صدقت التوقعات حول تعقد المشهد الإسرائيلي في ظل حالة الاستقطاب الكبير الذي شاب العملية الانتخابية، لاسيما مع الرفض السياسي لاستمرار رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في منصبه.

وانتهت الانتخابات الإسرائيلية التي أجريت في 23 مارس الماضي، وهي رابع اقتراع في عامين، دون أن يفوز الجناح اليميني بقيادة نتانياهو ولا تحالف محتمل من معارضيه بأغلبية برلمانية.

في أعقاب الانتخابات أجرى رؤوفين ريفلين رئيس دولة الاحتلال، مناقشات على مدار أيام مع كافة الأحزاب التي تمكنت من حصد مقاعد في الكنيست، في محاولة بائسة للاتفاق حول شخص بعينه يشكل الحكومة الجديدة.

وحصل نتنياهو على أعلى نسبة تأييد، مما أفضى إلى إعلان ريفلين منحه التفويض لتشكيل حكومة جديدة.

وأعلن 52 نائبًا (من بين 120 عضوا بالكينست) تأييدهم لأن يشكل نتانياهو الحكومة، فيما فضل 45 عضوا إسناذ المهمة للسياسي الوسطي ووزير المالية السابق يائير لابيد ليائير زعيم حزب “هناك مستقبل”، فيما ذهبت 7 أصوات لصالح نفتالي بينيت زعيم حزب يمينا المتطرف، واختار 16 عضوا الوقوف على الحياد.

تكليف “الفاسد”

رغم الإصرار على نتنياهو، لكن الانقسام المتقارب في أرامه يشير إلى أن المشهد السياسي في دولة الاحتلال يبدو متعقدا إلى أبعد الحدود.

وحسب اللائحة الداخلية للكنيست، يمنح الأعضاء 28 يوما لتكشيل الحكومة ومن الممكن أن يتم تمديد المهلة القانونية لمدة أسبوعين إضافيين، حسب ما يرى رئيس دولة الاحتلال من إمكانية لتوافق الأعضاء والأحزاب الممثلة في الكنيست.

ومن جانبه، قال ريفلين إن قضايا الفساد المتهم فيها نتنياهو تمثل حرجًا كبيرًا وتزيد من صعوبة القرار من الناحية الأخلاقية.

فرص نتنياهو والانتخابات الخامسة

في حال نجح بنيامين نتنياهو في تشكيل حكومة جديدة عبر مفاوضات مع كافة الأطراف، فإن التساؤلات المطروحة حول الآثار المترتبة على ذهاب المنصب إلى نتنياهو باتت ضرورية لرفع حالة التأهب لمواجهة طوفان من محاولات رئيس الوزراء الإسرائيلي تنصب نفسه حارسا للبوابة الإسرائيلية وحجر الأساس في تنفيذ أطماع دولة الاحتلال في التواجد على الساحة الدولية.

في هذا الصدد، قال خلدون برغوثي، مختص في الشئون الإسرائيلية، في معرض حديثه عن احتمالية نجاح فرصة نتنياهو: «في حال تمسك قادة الأحزاب خاصة رئيس حزب يمينا نفتالي بينيت، ورئيس القائمة العربية الموحدة منصور عباس بمواقفهم الحالية، فقد تكون فرص نتنياهو معدومة في تشكيل حكومة»، لافتا إلى أن نتنياهو يراهن على تراجع هؤلاء عن مواقفهم عبر تقديمه إغراءات سياسية لهم، لكن المفاوضات ستكون صعبة جدا، خاصة أن بينيت قد يطلب مناوبة رئاسة الحكومة على أن تكون الفترة الأولى له وليست لنتنياهو كي لا تتكرر تجربة بيني غانتس مع بينيت.

الوضع معقد هو المصطلح الدقيق لتوصيف حالة الأزمة السياسية الحاصلة في الداخل الإسرائيلي، إذ إن الترجيحات تشير إلى إمكانية الذهاب لانتخابات خامسة.

 قبضة الأحزاب الدينية.. تهدئة محلية وصدام دولي متوقع

يقول برغوثي في تصريح لـ«مصر 360»، إن إمكانية تشكيل نتنياهو حكومة يمينية جديدة، لها عدة أبعاد إسرائيلية وفلسطينية وإقليمية ودولية.

على الجانب الداخلي لدولة الاحتلال يوضح المختص في الشون الإسرائيلية، أن نجاح اليمين في البقاء بالحكم يترتب عليه تشديد قبضته على مؤسسات الدولية خاصة القضاء ومؤسسة المستشار القضائي للحكومة وربما لاحقًا النيابة العامة والشرطة، والسعي لإقرار قانون قد يعفي نتنياهو من المحاكمة في ظل توليه الحكم.

ولفت إلى أن بقاء نتنياهو في الحكم من شأنه أن يعزز قبضة الأحزاب الدينية القومية شديدة التطرف -البيت اليهودي وقوة يهودية- وكذلك الأحزاب الدينية الحريدية -شاس ويهدوت هتوراه- بما يعزز مكانة الدين في الدولة وانعكاس ذلك حتى في أسلوب الحياة في إسرائيل عبر فرض أحكام الدين اليهودي في بعض الجوانب مثل عطل السبت، واستمرار إعفاء الحريديم من التجنيد في الجيش.

أما على الجانب الفلسطيني يقول برغوثي: «لا أعتقد أن يكون هناك فارق كبير بين سياسة حكومة اليمين الإسرائيلي أو حكومة يمين-وسط فكلاهما يتبنى فكرة رفض قيام دولة فلسطينية، لكن الفرق يكمن في طريقة عرض هذا الرفض، فإن اليمين فج وصريح، والوسط أكثر دبلوماسية”.

وعلى المستوى الدولي، يواصل نتنياهو سياسة تعزيز محاولات التطبيع مع دول عربية أخرى، كذا تعزيز التحالف المضاد لإيران وهذا يقود إلى الجانب الدولي، إذ إن سياسة نتنياهو ضد إيران قد تعيده إلى الصدام مع الإدارة الأميركية الجديدة التي تسعى إلى العودة لمقاربة الرئيس السابقة باراك أوباما بالعودة إلى الاتفاق الدولي النووي مع إيران.

ووفق برغوثي، فإنه حال استمر نتنياهو في الحكم فلن يكون المبادر لأية مناوشات أو حرب، خاصة أن تجربة إسرائيل في حروبها الأخيرة 2006 – 2007/ 2008 – 2012 – 2014 كانت سيئة على كافة المستويات العسكرية والسياسية. ومن المرجح ألا يسجل نتنياهو على نفسه مواجهة عسكرية جديدة لا يتمكن فيها من تحقيق نتائج مرضية.