بينما تستعد مصر لنقل المومياوات الملكية الـ 22، المقرر أن تغادر المتحف المصري بالتحرير يوم 3 أبريل المقبل، لتستقر في متحف الحضارة بالفسطاط. انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي الشائعات التي ربطت بين الحوادث الأخيرة في مصر منذ الثلاثاء وبين “لعنة الفراعنة”. الكلمة التي تصدرت تريند جوجل، واضطر خبراء الآثار مع استدعائها إلى التصريح بنفي هذا الربط بين الحدثين.
كيف بدأت الكوارث؟
العديد من المتابعين عبر مواقع التواصل وصفوا الفترة من الثلاثاء الماضي وإلى اليوم بأسبوع الكوارث. والذي سُجلت آخر محطاته صباح اليوم، بحريق اندلع داخل أحد أبراج المعادي ستار على كورنيش المعادي، بالقرب من المحكمة الدستورية العليا جنوبي القاهرة. وقد نقلت وسائل الإعلام المحلية أن نيران اشتعلت في إحدى الشقق العلوية بالبرج، ما أدى إلى تفحمها بالكامل. بينما أرجعت المصادر تفاقم الحريق وصعوبة السيطرة عليه إلى أرضيات الشقة المصنوعة بالكامل من الباركيه. وجرى الدفع بـ 4 سيارات من الحماية المدنية وقوات الشرطة وسيارة إسعاف تمكنت من السيطرة على الحريق، دون تسجيل إصابات.
هذا الحادث الأخير وإن كان الأحدث، فهو الأقل تأثيرًا وضررًا. ذلك بالمقارنة مع ما شهده الثلاثاء الماضي بحادثة السفينة الجانحة في قناة السويس، مرورًا بكارثة اصطدام قطاري سوهاج، وسقوط عقار جسر السويس.
السفينة الجانحة
ففي الثلاثاء الماضي. جنحت السفينة العملاقة “إيفرجيفن” المملوكة لشركة “إيفرجرين” التايوانية -يبلغ طولها 400 متر- بقناة السويس. وهي الأزمة التي لا تزال متواصلة إلى الآن، وإن نجحت الجهود المحلية لإنقاذ الوضع في تحريك دفة السفينة 30 درجة. ومن ثم تحرير رفاسها، في عمليات تشارك بها 14 قاطرة، بالإضافة إلى سفينتي تكريك رئيسيتين وزورقين آخرين وصلا اليوم. وفق ما أعلنته شركة إدارة السفن التابعة لـ”MV EVER GIVEN”.
اقرأ أيضًا: الإغلاق التاسع.. ماذا حدث في قناة السويس وما توابع الأزمة؟
اقرأ أيضًا: عملاق نائم في قناة السويس.. لماذا يتابع العالم بقلق أزمة السفينة الجانحة؟
قطارا سوهاج
كذلك سجل يوم الجمعة الماضي فاجعة في مدينة طهطا بمحافظة سوهاج جنوبي مصر. حينما لقي 23 مواطنًا مصرعهم (3 منهم أشلاء)، بينما أصيب 185 آخرين، في تصادم قطاري ركاب. ذكر شهود العيان أن أحدهما كان متوقفًا حينما اصطدم به القطار الآخر من الخلف. ونتج عن ذلك خروج عدة عربات من القطار المتوقف عن القضبان وانقلابها.
وقد انتقل رئيس الحكومة على رأس عدد من الوزارء إلى موقع الحادث لمتابعة آثاره. بعد توجيهات من رئيس الجمهورية، الذي أكد في منشور عبر “فيسبوك”، على ضرورة العمل على إنهاء هذا النمط من الكوارث. فيما لا تزال تحقيقات النيابة جارية للوقوف على أسباب الكارثة الأخيرة.
اقرأ أيضًا: ابحث عن بلف الخطر.. “ممنوع الكلام عن قطار سوهاج”
اقرأ أيضًا: ناجون من قطار سوهاج: الاصطدام كان مثل الانفجار.. والأشلاء غطت المقاعد
عقار جسر السويس
عقب ذلك بساعات، شهدت منطقة جسر السويس شرقي القاهرة كارثة جديدة السبت. مع انهيار عقار سكني، أسفر سقوطه إلى اليوم عن 25 حالة وفاة فضلاً عن 25 مصابًا. ذلك بعد أن تمكنت قوات الحماية المدنية من انتشال جثتين جديدتين صباح اليوم، في وقت تتواصل أعمال البحث عن ناجين.
وقد أمر المستشار حمادة الصاوي النائب العام بفتح تحقيق عاجل في الحادث. الذي أفاد شهود وناجون منه بأن وقع بعد أن قرر “صاحب مصنع ملابس أسفل العقار العبث في أساساته بغرض توسعة مصنعه”.
اقرأ أيضًا: كارثة عقار جسر السويس.. كيف تضمن سكنًا آمنًا؟
اقرأ أيضًا: الموت ينتقي ضحاياه.. مشاهد من مأساة عقار جسر السويس
لعنة الفراعنة.. المصريون يسخرون من كوارثهم
سلسلة الحوادث المتتالية هذه استقبلها رواد مواقع التواصل الاجتماعي بما اعتاده كمصريين يسخرون من كوارثهم وأزماتهم. فانتشرت عبر تويتر وفيسبوك تدوينات ربطت بين الوقائع الأخيرة وحدث نقل المومياوات الملكية الذي تنتظره العاصمة المصرية السبت المقبل. وهو أمر لاقى تفاعلاً وصل إلى حد أن تصدر مصطلح “لعنة الفراعنة” قائمة الأكثر بحثًا عبر جوجل.
عالميًا، ذُكر مصطلح “لعنة المومياء” للمرة الأولى، بعد اكتشاف قبر الملك توت عنغ آمون. خاصة بعد افتتاح غرفة الدفن في 16 فبراير 1923. حينها فُتحت مع المقبرة أبواب الحكاية الغامضة التي دعمتها الروايات المثيرة للوفاة اللاحقة لراعي الحملة اللورد كارنارفون.
مات الرجل بتسمم الدم. ثم توفي ستة من بين 26 شخصًا كانوا موجودين عند فتح المقبرة في غضون عقد من الزمن. وتوفي هوارد كارتر نفسه -مكتشف مقبرة الملك- عام 1939، أي بعد 20 عامًا تقريبًا من فتح القبر. وهي أحداث منحت جميعها تلك الأسطور قدرتها على إبهار الجماهير.
لعنة الفراعنة التي اخترعها القدماء وصدقتها الأجيال الحالية
إلا أنه وقبل وفاته بسنوات قليلة، قال عالم المصريات الراحل دومينيك مونتسيرات -في حديث لصحيفة “إندبندنت” البريطانية- إن مفهوم لعنة المومياء يسبق اكتشاف كارنارفون لتوت عنخ آمون ووفاته بمئة عام. وكان مونتسيرات يعتقد وهكذا أظهر بحثًا شاملاً أجراه حول الأمر، أن العرض الذي ظهر فيه فك أغلفة مومياوات مصرية حقيقية كان الملهم لأول ما كتب عن “لعنة الفراعنة”، ومن بعده العديد من الآخرين الذين تناولوا حكايات انتقام المومياء.
هذه الأساطير المتداولة عن “لعنة الفراعنة” أيضًا تغذيها النقوش والرسومات الغامضة ولغة الوعيد التي حافظ المصريون القدماء على نقش جدران قبورهم بها. في سبيل حمايتها من ناهبيها، وفق سليمة إكرام، عالمة المصريات بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، والتي تنقل عنها مجلة “ناشيونال جيوجرافيك” العلمية، أن مفهوم اللعنة كان موجودًا في مصر القديمة كجزء من نظام أمني بدائي. “كان المصريون يميلون إلى تهديد المنتهكين بالانتقام الإلهي أو الموت على يد تماسيح أو أسود أو عقارب أو ثعابين رسموها على قبورهم”.
أما علميًا، فقد أثبتت الدراسات الحديثة، أن الوفيات الناتجة عن فتح بعض القبور التاريخية كما حدث في مقبرة “توت عنغ آمون” في عشرينيات القرن الماضي، لا يخرج عن كونه تسمم ببعض المواد الكيميائية التي كانت تحويها هذه المقابر التي أغلقت لآلاف السنوات.
وفي مداخلة هاتفية أمس لأحد البرامج التلفزيونية المحلية بمصر، أكد الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، أنه لا يوجد شيء اسمه “لعنة الفراعنة”. وقد رفض الربط بين الحوادث التي شهدتها مصر خلال الأيام الأخيرة بهذا الأمر وحدث نقل المومياوات الملكية في 3 أبريل.
وأيضًا، اتفق حواس مع التفسير الذي يرجع موت بعض العلماء بعد فتح المقابر الأثرية في الماضي إلى وجود جراثيم سامة في الغرفة الموجود بها المومياوات.
وفيما يخص حدث المومياوات الملكية، قال إن هذا الموكب أكبر دعاية لمصر، وتابع: “لو دفعنا بلايين الدولارات لم نكن لنستطيع أن نروج لمصر بهذا الشكل.. العالم كله سينظر لمصر باحترام كبير جدًا خلال عملية نقل المومياوات، والتي ستستمر لمدة 40 دقيقة”.