بينما تلقى أكثر من 100 عضو بمجلس النواب وأسرهم لقاح كورونا أمس، وتواصل الأمر ليشمل باقي النواب اليوم، تنفيذًا لقرار من رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في هذا الشأن، تساءل أطباء -بينهم الدكتورة منى مينا وكيل نقابة الأطباء الأسبق- عن أولوية تلقي اللقاح. خاصة مع ما يشهده القطاع الطبي من إصابات ووفيات يومية. وصلت إلى 451 حتى أمس الإثنين، وفق بيانات نقابة الأطباء.

“النواب وأسرهم.. فارق لا تمييز في تلقي اللقاح”

رئيس مجلس النواب المستشار حنفي الجبالي، برر مطالبة النواب بتلقي اللقاح واستجابة الحكومة بقرار رئيسها الأحد. فقال: “إن كل نائب بصرف النظر عن سنه وحالته يمثل آلاف المواطنين ويلتقي بهم، هذا هو الفارق بين النائب والمواطن، فارق وليس تمييزًا”.

هذه التصريحات عن الفارق لا التمييز قد يكون محلها الصحيح الإسقاط على الأطقم الطبية مثلاً. وهي التي تواجه الجائحة يوميًا، بينما تفقد من أفرادها بشكل منتظم جراء تراخي الإجراءات الاحترازية في المستشفيات ومن قبل المواطنين، كما توضح منى مينا، التي ترى أن الحل والحماية يكمنان في نشر اللقاح وتطعيم أكبر قدر ممكن من المواطنين.

وفق منى مينا، فإن هناك عدد كبير من المواطنين والأطباء لم يتلقوا اللقاح وقد سجلوا عبر الموقع الحكومي المخصص لذلك. هذا فضلاً عن أن العدد الأكبر من المواطنين ليس لديه وعي بضرورة تلقي اللقاح. وهنا على الإعلام أن يقوم بدوره في مناقشة مخاوف الناس من اللقاح بشكل علمي، والحاجة الملحة لتوزيع اللقاح بشكل أعلى يراعي الأولويات الطبية المعروفة بتلقيح الفرق الطبية أولاً، ثم المسنين وأصحاب الأمراض المزمنة. إلى جانب تنظيم حملات دعاية علمية لإقناع المواطنين من رموز طبية ذات ثقة.

اللقاح والمفهوم الجديد للتمثيل البرلماني

المحامي والباحث القانوني بهاء الدين حسن أن قرار تطعيم نواب البرلمان غير مفهوم. فمن المعروف في العالم كله ومن منطق العدالة أنه حين يتم تقديم فئات من المواطنين على فئات أخرى يكون إما وفقًا لخطورة الحالة الصحية (كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة) أو تعبيرًا عن أهمية الأنشطة التي يقومون بها في المجتمع للوقاية من الوباء (الأطباء ومقدمي الرعاية الصحية).

وهو يضيف أنه ليس هناك أي سبب مما سبق ذكره يجعل نواب البرلمان في مقدمة ترتيب المنظومة الإلكترونية السارية على باقي الشعب.

وكان رئيس مجلس النواب قال -في تبريره القرار- بأن كل نائب يمثل الشعب. وهو ما رد عليه بهاءالدين حسن متسائلاً: “هل تمثيل الشعب يعني تقدم النواب على الناس في الحصول على اللقاح؟ وهل يقتصر هذا المفهوم الجديد للتمثيل البرلماني على اللقاح فقط أم يصبح للنواب أولوية في مزايا وحقوق أخرى لأنهم يمثلوننا؟ وكيف لا يكون حصول النائب على اللقاح قبل من “يمثلهم” تمييزًا واضحًا وصارخًا ومخالفا للعدالة؟”.

منظمة الصحة العالمية أعلنت مرارًا بأن: “الطريقة الوحيدة للخروج من هذا الوباء، هي ضمان الوصول العادل إلى لقاح/لقاحات لكوفيد-19 آمنة وفعالة”. كما وضعت المنظمة نموذج الأولوية العادلة تم بنائها على ثلاثة مبادئ أساسية، وهي: نفع الناس وإفادتهم والحد من الضرر، وإعطاء الأولوية لمَن هم في حاجة إلى الرعاية، ومنح كل الأفراد اهتمامًا أخلاقيًّا عادلاً ومن دون تمييز.

اعتراض داخل البرلمان على سوء توزيع اللقاح

التخبط الحكومي في توزيع اللقاح وسوء إدارة هذا الملف هو ما يراه الدكتور فريدي البياضي عضو اللجنة العامة لمجلس النواب والحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي. ففي بيان عاجل إلى المستشار حنفي جبالي رئيس البرلمان، وجه البياضي إلى الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، والدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة، تساؤلات عن الإجراءات المتخذة بشأن توزيع اللقاح على المواطنين. وهي الإجراءات التي وصفها بالعشوائية.

أشار البياضي إلى سوء إدارة هذا الملف، فقال إنه يبدأ بالتكدس في مراكز توزيع اللقاح على مستوى الجمهورية. وهو أمر يصل بعدد المنتظرين في بعض الأماكن إلى 900 شخص في نفس الوقت بنفس المركز المخصص لتلقي التطعيم. وذلك في قاعات مغلقة لمدد تجاوزت الـ 10 ساعات انتظار حتى الحصول على الجرعة المطلوبة.

كما أنه لا يوجد معيار واضح لأولوية التطعيم، فنجد أن نسبة من 70 – 80 % من متلقي التطعيم داخل المراكز، هم من فئة الشباب، ولا يوجد تصنيف أو معيار واضح لتقديم أصحاب الأمراض المزمنة أو من تخطو سنن الستين كأولوية، مما يدل على غياب المعايير العلمية في برنامج اللقاح، على حد قول البياضي. الذي أشار إلى غياب خطة تستهدف كبار السن غير القادرين على الانتقال لمراكز التطعيم وبصفة خاصة المقيمين في دور الرعاية للمسنين.