يذهب الصحفيون إلى نادي المعلمين، حيث مقر انعقاد الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، الجمعة المقبل، بدوافع مختلفة، لاختيار نقيب جديد و6 أعضاء بمجلس النقابة، فالقطاع الأكبر يتعامل معها الآن على أنها مناسبة جيدة للحصول على مزيد من المكتسبات النقابية، وسط مقاومة من تيار الاستقلال  الذي يدافع عن ما أسماه “تصحيح مسار المجلس” وإعادة النقابة كقلعة للحريات، لذا تحتل المطالبة بإطلاق سراح الصحفيين المحبوسين مرتبة متأخرة من اهتمامات الجمعية العمومية.

يخوض هذه الانتخابات على مقعد الأعضاء 56 مرشحا، ينتمي أغلبيتهم إلى جرائد حكومية، إذ تكشف إحصائية أن عدد مرشحي المؤسسات الحكومية 27 مرشحا من إجمالي المرشحين بنسبة 48.21%، بينما بلغ مرشحو المؤسسات والصحف الخاصة بمعدل 21 مرشحا بنسبة 37.5 %. بينما بلغ عدد مرشحي المؤسسات الحزبية 3 مرشحين فقط، بنسبة 5.35 %.

أما موقع النقيب يشهد منافسة من 6 مرشحين، أبرزهم النقيب الحالي ضياء رشوان، الذي يشغل أيضا منصب رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ويتنافس معه بقوة الصحفي والنقابي كارم يحيي عن جريدة “المشهد”، وهو المحسوب على تيار الاستقلال النقابي المعارض لرشوان.

وإلى جانب رشوان وكارم يحيى، يترشح وجوه أخرى منها المعروف مثل رفعت رشاد، عن جريدة أخبار اليوم، الذي نافس رشوان في الانتخابات الماضية، ويحظى بثقة قطاع لا بأس به من الصحفيين القوميين. ومنها الوجوه الثابتة مثل سيد الإسكندراني الذي يترشح للمرة التاسعة على مقعد النقيب، ولا يملك الإسكندراني أي حظوظ في هذه الانتخابات، ويدخل السباق كذلك طلعت هاشم عن جريدة “مصر الفتاة”، ومحمد مغربي عن جريدة “الشعب”.

عروض سخية

بدا لافتا هو سعي أغلب المرشحين إلى تقديم أنفسهم في صورة خدمية أكثر من حقوقية، اتساقا مع الحالة العامة التي تعيشها الجمعية العمومية للصحفيين، والصحافة في مصر بشكل عام، ووصل الأمر إلى تقديم دعاية انتخابية في صورة عروض سخية تتشابه مع الدعاية التي يطلقها مرشحو مجلس النواب. فمن المرشحين من أعلن عن سيارة لكل صحفي، أو هاتف محمول، ورحلات حج وعمرة، وغيرها من الهدايا العينية. 

وفقا للتقرير الذي أعدته المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان، تصاعد استخدام آلية توزيع الهدايا العينية للمرشحين على أعضاء الجمعية العمومية، بما يؤثر على مبدأ المساواة بين المرشحين، خاصة أن القانون لم يضع سقفا للصرف على الحملة الانتخابية للمرشح.

بينما اقتصر الحديث عن الحريات المهنية ومصير الصحفيين المحبوسين في برامج عدد محدود للغاية من المرشحين، ما يعكس التركيبة المتوقعة للمجلس المقبل.

وذكر تقرير المؤسسة العربية في توصياته، أنه لابد من تنشيط دور النقابة في الدفاع عن الصحفيين المحبوسين احتياطيا والذين تجاوزوا مدد الحبس الاحتياطي، والوقوف ضد مبدأ تدوير الصحفيين في قضايا أخرى بعد انتهاء حبسهم الاحتياطي. ودعوة النيابة العامة للإفراج عن الصحفيين المحبوسين وخاصة الذين انتهت مدد حبسهم الاحتياطي، ووقف تدويرهم في قضايا أخرى، واستعادة دور النقابة النشط في مناقشة القضايا العامة والدفاع عن حريات الرأي والتعبير

وقبل إقامة الانتخابات، ناشد عدد من أهالي الصحفيين المعتقلين المرشحين، والنقيب، للتدخل، والنظر في ملف الصحفيين المحبوسين، والذي يقدر عددهم بأكثر من 30 صحفيا، وفقا لإحصائية أعدتها، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.

وتأتي مصر في المرتبة 166 من أصل 176 مرتبة، تسبقها ليبيا، وتليها اليمن، والبحرين والسعودية، وسوريا وجيبوتي، في قائمة الدول العربية وترتيبها على الصعيد العالمي في مؤشر حرية الصحافة لعام 2020.

ويأتي ذلك وفقا لتصنيف حرية الصحافة حول العالم، وفقا لما أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ديسمبر 1993، بناء على توصية من المؤتمر العام لليونسكو، ليحتفل العالم بهذا اليوم بهدف التأمل بقضايا حرية الصحافة وأخلاقيات المهنة.

اقرأ أيضا:

نقابة الصحفيين.. 8 عقود من معارك الحرية والاستقلال

أمل لأسر للصحفيين المحبوسين

في هذا السياق، تمثل الانتخابات أملا جديدا لأهالي الصحفيين المعتقلين، للنظر في قضاياهم، وإخلاء سبيلهم، كما يرفع عدد من الزملاء المرشحين لمجلس النقابة، المطالبة بإخلاء سبيل الصحفيين المحبوسين، في برنامجهم الانتخابي.

والدة الزميل السيد شحتة، مدير تحرير موقع اليوم السابع، قالت إن حياتها وحياة أسرة نجلها توقفت منذ إلقاء القبض عليه، مناشدة المرشحين للانتخابات التدخل والمطالبة بإخلاء سبيل، باعتباره زميلا لهم لم يقم بأي عمل إجرامي.

ألقي القبض على السيدة شحتة في في 30 أغسطس 2020، وحينها كان يعاني من اشتباه بالإصابة بكورونا، وكان متواجدا في عزل منزلي، وبعد القبض عليه تدهورت حالته الصحية، وتم نقله للعناية المركزة، وظل في المستشفى قرابة 55 يوما، ثم تم عرضه على نيابة أمن الدولة العليا في 24 أكتوبر، وحبس على ذمة القضية رقم 864 لسنة 2020 أمن دولة عليا.

توضح والدة شحتة، في نصريحات خاصة، أن نجلها لم ينشر أخبارا كاذبة، أو مسيئة كما توجه له التهم، كما أنه لم يرى بناته منذ ما يقرب من 7 أشهر، ويمكن إخلاء سبيله بأي ضمان تراه النيابة.

الانحياز لحرية الصحافة والإفراج عن المحبوسين

عمرو بدر المرشح على مقعد عضو بمجلس نقابة الصحفيين، قدم كشفه حسابه خلال 4 سنوات من عضويته بالمجلس، والذي كان فيها مقررًا للجنة الحريات بالنقابة، وجاء بمقدمته “انحزنا لحرية الصحافة، وضغطنا من أجل الإفراج عن الزملاء المحبوسين، ورفضنا الفصل التعسفي، وواجهنا الكيانات الوهمية بالقانون، وحضرنا عشرات التحقيقات مع الزملاء، ودافعنا عن شباب الصحفيين وحقهم في العمل”.

وقال بدر في كشف حسابه: “أصدرنا في لجنة الحريات تقريرًا بأسماء زملائنا المحبوسين على ذمة قضايا النشر والرأي ليكون وثيقة رسمية صادرة من النقابة وبوصلة تحركاتنا للإفراج عنهم، وزرنا عدداً كبيرًا من الزملاء المحبوسين، للوقوف على حالتهم وتلبية متطلباتهم والشد على أيديهم، وتقدمنا بطلبات للنيابة لزيارة آخرين منهم ولن نكل في مساندة الزملاء وهذا حقهم علينا وليس منة من أحد، وتابعنا مع الشئون القانونية للنقابة جلسات الزملاء الصحفيين للحضور معهم وإعلان وقوف النقابة بحانبهم”.

وتابع: “تقدمنا بطلبات للنائب العام للإفراج عن الزملاء الصحفيين بضمان النقابة ولتحسين معيشتهم داخل السجن ونقل المرضى منهم إلى المستشفيات، وتواصلنا مع أسر الزملاء المحبوسين للتخفيف عليهم من آثار حبس ذويهم وتلبية احتياجاتهم ونسعى إلى توفير مصادر دعم مادي لهم لحين خروج الزملاء بسلامة الله”.

منع حبس الصحفيين

وبالمثل، يؤكد خالد البلشي، المرشح بمجلس النقابة على نفس الأمر، فحرية الزملاء الصحفيين تأتي في المقام الأول عن البلشي.

وأعلن البلشي، العضو الأسبق بمجلس نقابة الصحفيين والمرشح فوق السن، عن برنامج انتخابي يتكون يتكون من 20 نقطة أوضح البلشي أنها تعد تكثيفًا لـ15 مقترحًا بقرار حول أحوال الصحافة المصرية والنقابة تَقدَّم بها لإدراجها على جدول أعمال الجمعية العمومية يوم 22 فبراير الماضي، بحيث تتحول حال إقرارها من الجمعية العمومية صاحبة السلطة العليا بالنقابة، لجزء من برنامج عمل للمجلس المقبل، أيًّا كانت أسماء المختارين لعضويته.

وجاءت أزمة الصحفيين المحبوسين في النقطة الثالثة، وأكد أنه تم تضمين نص منع حبس الصحفيين احتياطيًّا في القانون، وتنقية القوانين الأخرى من النصوص التي تفتح بوابات خلفية للحبس الاحتياطي المطوّل الذي يدفع ثمنه كثير من الصحفيين والمواطنين عبر تُهم نشر مطّاطة.

في السياق نفسه، يتخذ محمد سعد عبد الحفيظ، مدير تحرير جريدة الشروق، والمرشح لمجلس النقابة، من “حرية الصحافة ضمانة لحقوق الصحفيين”، شعارا له في حملته الانتخابية، لمواصلة ما بدأه في السنوات الأربع الماضية.

ويرفض سعد تحويل النقابة إلى “مول تجاري” بحسب تعبيره، فهي نقابة حريات في الأساس، لافتا إلى أن السلطة تسعى منذ نهاية سبعينيات القرن الماضى إلى تحويل نقابة الصحفيين إلى ناد اجتماعى حتى تتخلص من صداعها، ولما فشلت دفعت فى اتجاه تغيير دفة اهتمامات أعضائها ووجدت من رجالها فى بلاط صاحبة الجلالة من يساعدها على تحقيق ذلك، فبدأت عملية مغازلة الصحفيين بالسلع والخدمات المخفضة، ومع الوقت تحول موسم انتخابات النقابة إلى سوق يتنافس فيه المرشحون على عرض كل شىء باستثناء قضايا المهنة والصحفيين الأساسية، حتى صارت النقابة فى تلك المواسم أقرب إلى «المول التجارى».

برأي سعد، الأصل أن يتبارى المرشحون على تقديم بضاعة لها علاقة بالمهنة وحريتها واستقلالها وكرامة وحقوق أبنائها وتطوير أدائهم وامتلاك أدواتهم، حينها سيتحقق بالتبعية ما تحقق لأسلافهم.

“من حقك تقول لأ”

وتحت شعار “من حقك تقول لأ”، رفع المرشح علي حلبي المرشح تحت السن، شعاره في حملته الانتخابية، مشددا على أن مطالب إخلاء سبيل الصحفيين في المقدمة، وتضمن برنامجه الانتخابي ضرورة تشكيل لجان نوعية في مقدمتها لجنة لتخفيف العبء وتذليل الصعاب أمام أسر معتقلي الرأي من أهل المهنة؛ لحين الإفراج عنهم عبر التواصل مع الجهات المعنية.

النقيب الحالي، والمرشح لمنصب النقيب القادم ضياء رشوان، يؤكد تدخله دائما لإخلاء سبيل الزملاء، والتي كان آخرها إخلاء سبيل 3 من الصحفيين هم الصحفي إسلام الكلحي بموقع درب، وحسن القباني الصحفي، ومصطفى صقر، رئيس مجلس إدارة جريدة البورصة الاقتصادية.

وربط نقابيون حينها القرارات بالانتخابات التي دعا إليها مجلس النقابة، حيث يخوض ضياء رشوان النقيب الحالي الانتخابات على مقعده. إلا أن رشوان نفى في تصريحات أدلى بها على صفحته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي أن يكون ذلك “رشوة انتخابية” كونه يسعى طوال الوقت للإفراج عن الصحفين الموقوفين في السنوات الأخيرة.

واستبقت الحكومة هذه الانتخابات بإعلان زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا المخصص لتطوير الصحفيين بزيادة 20 %، لتفتح الباب أمام انتخاب النقيب الجديد بدون حسابات. ولطالما ربط أعضاء الجمعية العمومية زيادة البدل بانتخاب نقيب محسوب على الحكومة، وهو ما حدث مع أسلاف ضياء رشوان في الدورات السابقة.

ورغم إعلان رشوان أن الزيادة جاءت بعد المفاوضات التي قادها بنفسه مع ممثلي الحكومة، راح البعض إلى تفسير خطوة زيادة البدل قبل 10 أيام من إجراء الانتخابات لعدم اختيار الحكومة مرشح بعينه في ظل منافسة “قومية- قومية” بين رشوان ورفعت رشاد على منصب النقيب.

أما على مستوى الأعضاء، فتتحكم الاختيارات الأمنية بشكل كبير في تشكيل هيئة المجلس، إذ يتداول الصحفيون فيما بينهم القائمة التي تحظى بدعم الجهات الأمنية والتي تضمنت أسماء مثل: إبراهيم أبوكيلة، العضو المعين بمجلس الشيوخ، ومدير تحرير جريدة الوطن سامي عبدالراضي، إلى جانب عضو المجلس الحالي أيمن عبد المجيد، وسط مقاومة من تيار الاستقلال داخل النقابة لدعم خالد البلشي وسعد عبدالحفيظ وعمرو بدر، بالإضافة إلى أسماء واعدة مثل وليد صلاح وعلي حلبي.