45 عامًا تمر على يوم الأرض، ولا يزال الفلسطينيون في شتى بقاعها يتمسكون بحق العودة، صامدين في الداخل، لا يثنيهم عن ذلك احتلال دموي، يحرمهم من حقهم في أرض فلسطين التاريخية.

يحيي الفلسطينيون يوم الأرض، رغم البغاء الاستيطاني المستفحل، وجائحة كورونا التي زادت من عنصرية الكيان الصهيوني، وعدوانه، وذلك تخليدًا للدماء التي سالت على تلك الأرض، وتأكيدًا على الحق فيها.

ويعود الاحتفال بيوم الأرض إلى الاحتجاجات التي صاحبت قانون المصادرة الأول تحت اسم “تطوير الجليل” وصودرت بموجبه أراض فلسطينية، وصلت إلى 21 ألف دونم من أراضي الجليل والمثلث والنقب.

يحيي الفلسطينيون يوم الأرض
يحيي الفلسطينيون يوم الأرض

اشتعلت المظاهرات، وأعلن الإضراب الشامل في 30 مارس عام 1976، وازدادت حدة المواجهات بين الفلسطينيين، وقوات الاحتلال، إلى الدرجة التي استخدم فيها الدبابات في اقتحام القرى الفلسطينية، وقتل وجرح العديد في منطقة عرابة وسخنين.

ومنذ ذلك الوقت أصبح الفلسطينيون يحيون ذكرى هذا اليوم بزراعة أشجار الزيتون في الأراضي التي جرفتها على يد المحتل، بالإضافة إلى إحياء نشاطات تراثية فلسطينية وأشغال يدوية، ولكن يغيب هذا العام كما السنة الماضية، الاحتجاجات والمظاهرات الحاشدة التي تميز هذا اليوم في ظل سياسة التباعد الاجتماعي، في مواجهة وباء كورونا الذي يجتاح العالم.

عدوان الاحتلال بالأرقام

تحتل إسرائيل أكثر من 85% من أراضي الفلسطينيين. وبحسب جهاز الإحصاء الفلسطيني، فإن عدد المواقع الاستيطانية والقواعد العسكرية المحتلة بلغ عام 2018 في الضفة الغربية 448 موقعًا. وفيما يتعلق بعدد المستوطنين في الضفة الغربية، فقد بلغ 671,007 نهاية عام 2018. ذلك بمعدل نمو سكاني يصل إلى نحو 2.7%.

البيانات توضح أيضًا أن نحو 47% من المستوطنين يسكنون في القدس المحتلة، حيث بلغ عددهم نحو 311,462، منهم 228,614 في القدس الشرقية.

ووفقًا لجهاز الإحصاء، تشكل نسبة المستوطنين إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية نحو 23 مستوطنًا مقابل كل 100 فلسطيني. في حين بلغت النسبة أعلاها في محافظة القدس بنحو 70 مستوطنًا مقابل كل 100 فلسطيني.

تشكل نسبة المستوطنين إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية نحو 23 مستوطنًا مقابل كل 100 فلسطيني. في حين بلغت النسبة أعلاها في محافظة القدس بنحو 70 مستوطنًا مقابل كل 100 فلسطيني

وشهد عام 2019 زيادة كبيرة في وتيرة بناء وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. حيث صدّق الاحتلال على بناء نحو 8457 وحدة جديدة. بالإضافة إلى إقامة 13 بؤرة. بينما أقدم الاحتلال خلال العام نفسه على هدم وتدمير 678 مبنى، منها نحو 40% في القدس بواقع 268 عملية هدم.

كما أصدر الاحتلال الإسرائيلي خلال 2019 أوامر بوقف البناء والهدم والترميم لنحو 556 مبنى في الضفة الغربية والقدس.

سجن الاحتلال في شوارع فلسطين

تقدّر منظمة مراقبة حقوق الإنسان، وفق جهاز الإحصاء، وجود نحو 90 ألف فلسطيني في القدس الشرقية يعيشون حاليًا في مبانٍ مهددة بالهدم. كما أن سياسات الإسكان الإسرائيلية في القدس الشرقية تميز بشكل عنصري ضد الفلسطينيين. ولم تخصص منشآتهم سوى 12% فقط، بالمقابل خصصت 35% من أراضي القدس الشرقية لبناء المستوطنات.

علاوة على ما سبق، يقيد الاحتلال الإسرائيلي حركة الفلسطينيين في بعض الشوارع التي يخصصها للمستوطنين. إذ إن طول الشوارع التي يُمنع الفلسطينيون تمامًا من استخدامها يبلغ نحو 40 كلم تقريبًا. يأتي من بينها 7 كلم داخل مدينة الخليل، إضافة إلى نحو 20 كلم يتم فيها فرض قيود جزئية.

أما قطاع غزة، فأقام الاحتلال منطقة عازلة على طول الشريط الحدودي للقطاع بعرض يزيد على 1500 متر. وبهذا يسيطر الاحتلال على نحو 24% من مساحة القطاع، البالغة 365 كيلومترًا مربعًا، والذي يعد من أكثر المناطق ازدحامًا وكثافة بالسكان في العالم بنحو 5533 فردًا/كلم2.

كورونا وعنصرية الاحتلال

جاءت جائحة كورونا لتبرز عنصرية الاحتلال مرة أخرى، فهذا أحدث تقرير للبنك الدولي، ذكر أن تداعيات الوباء لا تزال تلحق الضرر بالاقتصاد الفلسطيني المتعثر بالفعل. ومن المتوقع أن تؤدي إلى انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة 11.5% في عام 2020، وهو أحد أشد الانخفاضات على الإطلاق.

وبحسب البنك، فقد كشف تفاقم جائحة كورونا في الضفة الغربية وقطاع غزة، عن أوجه قصور في النظام الصحي الفلسطيني، الذي تضرر من طول أمد النزاع، ومحدودية الموارد، والتحديات المرتبطة بتجزؤ نظم الحوكمة وتقديم الخدمات.

الأراضي الفلسطينية أحد أدنى لمعدلات اختبار الإصابة بفيروس كورونا في المنطقة في المقابل تصدر الاحتلال قائمة الدول التي لديها أسرع معدل تطعيم ضد فيروس كورونا

لدى الأراضي الفلسطينية أحد أدنى لمعدلات اختبار الإصابة بفيروس كورونا في المنطقة. ويشير معدل الإصابة الحالي الذي يزيد عن 21% بين الأفراد الذين خضعوا للاختبار إلى خروج الجائحة عن نطاق السيطرة. وذلك وفقًا لإرشادات منظمة الصحة العالمية.

كورونا احتلال آخر يُعمّق الجراح

على الجانب الصحي أيضًا وبحسب جهاز الإحصاء، يبلغ عدد المستشفيات 82 مستشفى أغلبها غير مجهزة. وتشير آخر إحصائية إلى أن عدد الأطباء لكل ألف نسمة يبلغ 2.9 طبيب. أما عدد الأسَّرة فتمثل 1.33 سرير لكل ألف نسمة. كما أن نسبة الفقر إلى الإنفاق تصل إلى 29.2%. وغني عن التعريف أن قطاع غزة صاحب النسبة الأكبر في معدل الفقر مقارنة بسكان الضفة. في حين يضم قطاعا صحيا غير مجهز، أو قادر على مواجهة وباء.

وصل التمييز من قبل الاحتلال أعلاه، بعد أن تصدر قائمة الدول التي لديها أسرع معدل تطعيم ضد فيروس كورونا. وسارعت بتزويد بعض دول العالم به. فيما لم يصل اللقاح أصحاب الأرض الفلسطينين. فيما عدا 5 آلاف لقاح للأطباء حصرًا، وذلك في أعقاب ضغط عالمي.

فلسطينيون في ظل كورونا
فلسطينيون في ظل كورونا

وكانت منظمات حقوقية ناشدت الاحتلال تأمين اللقاحات للفلسطينيين. كما أن منظمة العفو الدولية دعت الكيان الإسرائيلي إلى توفير اللقاح ضد كورونا في الضفة الغربية وقطاع غزة. مشيرة إلى أن القانون الدولي يلزمها بذلك.

وقالت المنظمة في يناير الماضي: “إن على إسرائيل التوقف عن تجاهل التزاماتها الدولية كقوة محتلة وأن تتصرف على الفور لضمان توفير لقاحات كوفيد -19 بشكل متساو وعادل للفلسطينيين الذين يعيشون تحت احتلالها في الضفة الغربية وفي قطاع غزة”.

وتتوقع السلطة الفلسطينية تطعيم %20 من السكان بجرعات مجانية يوفرها برنامج كوفاكس الدولي بدعم من منظمة الصحة العالمية. كما تعتزم وزارة الصحة شراء لقاحات إضافية لتغطية %60 من السكان.

وبحسب البنك الدولي تشير التقديرات المتعلقة بتكلفة شراء لقاحات كورونا وحملة التطعيم، إلى أن هناك حاجة إلى حوالي 55 مليون دولار لتغطية %60 من السكان. ولكن توجد فجوة حالية تبلغ 30 مليون دولار. وقد تلقت السلطة الفلسطينية إلى الآن أقل من 20 ألف جرعة من اللقاحات.

جائحة كورونا وأزمة “المقاصة”

تقرير “مسح التطورات الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة العربية”، الذي تصدره لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا في العام الماضي، توقع ارتفاع نسبة البطالة في عام 2021 في المنطقة العربية إلى 12.5%، أعلاها في فلسطين (31%) ثمّ ليبيا (22%) وتونس والأردن (21%)، في ظل تضييق الخناق على الاقتصاد العالمي بسبب الإغلاقات المرتبطة بكوفيد-19.

بالطبع، زادت الجائحة من صعوبة الحياة اليومية للمواطن الفلسطيني. خاصة في ظل الاحتلال ومحاصرته، وقد زادت على أعبائه أزمة المقاصة.

أموال المقاصة هي عبارة عن أموال التجار الفلسطينيين، الذين يدخلون البضائع إلى مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية، إذ يقوم التاجر، بدفع الجمارك وضريبة القيمة المضافة على المعابر التي يسيطر عليها  الاحتلال.

السرقة على طريقة الاحتلال

وبحسب اتفاقية باريس الاقتصادية، يقوم المحتل الاسرائيلي بتحصيل الأموال من التجار الفلسطينيين، وتحولها إلى السلطة الوطنية الفلسطينية، حتى تعود إلى الخزينة الفلسطينية، حيث إن المصدر النهائي للبضائع هو الأراضي الفلسطينية.

شهد العام 2020 سرقات من قبل الاحتلال حين قيام بحجز أموال المقاصة مرة أخرى، منذ شهر مايو وحتى نهاية العام، وهو ما أدى لحدوث مشاكل في السيولة النقدية

بحسب موقع الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فقد شهد عام 2019 استيلاء الاحتلال على جزء من العائدات الضريبية من المقاصة بسبب قيام الحكومة الفلسطينية بدفع رواتب لعائلات الأسرى والشهداء والجرحى، والذي أدى إلى رفض الحكومة الفلسطينية لاستلام العائدات منقوصة لأكثر من 6 أشهر متتالية.

وشهد العام 2020 سرقات أخرى من قبل الاحتلال، حين قيام بحجز أموال المقاصة مرة أخرى، منذ شهر مايو وحتى نهاية العام، وهو ما أدى لحدوث مشاكل في السيولة النقدية، وتراكماً في المتأخرات الحكومية لموظفي القطاع العام وموردين من القطاع الخاص، وبالتالي تراجع العجلة الاقتصادية، إضافة لارتفاع معدلات البطالة وزيادة عدد الأسر الفقيرة، والتأثير السلبي على الإنفاق الاستثماري الحكومي.

طبقا للإحصاء الفلسطيني تساهم أموال المقاصة فيما نسبته 70% من قيمة مجموع صافي الإيرادات العامة، وتغطية النفقات الجارية بما نسبته 55%، بالإضافة إلى مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة وصلت 14%، ما يعكس تحكم الاحتلال الإسرائيلي بنسبة كبيرة من إيرادات الحكومة الفلسطينية.