تهب على مصر رياح استثمار إماراتية عاتية، تلك الرياح تستهدف 3 قطاعات أساسية لا غنى عنها لـ100 مليون مصري، هي الغذاء والسكن والصحة. الشركات الإماراتية وجدت في السوق المصرية الملاذ، المغريات كبيرة، وتسهيلات الحكومة للاستثمار عمومًا مشجعة.

الشركات الإماراتية تعرف ماذا تريد وأين تضع قدمها من خلال استحواذات أو شراء حصص كبيرة من الأسهم أو البيع النهائي. حتى وإن اختلفت المسميات يظل المال هو المتحكم الأول.

الاستحواذ من الناحية الفنية يعني شراء شركة ما نسبة 51% من أسهمٍ وأصول شركة أخرى. تلك النسبة التي تمكنها من الإدارة واتخاذ القرارات التي تحدد مسار الشركة.

ووفق بحث الدخل والإنفاق/ الاستهلاك، الذي يصدره الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء سنويًا. يبلغ حجم المنفق من المصريين على الطعام 31.1% من إجمالي إنفاق الأسرة السنوي. بينما يصل الإنفاق على السكن 18.6%. والخدمات والرعاية الصحية 9.9%. ما يعني أن الإنفاق على الغذاء والدواء والسكن يمثل نحو 60% من دخل أي أسرة مصرية.

صفقات الأغذية

يأتي هذا بعد أن قدمت مجموعة “أغذية” كبرى شركات إنتاج الأغذية والمشروبات بالإمارات، عرض استحواذ على شركة الإسماعيلية للاستثمار الزراعي. والأخيرة هي إحدى أكبر شركات إنتاج اللحوم والدواجن المجمدة في مصر.

تنتظر الصفقة الحصول على الموافقات التنظيمية اللازمة، وتسعى المجموعة الإماراتية الحصول على حصة الأغلبية بنسبة 75.02%. بما يمنحها عدة مكاسب كبيرة على مستوى تكامل التكاليف والإيرادات. بالإضافة إلى توسيع قاعدة المنتجات ذات القيمة المضافة، والاستفادة من شبكة توزيع موسّعة عبر الأسواق.

وتسعى الشركة عبر تكامل التكاليف والإيرادات إلى تعظيم الربح والذي يتم تحديده بموجب السعر والمدخلات ومستويات الناتج.

رئيس المجموعة خليفة السويدي، قال إن الصفقة تضع مجموعة “أغذية” في مقدمة قطاع متنامٍ لدى أحد أسرع الاقتصاديات نموًا في شمال إفريقيا. بالإضافة إلى وضعها في أكبر سوق استهلاكية بتعداد سكاني يناهز 100 مليون نسمة. كما أن هذا السوق تغلب عليه فئة الشباب وقدرة شرائية متنامية.

وتضم شركة الإسماعيلية 4 علامات تجارية شهيرة هي أطياب، وميتلاند، وشيكيتيتا، وفرات. كما تصل القدرة الإنتاجية السنوية للشركة إلى 70 ألف طن عبر عدد من المنشآت وخطوط الإنتاج. بما في ذلك مصنع بمساحة 60 ألف متر مربع.

“سوديك” آخر الصفقات العقارية

القطاع العقاري أيضًا في مرمى مساعي الإماراتيين. إذ تدرس شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار (سوديك) عرض الاستحواذ المقدم عليها من قبل شركة الدار العقارية الإماراتية. العرض يتضمن 51% من الأسهم كحد أدنى بمتوسط سعر يتراوح بين 18 و19 جنيهًا للسهم الواحد من “سوديك”. الذي يبلغ رأسمالها المصدر 1.39 مليار جنيه موزعًا على 349 مليون سهم بقيمة إسمية 4 جنيهات للسهم الواحد.

وحال إتمام الصفقة ستمتلك رأس المال الخليجي 75% من “سوديك” في ظل امتلاك شركة العليان السعودية الاستثمارية حصة تبلغ 14%. بينما يستحوذ تحالف يضم حسن علام العقارية، وآكت فاينانشال للاستثمارات، كونكريت بلس للهندسة والإنشاءات، على 15%.

“سوديك” حققت مبيعات تعاقدية بقيمة 7.4 مليار جنيه خلال عام 2020. تمثل حصيلة بيع 1361 وحدة خلال العام. كما ارتفعت مبيعات الوحدات السكنية إلى 7.2 مليار جنيه خلال عام 2020، بمعدل 19% عن العام المالي السابق 2019. مؤكدة أن مبيعات 2020 فاقت الأهداف التشغيلية بعد استبعاد مشروع ملاذ لتأخر إصدار التصاريح.

“بورتو جروب”

يتكرر الأمر ذاته في “بورتو جروب” القابضة عقب شراء شركة أسماك الإماراتية 31.94 مليون سهم جديدة، بقيمة 30.1 مليون جنيه تقريبًا. كما ارتفعت نسبة مساهمة “أسماك” بعد العملية من 8.7% إلى 11.51% من إجمالي الأسهم.

وبلغ متوسط سعر السهم في الصفقة 0.94 قرش. كما تم التنفيذ بواسطة شركة “HC” للأوراق المالية على أسهم بورتو التي لديها موزعة على 1.1 مليار سهم. بقيمة إسمية 0.6 جنيه للسهم.

يقول المحلل المالي نادي عزام، إن تلك الاستحواذات مفيدة للسوق المحلية. كما يوضح أنها تضخ المزيد من السيولة التي تضمن التوسعات والتصدير للخارج. وبالتالي تزيد عمليات تشغيل العمالة وتوفير عملة صعبة.

كذلك يضيف أن السوق الإماراتية أصبحت الوجهة الأولى للصادرات المصرية. فهي تستقبل سنويًا 11% من إجمالي صادرات مصر للعالم. بينما تبلغ قيمة مشروعات الإمارات في مصر 7 مليارات دولار، بجانب 7 مليارات دولار استثمارات إضافية. تلك الاستثمارت تمت من خلال مذكرات تفاهم موقعة بين الجانبين لتحتل الإمارات عالميًا قائمة الدول المستثمرة في مصر.

30 مليون وحدة سكنية

هشام طلعت مصطفى، رئيس طلعت مصطفى القابضة، قال مؤخرًا إن مصر تحتاج خلال 3 عقود 30 مليون وحدة سكنية. الرقم الكبير يزيد مرة ونصف عما تم بنائه في مصر طوال 120 عامًا.

ويقول مطورون عقاريون إن ذلك العدد الضخم من الوحدات لا تستطيع الحكومة القيام وحدها القيام به. بل عليها جذب صناديق استثمار من الخارج وفتح المجال أكثر أمام المستثمرين لزيادة الرقعة العمرانية من 7 إلى 12%.

تحركات المسئولون

محمد عبدالوهاب، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، يزور الإمارات حاليًا. كما أنه التقى بمجموعة من رؤساء مجالس إدارات كبرى الشركات الإماراتية العاملة في السوق. لبحث ضخ استثمارات جديدة في مصر، في مقدمتهم مسئولي كبرى الشركات الإماراتية منها “البروج” و”روتانا” للفنادق و”دبي للاستشارات”.

كما التقى عبدالوهاب بالمهندس مرشد الرديني، الرئيس التنفيذي لشركة “ياس” القابضة المعنية بالاستثمار بالقطاع الزراعي لبحث خططها في مصر. بجانب المدير التنفيذي للاستثمارات بشركة “ADQ” القابضة التي بدأت خطوات الاستثمار بمصر ولديها نشاط في الصناعات الدوائية والغذائية.

نشاط  صحي

ترى الإمارات في الاقتصاد المصري فرصًا كبيرة في ظل التنوع الاقتصادي وعدم سيطرة قطاع معين. فتركيبة الناتج المحلي الإجمالي متنوعة وغير متركزة بقطاع معين.

شركة “القابضة الإماراتية (ADQ)” اتفاقية نهائية للاستحواذ على شركة “آمون للصناعات الدوائية” من شركة “باوش للصحة” الكندية. في صفقة بلغت قيمتها حوالي 740 مليون دولار أمريكي (11.5 مليار جنيه).

“آمون” إحدى أكبر الشركات المصرية في تصنيع وتوزيع وتصدير الأدوية البشرية والبيطرية ذات العلامات التجارية. كما لديها  أكثر من 25 سوقًا حول العالم. كذلك تمتلك واحدًا من أكبر مصانع الأدوية الحديثة في مصر.

آمون.. الأدوية

تسعى الشركة الإماراتية التي تملك محفظة واسعة من الشركات الكبرى في أبوظبي لإضافة المزيد من التنوع لاستثماراتها. كما تضع عينها على السوقين المحلية والأفريقية على حد سواء وستسعى نحو الوصول إلى الأدوية الحيوية. فضلًا عن تقديم أدوية وعلاجات جديدة ومبتكرة تساعد على تحسين حياة أفراد المجتمع. بحسب فهد القاسم، مدير إدارة الرعاية الصحية والدواء بالشركة.

المركز المصري للدراسات الاقتصادية أصدر ورقة بعنوان “خريطة الفرص التصديرية للصناعات الغذائية”. المركز أكد أنه يمكن زيادة صادرات الصناعات الغذائية بنحو 59 % إلى 5.5 مليار دولار سنويًا مقارنة بـ5.3 مليار دولار 2019. بشرط زيادة أسواق التصدير المستهدفة بنحو 1 % فقط. كما أكد تراجع صادرات مصر في العديد من المنتجات التي تشهد طلبًا عالميًا متزايدًا. بجانب إمكانية زيادة الصادرات وفتح أسواق جديدة، واصفًا محاولات فتح أسواق جديدة بـ”الفردية”.

تستبق تلك الموجة تقارير دولية تتوقع نمو تلك القطاعات بقفزات كبيرة، مستقبلاً في ظل حجم السكان البالغ 100 مليون نسمة. كما أن معدلات الزيادة تبلغ 2 مليون نسمة سنويًا. ما يجعل الغذاء والدواء والسكن أكثر القطاعات التي لن يخفت عنها الطلب المستقبلي.

استثمارات ضخمة

تمتلك الإمارات استثمارات كبيرة في القطاع الصحي المصري عبر مستشفى كليوباترا. التي اشترتها شركة أبراج كابيتال متعددة الجنسيات التي يقع مقرها في دبي عام 2014 بقيمة 770 مليون جنيه،.

واشترت كليوباترا 60% من أصول “شركة بداية للخدمات الطبية” المتخصصة في الإخصاب والحقن المجهري بقيمة 105 ملايين جنيه. وقبلها أتمت شراء مستشفى “الكاتب” التي تأسست عام 1946 وتضم مركزًا مشهورًا في علاج أمراض الكلى بقيمة 279 مليون جنيه. بجانب أصول مستشفى “كوينز رويال” للولادة في التجمع الخامس بقيمة 25 مليون جنيه.

بجانب شركة “ألاميدا الطبية” التي تملك مستشفيات: السلام الدولي بالمعادي، والسلام الدولي بالقطامية، ودار الفؤاد 6 أكتوبر. بالإضافة إلى دار الفؤاد مدينة نصر، ومعامل يوني لاب، وإلكسير للمناظير، وطبيبي، بقيمة 10 مليارات جنيه. حتى أصبحت كليوباترا حاليًا تمتلك 11 مستشفى من بينها “القاهرة التخصصي” التي اشترتها بقيمة 106 ملايين جنيه، و”الشروق”، و”النخيل”.

قبلها، استحوذت “أبراج كابيتال” علي معامل البرج عام 2008 بقيمة 773.3 مليون جنيه. لتعود معامل البرج بعدها بثلاثة أعوام بالاستحواذ على حصة أغلبية في مختبرات “بيولاب” الأردنية و”ألترا لاب” السودانية. وبعدها بأربعة أعوام استحوذت “أبراج” على معامل المختبر بقيمة 1.27 مليار جنيه.