قالت وزارة الخارجية الإثيوبية، مساء اليوم الثلاثاء، إن بلادها مصرَّة على تنفيذ المرحلة الثانية لملء سد النهضة في يوليو المقبل وفق “إعلان المبادئ” الموقع سابقا بين الدول الثلاثة، حسب قولها.
جاء ذلك في بيان نشرته الخارجية الإثيوبية، في أعقاب الإعلان عن فشل أحدث جولات التفاوض في العاصمة الكونغولية كينشاسا.
وقالت مصر، في وقت سابق اليوم، إن إثيوبيا رفضت مقترحاً مصرياً جرى تقديمه خلال الجلسة الختامية للاجتماع الوزاري ودعمته السودان بهدف استئناف المفاوضات بقيادة الرئيس الكونغولي وبمشاركة المراقبين وفق الآلية التفاوضية القائمة.
https://twitter.com/mfaethiopia/status/1379514871310643206?s=20
لكن الخارجية الإثيوبية ناقضتْ حديث نظيرتها المصرية بالقول، في بيانها اليوم، إنها تتوقع استئناف المباحثات الثلاثية حول سد النهضة خلال الأسبوع الثالث من أبريل الجاري، بناءً على دعوة رئيس الاتحاد الأفريقي.
ومن غير المعروف إن كان الحديث عن جولة مفاوضات جديدة، هو خطوة إثيوبية للخلف باعتباره تراجعًا عن تعنتها، أم مراوغة جديدة، من شأنها عرقلة توجه مصر والسودان لمجلس الأمن أو الاتجاه لحلٍ في إطار دولي.
منهجية التفاوض
واتهمت إثيوبيا كلا من مصر والسودان بعرقلة عملية التفاوض، بالنظر إلى إصرارهما على إشراك الرباعية الدولية كضامنين للمفاوضات وليسوا مراقبين، بينما تتمسك أديس أبابا بحصر هذا الدور على الاتحاد الأفريقي فقط.
وقالت الخارجية الإثيوبية “لا يمكننا الموافقة على أي اتفاق بشأن سد النهضة يحرم إثيوبيا من حقوقها المشروعة في استغلال مياه نهر النيل”.
وأعلنت مصر والسودان، اليوم الثلاثاء، فشل مفاوضات سد النهضة التي عقدت على مدار اليومين الماضيين في كينشاسا، واتهم الطرفان الجانب الإثيوبي بعرقلة المفاوضات ورفض كافة المقترحات المقدمة.
الملء الثاني
والنقطة المحورية في الخلاف هي إصرار إثيوبيا على الملء الثاني للسد دون التوصل لاتفاق ملزم قانونيا برعاية دولية.
هذه النقطة تحديدا قالت عنها الخارجية الإثيوبية اليوم إنها “غير قانونية”، قائلة: “المواقف المناهضة لملء السد قبل إبرام اتفاق ليس لها أساس في القانون وتتعارض مع حق إثيوبيا في استخدام مواردها الطبيعية”.
وتابع البيان الإثيوبي: “اتبع البلدان (مصر والسودان) نهجًا يسعى إلى تقويض العملية التي يقودها الاتحاد الأفريقي وإخراج الأمر من المنصة الأفريقية. كما عرقلوا استئناف المفاوضات برفضهم مسودة بيان تضمن المداولات خلال الاجتماع الذي استمر لمدة يومين”.
ويطالب السودان برعاية رباعية من الأمم المتحدة والاتحادين الأوروبي والأفريقي والولايات المتحدة للمفاوضات، وتدعم مصر المطلب السوداني.
وقالت مصر في وقت سابق اليوم إن إثيوبيا رفضت كافة المقترحات البديلة لتطوير العملية التفاوضية لتمكين الدول والأطراف المشاركة في المفاوضات كمراقبين من الانخراط بنشاط في المباحثات والمشاركة في تسيير المفاوضات، وطرح حلول للقضايا الفنية والقانونية الخلافية.
مصر تكذب إثيوبيا مجددًا
وفي تصريحات لاحقة، كذّب وزير الخارجية سامح شكري، بيان الخارجية الإثيوبية الذي تحدث عن جولة مفاوضات جديدة في الأسبوع الثالث من أبريل.
وقال شكري، فى مداخلة هاتفية لبرنامج “كلمة أخيرة” الذي تقدمه الإعلامية لميس الحديدي، على شاشة ON، إن “مصر لم تحاط علمًا ولم يطرح رئيس الاتحاد الأفريقي خلال الاجتماع اليوم أي مواعيد لاستئناف المفاوضات”.
وأضاف أن مصر ستتخذ ما تراه ملائمًا فى الفترة المقبلة لحماية الأمن القومي المائى، ولمنع وقوع ضرر على حصة مصر فى المياه. متابع: “سنتحرك سياسيًا فى كل المسارات فى إطار علاقتنا مع شركائنا الدوليين وكل هذه المراحل بتنسيق وثيق مع أشقائنا فى السودان بسبب وحدة الهدف والمصير”.
وتعليقًا على التطورات الأخيرة، أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، مساء الثلاثاء “إصرار بعض الأطراف على إقامة مشروعات عملاقة لاستغلال الأنهار الدولية بشكل غير مدروس ودون مراعاة لأهمية الحفاظ على سلامة واستدامة الموارد المائية”، في إشارة إلى أزمة سد النهضة.
جاء ذلك خلال مشاركته عبر الفيديو كونفرانس في الاجتماع الذي نظمه بنك التنمية الإفريقي بمشاركة عدد من رؤساء الدول والحكومات الأفارقة.
تعليق أمريكي
من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، في مؤتمر صحفي مساء الثلاثاء، إن واشنطن تشجع مصر والسودان وإثيوبيا على استئناف الحوار بشأن سد النهضة.
وكان السفير الأمريكي لدى الكونغو الديمقراطية، مايكل هامر، تحدث الإثنين عن تململه تجاه الموقف الإثيوبي. وطالب أديس أبابا بمشاركة كافة البيانات بشأن عملية الملء مع مصر والسودان. وقال: “من المهم تبادل بيانات السد وملئه مع الأطراف الأخرى”.
وتشارك الولايات المتحدة إلى جانب الاتحاد الأفريقي، الذي تترأسه حاليا الكونغو الديمقراطية في جولة المفاوضات الحالية.
بيان سعودي
وفي السياق نفسه، جددت السعودية على لسان وزير الإعلام المكلف الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي، في بيان، مساندة المملكة لمصر والسودان، وأيّ مساعٍ تسهم في إنهاء ملف سد النهضة. وتابع البيان إن المملكة تدعم الجهود الساعية لحل يراعي “مصالح كل الأطراف، للوصول إلى اتفاق عادل وملزم وفق القوانين والمعايير الدولية المعمول بها في هذا الشأن، بما يحافظ على حقوق دول حوض النيل كافة في مياهه، ويخدم مصالحها وشعوبها معاً”.
وبينما لا تزال الأمور غامضة بشأن الخطوة القادمة، فإن المادة 36 من ميثاق مجلس الأمن الدولي تخول للمجلس التدخل في أي مرحلة من مراحل النزاع بين الدول وإصدار قرارات ملزمة لكل الأطراف.
هذا الخيار يدفع في اتجاه لجوء محتمل لمجلس الأمن، حيث يمكن للمجلس وفق المادة 38 من ميثاقه فرض وساطة دولية أو إصدار قرار تحكيمي أيضًا لتجنب أي صراع أو حرب قد تندلع بين الدول المتنازعة. ويمكن لمصر والسودان الاستناد لهاتين المادتين للضغط على إثيوبيا، حسب خبراء في القانون الدولي.