بينما تؤكد وزارة الصحة المصرية فاعلية اللقاح الصيني ومحدودية آثاره الجانبية، اعترفت بكين لأول مرة، بشكل رسمي، بضعف لقاحات فيروس كورونا الخاصة بها، مشيرة إلى أن الحكومة تدرس مزجها لتعزيز قوتها.

وفي اعتراف نادر، قال مدير المراكز الصينية للسيطرة على الأمراض جاو فو، في مؤتمر، في مدينة تشنغدو، جنوبي غرب الصين، إن اللقاحات الصينية “لا تتمتع بمعدلات حماية مرتفعة للغاية”.

وقال جاو: “لقاحاتنا الآن قيد الدراسة الرسمية، فيما إذا كان ينبغي لنا استخدامها من خطوط تقنية مختلفة لعملية التحصين”.

ويأتي تصريح بكين الأخير على عكس تأكيد الصين في فبراير الماضي، بأن اللقاحات التي تصنعها ضد فيروس كورونا “فعّالة وآمنة”؛ وذلك رداً على تصريحات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي انتقد فيها عدم وضوح الأمصال التي تطورها، ومخاطرها في مواجهة النسخ المتحورة من الفيروس.

كما أن منظمة الصحة العالمية، سبق وأن عضدت الموقف الصيني، إذ أعلنت في أواخر مارس الماضي، أن لقاحي سينوفارم وسينوفاك الصينيين “آمنان وفعالان ضد فيروس كورونا، غير أنهما ما زالا بحاجة إلى مزيد من البيانات”.

الشكوك حول اللقاح الصيني قديمة

وليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها إثارة الشكوك حول اللقاح الصيني من داخل بكين نفسها، ففي يناير الماضي، أثار خبير لقاحات صيني، جدلا كبيرا بعد تدوينة له عن سلامة لقاح فيروس كورونا المستجد الذي أنتجته شركة حكومية صينية، وعن الآثار الجانبية الخطيرة المسجلة لدى من حصلوا عليه.

وكتب الطبيب في التدوينة أن من بين الآثار الجانبية هناك الألم حول منطقة الحقن، والصداع، وارتفاع ضغط الدم، وفقدان الرؤية والتذوق وسلس البول، وأضاف أن هذا اللقاح له 73 أثرا جانبيا.

ووصف الآثار بأنها غير مسبوقة ما يجعل اللقاح أكثر اللقاحات ضررا، وبعد ساعات من نشرها، اختفت التدوينة بعد أن تسببت في جدل كبير في الصين وخارجها.

وسارع الطبيب إلى نفي ما قاله وادعى أنه كتب محتوى التدوينة بسخرية ولم يكن جادا، متهما وسائل الإعلام الأجنبية باستغلال ما كتبه حول اللقاح الصيني.

وعاد الطبيب من جديد للحديث عن اللقاح، وفق تقرير الصحيفة، لكن هذه المرة ليصفه بأنه آمن للغاية وفعال ضد فيروس كورونا.

وكذلك خلص باحثون في البرازيل، أن معدل فعالية لقاح “سينوفاك” الصيني في الوقاية من الالتهابات المصحوبة بأعراض منخفضة، تصل إلى 50.4%، بينما بلغت نسبة فعالية لقاح “فايزر- بيونتك” الأميركي الألماني 97%.

وكانت بكين وزعت مئات الملايين من الجرعات في دول كثيرة، بينما تحاول تثير الشكوك بشأن فعالية اللقاحات الغربية خاصة فايزر، واسترازينيكيا، كما أنها لم توافق على أي لقاحات أجنبية للاستخدام داخل الصين.

وفي المقابل عمل الإعلام الرسمي الصيني في السابق يشكك في سلامة اللقاحات التي تمّ الترخيص لها في الدول الغربية، كما أن هناك عدد من الشخصيات الإعلامية المعروفة في الصين اتهمت الدول الغربية بالتكتم على مخاطر لقاح فايزر المطوّر من قبل الشركة الأمريكية.

غير أن التناقض الملحوظ هو أن بكين تسعى في الوقت ذاته عبر بوابة شركة “فوسون فارما” ومقرها شنغهاي إلى شراء لقاح بيونتيك- فايزر، كما أعلنت الأخيرة في صفحتها الرسمية في ديسمبر الماضي، وحينها جرى الحديث عن 100 مليون جرعة اشترتها بكين للحصول على هذا اللقاح.

اقرأ أيضا:

حذر وعدم ثقة بين الأطقم الطبية.. ماذا نعرف على لقاح كورونا الصيني في مصر؟

مصر تؤكد فاعلية اللقاح الصيني

وفي مصر، أكدت وزارة الصحة والسكان، أن جميع المواطنين الذين حصلوا على اللقاحات المضادة لفيروس كورونا سواء أسترازينيكا، أو سينوفارم، لم يتم رصد أى أثار جانبية خطيرة، أو غير متوقعة متعلقة باللقاحات، مما يفيد أن مستوى الأمان فى مقابل الكفاءة المتوقعة تدعم فكرة الاستمرار فى التطعيم على حد إعلان الوزارة.

وبدأت مصر في أواخر يناير الماضي حملة تطعيم ضد فيروس كورونا المستجد باستخدام لقاح تنتجه شركة “سينوفارم” الصينية، الذي أكدت الجهات الرسمية فاعليته بنسبة 79%.

جدير بالذكر ان مصر استقبلت 854 ألف جرعة من لقاح أسترازينيكا كأول دفعة ضمن اتفاقية “كوفاكس”، بالتعاون مع التحالف الدولي للقاحات والأمصال، وذلك ضمن 40 مليون جرعة يتم استقبالها تباعًا على مدار عام 2021، بالإضافة إلى 50 ألف جرعة من نفس اللقاح تم استقبالها في شهر يناير الماضي، كما تم استقبال 680 ألف جرعة من لقاح “سينوفارم” على مدى الأشهر الماضية.

ومن المقرر استقبال 900 ألف جرعة من لقاح سينوفارم خلال أسابيع، كما أنه من المتوقع بنهاية شهر مايو المقبل أن تكون مصر قد استقبلت 4.5 ملايين جرعة من لقاحات فيروس كورونا المستجد ضمن اتفاقية “كوفاكس” للأمم المتحدة.

وتسعى وزارة الصحة إلى إبرام اتفاقية مع شركة “سينوفاك بيوتيك” الصينية لتصنيع لقاحها الواقي من فيروس كورونا في مصر، كما طلبت دعم الحكومة الصينية بشأن سعر التصنيع.

وكانت وزيرة الصحة هالة زايد، أعلنت تلقي 148 ألفًا و987 من الأطقم الطبية، والمواطنين من الفئات المستحقة، لقاح فيروس كورونا، في إطار خطة الدولة للتصدي للجائحة، أي ما يعادل 15.% تقريبا، من مجموع السكان، بالقرب من اشتداد الموجة الثالثة.

و آنذاك أعلن بدء التطعيم للأطقم الطبية والفئات التي تعاني من أمراض مزمنة ثم الكبار في السن، في حين أثيرت الشكوك حول جدوى عملية التسجيل، ووصول اللقاح إلى مستحقيه.

إذ فوجئ المواطنون من كبار السن بتأخير جرعاتهم، في حين حظي البعض بفرصة التطعيم، دون أن يكونوا من الفئات المستحقة.

اقتراحات بدمج اللقاحات

حتى الثاني من أبريل الجاري، تلقى حوالي 34 مليون شخص الجرعتين اللتين تتطلبهما اللقاحات الصينية، وتلقى حوالي 65 مليوناً جرعة واحدة، وفقاً لما ذكره مدير المراكز الصينية.

مدير المراكز الصحية الصينية لم يقدم أي تفاصيل عن التغييرات المحتملة في الاستراتيجية المتبعة مستقبلا لتفادي ضعف فاعلية اللقاح، لكنه ذكر أن تقنية الحمض النووي الريبي المرسال، المعروفة اختصاراً باسم “إم آر إن إيه”، وهي تقنية تجريبية سابقة استخدمها مطورو اللقاحات الغربيون، بينما استخدم صانعو الأدوية في الصين التكنولوجيا التقليدية.

وتابع جاو: “يجب على الجميع التفكير في الفوائد التي يمكن أن تحققها اللقاحات القائمة على تقنية الحمض النووي الريبي المرسال للبشرية. يجب أن نتبعها بعناية وألا نتجاهلها لمجرد أن لدينا بالفعل عدة أنواع من اللقاحات”.

وكان جاو قد أثار سابقاً تساؤلات حول سلامة لقاحات تقنية الحمض المرسال، إذ نقلت وكالة أنباء الصين الجديدة عنه القول في ديسمبر الماضي، إنه لا يمكنه استبعاد الآثار الجانبية السلبية لأنها تستخدم لأول مرة على الأشخاص الأصحاء.

كما شككت وسائل الإعلام الصينية الحكومية، ومدونات الصحة والعلوم الشعبية، في سلامة وفعالية لقاح “فايزر” ، الذي يستخدم الحمض النووي الريبي.

وتبحث التجارب حول العالم في خلط اللقاحات أو إعطاء جرعة معززة بعد فترة زمنية أطول، بينما يدرس باحثون في بريطانيا خليطاً محتملاً من لقاحي “فايزر” و”أسترازينيكا”.