باتت ساحة القضاء مألوفة تماما للفنانة المصرية رانيا يوسف في السنوات الأخيرة، إذ اعتادت المثول للتحقيق في مرات والدفاع عن نفسها في أخرى، وكلها اتهامات متعلقة بأسلوب حياتها وطبيعة شخصيتها وتفكيرها، إما لإثارة الجدل من خلال ملابسها أو تصريحاتها عن الدين والحريات الفردية.

وفي وقت يتنحى كثير من الفنانين أصحاب الرأي والمواقف عن الحديث، خوفا من الصدام مع المجتمع أو الهيئات الدينية، وجدت رانيا يوسف نفسها في قفص الاتهام باستمرار، إذ زارت المحاكم والنيابات حوالي 10 مرات في سنوات متقاربة حسمها القضاء لصالحها سواء بالحفظ لعدم اكتفاء الأدلة أو لعدم وجود حق في الدعوى، ما يجعلنا نصفها بالناجية من الحسبة.

مصطلح “الحسبة” ليس جديدا ويعود انتشاره إلى قرون طويلة خلت، بل يربطه البعض بنشأته مع نشأة الإسلام في شبه الجزيرة العربية، لكن في العصر الحديث ارتبط بالأشخاص الذين يتصدرون واجهة جهاز معين، إداري أو أمني، أو حتى تيار فكري معين.

هذا الشخص الذي يتحسس قلمه لكتابة مذكرة قضائية كلما شعر أن شخصا ما يتعارض مع تقاليده، أو مصلحة الجهة التي ينتمي إليها، وهؤلاء كثر يتحينون الفرصة، والفرصة دائما ما تكون متاحة عند رانيا يوسف.

وبحسب الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ظهر تعبير “الحسبة” مرة أخرى في بداية القرن الواحد والعشرين ليصف أولئك الذين يضعون الناس تحت المجهر ويلاحقوهم قضائيا ليصادروا على حريتهم في الفكر والتعبير.

وصنفت الشبكة في تقرير لها تحت عنوان “المحتسبون الجدد” المحامين الذين يلاحقون الناس ويحاصرون حرية التعبير عبر تقديم البلاغات، في ثلاث فئات هي: راغب الشهرة الذي يناضل من أجل قضية أثارت الرأي العام، والنوع الثاني هو شخص إما يرغب في التقرب للسلطة، أو أنه بالفعل مقرب للسلطات التي توعز إليه بتقديم بلاغات لمحاصرة معارضيها، أما الثالث هم أشخاص مؤمنون حقا بما يقومون به، يدافعون عن وجهة نظرهم بالطريقة الخاطئة، فهم يدافعون عن رأيهم عبر مصادرة رأي الآخر، والتعامل مع الآخر بوصفه يجر الشرور على المجتمع، ويعتبر نفسه أنه هو وحده الذي يحمل الخير للوطن.

رانيا يوسف كانت صيدا هائلا من قبل النوعين الأول والثالث، أي من راغبي الشهرة، والمؤمنين بحقهم في الدفاع عن أخلاق المجتمع، فهي بعيدة كل البعد عن السياسة.

لجرأتها في التصريحات واختيار نوعية ملابسها، صارت رانيا دوما في مواجهة الهجمات سواء من زميلاتها الفنانات أو الجمهور أو  مجموعة المحامين التي ترى في حديثها وأفعالها خروجا عن النص يجب أن يتم ضبطه، لأنها حسب الاتهامات التي وجهت إليها تتعمد الإتيان بأفعال وأحاديث لا تتناسب مع العادات والتقاليد للمجتمعات العربية المحافظة.

اقرأ أيضا:

عباءة المتنمر المصري الحاضرة في صفحات الفنانين

الفعل الفاضح وازدراء الأديان

اليوم كان حلقة جديدة من حلقات رانيا يوسف مع القضاء والحسبة، وكالعادة انتهت لصالحها، إذ قضت محكمة جنح قصر النيل، ببراءة يوسف في القضية التي أقيمت ضدها على خلفيات تصريحاتها عن “المؤخرة والحجاب”.

ظهرت الفنانة رانيا يوسف عبر قناة الرشيد العراقية في برنامج “مع الفارس”، وعند سؤالها عن تعمدها إرتداء ملابس تظهر مؤخرتها خلال مهرجان الجونة السينمائي، قالت: “جسمي مميز، شوفت نفسي في المراية ولقيت حاجات حلوة، لو عندي حاجة حلوة ليه أخبيها.. يعني لو عندي حاجة حلوة فـ (وأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)، أحب أوريها للناس كلها.. وده في الحياة عامة”

فور بث حلقة البرنامج عبر الفضائيات، تقدم المحامي أشرف ناجي، ببلاغ ضد يوسف، متهما إياها متهما إياها بأنها تقدم جنسا صريحا إلى الأسرة المصرية من خلال تصريحاتها عن مفاتنها وملابسها التي لا تتناسب مع العادات والتقاليد العربية.

كما تضمنت الدعوى، جريمة ازدراء الدين الإسلامي، إذ إنه خلال الحلقة تم طرح سؤال من قبل نزار الفارس على رانيا قائلا: متى نرى رانيا يوسف محجبة؟

فجاءت إجابة رانيا قائلة: “إحنا المصريين مكناش محجبين، وإن الحجاب ده اتفرض علينا في الثمانينيات وأواخر السبعينيات”.

فستان دون بطانة

ومن قبل تسبب ظهورها بـ”فستان” عار في مهرجان القاهرة السينمائي حالة من الجدل والاستياء، مما دفع عدد من المحامين، أبزرهم سمير صبري، بتقديم بلاغات ضد الفنانة اتهموها بالفعل العلنى الفاضح والتحريض على الفسق والفجور وإغراء القصر ونشر الرذيلة التى تخالف الأعراف والتقاليد السائدة فى المجتمع المصرى.

يصف صبري نفسه بـ”أبو البلاغات” واعترف من قبل بأنه مناهض لحرية الرأي والتعبير، معللا ذلك بأنه يحاول حماية البلاد من الفوضى.

واجهت يوسف حينها انتقادات كبيرة بسبب ارتداء الفستان وهو ما دفعها إلى الظهور في عدد من البرامج ولقاءات صحفية للاعتذار عن خطأ غير مقصود، زاعمة إن الفستان لم يهذا الشكل إلا أن البطانة الخاصة بالفستان قطعت فاضطرت لارتداءه دون بطانة.

حفظت النيابة العامة بمدينة 6 أكتوبر، التحقيق فى البلاغات المقدمة لعدم وجود وجه لإقامة الدعوى دعوة قضائية ضد الفنانة.

وأعلن صبري ندمه لسحبه البلاغ الذي كان قدمه في الفنانة رانيا يوسف، على إثر ارتدائها ثوبا اعتبره المحامي فاضحا، مؤكدا أنه سحب البلاغ استجابة لعواطفه، لكن يبدو أن الفنانة لم ترتدع ولم تقدر موقفه المتسامي معها، فقامت بارتداء العديد من الأزياء “الفاضحة” بعد سحبه البلاغ.

سب وقذف خالد يوسف

وفي منطقة أخرى، تقدم المحامي أحمد بدوي، بدعوى قضائية رقم 18799 لسنة 2019 جنح الدقي، وكيلًا عن المخرج خالد يوسف، اختصم خلالها قناة “القاهرة والناس” وبرنامج “شيخ الحارة”، وضيفة إحدى حلقاته، المقصود بها رانيا، بدعوى الخوض في سيرته وعرضه والتشهير المتعمد به.

وحسب الدعوى القضائية، طرحت الإعلامية بسمة وهبة تساؤلا حول وجود علاقة بين رانيا والمخرج خالد يوسف على خلفية الأفلام الإباحية التي تم تسريبها لها برفقة عدد من النساء، فما كان من الأخيرة إلا التأكيد على عدم وجود علاقة جمعتها والمخرج السينمائي.

لم تتحدث رانيا عن المخرج، ولم تتهمه بإقامة علاقات نسائية، لكنه تورطت بسبب السؤال من قبل المذيعة.

مخدرات في السيارة

كانت قضية حيازة المخدرات واحدة من أكثر القضايا التي كان من الممكن أن تنهي مسيرة رانيا، وتدور أحداث القضية قبل سنوات عندما فوجئت “يوسف” بقوة من الشرطة تبلغها أن هناك بلاغاً بأن احداً ما وضع سلاحاً آلياً في سيارتها.

وبتفتيش السيارة تم العثور على كمية كبيرة من مخدر الحشيش في حقيبة سوداء مخبأة داخل السيارة، وقتها أنكرت رانيا علاقتها بالمخدرات مؤكدة أن هناك من تعمد دس الحقيبة داخل سيارتها من أجل الزج بها في السجن.

فيما بعد قامت نيابة قصر النيل بالاستعلام عن صاحب الرقم المبلغ فاكتشفت أن الرقم ليس مسجلًا، كما أثبت المعمل الجنائي أن جميع كوالين السيارة بها محاولات للفتح بغير مفتاحها الأصلي.

واتهمت رانيا طليقها كريم الشبراوي بتلفيق التهمة لها، إلا أن الأمر لم يستمر طويلا إذ تم حفظ القضية.