بعد مرور سبع سنوات، أوشكت القضية المعروفة إعلاميًا بـ”مظاليم وسط البلد” على طيّ صفحاتها، بعد براءة 128 شخصًا اليوم الإثنين من مجموع المتهمين في القضية البالغ عددهم 227 شخصًا.

القضية المقيدة برقم 291 لسنة 2014 جنح عابدين، ورقم 12096 لسنة 2014 جنايات عابدين، ورقم 1561 لسنة 2014 كلى وسط القاهرة، تعود إلى أحداث إحياء الذكرى الثالثة لثورة يناير، أمام نقابة الصحفيين ومحيط وسط البلد، حين جرى القبض على مشاركين وإحالتهم إلى النيابة العامة، ثم إلى المحاكمة.

المحامي سامح سمير قال إن وقائع القضية تعود إلى عام 2014، حين “واجهت قوات الأمن الذكرى الثالثة للثورة بالعنف”، فأدت إلى وفاة سبعة أشخاص في محيط وسط البلد وحدها، وتحويل 227 شخصًا إلى المحاكمة.

وأعلنت وزارة الصحة آنذاك أن اشتباكات الذكرى الثالثة لثورة يناير أسفرت عن وفاة 29 متظاهرًا في المنيا والجيزة والقاهرة والإسكندرية، وأن عدد المصابين بلغ 167 مصابًا. وقتها أمّنت قوات الأمن تجمعات قالت إنها تحتفل بعيد الشرطة، وأنهم من المعارضين ليناير.

مقتل سيد وزة والقبض على المتظاهرين

وفي ذلك اليوم لقي الناشط “سيد وزة” عضو حركة 6 أبريل مصرعه لدى اعتداء قوات الأمن على المتظاهرين السلميين بمنطقة وسط القاهرة.

حينها قالت الحركة، فى بيان: “أثناء تحرك مسيرتها من أمام مسجد مصطفى محمود بمنطقة المهندسين، تدخلت قوات الأمن. وأطلقت عليهم الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيلة للدموع، مما أسفر عن إصابة عدد من أعضائها بالخرطوش، والقبض على أعضاء آخرين. فيما توفى عضو الحركة سيد وزة إثر إصابته بطلق حى بالصدر.

في حين وجهت النيابة العامة اتهامات للمتظاهرين، منها قتل “وزة” عضو حركة أبريل إلى جانب تهم تتعلق باشتراكهم في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص، مما أدى إلى استعراض قوة والتلويح بالعنف، وقتل آخرين، وحيازة أسلحة وذخائر، ومفرقعات حارقة.

كما شملت التهم الاشتراك فى تظاهرة أخلت بالأمن والنظام العام وأمن المواطنيين وتنظيم تظاهرة دون إخطار. وجرى إخلاء سبيلهم لاحقًا في مدد تتراوح بين 4 أيام و4 شهور.

وبدا وقتها أن القضية لن يتم تحريكها وسيتم حفظها كأغلب القضايا المزامنة لها، ولكن جرى تحويلها للمحاكمة أمام الدائرة 21 إرهاب.

المحامي سامح سمير أوضح أنه في عام 2017 كان منطوق الحكم الأول حضورياً لعدد خمسة عشر متهم بالحبس سنة، وغيابي 10 سنوات لباقي المتهمين. وذكر منطوق الحكم أنه جرى “مصادرة المضبوطات والأسلحة النارية والبيضاء والذخائر المضبوطين على ذمة القضية، إضافة إلى وضع المحكوم عليهم جميعاً تحت مراقبة الشرطة لمدة سنة واحدة، وبراءة المحكوم عليهم حضورياً من تهم القتل العمد والشروع في القتل وحيازة وإحراز المضبوطات”. وفيما بعد رفضت محكمة النقض طعن هؤلاء.

قبول الطعن وطول مدة الإجراءات

لاحقًا قرر 128 من المتهمين إعادة الإجراءات للحكم الغيابي الصادر بحقهم. وصدر حكم في عام 2019 بحبس 121 متهمًا لمدة سنة مع الشغل والمراقبة الشرطية لمدة سنة. وصدر لسبعة منهم حكم بالحبس 3 سنوات مع الشغل والمراقبة الشرطية لمدة سنة.

وتقدم 105 متهمين منهم بالطعن أمام محكمة النقض مرة أخرى رغم فشل الطعن المقدم من المجموعة السابقة، خاصة أن نيابة النقض قد أودعت مذكرة برفض الطعن بالنقض لأغلب المتهمين، إلا أن الظنون اختلفت.

وفي 20 يناير عام 2020، وبعد مرور 6 سنوات على بدء القضية، نظرت محكمة النقض طعن “المظاليم” الذي حمل رقم 15776 لسنة 89 قضائياً. وأخلت سبيل جميع المتهمين وأمرت بتأجيل القضية لجلسة 3 فبراير لضم المفردات وإعادة محاكمة المتهمين والتي تأجلت بدورها أيضًا.

اليوم الإثنين الموافق 5 أبريل قبلت المحكمة الطعن، وقضت ببراءة المجموعة الأكبر من القضية، على أن يتم الأخذ بالحكم نفسه بالنسبة لباقي أفراد المجموعة، بحسب المحامي سامح سمير.

وأرجع سامح طول فترة التقاضي نظرا للأعداد الكبيرة في القضية إلى جانب عدم حضور عدد كبير منهم. فضلا عن إعادة الإجراءات بحق عدد آخر، إلى جانب ظروف الوباء خاصة فيما يخص الحكم الأخير.

في مواجهة الانتقادات الدولية

وسبق أن أطلقت الجهات الأمنية سراح عدد من المحتجزين، كما صدرت قرارات قضائية تخص عدد من المنظمات الحقوقية. هذه الخطوة اعتبرها البعض استجابة لسيل الانتقادات الدولية التي طالت ملف حقوق الإنسان في مصر مؤخرًا.

في مارس الماضي، أصدرت 31 دولة من ضمنها الولايات المتحدة، بيانا مشتركا، أعربت فيه عن قلقها من وضع حقوق الإنسان في مصر، عبر “تقليص الحيز المتاح” للمجتمع المدني والمعارضة السياسية، و”تطبيق قانون مكافحة الإرهاب في حق منتقدين سلميين”، وهو الأول من نوعه منذ عام 2014.

وردت القاهرة بالقول إن “البيان المشترك الذي أدلت به عدد من الدول في مجلس حقوق الإنسان، تضمن مزاعم وادعاءات حول أوضاع حقوق الإنسان فى مصر”.

كما أعربت وزارة الخارجية عن رفضها التام لما اعتبرته أحاديث مرسلة تستند إلى معلومات غير دقيقة، على حد قولها.

ثم أطلقت السلطات سراح 3 صحفيين كانوا موقوفين على خلفية اتهامات بـ”نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة محظورة”، وهم إسلام الكلحي وحسن القباني، إلى جانب مصطفى صقر، رئيس التحرير السابق لصحيفة “البورصة” الاقتصادية.

ومؤخرا أصدر قاضي التحقيق المنتدب لقضية التمويل الأجنبي للمجتمع المدني رقم 173 لسنة 2011، قرارًا بتبرئ ساحة 20 منظمة وجمعية وكياناً، وما يترتب على القرار من آثار منها رفع أسماء من تضمنهم القرار من على قوائم الممنوعين من السفر وترقب الوصول، وقوائم المنع من التصرف في أموالهم سواء السائلة أو المنقولة.

في حين لا يعول بعض النشطاء على القرارات الأخيرة ويعتبروها مجرد ذرا للرماد، خاصة أن أغلب الأسماء البارزة لم يتم الإفراج عنها، سواء على مستوى المحتجزين أو المنظمات الحقوقية.