، بوصفه نتيجة الأعاصير القوية في شبه الجزيرة العربية، والأمطار الغزيرة التي عادة تغمر المناطق الجافة حيث يتكاثر الجراد.
كذلك شرح التقرير كيف ساعدت الرياح القوية الناتجة عن الأعاصير أسراب الجراد المندفعة على الانتقال إلى شرق أفريقيا. كما لفت إلى أن تغير المناخ أضاف مستوى آخر من المخاطر الذي من المتوقع أن يتفاقم في المستقبل. وأن يلحق الضرر بأكثر الفئات ضعفًا في وقت تكافح فيه البلدان الأفقر جائحة كورونا.
من ناحية أخرى أوضح التقرير حقيقة إحراز تقدم على مدى 25 عامًا في الحد من الفقر العالمي، عاد إلى النقطة الحرجة، فها هو الفقر في تزايد.
وتشير التقديرات إلى أن جائحة كورونا أدت إلى زيادة عدد الفقراء فقرًا مدقعًا بمقدار 88 مليون إلى 115 مليون شخص في عام 2020 وحده. بينما يدفع تغير المناخ نحو 132 مليون شخص آخر إلى براثن الفقر بحلول عام 2030.
ما العمل؟
يؤكد التقرير حقيقة أنه لا يمكن للعالم أن يعود إلى المسار الصحيح للحد من الفقر دون الارتقاء إلى مستوى التحديات التي يفرضها تغير المناخ. وذلك عبر مساعدة البلدان الأشد فقرًا على التكيف، وأن تصبح أكثر قدرة على الصمود.
وبحسب التقرير، لا يقتصر هذا الجهد على بناء السدود الواقية والملاجئ للاحتماء من الأعاصير فحسب، بل يتعلق بتحسين رفاهة الناس، من حيث صحتهم وتعليمهم. كذلك إمكانية حصولهم على المياه النظيفة والصرف الصحي وفرص العمل. وحماية التنوع البيولوجي والنظم البيئية التي تحافظ على استمرار الحياة والاقتصادات.
كما لفت تقرير المدونة إلى جهود المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي لدعم أشد البلدان فقرًا على كل هذه الجبهات، وعلى مدار ما يقرب من عقد من الزمان.
وعلى هذا جعلت المؤسسة تغير المناخ في بؤرة تركيز المساعدات التي تقدمها استجابة للطلب المتزايد من البلدان النامية. كذلك أخذت المؤسسة في الاعتبار المخاطر الناتجة عن تغير المناخ في جميع مشروعاتها. وتعمل مع شركائها للوصول إلى أشد الأشخاص فقرًا، في مجتمعات محلية وأماكن معزولة.
وضرب التقرير المثال على ذلك في شمال كينيا، إذ قدمت المؤسسة الدولية للتنمية 43 مليون دولار لمواجهة غزو الجراد، ومساعدة المتضررين منه.
كذلك تقدم هذه المساعدة من خلال مشروع الزراعة المتكيفة مع تقلبات المناخ الذي يساعد المزارعين على زيادة خصوبة التربة واتباع ممارسات أخرى للاستخدام المستدام للأراضي. بينما يتمثل أحد أهداف المشروع في تمكين المجتمعات المحلية من الاستثمار في البنية التحتية.
كذلك اتخذ المشروع شكل نظام جديد لجمع المياه وتخزينها من أجل ألف شخص وماشيتهم البالغ عددها 9500 رأس. كما أنه من بين الفوائد الأخرى ساعد نظام تخزين مياه الأمطار النساء والفتيات على تجنب البحث اليومي عن المياه.
وتُعد هذه المشروعات جزء من جهد أكبر، يحظى بدعم المؤسسة، لزيادة الاستثمارات في مجالي البنية التحتية والخدمات. ومساعدة اللاجئين والمجتمعات المحلية المضيفة في شمال وشمال شرق كينيا بحسب التقرير.
جهود لرأب الصدع في اليمن
بحسب المدونة لا يحصل سوى أقل من 10% من اليمنيين على الكهرباء بسبب الصراع الدائر في البلاد منذ سنوات. بينما عانت قطاعات الرعاية الصحية والتعليم والعديد من الخدمات الأخرى معاناة شديدة.
ووفق التقرير يتولى المشروع الطارئ لتوفير الكهرباء في اليمن، بالشراكة مع مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع، تركيب أنظمة الطاقة الشمسية لتشغيل المنشآت الصحية والمدارس.
كذلك يجري التوسع في المشروع، الذي تدعمه المؤسسة بمنحة قدرها 50 مليون دولار، ليشمل مئات المنشآت الصحية في جميع أنحاء البلاد. مع تمكين العيادات من تخزين لقاحات كورونا التي تتطلب تخزيناً بارداً.
كما يأتي هذا الجهد ضمن العديد من الجهود الرامية إلى تلبية الاحتياجات الملحة في البلاد. من التصدي لفيروس كورونا إلى توفير الخدمات في المناطق الحضرية. بالإضافة إلى مواجهة غزو أسراب الجراد الصحراوي.
تدابير لمواجهة أعاصير الهادئ
يكشف التقرير جهود المؤسسة في جزر المحيط الهادئ، التي تواجه ارتفاع مستويات مياه البحر وأعاصير أكثر تكرارًا وشدة بسبب تغير المناخ. إذ تدعم التأهب للكوارث وبناء القدرة على الصمود أمامها.
وبعد أن ضرب إعصار “هارولد” من الفئة الخامسة فانواتو في أبريل عام 2020، ما ألحق أضراراً بالطرق، والمستشفيات، والمدارس والبنية التحتية للمياه. سرعان ما تمكنت البلاد من الحصول على تمويل طارئ بقيمة 10 ملايين دولار. من خلال منحة لأغراض سياسات التنمية لإدارة مخاطر الكوارث مع خيار السحب المؤجل لمواجهة الكوارث بتمويل من المؤسسة.
وفي خضم جهود البنك للمساعدة في مواجهة أزمة المناخ، يشدد التقرير على بذل الجهد لجلب المزيد من الابتكار لمكافحة تغير المناخ في أشد البلدان فقرًا. كذلك يتضمن هذا الأمر التركيز على المدى الطويل. والعمل على الحيلولة دون حدوث أزمات عن طريق دعم الانتقال إلى مستقبل أكثر مراعاة للبيئة. وأكثر شمولاً وقدرة على الصمود. إذ أن حياة ملايين الأشخاص تعتمد على ذلك.