منذ قدوم المدرب الهولندي رونالد كومان لتدريب برشلونة في أول الموسم، يعاني الفريق أكثر وأكثر، حيث كان النصف الأول من الموسم كارثيًا بمعنى الكلمة، بالإضافة إلى توديع دوري أبطال أوروبا من دور الـ16 أمام باريس سان جيرمان المتوهج بالنسخة الحالية.
رغم كل هذا استطاع الهولندي المخضرم إعادة بعضًا من الهيبة للفريق بنتائج إيجابية وتحسن عام في الأسابيع الماضية، أعادت برشلونة للمنافسة في الدوري الإسباني مع تحقيق أداء مميز ومنضبط في كل الخطوط داخل أرضية الميدان. كذلك إخراج جيل جديد ولاعبين شباب وإعطائهم فرصة كاملة للظهور والتألق ستفيد النادي كثيرًا في المستقبل.
جاء ذلك عقب فرض السيطرة على غرفة خلع الملابس وعودة الوئام مع كل نجوم البارسا وعلى رأسهم ميسي أيقونة الفريق عبر العصور. قبل ساعات قليلة تفصلنا عن كلاسيكو الأرض وقمة الليجا أمام ريال مدريد. في مباراة قد تحدد هوية بطل المسابقة هذا العام. وتفصل النزاع بين القطبين في أيهما كان موسمه أفضل رغم كل الصعاب التي واجهت الفريقين وعلى رأسها أزمة كورونا.
يبقى عمل كومان الناجح والمنظم مؤخرًا وإعادته الفريق للطريق الصحيح خير داعم له في تلك المباراة. بعد أن اكتسب ثقة أغلبية جماهير ونجوم البارسا وحتى رئيسه الجديد خوان لابورتا.
مدرب هولندي وإعادة برشلونة للطريق الصحيح
بدأ عمل كومان المضني مع اللاعبين بالتدريبات كل تلك الفترة الماضية يظهر للجميع، وبدأ يجني ثمار عمله منذ بداية الموسم. حيث أخذ وقتًا أطول لتطبيق أفكاره وانضباطه على الجميع. كذلك لحين استيعاب الجميع لفكره وطريقة عمله ما أدى لتأخر ظهور كل ما فعله حتى الأسابيع الماضية. كما أنه قام بتعديل خططي خلال الفترة الماضية، حيث تحول برشلونة إلى خطة 3-4-2-1 (3-5-2)، وهو ما أحدث تحسنًا ملحوظًا في نتائج ومستوى الفريق.
وربما ظهرت فكرة التغيير في رأس كومان، بعد الأزمات العديدة التي عاينها بسبب خط الدفاع وأخطائه المتكررة. التي تجعل البارسا هشًا أمام أي منافس قوي في الهجمات المرتدة. كما أن برشلونة في الموسم الحالي لا يملك لاعبين مميزين يستطيعون لعب خطة (4-3-3) التقليدية للنادي.
والأمر الأخير الذي ربما أزعج كومان أن الفريق يفتقد التوازن وينهار سريعًا أمام المنافسين الأقوياء. وظهر ذلك جليًا في مباراتي الذهاب ضد إشبيلية وباريس سان جيرمان في بطولتي كأس ملك إسبانيا ودوري الأبطال.
استراتيجية جديدة وعمل وتطوير واضح من المدرب
بدا واضحًا أن المدرب الهولندي يعمل بجد في التدريبات مع لاعبيه، على المستوى البدني والفني والخططي والتكتيكي. فهو لا يهدأ أو يهمل لاعبيه. لكنه يعمل ويصحح الأخطاء ويعالج أوضاع اللاعبين ويطور الكل حتى بدأ يظهر ثمار عمله رويدًا رويدًا.
وعلى المستوى الخططي ظهر جليًا للكل حجم العمل الذي يقوم به. فقد ساهمت خطة (3-4-2-1) في حل العديد من مشكلات برشلونة، مثل أزمة غياب الأجنحة باستخدام جوردي ألبا وسيرجينيو ديست في دور (الظهير الجناح). كما ساهم هذا الأمر في تعظيم الاستفادة من قدرات ألبا وديست الهجومية. حيث أحرزا الأهداف مؤخرًا. كما عالجت الخطة ضعف الظهيرين الدفاعي جزئيًا بوجود ثلاثي في الخلف يستطيع التعامل مع الهجمات المرتدة من المنافسين.
وعلى مستوى بناء الهجمات من الخلف، ساهمت الخطة الجديدة للمدرب الهولندي في زيادة خيارات التمرير في منتصف الملعب. وبالتالي تقليل أخطاء خسارة الكرة التي ارتكبها برشلونة كثيرًا هذا الموسم. كما منحت هذه الطريقة الحرية لفرانكي دي يونج الذي يؤمن كومان بأنه من أهم اللاعبين في برشلونة ولا بد من تعظيم دوره الخططي.
ذكاء واضح ونيولوك لميسي
ولا يجب تجاهل دور ميسي في الخطة الجديدة، إذ بات البرغوث يتواجد بشكل أكبر في قلب الملعب. ويساهم في صناعة اللعب وتدوير الكرة بشكل أفضل ما أعطاه حرية أكبر دون الالتزام بأمور دفاعية تهدر مجهوده عبثًا. ما جعله يركز أكثر في تسجيل وصناعة الأهداف وخلخلة دفاعات الخصوم وجعل البلوجرانا أكثر شراسة هجوميًا وحدة وتسجيلاً للأهداف.
هذا يعني أنه نجح بذكاء وعمل دؤوب في تقوية الدفاع وتحسين الهجوم والوسط. ما انعكس بشكل كامل على الفريق في الملعب وبات أكثر تماسك وخطورة على منافسيه. وهو دور المدرب الأهم في عمله وقد نجح به كومان بكل جدارة في الفترة الأخيرة، وهو ما يجعل برشلونة يدخل الكلاسيكو هذه المرة بشكل مغاير تمامًا عن مباراة الدور الأول. تلك التي كانت الأولى لكومان كمدرب للبارسا أمام الريال وخسر في ملعبه بثلاثة أهداف لهدف. وربما تكون الفرصة سانحة له للثأر والفوز في معقل الملكي وضرب عصفورين بحجر حيث سيفرق عنه في صراع الصدارة والنقاط ويقترب خطوة أكبر للقب.