العار والخجل، مترادفان للدورة الشهرية عند البنات والسيدات، والعار والتقزز مترادفان لها عند الشباب والرجال، نحن النساء نخجل وهم يقرفون.. هكذا تسير بينا الحياة، نحيض فنُداري ونتوارى ونبتعد، يعرفون فيتقززون من مشاركة الطعام معنا، في شهر رمضان يزيد العبء على الفتيات والسيدات في أيام حيضهن، يصبحن مطالبات بشكل غير مباشر بالتواري أكثر إذا ما قررت احداهن تناول الطعام في العمل أو شرب القليل من الماء أو حتى الدخول المتكرر للحمام، فتلجأ الكثيرات إلى تناول حبوب منع الحمل حتى لا يأتيهن النزف طوال الشهر ولا يكن مجبرات على التعامل مع نظرات الاشمئزاز أو الأستنكار في نهار رمضان.

لا تراجع عن تناول الحبوب

مايكل لطيف صيدلي قال، لـ “360 مصر”، إنه “لاحظت في اليومين الآخيرين تزايد الطلب على الأدوية التي تمنع حدوث نزف الدورة الشهرية للفتيات والسيدات في شهر رمضان، وعندما أقدم النصيحة الطبية بأن تناول هذه الأدوية دون الرجوع لطبيب ودون الضرورة الطبية مُضر وقد يسبب لخبطة في الهرمونات والحالة المزاجية للسيدة فلا أجد أي تراجع منهن”.. توافقه في الرأي هانم لاشين طبيبة أمراض النساء والتوليد باحدى الوحدات الصحية التابعة لوزراة الصحة: “يأتيني كثيرات جدًا جدًا في فترة ما قبل شهر رمضان يطلبن أن اكتب لهن روشتة بدواء أو حبوب منع الحمل لكي يستكملن صيام الشهر بلا انقطاع، فاعطيهن الوصفة الطبية ولا اتدخل بأي نصيحة معهن، فهذا قرار لن يتراجعن عنه الحبوب ما دام تؤخذ على فترة قصيرة وهي شهر أو أثنين لن تؤثر على معدل الهرمونات في الجسم ولكن بالطبع تؤثر على الحالة المزاجية والتقلبات العاطفية والنفسية التي ستحدث لفتاة جسدها يحتجز بطانة الرحم بداخله لمدة شهرين.. فهي ستكون كالمرأة الحامل في بداية حملها”.

تقلب المزاج أهون من نظرات الإدانة

بالسؤال بين الفتيات والسيدات وجدت أن الفكرة ليست حديثة، بل متداولة في السنوات الأخيرة، هو حل نابع من بين أنفسهن لا دخل لفتوى شيخ متطرف أو فرض رأي من العائلة، هي قررت أن تحل “المشكلة” التي تواجهها بالهروب منها مؤقتًا بهذا الحل خاصة في شهر رمضان، تقول عزة ربة منزل ثلاثينية لـ “360 مصر”: “منذ عامين كنت ذاهبة  لأؤدي مناسك العمرة ومتخوفة من أن تأتيني الدورة الشهرية قبل الانتهاء من تأدية المناسك فنصحتني إحدى صديقاتي بأن أتناول حبوب منع الحمل حتى لا يحدث النزف وفعلت ذلك ونجحت التجربة وكنت سعيدة جدًا، فيما بعد قررت أنا أن أتناولها قبل شهر رمضان حتى أستطيع صيام الشهر بأكمله، فأنا لا أريد أن اختبئ وأنا اتناول طعامي بين أفراد عائلتي خاصة وأنني أعيش في بيت عائلة زوجي، أعلم أنها تؤثر على حالتي المزاجية لكن هذا أخف من مواجهة نظرات العائلة وكأنني عاملة عملة”.

أمنية عمران فتاة في أواخر العشرينات، قالت لـ “360 مصر”، إن حالتها مختلفة فلم تكن تتناول أدوية عن عمد لتأجيل حدوث النزف، بل أنها تعاني من خلل ما في الهرمونات يجعل دورتها الشهرية لا تأتيها إلا كل ثلاثة أشهر، وهذا كان يسعدها كثيرًا. “خاصة أنني أصلاً أكره البريود وأنني مضطرة أن أعاني مثل بقية الفتيات، فأصبحت سعيدة جدًا بأنني الوحيدة التي في البيت من الأناث التي تصوم رمضان كله بلا انقطاع.. فعائلتي ذكورية متعصبة حينما أفطر يشعرونني بأن علي دين ما للصيام، فلو لم تأت فهذا أفضل حتى لا يزداد الدين.. ويظلوا يتابعونني يوميًا.. هل أتتك؟ هل حدث نزف؟ لا.. جيد استكملي صيامك إذن، فحينما لم تكن تأتني كنت ارتاح من هذا الضغط النفسي يوميًا طوال الشهر”.

فقط في وقت العمرة

آية علم الدين متزوجة ولمياء شلبي فتاة، الاثنتان قررتا أخذ هذا الدواء في فترة تأدية العمرة العام الماضي، ورفضتا تكرار هذه التجربة في شهر رمضان، تقول آية: “في رمضان أشعر أن استكمال الصيام بلا توقف بتناولي هذه الحبوب شيء ما لوش لازمة، ربنا جعل لي رخصة فلأستخدمها، لماذا اُتعب جسدي وهو محتاج هذه الراحة؟”. وتقول لمياء: “أنا حتى لو عندي دور برد لا أصوم أيام مرضي.. هذه رخصة لنا فلم لا أستغلها واستمتع بها”.

سارة بدوي طبيبة بشرية قالت إنها ضد هذه الخطوة طبيًا ودينيًا “أي سيدة أو فتاة تسألني نصيحتي عن تناول هذه الحبوب في شهر رمضان أنصحها بألا تفعل مطلقًا.. أنا شخصيًا أتناول طعامي في نهار رمضان إذا كنت حائضًا وأحيانًا في العمل ولكن بالطبع مع الحفاظ على بعض الخصوصية وأقول بكل صراحة أنني فاطرة”.

إيقاف النزف أو الطلاق!

يخبرنا مايكل لطيف الطبيب الصيدلي بأن هذا الأمر أكثر شيوعًا بين ربات البيوت عن الفتيات، وحيث أنه يدير صيدلية في حي مدينة نصر وأخرى في حي فيصل فأيضًا طلب هذه الحبوب متساو بين الطبقتين: الشعبية والمتوسطة وأحيانًا بزيادة طفيفة في الأماكن الشعبية. لكن الاختلاف يكون في نوع الحبوب، فالسيدات الشعبيات يبحثن عن الأقل سعرًا عن نوع محدد رخيص، أما اللاتي في الأماكن المتوسطة والراقية فيبحث عن الأنواع الأكثر أمانًا والتي تكون أغلى بالطبع.

لكن يفاجئنا دكتور مايكل بأن هناك أسباب أخرى غير استكمال صيام شهر رمضان لطلب هذه الحبوب، فيقول: “من خلال كلامي مع هذه السيدات فهمت أن هناك سبب آخر لبعضهن وهو أن تكون حائض فترة ما قبل رمضان وزوجها مش عايز البريود دلوقتي عشان يلحقوا في اليومين قبل رمضان يقوموا بالعملية الجنسية براحتهم”.

ويضيف: “في موقف منذ سنتين تقريبًا في صيدلية فيصل لا أستطيع نسيانه جاءت سيدة تسألني عن نوع دواء يمنع حدوث النزف وكان ناقص جدًا من السوق غير متوفر فتخبرني وهي تقريبًا تبكي: والنبي يا دكتور شوفلي أي علبة في أي حتة أنا جوزي هيطلقني بجد وأخبرتني أن زوجها جاء من السفر في إجازة لمدة أسبوع وتصادف هذا مع وجود البريود وتريد أي دواء يوقف النزف وعندما سألتها وما ذنبك أنت؟ قالت لي إن زوجها أقسم بالطلاق فعلاً أنها إن لم توقف نزفها حتى يستطيع ممارسة الجنس معها فهي طالق منه.. وأيضًا ذلك بخلاف العروس التي تأتي قبل زفافها تبحث عن هذا الدواء حتى لا تُفسد ليلة زفافها ولا يغضب عريسها إذا حاضت”.

عزيزي الرجل.. تذكر من أين أتيت؟

صفحة “أنا ماما يالا” عبر “فيسبوك” نشرت “ميم” عن الدورة الشهرية وكيف أن الرجال يتقززون من الفتيات اللاتي يفطرن في رمضان ويأكلن أمامهن. الصادم كان التعليقات التي جاءت كلها صادة ونابذة للفتيات التي يتحدثن عن حقهن في الإجهار بإفطارهن أو حتى يطالبن بعدم الـ”قرف” من شيء يحدث في أجسادهن بلا إرادة منهن، بالفعل كثيرين يعتبروه عار يجب أن تداريه الفتاة وأن تختبيء وتبتعد ولا يأكل من طعام صنعته أخته أو زوجته يعتبره نجاسة وقذارة بينما إذا تفكر قليلاً سيجد أنه هو نفسه عبارة عن دم بطانة رحم لم يتحول لدورة شهرية واستكمل وبقى ليستقبل بويضة ملقحة، أو هو بمعنى أصح هو مشروع دورة شهرية لم تكتمل.. كلنا جئنا من هذا المكان ومن هذا السبب الفيسيولجي بكل بساطة، فلماذا تُضطر الفتيات لمداراة آلمها او احتياجها لإجازة أو بعض التعاطف، دعك من كل هذا عزيزي الرجل.. اتركها في حالها ولا توصمها بالقذرة أو النجسة، تعامل معها بشكل طبيعي لا يدفعها أن تتناول حبوب أو أدوية في شهر رمضان تؤثر على حالتها المزاجية والعاطفية خوفًا من نظرتك المشمئزة كزميل أو كأخ أو زوج لها.