بعد توقف استمر أكثر من عام يبدو أن الحكومة تعيد التفكير في استئناف طرح حصص من الشركات المملوكة للدولة في البورصة أو ما يعرف ببرنامج الطروحات. يأتي ذلك بعد أن قال وزير قطاع الأعمال إنه من الممكن استئناف البرنامج خلال الربع الثالث من 2021 وطرح شركتين أو 3.
ونفذت الحكومة طرحًا واحدًا فقط مطلع 2019، ضمن برنامج الطروحات الحكومية في البورصة. ذلك من خلال طرح حصة إضافية بنسبة 4.5% من أسهم الشركة الشرقية للدخان، قبل أن يتوقف البرنامج الذي كان يهدف لطرح نحو 23 شركة وبنك حكومي. وطرح توجه الحكومة الحالي لاستئناف طرح حصص من الشركات بالبورصة تساؤلات عما إذا كانت التوقيت ملائم لاستئناف البرنامج. والجدوى التي ستعود على الاقتصاد من هذه الخطوة. بالإضافة إلى المعوقات التي عطلت إدراج حصص الشركات في البورصة خلال 2020.
“طروحات البورصة” البداية بـ 23 شركة
بداية الطروحات الحكومية تعود إلى إعلان وزارة المالية في مارس 2018 أسماء 23 شركة كان من المقرر طرح حصص منها بالبورصة. بعضها مقيد في البورصة بالفعل. بينما ستطرح الحكومة حصصًا إضافية منها، والآخر لم يتم طرحه من قبل.
ووفق برامج الحكومة المستهدفة الخاصة بطروحات البورصة فإن بنك القاهرة وشركة “إي فاينانس لتشغيل المنشآت المالية” أبرز الشركات الجاهزة للطرح. حيث إنه كان من المقرر طرح البنك في مارس أو أبريل الماضي لولا جائحة فيروس كورونا.
وضمت قائمة البنوك والشركات المرشحة بنك القاهرة، والإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع، وأبو قير للأسمدة، وسيدي كرير للبتروكيماويات.
الشرقية للدخان الطرح الوحيد في البورصة خلال عامين
لم تنفذ الحكومة من هذا البرنامج سوى طرح حصة إضافية من شركة الشرقية للدخان بنسبة 4.5% من أسهمها في مارس 2019. وقال مكتب سري الدين للاستشارات القانونية، إن الملياردير الإماراتي محمد العبار ومستثمرين سعوديين استحوذوا على أكثر من 25% من طرح الشركة الشرقية للدخان.
كما أضاف أن العبار وباقي المستثمرين استثمروا أكثر من 400 مليون جنيه في شراء أكثر من 25% من أسهم الشرقية للدخان. ومنذ ذلك الحين لم تطرح الحكومة أي من حصص الشركات المستهدفة في البورصة. حيث كان مقررًا طرح بنك القاهرة وإي فاينانس تباعًا في البورصة، لكن البرنامج الحكومي توقف منذ هذا التاريخ وحتى الآن.
لماذا توقف الطرح؟
العام الماضي، قررت الحكومة تأجيل طرح حصة من بنك القاهرة بين 20 إلى 30%، في البورصة نتيجة أزمة كورونا. وتأثر الأسواق العالمية بالجائحة التي أصابت الأسواق بحالة من عدم الاستقرار الاقتصادي.
خبير الاستثمار أيمن أبو هند، أكد أن تداعيات أزمة كورونا كانت العامل الأساسي في تأجيل الطروحات الحكومية في البورصة خلال الفترة الماضية. كما أن الجائحة أدت لعدم ملائمة الأوضاع الاقتصادية لجذب مستثمرين وروؤس أموال أجنبية جديدة للسوق المحلي.
الخبير أضاف لـ”مصر 360″ إلى أن الظروف الاقتصادية المتواترة التي تعرضت لها الأسواق العالمية لم تساعد الشركات على جذب السيولة اللازمة. رغم تراجع أسعار الأسهم بصورة ملفتة بسبب أزمة الفيروس. بالإضافة إلى حالة التخوف التي لازمت المستثمرين في 2020.
كذلك تابع أن محاولات مساندة البورصة المصرية من خلال ضخ البنك المركزي مبالغ لشراء الأسهم، تستهدف فقط الحد من النزول والتذبذبات الكبيرة.
وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي أعلن في مارس 2020، ضخ البنك المركزي 20 مليار جنيه في البورصة على هيئة استثمارات في الأسهم. في إطار عدة إجراءات لمواجهة تداعيات فيروس كورونا المستجد.
أشار إلى أن الهبوط الحاد الذي تعرضت له البورصة منذ جائحة كورونا، وتخوف المستثمرين من ضخ رؤوس أموال جديدة. تسبب في حالة من تراجع أسهم الشركات. ومن ثم عدم ملائمة البيئة الاستثمارية طيلة العام الماضي لطرح حصص جديدة من الشركات الحكومية بالبورصة.
كما أضاف أن استئناف الطروحات خلال الربع الأخير من 2021 يتوافق مع منح بنوك الاستثمار والحكومة فترة كافية لإعادة تقييم البرنامج. خاصة في أعقاب التغييرات الحادة في تقييمات الأصول المقارنة على مستوى العالم.
الحكومة تُعيد التفكير و”ماكرو” تؤجل الطرح
من ناحية أخرى توقع وزير قطاع الأعمال هشام توفيق، خلال مشاركته بأحد المؤتمرات الاقتصادية استئناف برنامج الطروحات الحكومية في البورصة. كما قال إنه من المرجح أن يكون خلال الربع الثالث من العام الجاري من خلال طرح شركتين أو 3 شركات.
وقال توفيق، إن اللجنة الوزارية لبرنامج الطروحات ناقشت، خلال آخر اجتماعين، الشركات التي سيتم طرحها وطريقة وموعد الطرح. كما عرضت وزارته طرح حصة من شركة مصر لتأمينات الحياة ضمن البرنامج. رغم أن ذلك قد يتطلب إجراءات طويلة.
وبدأت شركة تعليم لخدمات الإدارة تداولها أسهمها في البورصة الأربعاء الماضي. لتكون الأولى في البورصة عام 2021 والأولى أيضًا بعد غياب أكثر من 14 شهرًا من الطروحات الجديدة.
فيما تستعد شركة “إي فاينانس” للطرح في البورصة النصف الثاني من 2021 بعد أن أتمت عمليات التقييم المالي وكل الإجراءات اللازمة. بينما تنتظر قرار اللجنة العليا لإدارة برنامج الطروحات الحكومية للموافقة على الطرح. ذلك بحسب تصريحات إبراهيم سرحان رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للشركة المملوكة للدولة.
ورغم ما تفعله الدولة لتعجيل الطرح، إلا أن شركة “ماكرو جروب” للمستحضرات الطبية، أعلنت أنها ارتأت بالتنسيق والتشاور إرجاء طرح أسهمها.
الشركة قالت إن القرار جاء في ضوء دراسة مدى استيعاب السوق للطروحات المتزامنة سواء خلال الأيام الماضية أو الفترة القليلة المقبلة. وإن كان طرح أسهم الشركة لاقى إقبالًا لدى المستثمرين والمؤسسات في سياق طرح أسهمها لتعكس إمكانياتها كأحد أهم شركات القطاع في مصر.
هل التوقيت ملائم لاستئناف البرنامج؟
بات استئناف الطرح في البورصة إشكالية أمام الشركات الهادفة لطرح جزء من حصصها بالبورصة، بسبب التخوف من توقيت الطرح. بالإضافة إلى عما إذا كان الوقت الراهن يُعد مناسبًا لجذب المستثمرين المصريين والأجانب أم لا.
المدير التنفيذي لشركة “الرواد” لتداول الأوراق المالية محمد كمال، يرى أن الوقت الحالي هو أفضل فرصة لاستئناف برنامج الطروحات الحكومية. استغلالًا لتداعيات كورونا في زيادة حجم التداول والسيولة بالبورصة.
كما أضاف لـ”مصر 360″، أن الفرص في السوق المصرية والخليجية مازالت متاحة للاستثمار. بل أنه من الممكن أن يكون السوق المصري أكثر جاذبية من أسواق المنطقة، وبالتالي إمكانية طرح حصص بعض الشركات خلال الوقت الراهن.
كذلك تابع أن القيمة السوقية للشركات قد ترى الحكومة أنها أقل من القيمة الحقيقية للأسهم. لكن ذلك مردود عليه بأنها سترتفع مع الوقت وهو ما سيعوض الحكومة في حصتها عن الطرح بأسعار أقل مما كانت ترغب فيها.
خبير أسواق المال أيمن الزيات أكد لـ”مصر 360″، أن الحكومة مُطالبة بعدم التمسك بالقيمة التي كانت تستهدفها في خطة طرح الشركات. كما برر ذلك بالأوضاع الاقتصادية الأخيرة، خشية إحداث إشكاليات في تسعير الأسهم أو استغلال فرصة التوقيت المناسب للطرح.
وبحسب الزيات فأن مسؤولي الطرح يعانون من بعض التخوفات من التسعير المنخفض للأسهم حتى لا يتم اتهامهم بإهدار المال العام. لكن هذا الاتجاه قد يؤدي لعدم استغلال الفرصة المتاحة للطرح، وبالتالي تأجيل الطروحات مرة أخرى.
كما يضيف أنه منذ بداية التفكير في البرنامج ظهرت إشكالية في تحديد التوقيت المناسب لطرح الأسهم، وهو ما تفقد معه أهداف البرنامج. وبالتالي لابد من الوقوف على توقيت مناسب للطرح ليكون بالإمكان جذب أكبر شريحة من المستثمرين لأسهم الشركة.
كيف يستفيد الاقتصاد من طرح الشركات بالبورصة؟
الزيات عدد لـ”مصر 360″، أوجه الاستفادة من البرنامج وتأثيره على الاقتصاد. وأول هذه الأوجه جذب شريحة من المستثمرين الأجانب خاصة من المؤسسات العالمية مع توفير بضاعة جديدة وبالتالي توفير عملة صعبة.
كذلك لفت إلى أن البرنامج سيزيد تنوع القطاعات المدرجة في البورصة ويؤدي لتعميق السوق. بالإضافة إلى مضاعفة حجمه وبالتالي زيادة الاهتمام العالمي به والشركات المدرجة فيه.
وتتجه الشركات والمؤسسات إلى البورصة عادة عند حاجتها للتمويل بهدف التوسع والتطوير. ذلك تعويضًا عن قروض البنوك المعروفة بفوائدها المستحقة بغض النظر عن الربح أو الخسارة. وبعكس البورصة فالمستثمر شريك في الربح والخسارة، وهذه هي الفائدة الأولى الأهم بحسب الخبير.
ويقول الزيات إن أحد أهم الفوائد التي تعود على الدولة من البرنامج، التخلص من تحمل أعباء الشركات والأصول التي تملكها. تلك التي تعيقها عن التفرغ لدورها الأساسي وهو التنظيم والرقابة ومنع الاحتكار، وعدم منافسة القطاع الخاص. إضافة إلى جذب شرائح جديدة من غير المتعاملين في البورصة، وزيادة السيولة بالسوق. بالإضافة إلى تمثيل الشركات المقيدة في البورصة بحصة أكبر في الناتج المحلي الإجمالي للدولة.
كيف يتم إدراج الشركات؟
العضو المنتدب لشركة أصول لتداول الأوراق المالية، إيهاب سعيد، يشرح لـ”مصر 360″، طريقة إدراج الشركات بالبورصة. حيث تتم طروحات الشركات بعدة خطوات تبدأ بالتقدم بطلب لهيئة الرقابة المالية، ليتم النظر في المستندات. بالإضافة إلى تقييم رأس مال الشركة وأرباحها للتمكن في النهاية من تحديد قيمة السهم الفعلية.
ويمكن طرح شركات القطاع العام والخاص الرابحة فقط، أي أن الشركات التي لا تحقق الربح لا تقبل في البورصة. بينما تكون خطوات الطرح كالتالي:
– التسجيل في هيئة الرقابة المالية.
– تقديم طلب القيد بالبورصة وانتظار الموافقة.
– اعتماد نشرة طرح الشركة في البورصة.
– تنفيذ الإجراءات الفعلية لقيد الشركة بالبورصة.
– إدراج الشركة في قاعدة بيانات البورصة.
– وأخيرًا البدء في تداول أسهم الشركة من قبل المستثمرين.