تزايد في الآونة الأخيرة التوجه الأمريكي لفرض عقوبات على مسؤولين سعوديين، من بينهم ولي العهد محمد بن سلمان، على خلفية اغتيال الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي.

يأتي هذا على خلفية موافقة لجنة الشئون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي جزئيًا على مشروع قانون قدمه مشرعون أمريكيون لمعاقبة المملكة العربية السعودية على مقتل جمال خاشقجي، ما يعني أن الحزبين يدعمان حتمية محاسبة ولي العهد محمد بن سلمان، على نطاق واسع.

تشريع ديمقراطي

وفي وقت سابق، قدم عضو الكونجرس الديمقراطي توم مالينوفسكي تشريعًا من شأنه أن يفرض حظر تأشيرات على المسؤولين السعوديين المتورطين في اغتيال خاشقجي، بما في ذلك ولي العهد.

وهو ما اعتبره تطبيق القوانين الحالية التي تفرض حظر التأشيرات على منتهكي حقوق الإنسان.

وأضاف أن مقتل خاشقجي لم يكن جريمة خطيرة فحسب، بل إهانة لواشنطن أيضًا. وقال: “هذا قرار متعمد من قبل الحاكم الفعلي للبلاد للوصول إلى داخل الولايات المتحدة لتهديد ثم قتل أحد سكان بلدنا لأن هذا الشخص الذي يعيش في بلادنا كان ينتقد القيادة السعودية”.

في حين، طرح النائب جيري كونولي من ولاية فرجينيا التشريع الآخر المقدم والذي يقضي بتعليق صفقات بيع السلاح إلى المملكة لمدة 4 شهور، ذلك بعد قرار تعليق الإدارة الأمريكية الجديدة للرئيس جو بايدن بيع أسلحة للمملكة العربية السعودية ومقاتلات إف-35 للإمارات العربية المتحدة في إطار مراجعة “قرار اتخذ إبان ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب، وفق ما أفادت الخارجية الأمريكية في 27 يناير الماضي.

دعم جمهوري

كما شمل التشريع المقدم إغلاق أي مكان أو منشأة دبلوماسية سعودية إذا ثبت تورطها في أي عملية تجسس أو تهديد للمعارضة السعودية الموجودة في الولايات المتحدة الأمريكية. المشروع حصل على دعم مايكل ماكول، أكبر الجمهوريين في اللجنة، بعد التأكد من أنه لن يمنع المملكة من شراء أسلحة دفاعية.

يتضمن المشروع إغلاق أي مكان أو منشأة دبلوماسية سعودية إذا ثبت تورطها في أي عملية تجسس أو تهديد للمعارضة السعودية الموجودة في الولايات المتحدة الأمريكية

يأتي المشروعين بعد فترة قليلة من رفض بايدن فرض عقوبات على بن سلمان رغم  إصدار إدارته تقريرًا يؤكد أن بن سلمان وافق على اغتيال خاشقجي. وذلك خوفًا من تدهور العلاقات بين واشنطن والرياض، الأمر الذي انتقدته جماعات حقوق الإنسان.

أصدرت إدارة الرئيس الأمريكي تقريرًا استخباراتيًا نهاية فبراير الماضي، رفعت عنه السرية بشأن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

وقال تقرير الاستخبارات الأمريكية إن محمد بن سلمان وافق على “عملية اعتقال أو قتل الصحفي السعودي”. وقدمت إدارة بايدن التقرير الذي رفعت عنه السرية إلى الكونغرس قبل إصداره للجمهور.

لذلك سيكون هذا أول إجراء من الحزبين يتخذه الكونجرس لفرض بعض الإجراءات العقابية على السعودية،. وبحسب”Cnn، قال جريجوري ميكس رئيس مجلس النواب للشؤون الخارجية في نيويورك إن “هذا التشريع يفرض قيودًا معقولة على عمليات نقل الأسلحة الأمريكية إلى وكالات المخابرات السعودية التي ثبت تورطها في قتل جمال خاشقجي وغيره من أشكال القمع السياسي، إلى أن يتلاشى هذا القمع وإساءة معاملة المعارضين”.

في المقابل، رفضت الرياض الإقرار بنتائج التقرير الأمريكي، ولا يزال المسؤولون السعوديون يصرون على أن القتل كان عملية خفية لم يوافق عليها  بن سلمان.

وبحسب ميدل إيست آي أوضح كونولي أنه “لا يوجد تسامح مع هذا النوع من المعارضة والناس يتعرضون للقتل، ولا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي خلال هذا الوقت”. وأشارت الصحيفة إلى أن بعض الجمهوريين قدموا دعمهم للمملكة من خلال تسليطهم الضوء على علاقات السعودية  الطيبة مع إسرائيل.

تهديدات سعودية

في السياق ذاته، أعلنت محققة الأمم المتحدة، أغنيس كالامارد، عبر سلسلة من التدوينات على موقع “تويتر” عن تعرضها للتهديد من قبل مسؤول حكومي سعودي. وأكدت أن ما تتعرض له من أعمال الترهيب والعنف اليومية أكبر بكثير. وكتبت تقول: “يجب على الدول أن تفهم أن التصرف كبلطجية في نيويورك وجنيف ليس مقبولاً”.

محققة الأمم المتحدة أغنيس كالامارد تحدثت عبر سلسلة من التدوينات على موقع “تويتر” عن تعرضها للتهديد من قبل مسؤول حكومي سعودي

كان تحقيق كالامارد واحد من أقوى التقارير التي أكدت مسؤولية بن سلمان عن مقتل جمال خاشقجي والتستر على الجريمة، مع إعادة سرد ما حدث من وحشية في حادث الاغتيال لصحفي واشنطن بوستعام 2018 داخل القنصلية السعودية في إسطنبول على يد فريق مكون من 15 شخصا، ويعتقد أن أوصال الرجل قد قطعت.

وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” مع 41 منظمة أخرى قد دعت الرئيس جو بايدن إلى فرض عقوبات متاحة بموجب “قانون ماغنيتسكي العالمي للمساءلة بشأن حقوق الإنسان” على المسؤولين في أعلى مستويات القيادة السعودية، ومنهم بن سلمان.

قانون الاعتمادات الموحدة

هذا القانون يسمح للسلطات الأمريكية بفرض عقوبات على الأفراد الأجانب الذين ارتكبوا انتهاكات لحقوق الإنسان أو تورطوا في فساد كبير. وهو القانون نفسه الذي استخدمته السلطات الأمريكية لمعاقبة 17 مسؤولا سعوديا في فبراير الماضي لدورهم المزعوم في قتل خاشقجي. وذلك من خلال وضع قيود على تأشيرات 76 سعوديا آخرين لأنهم “هددوا المعارضين في الخارج”.

قانون الاعتمادات الموحدة لعام 2021 يتطلب من السلطات الأمريكية إصدار حظر دخول على محمد بن سلمان؛ نظرا لتورطه المباشر في “فساد كبير” و”انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”. وأكدت المنظمة على ضرورة إثبات الرئيس بايدن احترامه لحقوق الإنسان في سياسته الخارجية.

محمد بن سلمان يبحث عن حليف جديد من خلال إرساله دعمًا غير متوقع للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

وتحدث البعض عن أن محمد بن سلمان يبحث عن حليف جديد من خلال إرساله دعمًا غير متوقع للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وأبلغ ولي العهد السعودي السلطات الفرنسيةبأنه يؤيد عزم الرئيس ماكرون مراقبة حج المسلمين الفرنسيين إلى مكة المكرمة بشكل أفضل، حتى يضمن لهم عوائد مالية إضافية، وذلك لتلميع صورة المملكة في العالم الغربي.