“تؤثر الجائحة على الصحة العقلية لليافعين وتدفع الأسر نحو الفقر. وبوسع هذه التعطيلات الاجتماعية والاقتصادية أن تزيد احتمالية زواج الأطفال”. خرجت تلك الكلمات من “اليونيسيف” بعد عام من جائحة كورونا. لتنذر بأنه من الممكن أن تحدث 10 ملايين حالة زواج أطفال إضافية قبل نهاية هذا العقد، ما يهدد مكتسبات تحققت على مدى سنوات للحد من هذه المشكلة، وفقًا لتحليل جديد أصدرته اليونيسف.
انجاز مهدد
قبل وقوع جائحة كوفيد-19، كانت 100 مليون فتاة معرضة لخطر زواج الأطفال في العقد المقبل، تقول اليونسيف، وعلى الرغم من التقليص الكبير الذي تحقق في عدة بلدان في السنوات الأخيرة.
انخفضت في السنوات العشر الأخيرة نسبة الشابات في العالم اللاتي تزوجن في مرحلة الطفولة بواقع 15%، وذلك من واحدة من كل أربع فتيات إلى واحدة من كل خمس فتيات، أي ما يكافئ 25 مليون حالة زواج أطفال تم تجنبها، وقد بات هذا الإنجاز مهددًا حاليًا.
على الصعيد المصري
استقبلت مؤسسة “بنت النيل”، خلال فترة كورونا والحظر عدد من البلاغات تنوعت بين محافظات البحيرة والغربية وكفرالشيخ. وقالت أسماء دعيبس المديرة التنفيذية لمؤسسة “بنت النيل”تحت التأسيس، إنه خلال فترة كورونا استقبل المركز العديد من الحالات لزواج الأطفال، وحالات أخرى مهددة بالزواج، ولكن كان التحرك لهم صعب، خاصة وأن إجراءات الإبلاغ تستلزم أن تكون جهة الإبلاغ متمثلة في الأهل أو أحد الأقارب وينتهي الأمر بتسليم الطفلة لأهلها.
كذلك أشارت دعيبس، إلى أن خلال فترة كورونا والحجر المنزلي شهدت ارتفاع وتيرة العنف بصفة عامة والبلاغات عن طريق الخطوط الساخنة للدولة كان عليها ضغط كبير.
فتقول بسنت أحد ضحايا زواج الأطفال بسوهاج، والتي سبقت فترة كورونا ولكنها لم تنتهي حتى خلال الجائحة، “تزوجت وأنا 14 سنة، اتبهدلت جدًا وانضربت كنت بروح اشتكى لأهلي يرجعوني غصب، ويضربنى أكتر ولما قولتلهم انى عاوزه اطلق قالولى هنقتلك”، نتج عن زواج بسنت طفلين قبل أن تتمم عامها الـ 18.
وكشفت دراسة بحثية، أعدتها مؤسسة “بنت النيل”، وهي مؤسسة تحت التأسيس تعمل على مناهضة العنف الجنسي. أن نسبة زواج الأطفال بلغت بمركز أبو المطامير 53.5% والدلنجات 78.8%، وإدكو 68.6%، وهم ثلاث مراكز تابعين لمحافظة البحيرة، أقصى شمال مصر.
تنوعت المخاطر التي يتعرض لها الأطفال بجانب فيروس كورونا، إلى تعرض نسبة كبيرة من هؤلاء الفتيات للإجهاض المتكرر. هذا فضلا عن موت الأجنة والأنيميا الحادة، بالإضافة للاغتصاب الزوجي المستمر، بحسب مديرة مؤسسة بنت النيل.
الجائحة تلاحق الأطفال
ولفتت اليونيسيف، إلى أن السنة الماضية شهدت زيادة في عدد الأطفال الذين باتوا جياعاً، ومنعزلين، وضحايا للإساءات والقلق. وقد تعطل تعليم مئات الملايين من الأطفال. وتأثرت إمكانية الحصول على خدمات الحماية والخدمات الصحية بما في ذلك التحصين الروتيني، تأثراً شديداً.
وتصف منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أي زواج قبل سن 18 عامًا، بأنه انتهاك لحقوق الإنسان. وتحتل مناطق جنوب قارة آسيا ووسط أفريقيا المراكز الأولى في نسب تزويج القاصرات. وتحذر المنظمة من أن أكثر من 150 مليون فتاة أخرى سيتزوجن قبل بلوغ الثامنة عشرة بحلول عام 2030. وذلك في حال عدم الإسراع بمعالجة هذا الموضوع.
وأوضحت دراسة أعدها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، أن عدد من سبق لهم الزواج في سن (10-17 سنة) يبلغ 117220 فردا. وذلك بنسبة 0.8% من إجمالي السكان في هذه الفئة العمرية، وفقًا لتعداد 2017.
كما أشارت الدراسة إلى أن نسبة الأمية بين من سبق لهم الزواج في تلك الفئة العمرية تبلغ حوالى 40%. كما أن نسبة التسرب من التعليم بينهم تبلغ 36%. وذكرت الدراسة أن أحد أهم الأسباب الرئيسية للتسرب يرجع إلى التزويج المبكر، خاصة بين الفتيات بنسبة 25%.
إنهاء ممارسة زواج الأطفال بحلول عام 2030
وعلى صعيد العالم، يقدر أن 650 مليون فتاة وامرأة ممن هن على قيد الحياة حالياً قد تزوجن في مرحلة الطفولة، وقد كان نصف هذه الحالات في بنغلاديش والبرازيل وإثيوبيا والهند ونيجيريا. ومن أجل التعويض عن تأثيرات جائحة كوفيد-19 على الهدف بإنهاء ممارسة زواج الأطفال بحلول عام 2030 -وهو الهدف المحدد ضمن أهداف التنمية المستدامة- يجب تسريع التقدّم تسريعاً كبيراً.
ففي مصر وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال احتفالية المرأة المصرية والأم المثالية، بسرعة إصدار تشريع يجري بموجبه منع الزواج المبكر للأطفال، والتي بصدد مناقشة البرلمان لها مرة ثانيا بعدما أغلقت المناقشات خلا لالدورة البرلمانية السابقة.
“بوسعنا أن نحقق تقليصاً كبيراً في خطر سلب الفتيات طفولتهن عبر زواج الأطفال”، قالت المديرة التنفيذية لليونيسف، هنرييتا فور، مشيرة إلى إنه بعد مرور سنة على الجائحة، ثمة حاجة إلى عمل فوري للحد من الأضرار التي وقعت على الفتيات وأسرهن.
كذلك من خلال فتح المدارس، وتنفيذ قوانين وسياسات فعالة، وضمان إمكانية الوصول إلى الخدمات الصحية والاجتماعية.
وحتى قبل وقوع الجائحة، كانت النزاعات والفقر وسوء التغذية وتغير المناخ تدفع نحو تزايد كبير في عدد الأطفال المحتاجين للمساعدة. بينما تزيد جائحة كوفيد-19 هذا الوضع سوءاً. وبينما قد يظهر هذا الواقع بأنه فادح إلى درجة تحول دون تغييره، لكن هناك سبب للأمل أيضاً.