أعلن المستشار علي مختار، رئيس محكمة استئناف القاهرة، نتائج التحقيقات بشأن 20 من منظمات وكيانات وجمعيات المجتمع المدني. وذلك في القضية 173 لسنة 2011 حصر فحص مكتب قاضي التحقيق، والمعروفة إعلاميًا بـ “التمويل الأجنبي”.
التحقيقات استندت إلى تقرير لجنة تقصي الحقائق بالقضية. وسبق أن حددت الموقف القانوني لبعض هذه المنظمات محل التحقيقات. ذلك بصدور أمر بألا وجه للاتهام قبل 6 منها لانعدام الجريمة، و14 أخرى لعدم كفاية الأدلة، بتاريخ 5 ديسمبر 2020، وفق ما ذكره القاضي في منطوق الحكم.
في ديسمبر الماضي، ألغى قاضي التحقيق المنتدب من محكمة استئناف القاهرة، قرارًا سابقًا بمنع النشطاء السياسيين: إسراء عبدالفتاح، وأحمد غنيم، وباسم سمير، وحسام الدين على من السفر. مع إلغاء التحفظ على أموالهم. وكانوا ضمن المتهمين في قضية “التمويل الأجنبي”.
المستشار علي مختار أشار إلى أنه وقوفًا على ما أسفرت عنه التحقيقات من وقائع قانونية لأشخاص مختلفين لا ارتباط بينهم، فلا وحدة للسبب أو الموضوع أو الأشخاص. وأضاف: “قد آلينا على أعمال صحيح القانون بشأنها بعد أن انتهينا من التحقيقات فيما يخصها وأضحت معدة لإبداء الرأي، بالفصل فيها دون إرجاءٍ لحين الانتهاء من التحقيقات بشأن باقي الوقائع المنسوبة لآخرين”.
قائمة المنظمات
أكد مختار الانتهاء من التحقيقات بشأن 20 منظمة وكيانًا وجمعية. فقال: “نظرًا لتباين المراكز القانونية واختلاف الطبيعة القانونية والدلائل فقد ارتأينا إصدار أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل 5 منها لعدم الجريمة، وهي:
1- جمعية النهضة للتعليم
2- هيئة الإغاثة الكاثوليكية
3- جماعة أنصار السنة المحمدية
4- منظمة الشفافية الدولية
5- جمعية كاريتاس مصر
كما أصدر أمرًا بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل 15 أخرى لعدم كفاية الدليل، وهي:
1- اتحاد التنمية البشرية
2- مركز أسرة المستقبل الجديد للدراسات القانونية وحقوق الإنسان
3- معهد السلام للسلام والعدل
4- مركز رؤية للتنمية ودراسات الإعلام
5- مؤسسة التعزيز الكامل للمرأة والتنمية
6- مؤسسة بكرة للإنتاج الإعلامي والدراسات الإعلامية وحقوق الإنسان
7- نظرات جديدة للتنمية الاجتماعية
8- اتحاد المحامين النسائي
9- مركز حقوق الناس
10- مركز الحق للديمقراطية وحقوق الإنسان
11- مركز الشفافية للتدريب التنموي والدراسات التنموية
12- اتحاد تنمية المجتمع والمرأة والطفل والبيئة
13- اتحاد السياسة من اجل مجتمع مفتوح
14- مركز التكنولوجيا لحقوق الانسان
15- اتحاد التنمية الريفية
إلغاء المنع من السفر وتحرير الأموال.. الآثار المترتبة على القرار
شدد قاضي التحقيق على أن القرار منتجًا لما يترتب عليه من آثار أخصها رفع أسماء من تضمنهم القرار من على قوائم الممنوعين من السفر وترقب الوصول وقوائم المنع من التصرف في أموالهم سواء السائلة أو المنقولة. فيما يخص ما تضمنه القرار من وقائع فحسب، دون مساس بثمة وقائع أخرى قد تكون محلاً للتحقيق. ذلك سواء في القضية الماثلة أو غيرها من القضايا.
قضية التمويل الأجنبي.. كيف بدأت؟
في يوليو 2011، أمر مجلس الوزراء وزير العدل -آنذاك- بتشكيل لجنة تقصي حقائق، للنظر في التمويل الأجنبي الذي تحصل عليه منظمات المجتمع المدني. وتحديدًا لمعرفة ما إذا كانت تلك المنظمات مسجلة بموجب القانون 84. وقد تم استكمال التقرير في سبتمبر 2011.
وفي يونيو 2013، حكمت إحدى محاكم الجنايات بالقاهرة على 43 من العاملين المصريين والأجانب في بعض المنظمات الأجنبية بالسجن لمدد تتراوح بين سنة و5 سنوات. وكانت معظم الأحكام غيابية. أما العاملين المصريين الذين ظلوا داخل البلاد فقد حصلوا على أحكام بالسجن لمدة عام واحد مع وقف التنفيذ. كما أمرت المحكمة بإغلاق المنظمات المعنية، وهي: المعهد الجمهوري الدولي – المعهد القومي الديمقراطي – فريدم هاوس – المركز الدولي للصحافة – مؤسسة كونراد أديناور.
أعيد فتح هذه القضية مرة أخرى في 2016، حيث أدرج عدد من المحامين الحقوقيين ضمن قوائم الممنوعين من السفر ومنعهم من التصرف في أموالهم، استنادًا إلى تحريات أمنية بأن نشاطهم يضر بالأمن الوطني.
قوائم الممنوعين من السفر
شملت القائمة أسماء بارزة مثل المحامية عزّة سليمان رئيس مجلس أمناء “مؤسسة قضايا المرأة المصرية”، وجمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وحسام بهجت مؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومحمد زارع مدير مؤسسة القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، وهدى عبد الوهاب المديرة التنفيذية للمركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة.
وتضمنت القائمة: مزن حسن المديرة التنفيذية لـنظرة للدراسات النسوية، ناصر أمين مؤسس المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، رضا الدنبوقي المدير التنفيذي لمركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية، وإسراء عبد الفتاح مديرة المعهد المصري الديمقراطي، وحسام الدين علي وأحمد غنيم وباسم سمير من المعهد المصري الديمقراطي.
وطالبت مؤسسات حقوقية دولية، السلطات المصرية، بإعادة النظر في قرارات منع مزن حسن وعزة سليمان من السفر، كما دعت إلى غلق القضية رقم 173 والسماح للمجتمع المدني بمصر باستئناف عمله و مهامه التي تصب أولا لصالح الدولة المصرية وتساهم في إشعاع صورة مصر بين دول العالم.
قانون الجمعيات الأهلية
في نص كلمته، أشار قاضي التحقيقات إلى قانون الجمعيات الأهلية. فقال: “إن منظمات المجتمع المدني تضطلع بدور محوري في التنمية المستدامة نؤمن به وبأهميته وتؤمن به كافة مؤسسات الدولة”. وأضاف: “لا أبلغ على ذلك من دليل مما حسن فعله بصدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 104 لسنة 2021 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي الصادر بقانون 149 لسنة 2019 والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 11/1/2021”. وينص القانون في بابه الثاني على مواد نظمت إجراءات توفيق أوضاع الجمعيات والمؤسسات الأهلية والاتحادات والمنظمات والكيانات الأجنبية غير الحكومية والكيانات المصرية خلال عام من تاريخ إصدار اللائحة التنفيذية. وشملت الحصول على أوراق التأسيس من الاتحاد الإقليمي للجمعيات والمؤسسات الأهلية الواقع بدائرته المتقدم.
وتضمنت تقديم سند يتضمن اسم الشخص المفوض والمسؤول عن القيام باتخاذ إجراءات القيد بالجهة الإدارية. وكذلك اختيار اسم للجمعية، بشرط ألا يؤدي هذا الاسم إلى اللبس بينها وبين جمعية أخرى، تشترك معها في نطاق عملها الجغرافي.
قانون العام 17 وتعديله
ومن قبل نال القانون الذي سبق وأن أقرته الدولة في عام 2017، انتقادات المجتمع المدني، على اعتبار أنه يرسخ لمستويات غير مسبوقة من القمع، ويُجرّم نشاط العديد من منظمات المجتمع المدني، ويجعل من المستحيل عليها أن تعمل بشكل مستقل، وفقًا لتعليق منظمة “هيومن رايتس ووتش”.
ثم عادت الحكومة لطرح مشروعها الجديد بعد عامين. وحينها أبدت 10 منظّمات حقوقيّة في بيان صحافي، اعتراضها على القانون الجديد. وقالت: “إنّ القانون استبدل العقوبات السالبة للحريّة بغرامات ماليّة باهظة، وهو يعتبر أموال الجمعيّات في حكم الأموال العامّة”. كما أنه علّق شرط اكتساب الشخصيّة القانونيّة للجمعيّة على عدم اعتراض الجهة الإداريّة. واحتفظ المشروع بباب خلفيّ لتقييد نشاط الجمعيّات عن طريق الموافقة المسبقة على التمويل والمنح الدوليّة. وكذلك استبدال الكيان الذي يضمّ جهات أمنيّة للإشراف على المنظّمات الأجنبيّة في القانون رقم 70 بوحدة مركزيّة تابعة للوزارة المختصّة.
أما مؤيدو القانون فقد اعتبروه مكسبًا نسبيًا بالمقارنة مع قيود القانون السابق، آملين في تخفيف مبالغ الغرامات الباهضة. خاصة في مواجهة المخالفات البسيطة.
وبحسب نائب رئيس الوزراء الأسبق زياد بهاء الدين، الذي أبدى تحفظًا على الأعباء الإداريّة وبالذات ما يتعلّق بانتخاب مجالس الإدارة ومواصفات المقار وإجراءات فتح الحسابات وتنظيم جمع التبرّعات، في مقال سابق له، وقال “لا أرى ضرورة لإنشاء وحدة خاصّة للرقابة على المنظّمات الأهليّة داخل الوزارة، وأخشى أن تصبح كيانًا رقابيًّا موازيًا”.