أمس الإثنين، وافق مجلس الشيوخ المصري، وبشكل نهائي، على مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن إنشاء “صندوق الوقف الخيري”. ويتضمن 12 مادة. أهمها إنشاء صندوق للوقف الخيري وإعطائه الشخصية الاعتبارية. على أن يتبع رئيس مجلس الوزراء، ويكون مقره مدينة القاهرة. بينما له أن ينشئ فروعًا أخرى فى جميع أنحاء الجمهورية.

صندوق الوقف الخيري.. موازنة مستقلة

تنص المادة 9 من مشروع القانون على أن يكون للصندوق موازنة مستقلة. وأن تبدأ السنة المالية للصندوق مع بداية السنة المالية للدولة وتنتهي بانتهائها. كما يكون للصندوق حساب خاص برقم موحد بأي من البنوك الخاضعة لإشراف ورقابة البنك المركزي المصري أو الهيئة القومية للبريد. بينما تودع فيه جميع موارده ويُرحل فائض أموال الصندوق من سنة مالية إلى أخرى. ويتم الصرف من الحساب وفقًا للقواعد التي يصدر بها قرار من مجلس إدارة الصندوق.

ووافق المجلس على آلية تعيين مدير تنفيذي لصندوق الوقف الخيري. بأن يتولى الصندوق مدير تنفيذي، يصدر بتعيينه وإعفائه من منصبه وتحديد معاملته المالية قرار من رئيس مجلس الوزراء. وذلك بناءً على عرض وزير الأوقاف. ويكون تعيينه لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد.

ويضم الصندوق في عضويته وزير الأوقاف وثلاثة أعضاء من الشخصيات ذات الخبرة الاقتصادية، يرشحهم رئيسه، وثلاثة أعضاء يرشحهم وزير الأوقاف. إلى جانب أحد أعضاء الجهات أو الهيئات القضائية، يرشحه وزير العدل وعضو في مجال إدارة المحافظ المالية يرشحه رئيس هيئة الرقابة المالية. وتكون عضوية الصندوق أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة.

سلطات الممثلين لصندوق الوقف الخيري

يمثل المدير التنفيذي الصندوق أمام القضاء وفي صلاته بالغير ويكون مسؤولاً أمام مجلس الإدارة عن سير أعمال الصندوق فنيًا وإداريًا وماليًا. ويتولى على الآتي: تنفيذ قرارات مجلس الإدارة – تصريف شؤون الصندوق والإشراف على سير العمل به – عرض تقارير دورية على مجلس الإدارة عن النشاط وسير العمل – القيام بأي أعمال أو مهام يُكلفه بها مجلس الإدارة. وقد وافق مجلس الشيوخ على منح وزير الأوقاف سلطة التصرف في أموال صندوق الوقف الخيري.

أوجه الإنفاق

نص مشروع القانون على أن توجه مخصصاته لصالح إقامة ورعاية المؤسسات العلمية والثقافية والصحية والاجتماعية وغيرها من أعمال البر. وتشمل نشر الدعوة الإسلامية بالداخل والخارج. وكذا دعم أجهزة الدولة في إقامة وتطوير المشروعات الخدمية والتنموية والبنية التحتية وغيرها من المشروعات الاجتماعية والاقتصادية التي تُسهم في دعم الموقف الاجتماعي والاقتصادي للدولة، والمساهمة في تطوير العشوائيات، والمساهمة في الحد من ظاهرة أطفال الشوارع والمشردين، وذلك كله فى حدود شروط الواقفين.

استبعاد المالية والتخطيط

وقد وافق المجلس على تعديل مقدم من رئيس الهيئة البرلمانية لحزب “مستقبل وطن”، حسام الخولي. باقتراح حذف وزيري المالية والتخطيط من عضوية مجلس إدارة الصندوق. إلى جانب زيادة عدد أعضائه من الشخصيات ذات الخبرة الاقتصادية إلى أربعة أعضاء.

موارد الصندوق

يعتمد الصندوق في موارده على:

1- الفوائض القائمة في نهاية السنة المالية بحسابات اللجنة العليا للخدمات الإسلامية والاجتماعية وصناديق النذور وصناديق إعمار المساجد.

2- فوائض ريع الوقف القائمة في نهاية السنة المالية.

3- التبرعات والهبات والمنح النقدية أو العينية التي يتلقاها من الأشخاص الطبيعية والاعتبارية، ويقبلها مجلس إدارة الصندوق بما لا يتعارض مع أغراض الصندوق.

4- عائد استثمار أموال الصندوق.

5- أي موارد أخرى يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية.

ميزات خاصة بالصندوق

وقد أعفى مشروع القانون أموال الصندوق وعوائده من جميع الضرائب والرسوم. كما أعفاه من ضريبة الدمغة ورسم تنمية موارد الدولة. وكذلك من الخضوع لأي نوع من الرسوم أو الضرائب الحالية أو المستقبلية. وأعطى مزية للمتبرعين للصندوق بإعفائهم بقدر قيمة تبرعاتهم من وعائهم الضريبي.

وكانت لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس النواب برئاسة الدكتور أسامة العبد، وافقت على مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن إنشاء صندوق الوقف الخيري، وذلك بحضور ممثلي وزارتي العدل والأوقاف.

المواد 1 و4 و10

يعلق النائب عمرو عزت ممثل تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين في مجلس الشيوخ على مشروع القانون. فيقول: “وافقت مبدئيًا على القانون. خاصة أنه يسير كتفًا بكتف مع المشاريع التنموية التي تنتهجها الدولة المصرية”. لكن هناك بعض التعليقات عليه من الناحية الدستورية والقانونية، على حد قول عزت. وتتمثل في المواد الأولى والرابعة والعاشرة من القانون التي استندت على المادة 215 في الدستور. وهي مواد تختص باستقلالية الصندوق والدور الرقابي عليه.

تنص المادة 215 على “يحدد القانون الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية. وتتمتع تلك الهيئات والأجهزة بالشخصية الاعتبارية، والاستقلال الفنى والمالي والإدارى، ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين، واللوائح المتعلقة بمجال عملها. وتعد من تلك الهيئات والأجهزة البنك المركزي والهيئة العامة للرقابة المالية، والجهاز المركزي للمحاسبات، وهيئة الرقابة الإدارية”.

هنا، يطالب عضو مجلس الشيوخ بتعديل المادتين الأولى والرابعة. بحيث يخضع الصندوق لمنظومة متابعة الأداء الحكومي الصادر لقانون سنة 2018 التابع لمنظومة التخطيط، والتي تعمل على متابعة وإشراف كل كيانات الدولة. بما فيها الكيانات المستقلة التي ينتمي لها الصندوق.

ويعلل فيقول: “يجب المحافظة على رأس المال الأصلي من الاندثار”. بمعنى أن الصندوق سيكون به محافظ استثمارية. وبالتالي لابد أن تخضع هذه المحافظ لإشراف دوري، منعًا للتساؤل آخر العام المالي عن سبب انخفاض القيمة المالية للمحافظ.

أما فيما يتعلق بالمادة العاشرة، فقد اقترح عزت ضرورة إضافة فقرة توضح المقصود بالإعفاءات المشار إليها في الفقرة الأولى من المادة. وذلك لمنع حصول ازدواج ضريبي للصندوق. بمعنى أن هذا صندوق خيري تشارك به شركات من الداخل والخارج. وبالتالي لابد أن تكون هناك مادة توضح حتى لا يعاني أحد من الدفع مرتين.

استمرارية المشروع والرقابة والإعفاء الضريبي

يفسر الدكتور وليد مدبولي، خبير الإدارة والتخطيط الاقتصادي، المقصود بالقانون، فيقول: “أيّ وقف يكون له دخل ومصروف والوقف المقصود به التبرعات تصرف على أهداف معينة يحددها المشروع”. ومن بينها المشاريع التنموية.

“بعض الأوقاف تكون بمدة زمنية محددة والبعض تكون مدته مفتوحة، ودائمًا ما تكون الصناديق تابعة لجهات أو مؤسسات مستقلة تتبع الدولة وبالتالي يعود على الدولة بفائدة كبيرة عائد اجتماعي واقتصادي لأنه يزيل ثقل بعض المشاكل مثل أطفال الشوارع وغيرها”؛ يقول مدبولي.

والوقف هنا عمل اجتماعي في المقام الأول. كما أن الإعفاء الضريبي للمساهمين به نوع من المحفز للمستثمرين للمشاركة والتبرع لصالح الصندوق. إلا أن ذلك لابد أن يكون تحت رقابة و”إلا هيفشل فشل ذريع”؛ على حد قول خبير التخطيط الاقتصادي.

وفيما يتعلق بالمحافظ الاستثمارية، يؤكد مدبولي أن المحافظ تتكون من مستثمرين: أشخاص عاديين وأصحاب شركات يتبرعون بمبلغ الوقف كل فترة زمنية ويتم وضعها في محفظة يعاد استثمارها. لكنه يشير إلى التخوف من أن تنحصر الأصول مع الوقت نتيجة عدم المتابعة. لذلك فهو يرى الرقابة أمر ضروري لاستمرار عمل الصندوق.

ويعرف مدبولي الازدواج الضريبي، فيقول إنه يأتي من عدم الدقة في التنفيذ الضريبي على الناس بطريقة صحيحة. لكنه يستبعد حدوثه في حالة الصندوق لأن هناك قوانين جديدة للضرائب تُحتم على كل صاحب ضريبة أن يسدد في وقت محدد. وبالتالي لن تكون هناك مشكلة أن يضع صاحب الضريبة إيصالاً بقيمة التبرع للوقف في ملفه الضريبي ويحاسب على المتبقي.

كما يوضح أن المقصود بنشر الدعوى في الخارج كأحد أهداف الوقف هو نشر مبدأ أن يكون هناك صناديق في الخارج وليس نشر الدعوة الإسلامية كما اعتقد البعض. فالأساس في عمل الصندوق أنه خيري يقوم به أي إنسان مهما كانت ديانته. فضلاً عن أن أمر صناديق الوقف قديم وناجح.