أعاد حادث حرق جثة ممرضة كانت ضمن طاقم مستشفى حلوان العام إثر نبش قبرها، مشاهد رفض أهالي المناطق بعض الوفيات الناتجة عن كورونا، ومعاملتهم التمييزية لأعضاء الفرق الطبية.
وكانت أسرة المجني عليها التي توفت جراء فيروس كورونا، قد أبلغت الجهات الأمنية عن وقوع حادث مأساوي يفيد بأن ابنتهم المتوفاة منذ عدة أيام متأثرة بإصابتها بفيروس كورونا المستجد، قد جرى نبش قبرها وحرق جثمانها وتركها متفحمة بجانب المقبرة.
أما الضحية فهي ممرضة تبلغ من العمر 40 عامًا، تمارس عملها في مكتب شؤون المرضى مستشفى حلوان العام، وتقيم في المشروع الأمريكي في حلوان. رحلت الممرضة منذ أيام بعد إصابتها بفيروس كورونا، ودُفنت بقبر العائلة الواقع بمدينة حلوان.
وقالت الجهات الأمنيةإنها تعمل على كشف غموض الواقعة، حيث تمت معاينة المقبرة. وتبين صحة الواقعة وأن المقبرة تم فتحها بالفعل، وجارٍ الآن تفريغ الكاميرات بهدف تسريع عملية البحث عن الجناة وضبطهم.
الأزهر يندد بالحادث والأصدقاء يشيدون بالضحية
مركز الأزهر العالمي للفتوى أعرب عن إدانته الشديدة لواقعة إشعال النيران في جثة الضحية “م.أ” من قبل مجهولين.
وقال الأزهر في بيان رسمي، أمس، إن “امتهان جثة المتوفى بفيروس كورونا أمر محرم ومجرم مناف للدين والقانون والإنسانية والمروءة”.
كما اعتبر البيان رفض استلام جثة المتوفى بفيروس كورونا أو اعتراض جِنازته ومنع دفنه “أمرا منكرا وسلوكا محرما”.
وشدد الأزهر على أن الأمر الأشد حرمة من رفض استلام جثة المتوفى جراء إصابته بفيروس كورونا، هو نبش قبره أو حرق جثته. كما اعتبر أن “أن هذه سلوكيات لا تليق بأصحاب المروءة، وذوي الفضائل”. وأكد أن كل هذه أمور منافية لتعاليم الإسلام والإنسانية ولحرمة الموت، وتعليمات الشرع بإكرام الإنسان.
من جانبهم، شدد أصدقاء الممرضة التي جرى نشب قبرها على أنها لم تتزوج، وهي يتيمة الأب والأم ومن أقدم الموظفات في مستشفى حلوان.
وقال أحد زملاء الممرضة إنها كانت تتمتع بحسن السير والسلوك والسمعة الطيبة، وأنها محبة للجميع ولم تكن يوما طرفا في مشكلة مع أحد. وأشار إلى أن زملائها في العمل قد أصيبوا بصدمة قوية بعد معرفتهم بخبر استخراج جثتها وحرقها.
ضحايا كورونا من الطواقم الطبية
بحسب منظمة الصحة العالمية، فإن نحو 14% من إصابات كوفيد-19 المسجلة التي أبلغت بها المنظمة لعاملين في المجال الطبي، وفي بعض الدول تبلغ هذه النسبة 35%”.
وواجهت أغلب الدول صعوبة في توفير معدات الحماية الشخصية، وأدى نقص المعدات الطبية إلى ارتفاع نسب الإصابة بين الطواقم الطبية. كما تحدث أطباء عن عدم عودتهم إلى منازلهم خوفا من نقل العدوى إلى أهلهم وأقاربهم، وقالوا إنهم قادرون على تخطي التعب الجسدي، لكنهم بحاجة للكثير من الوقت للتغلب على التعب النفسي الذي تعرضوا له.
وفي وقت سابق، أشارت نقابة الأطباء إلى ارتفاع معدلات جريمة الاعتداء على الأطباء وكل أفراد الفريق الطبي في المستشفيات، الأمر الذي دعا دار الإفتاء المصرية للقول إن الاعتداء على الفرق الطبية حرام شرعا، ولا يجوز لأهل المريض التعدي على الطبيب في حال إبلاغهم بالوفاة.
وأصيب عشرات من الطواقم الطبية بفيروس كورونا، جراء انتقال العدوى لهم من مرضى مصابين بالفيروس. كما ترفض وزارة الصحة المصرية إجراء مسح طبي على الطواقم الطبية أو التحليل لهم إلا بعد ظهور الأعراض عليهم.
وخلال العام الماضي، طالبت منظمة العفو الدولية السلطات المصرية بالتوقف فورا عن “حملة المضايقة والترهيب” ضد العاملين في مجال الرعاية الصحية. وقتها عبر العاملون في الخطوط الأمامية عن بواعث قلق تتعلق بالسلامة، وانتقدوا تعامل الحكومة مع أزمة وباء فيروس كورونا.
كما وثقت المنظمة حالات للعاملين في مجال الرعاية الصحية، من بينهم أطباء وصيادلة تم احتجازهم بشكل تعسفي من قبل جهات أمنية، وذلك بسبب تعليقات على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي تعرب عن بواعث قلقهم المتعلقة بالصحة.
وقائع مأساوية تجاه الأطقم الطبية
وفي بداية الوباء تكررت الحوادث المتعلقة بالتمييز ضد الطواقم الطبية نتيجة المخاوف من العدوى، في ظل غياب معلومات دقيقة حول آليات دفن الضحايا بشكل علمي، لا يتسبب في نقل المرض.
وخلال العام الماضي رفض الأهالي في قرية شبرا البهو بالقليوبية، دفن طبيبة غير متفرغة تبلغ من العمر 65 عاما توفيت إثر إصابتها بالفيروس الذي انتقل إليها من ابنتها العائدة من اسكتلندا.
وحينها انتقلت سيارة الإسعاف إلى قرية ميت العامل المجاورة، مسقط رأس الطبيبة المتوفاة. لكن الأهالي تجمهروا ورفضوا كذلك دفنها في مقابر أسرتها خوفا من العدوى. وبادر الحشد الرافض بحرق أكواما من القش ليحول دون دفن الضحية في المقبرة.
وعادت سيارة الإسعاف إلى قرية شبرا البهو حيث أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق الأهالي المتجمعين، وتمكن فريق الإسعاف من دفن الجثمان.
كما أثارت واقعة تعرض الطبيبة دينا مجدي، التي تعمل بمستشفى حميات الإسماعيلية، إلى تهجم بعض الأهالي عليها في منطقة سكنها الجديد الذي لا يسكن فيه أحد غيرها كإجراء احترازي، ردود فعل واسعة، ودعوا إلى طردها من المنزل، وزعموا أنها مصابة بفيروس كورونا.
واستنكرت الطبيبة الشابة التعامل مع الطبيب في مستشفى الجميات أو العزل على أنه شخص مشبوه، غير عابئين بما تعانيه الأطقم الطبية من تعب.
وفي واقعة وصفت بالمأساوية، رفض أهالي قرية بولس بكفر الدوار في محافظة البحيرة، دفن والدة طبيب متأثرة بإصابتها بفيروس كورونا بعد انتقال العدوى لها من نجلها، ما استدعى تدخل قوات الأمن التي اشتكبت مع الأهالي فجرا.