متاهة قانونية جديدة تلاحق المتزوجات وهن قاصرت، ومن يتعرضن لاغتصاب ينتج عنه طفل، وهي حقهن في إثبات النسب. أشهر هذه المتاهات تتمثل في قضية أمل عبد الحميد ضحية الاغتصاب بالمنصورة، والتي من المقرر أن تنظر محكمة المنصورة أولى جلسات دعواها لإثبات النسب في 8 أبريل المقبل.
هناك 6 آلاف دعوى إثبات نسب، بجانب 12 ألف دعوى نفي نسب أمام المحاكم، وفقا لأحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الصادر في 2016
لم تكن أمل القضية الأولى التي تفجر أزمة إثبات النسب للأطفال، لكنّ هناك 6 آلاف دعوى إثبات نسب، بجانب 12 ألف دعوى نفي نسب أمام المحاكم، وفقا لأحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الصادر في 2016.
مستقبل الأطفال في البصمة الوراثية
تقول شيرين غالب أستاذة الطب الشرعي والسموم بمستشفى القصر العيني، إن وقائع الاغتصاب وزنا المحارم وغيرها بات إثبات نسب الأطفال فيها عن طريق تحليل البصمة الوراثية وهو جنين في بطن أمه. وطالبت بضرورة أن يراجع النائب العام المواد التي تعطيه الحق بأن بأمر بالاعتماد على التحليل في هذه الحالات.
ولفتت غالب، خلال مؤتمر عقده مركز قضايا المرأة، إلى أن قانون الأحوال الشخصية لا يعترف بالنسب إلا في ظل علاقة زواج رسمية. غير أن تعديلات قانون الطفل تثبت نسب الطفل لأبويه بالوسائل العلمية الحديثة وهو البصمه الوراثية.
المادة 4 من قانون الطفل تنص على أنه “لا يجوز أن ينسب الطفل إلى غير والديه، ويحظر التبني. وله الحق في إثبات نسبه الشرعي إليهما بكافة وسائل الإثبات بما فيها الوسائل العلمية المشروعة”
ونصت المادة 4 من قانون الطفل على أنه “لا يجوز أن ينسب الطفل إلى غير والديه، ويحظر التبني. وله الحق في إثبات نسبه الشرعي إليهما بكافة وسائل الإثبات بما فيها الوسائل العلمية المشروعة. وعلى الوالدين أن يوفرا الرعاية والحماية الضرورية للطفل. وعلى الدولة أن توفر رعاية بديلة لكل طفل حُرم من رعاية أسرته ويحظر التبني، ولا يجوز أن يكون الاسم منطوياً على تحقير أو مهانة لكرامة الطفل أو منافياً للعقائد الدينية”.
أرقام مفزعة
وتضيف غالب أنه تم البدء في إثبات النسب والإقرار والبنية والشهود وعلاقة الزوجية من خلال تحليل البصمة الوراثية. وتشير إحصائيات التعبئة والإحصاء إلى وجود 18 ألف دعوى ما بين 6 آلاف عوى إثبات و12 ألف دعوى نفي، ويجرى إحالتها للجنة مدنية لتقييم إثبات النسب من عدمه.
88 ألف حالة زواج عرفي فى 2015، تمثل 9% من حالات الزواج فى مصر، منها 62 ألفا لفتيات تحت 18 سنة وبلغت قضايا إثبات النسب بالمحاكم نحو 75 ألف قضية
وكشف الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء أن أعداد حالات الزواج العرفي فى 2015 بلغ 88 ألف حالة وهى تمثل 9% من حالات الزواج فى مصر، منها 62 ألفا لفتيات تحت 18 سنة. بينما بلغت قضايا إثبات النسب بالمحاكم نحو 75 ألف قضية.
أوجه القصور
وتشهد مصر آلاف القضايا المسكوت عنها، بسبب قصر يد المجني عليها. فهذه فاتن تقول إنها تزوجت بعمر 14 سنة، وبعد 7 سنوات زواج أنجبت ولدًا وبنتًا من زواجها العرفي، في حين رفض زوجها إشهار الزواج رسميا بعد وصولها لسن 18 سنة. وبعدما نفض أهلها يدهم عنها تقول إنها رفعت قضية إثبات زواج حتى تستطيع رفع قضية إثبات نسب.
عبد الفتاح يحيى المحامي بمؤسسة قضايا المرأة المصرية، يقول إن إشكاليات إثبات النسب بالوسائل العلمية الحديثة فتحت المجال مرة أخرى لمراجعة تشريعات الإجهاض الآمن. ويستند إلى ذلك بإمكانية إثبات نسب الطفل وهو في رحم الأم، وذلك في وقائع الاغتصاب وزنا المحارم والواقع المختلفة التي تتعرض لها الفتيات.
قانون الأحوال الشخصية لا يقبل دعاوى إثبات النسب
ويشير المحامي إلى أن قانون الأحوال الشخصية لا يقبل دعاوى إثبات النسب إلا في ظل العلاقة الزوجية، وهو ما يستوجب أولا رفع دعوى إثبات علاقة الزوجية، وبعدها رفع دعوى إثبات النسب. وضيف أن الطريق القانوني يتطلب أكثر من 5 سنوات في التقاضي في ظل علاقة زواج غير شرعية، وهو ما وصفه بـ”حائط صد كبير”.
وأشار عبد الفتاح إلى أن المادة 4 من قانون الطفل واضحة بتكليف المحكمة بتحليل البصمة الوراثية. وفي قضية أمل عبد الحميد تم إجراء التحليل للطفل والرجل والمرأة. وفي الاستئناف جرى تعديل الحكم بالبراءة. وذكر تقرير الطب الشرعي أن تحليل DNA هو تقرير خبير يجوز للمحكمة أن تأخذ به أو تستعيض عنه، وبالفعل قامت بالاستعاضه ورفضت الإثبات.
وعرض عبد الفتاح أوجه قصور في المادة 4، ومنها على سبيل المثال، عدم إلزام المحكمة بتكليف الطب الشرعي من عدمه في الاستعانة بتحليل البصمة الوراثية، وإن تم الأخذ بالتحليل ففي الاسئناف يتم الاستعاضنه عنه. وأكد أن القوانين لا تتناسب مع الواقع ونحتاج لتعديلات جديدة.
وطالبت الكاتبة المصرية عزة كامل، الأزهر والبرلمان ومرفق العدالة بالعودة لفتح هذه الملفات مرة أخرى، وإجراء حوار مجتمعي حولها لحماية الأطفال والمرأة.
مصلحة الأطفال أولاً
وعن ضرورة توفيق الاجتهاد مع العلم الحديث، تقول كامل: “اليوم يتم رفع آراء الفقهاء الأربعة، وذلك ضد مقاصد الشريعة والمنطق والدستور والاتفاقيات التي وقعت عليها مصر. نريد الوصول إلى قوانين تتناسب مع الدستور وتعمل على المصلحة الفضلى للأطفال”.
قضية أمل فتحت الأمل مرة أخرى أمام تلك الدعاوي والتي تدخل فيها النائب العام كثيرا، نظرًا لكم الاعتداءات التي تتعرض لها الأنثى
وقال محمد يونس محامي أمل عبد الحميد إن قضية أمل فتحت الأمل مرة أخرى أمام تلك الدعاوي، والتي تدخل فيها النائب العام كثيرا. وفي ذلك إشارة إلى صدور بيان بهتك عرضها غصبًا عنها لأول مرة، وأمر النائب العام بإجراء تحليل البصمة الوراثية.
وطالب يونس بضرورة معالجة القصور في القوانين، لافتا إلى أن الوضع حاليا اختلف، نظرًا لكم الاعتداءات التي تتعرض لها الأنثى.
لا يأس ولا تنازل
“كل اللي طلباه إني أرجع حق ابنتي وحقي”، تقول أمل عبد الحميد ضحية الاغتصاب بالمنصورة. وأكدت أنها لن تيأس ولن تتنازل، مشجعة أى فتاة تعرضت لأي اعتداء أن تتحدث ولا تتنازل قائلة: ” خليكي ورا حقك”. ظلت أمل هادئة بجوار ابنتها، تحتضنها الأم التي وجه لها الحضور التحية والامتنان خلال المؤتمر الصحفي، فهي الداعم الأول لابنتها رغم الصعاب والقهر ونظرة المجتمع الذي كثيرا ما يكون قاسيًا.