ما إن أعلن عن الفيديو الدعائي لمسلسل “الملك- أحمس” المزمع عرضه في شهر رمضان المقبل، الذي يتصدره الفنان عمرو يوسف وعدد من النجمات المصريات والعرب، لتبدأ حملة من الانتقادات، وصلت إلى حد  مطالبة الشركة المنتجة بإيقاف عرضه، على واحدة من تفصيلات العمل الدرامي تتمثل في هيئة الأبطال، إذ ظهر عدد من النجوم ملتحين وأصحاب بشرات ملونة بمظهر مخالف لما يعرف عن قدامى المصريين.

لم يستغرق الإعلان على الفضائيات ومنصة اليوتيوب سويعات، حتى بدأ عدد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي وعلماء المصريات في الإشارة إلى كم أخطاء عديدة في البرومو الدعائي لمسلسل الملك، الذي يتناول قصة كفاح طيبة للأديب الراحل نجيب محفوظ عن طرد أحمس للهكسوس،  خاصة فيما يخص الملابس وطبيعة الشكل للموك الفراعنة.

ونال عمرو يوسف نصيب الأسد من الانتقادات، إذ ظهر كملك مصري أشقر وذي لحية كثة، غير معتادة على الملوك في هذه المرحلة، إلى جانب طريقته في تجسيد بعض المشاهد.

تامر فرج، ممثل ومرشد آثري سابق، نشر مقطع فيديو علق فيه على برومو مسلسل أحمس، قائلا: “أنا كنت مرشد سياحي لمدة 15 عاما، ورجل أثري أعشق الآثار، ودرست الآثار تقريبًا طوال حياتي، وكرجل أثري أغير على التاريخ المصري والآثار المصرية، لأن هذه التفصيله تعتبر عندنا في الآثار تدنيس وتشويه للأجيال والأعراق، والعرق المصري القديم كان يعتبر الشعر نوع من النجاسة، وكان المصري بيبقى حليق الرأس والوجه تمامًا وخاصةً الفرعون، لأنه أقدس جسم على وجه الأرض، ودا اللي بيفرقنا عن العدو الأجنبي، بمسألة الشعر اللي أنتو فاكرينها حاجة بسيطة”.

https://www.youtube.com/watch?v=Rs9G6Iw1pkw

“أنا ملكة الهكسوس.. طبيعي أكون شقراء”

تضمنت الانتقادات التي أخذت على البرومو الدعائي لمسلسل أحمس ظهور المثلة ريم مصطفى بشعر أشقر مصبوغ، وعباءة بدوية وهو ما اعتبره البعض إطلالة بعيدة كل البعد عن طبيعة المرأة المصرية، وتحديدا الفرعونية.

وفي محاولة لتوضيح الصورة، خرجت الفنانة ريم مصطفى لتؤكد أنها تجسد دور ملكة الهكسوس، التي يقع الملك المصري في فخ حبها، وليست امرأة مصرية عادية في هذا الزمن.

تزايد الانتقادات دفع مصممة أزياء العمل مونيا فتح الباب للخروج في تصريحات صحفية تدافع عن ملابس الممثلين، إذ ترى أن “أحمس” عمل درامي من الدرجة الأولى وليس تأريخًا لحكم مصر في تلك الحقبة.

وعزت فتح الباب ظهور ريم مصطفى بهذه الإطلالة لقلة المراجع المتوفرة عن ملابس تلك الحقبة وخاصة المتعلقة بالهكسوس، فيما قالت إن ريم لم تظهر بعباءة بل زي فرعوني أسود اللون.

كفاح طيبة والإسقاط التاريخي

تمثل رواية “كفاح طيبة” للأديب الراحل نجيب محفوظ، محاولة للإسقاط التاريخي على قدرة الشعب المصري على التوحد على قلب رجل واحد وتحويل الهزية إلى نصر، إذ تستعرض الرواية كفاح الشعب المصري في عهد الفراعنة أثناء محاربتهم للهكسوس.

تتناول الرواية كفاح شعب مصر في تلك الحقبة التاريخية تحت قياد الملك أحمس ومحاولاته لاسترداد حريته وطرد الغزاة الهكسوس من البلاد، وبالطبع لم تغب الرواية من لمسات الأديب صاحب جائزة نوبل في الأدب نجيب محفوظ، إذ سلط الضوء على قصة حب جمعت أحمس ونجلة قائد الهكسوس.

قصة الحب بين أحمس ونجلة قائد الهكسوس أثارت الجدل إذ رأى قطاع كبير من علماء المصريات في رواية كفاح طيبة محاولة لتزوير التاريخ وإظهار الملك أحمس في مظهر الخيانة، إلا أن نجيب محفوظ أراد أن يضيف عناصر جاذبة للقصة متمثلة في قصة حب طاغية، إلا أن الملك في النهاية ضحى بقصة الحب من أجل الوطن.

يقول محفوظ، خلال أحد اللقاءات الصحفية عن رواية كفاح طيبة: “أردت بكتابتها أن أؤكد أنه مثلما نجح الشعب المصري على مر التاريخ في دحر الأعداء ومواجهة قوى الظلام قادر على أن يواجه الاحتلال البريطاني والحصول على استقلاله ولو مرت السنين”.

رواية نجيب محفوظ مضللة

من جانبه، قال عالم المصريات بسام الشماع، إنه من البديهي عدم الاعتماد على رواية نجيب محفوظ في سرد التاريخ، وهي مقولة تصلح لكافة الأعمال الروائية بشكل قاطع وبات، أما رواية كفاح طيبة بشكل خاص فهي رواية مزورة للتاريخ عن عمد. على حد قوله.

وأضاف الشماع في تصريح لـ”مصر 360″، أن مسلسل أحمس اعتمد على فكرة خاطئة ورواية مضللة وغاية في البلبلة الحضارية وتعمل على وضع أفكار خاطئة للمشاهد، فهي تشكك في قائد عسكري ورجل وطني قاد مصر في أحلك فترات مصر التاريخية، ومن وجهة نظري الأديب نجيب محفوظ أخطأ بشكل كبير في سرد الرواية حيث دس العديد من الأخطاء والأفكار غير الحقيقية بشكل فج لا يمكن السكوت عنها، لعل أبرزها إن الملك أحمس وقع في غرام بنت ملك الهكسوس وهو أمر غير صحيح بالمرة، ولا يمت للواقع بصلة فهو أظهر ملك وطني وقائد عسكري أسطوري في مظهر الخائن لمعتقداته.

أما عن البرومو يقول الشماع: “لا نستطيع نقد المسلسل من خلال الفيديو الدعائي، إنما ما ظهر خلال الفيديو العديد من الأخطاء لعل على رأسها جملة عمر المختار التي قال فيها لن نستسلم ننتصر أو نموت، وظهر في البرومو أحمس يقول لن ننهزم ننتصر أو نموت”.

وأضاف عالم المصرية: “أحمس لم يكن ملتحيا، وكان من النادر أن يربي ملك مصري لحيته، إلا أن هناك بعض الملوك القليلين الذين عمدوا إلى تربية لحاهم، فضلا عن الملابس المهلهلة التي ظهر بها أحمس وهي غلطة كبيرة، إذ لا يمكن أن يكون ملك بقيمة أحمس في ملابس غير مهندمة”.

غير أن القائد بجسد ضخم أمر غير حقيقي بالمرة، فلم يذكر التاريخ أن الملوك كانوا أقوياء جسديا إنما كانت الشخصية والكاريزما ما تميزهم عن الجنود العاديين.

أما ظهور امرأة مصرية مرتدية كردان من الذهب فهو موجود في التاريخ ولا أزمة فيه، وفقا للشماع.

الحكم على أحمس سابق لآوانه

في السياق نفسه، يقول الناقد الفني خالد محمود، إنه لا يمكن الاعتماد على الرواية في التأريخ فهي رؤية في تحليل الواقع فضلا عن إضافة جزء من الخيال، وهو يختلف تماما عن التأريخ الذي يعتمد على سرد حقائق مبنية على أسس واضحة ومثبتة.

وأضاف محمود في تصريح لـ”مصر 360″، أن الحكم على مسلسل أحمس من خلال البرومو سابق لآونه ويحتاج إلى مزيد من التدقيق ومتابعة العمل كاملا ومن ثم التعامل معه من الناحية النقدية، لافتا إلى أن السوشيال ميديا سرعان ما تكون انطباعات عن الأعمال الفنية في خطوة استباقية دون الاتفات للعمل ومشاهدته بشكل كامل.

وتابع: “يجب على المشاهد أن يعي أن العمل الفني عندما يتناول حقبة تاريخية فهو يضع أبعاد أجتماعية ولا يعتمد على الجزء التاريخي فقط وهو ما يسمى بالحبكة الدرامية، كما أنه على مر التاريخ لا يوجد اتفاق على عمل تاريخ في قالب فني، إذ يتم دائما وضع رؤية المؤلف في تلك المرحلة وهو يعمل على وضع عناصر جذب مختلفة ليستحوذ على اهتمام القارئ”.

واستطرد: “التناول الفني يأتي بلغة سلسلة ويرسم صورة عامة قد تكون مخالفة للسرد التريخي الجامد لذا يتم العمل على تنويع الأحداث وإدخال بعض الأحدث لتكون جاذبة، بشكل عام الحكم على مسلسل أحمس سابق لآوانه ويحتاج إلى مشاهدة العمل ومن ثم تقييمه”.