أثار برومو مسلسل “الطاووس” بطولة الفنان السوري جمال سليمان الذي نشره مخرجه رؤوف عبدالعزيز حالة من الجدل. قبل أيام من عرضه المقرر في ماراثون دراما رمضان 2021.
عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي قالوا إن المسلسل فيه إسقاط على القضية المعروفة إعلاميًا بـ”فتاة الفيرمونت”. مضيفين أن هناك تشابه كبير في الأحداث التي ظهرت من خلال برمو الطاووس.
البرومو أظهر فتاة تتعرض للتخدير والاغتصاب على يد 4 شباب في إحدى الفنادق الكبرى. قبل أن يتم تصويرها وتداول مقطع الفيديو على مواقع التواصل ما يحولها لقضية رأي عام، وهو ما يتطابق بشكل كبير مع قضية الفيرمونت المتورط فيها أبناء رجال أعمال ومشاهير مصريين، ولازالت النيابة العامة تواصل تحقيقاتها فيها منذ 7 أشهر.
“الطاووس” وفتاة الفيرمونت
وتعود تفاصيل الواقعة الأصلية معروفة بقضية “فتاة الفيرمونت” عندما أمر النائب العام بالتحقيق في الواقعة التي أثارت جدلًا واسعًا. بعد بلاغ المجلس القومي للمرأة وشكوى قدمتها إحدى الفتيات بقيام بعض الأشخاص بالاعتداء عليها جنسيًّا خلال عام 2014 داخل “فيرمونت نايل سيتي”. بعد تخديرها بمخدر “GHB”. وشغلت الواقعة حالة كبيرة من الغضب.
وتساءل العديد من رواد مواقع التواصل عن مدى تشابه القصة التي يتناولها المسلسل مع قصة “فتاة الفيرمونت”. كما أشاد البعض بجرأة صناع “الطاووس” في طرح قضية تشبه إلى حد كبير مثل تلك النوعية من القضايا. كذا أكدوا أن المسلسل سيكون من أجرأ المسلسلات الموجودة على الساحة خلال شهر رمضان.
ومسلسل الطاووس من بطولة النجم جمال سليمان، وسيدة المسرح العربي سميحة أيوب، وسهر الصايغ، وأحمد فؤاد سليم. ورانيا محمود ياسين، وهالة فاخر، وخالد عليش، وعابد عناني، هبة عبدالغني، ومها نصار، وفرح الزاهد. سيناريو وحوار كريم الدليل وإشراف على الكتابة المؤلف محمد ناير، وإخراج رؤوف عبدالعزيز.
بناء عمل درامي على أحداث جارية
الكاتب والناقد آندرو محسن يرى أن فكرة بناء عمل درامي بمفهومه الواسع على أحداث جارية ولا تزال حية موجودة بالفعل، لكن الأمر يأخذ المزيد من الوقت حتى تتكون وجهة نظر أوسع.
يدلل على ذلك بأمثلة مثل فيلم “spotlight” الذي حاز على جائزة أحسن فيلم في أمريكا وكانت أحداثه عن قضية تحرش. لكن تم عرضه بعد مرور 6 سنوات على الواقعة. كذلك الفيلم الفرنسي “بفضل الرب” الذي عُرض قبل الحُكم في القضية الرئيسية عام 2019، إلا أن صناع العمل أشاروا في نهاية الفيلم إلى ذلك.
يتناول “spotlight” قضية اتهام بعض رجال الدين بالاعتداء الجنسي على أطفال في مدينة ليون الفرنسية. ووصل عدد الضحايا إلى 80 قاصرًا بين عامي 1986 و1991. بينما حاولت الكنيسة التغطية عليه.
ويضيف آندرو أن التحدث عن مواضيع في وقتها يحدث، لكن يكون هناك رغبة من المبدعين في الحديث عن الأمر الآن بمعالجة سريعة. أما كيفية المعالجة والرؤية التاريخية للقضية ترجع للصناع هل يستعينوا بالقضية الأصلية كاملة حتى بأسماء الضحايا نفسهم. على سبيل المثال ما حدث في مسلسل “الاختيار” 2020 رغم أن القضية لم يمر عليها عامان.
“فخ ردود الأفعال الحادة”
يوضح آندرو أن التخوف يكون في وقوع المبدع في فخ ردود الأفعال الحادة من الطرفين. “خاصة أننا لا نملك حتى الآن موقفًا فاصلًا في أغلب قضايا العنف ضد المرأة” وفي كل حادث تظهر المبررات من قبل بعض الأطراف. بالتالي العمل الدرامي نفسه سيتم محاكمته بالطريقة ذاتها.
كما يشير إلى أن قضية الفيرمونت تحديدًا هي كبير جدًا ولم تنته بعد، وبالتالي النهاية التي يصل لها العمل سيكون فيها تحفز وتركيز. فمع الأسف البعض يتعامل مع الدراما على أنها كتاب تاريخ. كما لفت إلى أن الدراما لن تؤثر على سير الأحداث لكن يمكن أن تؤثر على الرأي العام سلبًا أو إيجابًا. وهو ما يمكن أن يُحدث تعاطي مع شخصيات على حساب الآخرى. والصورة المأخوذة عن بعض الشخصيات يمكن أن تتغير سواء مظلومة أو مذنبة.
ويتابع: “هذا لا يعني تقيد الدراما حتى لا يتم تشويه الصورة. لكن لو صناع العمل رأوا أن المسلسل سيؤثر بشكل غير جيد على القضية فالأمر يعود لهم أخلاقيًا”.
قضايا العنف ضد المرأة.. وتوحش مواقع التواصل
مخرج “الطاووس” رؤوف عبدالعزيز يقول: “المسلسل يتحدث عن قضايا العنف ضد المرأة المختلفة. بجانب مساوئ توحش مواقع التواصل الاجتماعي وتشكيلها وقلب عددًا من الحقائق في الرأي العام. اتخذنا كافة الإجراءات القانونية المتعلقة بالمسلسل من نص ورقابة والموافقة على بدء تصوير العمل. أما قضايا الاعتداء والاغتصاب داخل المسلسل هي إسقاط على كافة قضايا العنف ضد المرأة في المجتمع وليست قضية بعينها”.
كما أضاف أن المسلسل يمس ما تتعرض له النساء في حياتها العادية واليومية. فضلًا عن أن إحساسها بالظلم الواقع عليها: ” وحاولنا كصناع عمل أن نضع أيدينا على قضايا مجتمعية يومية. البرومو يؤكد ذلك لا يوجد به أي شخصية ترتبط بقضية محددة. فضلًا عن أن هناك عدد كبير من القضايا التي حدثت في السنوات الأخيرة تعرضت فيها الفتاة للاغتصاب بسبب تخديرها”.
كما يؤكد أن المسلسل في النهاية ينتصر لقضايا المرأة، كما يستعرض التداعيات التي تتعرض لها أيّ فتاة تقرر أن تتحدث وتدافع عن حقها. بجانب تأثير مواقع التواصل الاجتماعي. خاصة أن صناع المسلسل لم يستخدموا أي صورة ترتبط بالقضية أو حتى حدث ربط بالأسامي. وما حدث على مواقع التواصل لا يرتبط بنا كصناع العمل أو شركة منتجة”.
معنى “الطاووس”
وعن اسم المسلسل يؤكد رؤوف أنه له غرضين غرض فلسفي وآخر سيتم إبرازه من خلال أحداث المسلسل.
إحدى الباحثات في قضايا المرأة قالت إن هناك الكثير من قضايا الاغتصاب والتحرش الجنسي جسدتها الأعمال الفنية. كما أن هذه القصة لها بعدان، يتعلق الأول بحرية التعبير والفن وهي حرية مطلقة ما لم يكن بها إسقاط على قصة حقيقية. هنا لابد من استئذان أصحاب الواقعة الحقيقية. لكن من حق الدراما العمل على قضايا الاغتصاب بشكل عام وأخذ أيّ موضوع دون الرجوع لأحد.
وتابعت لـ”مصر 360″ أنه لا يجب قمع الآراء ما لم يكن بها تحريض على الأشخاص أو تحريض على الكراهية. أما منع عمل فني هو أمر مرفوض. من حقي كمشاهد أن أهاجم عمل أو أنقده. وليس منعه بحكم قضائي: “أعتقد أن هذا ما حدث مع مسلسل أحمس الذي تم منعه من الشركة المنتجة وليس بحكم قانوني”.
من ناحية أخرى، تزخر الدراما المصرية بعدد كبير من الأفلام والمسلسلات التي تناولت قضايا مهمة شغلت الرأي العام والمجتمع لفترات. والأمر ليس بجديد على الدراما المصرية.
قصص حقيقية تم تجسيدها وأخرى تشابهت مع الواقع
مسلسل “ابن حلال” بطولة محمد رمضان، شهد اتهامًا من المطربة المغربية ليلى غفران لصناع المسلسل بالمتاجرة بمقتل ابنتها هبة والإساءة إليها. كما أضافت أن العمل يصنع أبطالًا على حساب الغير ويدين القضاء ويشكك في نزاهته ويبرئ متهمًا إدانته محكمتان.
صناع “ابن حلال” كانوا يتوقعون اللغط الكبير الذي ستخلفه الأحداث المتوالية للمسلسل التي تقترب من جريمة مقتل ابنة ليلى غفران. وتحسبًا لذلك وضعوا تنويهًا في بداية المسلسل يفيد بأن جميع الأحداث والشخصيات في المسلسل من وحي خيال المؤلف وأن أي تشابه بينها وبين الواقع صدفة لا أكثر.
في الثمانينيات، حولت عدد كبير من القضايا والجرائم إلى أفلام شهيرة. أولها حادثة فتاة المعادي الشهيرة عام 1985. القضية أثارت الرأي العام وقتها، وتناولها فيلم “المغتصبون” بطولة ليلى علوي وفاروق الفيشاوي. كما وجّه الفيلم رسالة يطالب فيها بتغيير القانون. كذلك ضرورة إعدام المغتصبين وهو ما حدث في الفيلم، فأصدرت المحكمة حكمًا بإعدام الجناة.
“معالي الوزير” و”عفوًا أيها القانون”
أما فيلم “معالي الوزير” بطولة أحمد زكي حكى قصة الوزير رأفت رستم الذي وقع عليه الاختيار ليكون وزيرًا عن طريق الخطأ. رصد الفيلم قصة حقيقية حدثت في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي اختارت إحدى حكوماته وزيرًا عن طريق الخطأ لتشابه اسمه مع اسم شخص آخر.
أما فيلم “عفوًا أيها القانون” بطولة نجلاء فتحي يروي قصة أستاذة الجامعة وزوجها الطبيب العاجز جنسيًا نتيجة عقدة نفسية. وبعد أن تقف الزوجة بجوار زوجها ويتم علاجه تكتشف خيانته مع أخرى. الفيلم مأخوذ من قصة حقيقية رواها ضابط شرطة ونشرها في كتاب له حيث كان أحد المحققين فيها.
لجنة تحكيم المجلس القومي لحقوق الإنسان، لتكريم مبدعي الدراما التي تعرض في شهر رمضان قالت إن من بين 35 مسلسل عُرضت رمضان عام 2018. استطاعت اللجنة وبالإجماع، أن تلتقط 3 مسلسلات فقط اكتملت فيهم شروط المسابقة. من حيث الجودة الفنية والموضوعية وفي سياقها الدرامي وبشكل غير مباشر تعالج قيماً ومبادئ لحقوق الإنسان. في الوقت ذاته تتبع الأعمال الأجنبية عدة شروط إنتاج العمل الفني لا تتعارض مع قضايا حقوق الإنسان وأبرزها منصة “نتفلكس”.
كما أن مركز دراسات حقوق الإنسان نشر دراسة للمخرجة إنعام محمد علي، تحدثت فيها عن تراجع مؤشر المستوى الدرامي لرمضان 2018. في أعمال كثيرة عن العام السابق له حيث غابت الفكرة الطازجة ذات الموضوع الذي يلمس المشاهد. وينسج خيوط التواصل معه، فيحرك مشاعره وفكره، ويجعل العمل الفني مستمرًا معه خارج الشاشة.