طفلة تبلغ من العمر ثماني سنوات، يسجل اسمها في دفترة ضحايا الوحشية المتزايدة ضد الأطفال. ريماس أو ما باتت تعرف بـ”طفلة دكرنس” وقعت ضحية لجريمة مركبة بدأت بالخطف ومحاولة اغتصاب ثم القتل.

صباح أمس الثلاثاء كان زمن الجريمة، حين اصطحبها أربعيني قاده تفكيره إلى خطفها فتمت الجريمة الأولى. وعندما حاول اغتصابها تعالت صرخاتها وكادت تفضح أمره فارتكب الجريمة الثالثة بطعنها ثلاث طعنات أنهت حياتها.

ليلة دامية.. ريماس خرجت لشراء الخبز ولم تعد

صباح اليوم الأربعاء كان الحدث مِلء السمع في أنحاء مدينة المنصورة، بعد ليلة دامية عندما تجمهر الأهالي أمام منزل الجاني بعدما عثروا على جثة الطفلة، وأصروا على قتله لولا تدخل الشرطة التي خلًّصته من أيديهم.

خرجت الطفلة ريماس محمد جلال عبدالرازق، (بالصف الثالث الابتدائي) من منزلها بمنطقة المنشية في مدينة دكرنس في التاسعة صباحًا لشراء الخبز ولكنها لم تعد.

اختفت الطفلة لساعات وأهالها يتنقلون بين شوارع المنطقة بحثًا على ابنتهم التي انقطع أثرها في ظروف غامضة. استمرت رحلة البحث لساعات، حتى بدأ أول الخيط عندما ظهرت طفلة زميلة لريماس في المدرسة لتقول للأسرة إنها رأت رجلا بملابس سوداء يصطحب ريماس إلى هذا البيت.

حق ريماس.. غضب وتدوين

هنا كانت الكارثة عندما اقتحم الأهالي المنزل، وجدوا ابنتهم لكنها جثة هامدة، ووجدوا الجاني ونجا مع قدوم الشرطة من أنياب الأسرة التي كانت الصدمة تسيطر على تفكيرهم.

لدى تلك النقطة كانت القصة تجوب صفحات مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم #حقك_هيرجع_ياريماس#عاوزين_حق_ريماس

الحكاية بدأت بأسرة الطفلة ثم أهالي المنطقة، قبل أن تتحول إلى قضية رأي عام، ومطالبة بالقصاص العاجل وإعدام الجاني.

ونقلت قوات الأمن قاتل الطفلة ريماس إلى مركز شرطة دكرنس تمهيداً للتحقيق معه. فيما شهدت لحظات تشييع جثمان الطفلة تظاهرة غاضبة وحاشدة للأهالي الذين عاشوا ليلة حزينة أمام مشرحة مستشفى دكرنس العام، والغليان يُسخن عروقهم.

بدت بشاعة الواقعة في مشاهد تشييع الطفلة إلى مقابر دكرنس. بينما كانت قوات الأمن تحوط المكان، للسيطرة على أي غضب محتمل الأهالي.

وأظهر تقرير الطب الشرعي أن الطفلة التي وصلت المستشفى جثة هامدة، تعرضت لطعنات في الظهر والبطن، وكدمات متفرقة في الوجه واشتباه في نزيف داخلي.

جراح سابقة.. طفلة البامبرز

هذه الواقعة نكأت جراحًا سابقة، فمسرحها هو المحافظة نفسها التي شهدت قبل نحو عامين الواقعة الشهيرة لـ”طفلة البامبرز”. وهي الطفلة التي وقعت ضحية اغتصاب انتهت على وقع الغضب العام إلى حكم بإعدام الجاني نفذ نهاية العام 2019.

https://www.youtube.com/watch?v=zrMg1fjFWwE&t=158s

جرائم ضد البراءة.. مسلسل لا نهاية له

هذه الجريمة تأتي بعد أيام من تداول منشور للصحفي أحمد جمال زيادة. وكان يروي وقوع نجلة شقيقته البالغة 8 أعوام، ضحية انتهاك جنسي من أحد الجيران، وهو شاب يبلغ 19 عاما، يدعى عادل مجدي.

https://twitter.com/m7mdgamal152/status/1379844326390439938?s=20

جروح وخدوش في الأعضاء التناسلية بالإضافة إلى تهتك جزئي في غشاء البكارة، كان ذلك هو مضمون تقرير الطب الشرعي للطفلة “أسيل”. وذلك عقب عرضها على أحد الأطباء نتيجة تعرضها لاعتداء جنسي واغتصاب على يد المتهم.

وكان تقرير أممي تحدث مؤخرا عن تزايد العنف ضد الأطفال، وظهور وأشكال جديدة من الاستغلال والاعتداء الجنسيَّيْن، سواء عبر الإنترنت أو خارجه. واعتبر التقرير ذلك نتيجة لتدابير الحجر والإقفال التي فرضها وباء كورونا.

https://twitter.com/HOSSAMSHORBAGY/status/1379832621841182721?s=20

وكانت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية ببيع الأطفال واستغلالهم جنسيًا ماما فاطمة سينغاتة، قد قالت في معرض تقريرها إلى الدورة 46 لمجلس حقوق الإنسان المنعقد في جنيف بسويسرا “إنّ الزيادة في العنف وسوء المعاملة قد تتسبّب بمزيد من التدهور لحالة ملايين الأطفال في جميع أنحاء العالم، كانوا يعيشون أصلاً في ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة.”

وخلال الشهر الماضي، قالت “يونيسيف” أيضا إن بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تضم عددا قياسيا للشباب المعوزين، والأطفال ضحايا العنف الخطير في العالم، وأن المنطقة مسرح لقمع وحشي.

رثاء صامت.. وداعًا ريماس

وتداول رواد مواقع التواصل مقاطع فيديو للطفلة ريماس، والتي بدت فيها روح البراءة، في محاولة رثاء مكتومة.

إحصائيات

وبشأن الإحصائيات المتعلقة بالاعتداء الجنسي على الأطفال في مصر، فإن الأرقام تبدو متضاربة إلى حد بعيد في ظل أن حوالي 75% من تلك الحالات لا تبلغ السلطات بها، لأسباب تتعلق بـ”خشية الفضحية”، بحسب بعض المؤسسات الرسمية والتقارير الحقوقية.

وتقدر بعض الإحصائيات وقوع حوالي 296 حالة اعتداء جنسي على أطفال في مصر، وفق رصد تقريره مؤسسات مهتمة بحقوق الطفل.

إزاء هذا الموقف المتفاقم، يقول قانونيون إن تطبيق القانون بشكل رادع يمنع انتشار الاغتصاب والانتهاكات الجنسية، خاصة تلك التي تقع بحق الأطفال، والتي تشكل جريمة كبري في حق المستقبل.